رييلا موليه كانت في حالة قلق تكاد تفقد معها صوابها.
منذ الصباح، كانت خادمتها بيكي منشغلة بترتيب حاشية فستانها.
“آنسة!”
كانت بيكي تعرف جيدًا عادة رييلا في شد ثوبها كلما شعرت بالتوتر. فقد خدمت في بيت عائلة موليه لسنوات طويلة، واعتادت الاعتناء بثياب رييلا وأحذيتها، حتى صار اكتشاف مثل هذه التفاصيل أمرًا طبيعيًا بالنسبة لها.
وكعادتها، قدمت بيكي كلمات مواساة خفيفة. فهي خادمة متمرّسة في مدينة لا سبيتسيا، وقد ضمنت مكانتها في بيت موليه بفضل ثلاث رسائل توصية.
ورغم أن رييلا، وهي نبيلة من طبقة دنيا تنحدر من أسرة ثرية، كانت عادةً تنصاع لنصائح بيكي وتترك ثوبها، إلا أن اليوم كان مختلفًا.
ففي غرفة الضيوف، جلست رييلا متوترة، تقبض بشدة على حاشية فستانها اللامع من الساتان، ونظرت إلى بيكي بحدة لم تعهدها منها.
“إن لم تكوني تعرفين، فلتصمتي يا بيكي.”
ارتبكت بيكي واحمرّ وجهها من الإهانة.
كان السير سوليفان أكثر العزاب المؤهلين الذين تتسابق كل الأسر النبيلة في لا سبيتسيا على استقباله. حتى عائلة موليه نفسها، بما في ذلك السيدة موليه، كانت تترقب زيارته بشغف.
وحتى وقت قريب، كانت رييلا تحمرّ خجلًا وترتبك عند مجرد ذكر اسمه. لذا لم تستطع بيكي أن تفهم سبب هذا التوتر المفاجئ.
“آنستي، هل أزعجكِ وجودي؟ هل ترغبين أن أخرج؟” سألت بلطف، محاولة إخفاء دهشتها.
كانت هذه طريقة بيكي الرقيقة لمدّ يد الرحمة، تمنح رييلا فرصة للاعتراف بانفعالها غير المبرر وتهدئة نفسها.
فالعلاقة بين السيدة وخادمتها علاقة متبادلة المنفعة؛ إذ إن مكانة النبيلة الاجتماعية قد تنهار في لحظة إن فقدت خادمتها الموثوقة. وكانت بيكي تفخر بدورها، لكن رييلا صدّت هذه المبادرة بلا مبالاة:
“اخرجي.” قالت ببرود.
رمشت بيكي مرتين بدهشة، قبل أن تكرر رييلا بنبرة أعلى:
“قلت اخرجي!”
“… حسنًا. نادي عليّ إن احتجتِ إلى شيء.” أجابت بيكي وهي تغادر بسرعة.
وقبل أن يُغلق الباب، تبادلَت الخادمات اللواتي كنّ في الخارج نظرات فضولية بين رييلا وبيكي. عندها هزّت بيكي كتفيها بخفة وعبست، لكن بطريقة لا تراها رييلا.
ولو حتى رأت، لما انتبهت؛ إذ كان ذهنها مشغولًا بالكامل باسم واحد: مونيكا أوفن.
ما إن أُغلق الباب حتى انهارت رييلا على الطاولة. لو أن السيدة موليه رأت ذلك، لأنّبتها بشدة على تصرفها غير اللائق بسيدة نبيلة. لكن بما أنه لم يكن هناك أحد، فلم تبالِ رييلا.
“آه!” تأوّهت بداخلها.
مونيكا أوفن.
تلك الفتاة المزعجة. من أين جاءت؟ ولماذا هي هنا؟
“لابد أنها جاءت إلى لا سبيتسيا فقط لإذلالي!”
طرقت رييلا بقبضتها على الطاولة بخفة. لم يكن تصرفًا يليق بسيدة مجتمع، لكنها لم تعد تكترث.
قبل سنوات، عندما كانت في الثانية عشرة، تبنّتها عائلة موليه، فتركت وراءها ماضيها اليتيم باسم “ليزي أوفن”. عملت جاهدة كي تصير فتاة نبيلة مثالية. لكن عودة مونيكا بعد عشرة أعوام مزّقت هذه الصورة، وجرّتها إلى ذكريات كانت تتمنى محوها.
وما زاد الطين بلّة هو تغيّر مونيكا المفاجئ. فبعد سنوات من السجال والخصام، صارت فجأة أكثر لينًا، تخاطبها بـ”الآنسة رييلا”، وتَعِد بعدم إهانتها مجددًا.
رييلا، بسذاجة، ظنّت أن الأمر قد انتهى. لكنها في أعماقها كانت تدرك الحقيقة.
السير سوليفان.
لم يكن قلق رييلا بسبب مونيكا فقط، بل أيضًا بسبب ما حدث في الحفل، حين تجرأت وعرضت الزواج على السير إنريكي سوليفان بنفسها.
كانت تعلم أن هذا الفعل غير لائق على الإطلاق. فهو يخالف كل قواعد السلوك التي تعلمتها. والأسوأ أن ظروفها الحالية جعلت الأمر أكثر خزيًا.
لكنها اندفعت، ووضعت ثقتها في إنريكي، المعروف بتحفّظه، بأنه لن يشيع سرّها.
عائلة سوليفان كانت عمودًا من أعمدة النبلاء، مشهورة بتاريخها العسكري. وكان الأخ الأكبر، بابلو سوليفان، المرشّح الأوفر حظًا لوراثة المجد العائلي. لكن خيانته وجبنه في الحرب دمّرا سمعة العائلة.
لقد فرّ من ساحة المعركة متظاهرًا بموته، قبل أن يُفضح أمره في مقال فاضح. فجرّدهم الملك من ثروتهم، واضطروا لبيع عقاراتهم العتيقة وجواهرهم لسداد تعويضات الحرب.
هنا وجد اللورد موليه الفرصة للارتقاء الاجتماعي. فمدّ يد المساعدة لعائلة سوليفان، طامعًا في أن يزوّج رييلا بإنريكي.
لكن حين رفضت السيدة سوليفان العرض، استشاط غضبًا.
“عليكِ أن تجعليه يختارك.” قال لرييلا بصرامة لا تحتمل.
كانت رييلا تدرك تمامًا ما تعنيه كلماته. فهي مدينة بكل رفاهيتها لعائلة موليه. وإن أخفقت في الظفر بإنريكي، فلن يتردد والدها بالتبني في تزويجها لمن يدفع أكثر.
والآن، وهي تجلس وحدها في غرفة الضيوف، كان عقلها يدور في دوامة. ثقل توقعات عائلتها بالتبني، وظلال ماضيها مع مونيكا، والقلق من السير سوليفان… كل ذلك كان يوشك أن يحطمها.
خفق صدغها من شدة التوتر، لكنها لم تجرؤ على لمس جبينها خوفًا على مكياجها المثالي.
كل ما كان بوسعها الآن هو الانتظار… الانتظار حتى تأتي الفرصة التي تسمح لها بالتحكم في مصيرها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات