كان لويس فيرپيل طالبًا في كلية الطب. كتب في ورقة صغيرة مازحًا:
“لقد تناولتَ الحبة الخضراء، أليس كذلك؟”
كان إنريكي سوليفان قد تناول “الحبة الخضراء” عندما أصيب ذات مرة. يومها لم يكن يستطيع النوم من دونها.
وكان يذكر، ولو على نحو ضبابي، أن ممرضة مجهولة أعطته الحبة عندما لم يكن يرى شيئًا، فهدأ واستسلم.
هل يمكن أن تكون هذه إذن هي الآثار الجانبية لـ “الحبة الخضراء”؟
في تلك اللحظة بالذات، بدأ يظن أنه وجد خيطًا يفسر أرقه. وفي الأثناء جاء أندريه ومعه الطبيب الثاني.
كان طبيبًا في منتصف العمر، قليل الكلام، شديد الحذر. قال إنه عالج في الحرب مرضى بأعراض شبيهة بأعراض إنريكي.
“إن الدماغ يعرض على حضرتك هلوسات. هناك ما يُسمى بالفص الجبهي، هل سمعتَ به؟ إذا أزلناه، ستشفى.”
“وكيف ستزيله؟”
أخرج الطبيب حقيبته الطبية اللامعة ووضعها على الطاولة. بدت حقيبة متقنة إلى حد أن أي شيء يخرج منها يُخيَّل للناظر أنه قادر على شفاء المريض في لحظته.
ومن داخلها أخرج الطبيب خنجرًا طويلاً، بطول ذراع تقريبًا، من المعصم إلى المرفق.
“نُدخله عبر الأنف أو من داخل العين لنثقب الدماغ ثم…”
لكن قبل أن ينطق إنريكي بكلمة، كان أندريه قد ركله في مؤخرته وطرده خارجًا.
عاد أندريه بعد أن أغلق باب المنزل، وقال محرجًا أمام وجه إنريكي المندهش:
“حين كلمني، بدا لي طبيبًا عاقلًا تمامًا.”
*مت و انا اتخيل اللقطة ههههههههههههههه *
تنهد إنريكي ومسح وجهه بيديه. ثم انطلق أندريه ليجلب طبيبًا ثالثًا من مدينة أخرى.
في غيابه، أمضى إنريكي وقته باحثًا في مكتبة لاسپيتسيا. ومن مزايا المدن التي لم تدمرها الحرب أنّ سجلاتها تبقى كاملة.
غاص بين صحف المدينة باحثًا عن مقالات عن “الحبة الخضراء”. ووجد أخبارًا مرعبة: أشخاص رأوا هلوسات فأضرموا النيران، وآخرون أصابتهم نوبات قتل. كُثر.
بدأ إنريكي يشعر كأنه قمامة لا يجوز أن يظل مطلقًا في هذا العالم.
“أمر جلل…” تمتم، ثم سخر من نفسه:
“من كان يظن أن أثمن بضاعة لأمي ليست سوى خردة فاسدة.”
اقترب منه أمين المكتبة مبتسمًا بلطف وقال:
“رجاءً، لا تتحدث بصوت مرتفع هنا.”
راودته رغبة عنيفة أن يصرخ في وجهه، بما أنه يُعَدّ مجنونًا على أي حال. لكنه كان إنريكي سوليفين، رجلًا راقيًا، ذا سمعة ومقام، فاكتفى بأن يفكر ولم يفعل.
كان لويس فيرپيل يملك موهبة إثارة الأعصاب بكلمات لطيفة. كتب في ورقة:
“لاسپيتسيا مدينة غاية في الجمال. أما أنت فمتغطرس أحمق يرى أنه لا حاجة له برؤية النساء. بفضلك، تلقيت صفعة من روز، ولهذا سأستعير بعضًا من ملابسك.”
ثم أضاف تحتها:
“اللعنة… لاسپيتسيا إذن؟”
كان إنريكي قد أمضى ثلاثة أيام بلا نوم، ثم سقط منهارًا، فلما أفاق فوق سريره شعر بيده اليمنى متورمة مليئة بالقشور الدموية. أدرك دون شرح: لقد ظل جسده نائمًا، بينما تقاسمته شخصيات أخرى.
ماذا فعلوا بجسدي طيلة هذا الغياب؟
بدل الغضب، سحب جرس الاستدعاء… ثم تذكر. لقد طرد كل الخدم بنفسه خلال الأيام الماضية!
فجرّ جسده المثخن بالألم إلى السوق، واشترى دفاتر وأوراقًا بلا شعار العائلة. لم يجرؤ أن يستخدم أوراق آل سوليفين، خشية أن يُفضح.
كتب لهم:
“إذا أردتم استخدام جسدي، فاكتبوا يومياتكم على الأقل، لأتمكن من فهم ما يجري.”
رد لويس ساخرًا:
“يا للصدفة السعيدة! لقد سئمتُ بدوري من التظاهر بأنني أنت.”
ثم كتب آخر:
“ممل.”
وفجأة خطت يد رابعة:
“مرحبًا.”
اتسعت عينا إنريكي. لم يكن لويس ولا غارسيا… بل شخصية رابعة! لكنه لم يملك وقتًا ليضيع في التساؤل، فقد كان أول حفل اجتماعي للموسم على الأبواب.
أما السيدة سوليفان، والدته، فقد أرسلت له صور عشرات الفتيات مع تعليقات حول مهورهن، مدفوعة بأمل أن يختار إحداهن زوجة. دسّت بينهن صورة فتاة تُدعى رييلا موليه تحسبًا لتمرده.
لكن إنريكي لم يكترث. علّق الصور وطلب من الشخصيات الأخرى أن يحفظوها، إلا أنهم رفضوا:
“لا شأن لي بالفتيات الثريات. العواقب وخيمة.”
“أأنا مجنون؟ أنا حتى لا أعرف كيف أرتدي حذاءك.”
نزل بصر إنريكي إلى حذائه، حذاء جلدي أنيق من طراز “دبل مونك لوفر”. تذمر في نفسه: مجرد مشبك، ومع ذلك يتظاهرون بالعجز!
أخذوا جسده يجولون في لاسپيتسيا، وأحيانًا استعملوه بطرق لم يجرؤ أن يتخيلها.
فقال لهم ببرود مهددًا:
“إن شوهتم سمعة آل سوليفان، فسأقتلكم. أنا الشخص الأسهل قتلًا لكم، وأنتم أسهل الناس قتلًا لي.”
ابتسم لويس ابتسامة ماجنة:
“لستُ دنيئًا بالقدر الذي تظنه.”
لكن ما صدمه أكثر كان رد غارسيا:
“وأنا أيضًا أستطيع قتلك.”
ثم أضاف بغموض:
“لكن لنُتعاون. أعنيها بصدق.”
لم يفهم إنريكي ما يقصد، لكنه شعر بالغضب. كيف يُجبر على التعاون مع أشباح تسكن جسده؟
تسلل إليه الشك: أأنا مجرد مريض بالهوس؟ هل هذه الأوراق التي أكتبها ليست سوى هذيان مجنون؟
لكن أندريه، الذي عاد مصابًا بأنف متورم، أقنعه:
“لستَ مصابًا بالجنون. صدقني.”
ثم شرح له:
“ذلك الطبيب الثالث الذي أردنا أن يفحصك… غارسيا لكمه في وجهه. وأنا أصبت وأنا أحاول منعه.”
أدرك إنريكي أن “التعاون” الذي قصده غارسيا قد يكون مفيدًا. فابتسم بخبث.
ومع ذلك، رفض فكرة استقدام طبيب من داخل لاسپيتسيا، خشية تسرب الأخبار. لكن أندريه ألحّ:
“إلى متى سنجوب المدن الأخرى باحثين عن طبيب؟”
استسلم إنريكي وأرسل له رسالة مع أندريه إلى الطبيب الشاب من جامعة بريل. قرأ الطبيب الرسالة بعناية ثم قال:
“لي اهتمام كبير بـ ‘الحبة الخضراء’. إن حصلتم على نتائج، أرجو أن تخبروني.”
أي أنه لا يعرف شيئًا عنها. فغادر أندريه خائبًا إلى مدينة أخرى.
ومع ذلك، طمأنه بأمر واحد: فقد تحدث مع لويس وغارسيا واكتشف أنهما ليسا عديمي العقل كما يبدو.
“لويس لا يمس امرأة متزوجة. ويرفض شراء النساء بالمال، يرى أنه ضد الشرف.”
“معقول…” تنهد إنريكي.
وأضاف أندريه مبتسمًا:
“يقول إنهم يستغلون وسامتك فقط. أما تلك الفتاة الأخيرة، فلم تكن سوى علاقة عابرة.”
صرخ إنريكي غاضبًا:
“أهذا ما تسميه معقولًا؟!”
ثم أردف أندريه عن غارسيا:
“يعتقد أنه يجب أن تأكل ثلاث وجبات يوميًا. وطلب أن أنقل لك هذا: لم يرَ قط شخصًا هزيلًا مثلك، لا يملك حتى القوة.”
شهق إنريكي. كان من سلالة عسكرية قوية البنية، ولم يسمع في حياته مثل هذا الكلام.
لكن لم تكن هناك حاجة إلى طبيب خامس، فقد ختمها لويس بنفسه:
“إن كان ما يحدث بسبب ‘الحبة الخضراء’، فلن نجد حلًا إلا فيها.”
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 29"