عند عودتها، كان قصر عائلة موليه يعجُّ بالحركة استعدادًا لحفل الوليمة.
حين دخلت القصر، انبهرت بالزينة والفوانيس التي ملأت الحديقة. كانت تعلم أن عائلة موليه ثرية للغاية، لكنها لم تكن قد أدركت أن ثراءهم يبلغ هذا الحد.
“آه! الآنسة مونيكا!”
كان هانس، البستاني، مسرورًا برؤيتها. أخبرها أنه استلم أمتعتها وقام بتكديسها في آخر ركن من منطقته.
” كان الجميع منشغلين، فلم أستطع إيصالها إلى غرفتك.”
“لا بأس بذلك، أنا ممتنّة لاعتنائك بها بالفعل.”
“وأنا أعتذر حقًا عن المرة السابقة.”
فتحت مونيكا فمها قليلًا ثم ابتسمت ابتسامة محرجة. كان هانس ينتظر فرصة للاعتذار لها منذ أن عاملها بجفاء في اليوم الذي أصيبت فيه.
“لقد سقطت بمفردي، لا داعي لأن تعتذر.”
“كنت أنتظرك في ذلك اليوم، لكن…”
” أوه! يبدو أن لدي أمتعة أكثر من المتوقع!”
وقبل أن يتمكن هانس من إكمال كلامه، سارعت مونيكا برفع الصناديق التي كان قد كدّسها.
كان واضحًا سبب تصرفه وهو يكلّمها بوجنتين محمرّتين، لكنها لم ترغب في الدخول معه في أي حوار جانبي. بل بالأحرى، لم ترد أن تترك له أي مساحة للاقتراب أكثر. وفي اللحظة التالية، تعثّرت.
“آه…”
“دعيني أنا أحمل هذا!!”
كانت تظن أن الصندوق يحوي أربع مجموعات ملابس فقط، فلماذا كان ثقيلًا إلى هذا الحد؟
لويس حمله بخفة جعلتها تتهاون، لكن وزنه لم يكن بسيطًا. أسرع هانس لالتقاطه، لكنه هو الآخر كاد أن يفقد توازنه.
“ما هذا…؟”
“لا بأس، سأحمله بنفسي!”
” لا، سأوصله لك!”
وبعد شدّ وجذب، تقدّم هانس أخيرًا بالصندوق بين ذراعيه، فيما تبعته مونيكا وهي تحمل صندوقًا صغيرًا يحوي فستانًا رماديًّا بسيطًا. لكنها استطاعت أن تمنعه من مرافقتها إلى غرفتها.
بدا عليه الإحباط الشديد، لكنه لم يُلحّ حين هزّت رأسها نافية.
” ستذهبين إلى الوليمة غدًا بسبب الشاب النبيل، أليس كذلك؟”
“نعم، ولماذا تسأل*؟”
*مسكين مسكوه قبل لا يبدأ مشروعه 😂😂*
وضع هانس الصندوق ثم حكّ مؤخرة رأسه بتردّد.
“لأن الخدم قرروا أن يجتمعوا على كأس بعد الوليمة.”
“آه…”
“إن كان يناسبك يا آنسة مونيكا…”
فقاطعته بسرعة:
” أعتذر، لكن قد يكون الأمر صعبًا، فأنا لا أدري متى قد يمرض السيد الصغير و يكون بحاجة إلي.”
عمل الخدم لا ينتهي حتى بعد الوليمة، ولهذا يجتمعون عادة عند الفجر للشرب، لكن مونيكا لم ترغب في قضاء وقت مع خدم لم تكن على علاقة وثيقة بهم. بالطبع، لو أن ماريا أو إحدى الخادمات دعتها، لربما فكرت في الأمر، لكن من يقبل دعوة رجل كان واضحًا أن في قلبه ميلًا لها؟
تردّد هانس قليلًا ثم غادر، طالبًا منها أن تفكّر بالأمر. تنفّست مونيكا الصعداء، وفتحت باب غرفتها أخيرًا. كان اليوم طويلًا بشكل غريب.
بينما كانت تنقل الصناديق إلى الداخل، لاحظت شيئًا لم تره من قبل. وعندما اقتربت، وجدت بضع مجموعات ملابس موضوعة على سريرها.
حينها فقط تذكّرت أنها كانت تنوي الذهاب إلى غرفة ريلا، ويبدو أن مدام أورانج قد أحضرتها لها، إذ إن ريلا غادرت أبكر من المتوقع.
رفعت مونيكا الملابس الموضوعة على السرير. قيل إنها من موضة العام الماضي، لكنها بدت في عينيها في غاية الأناقة: فستان أبيض مشذّب تمامًا، وفستان أزرق سماوي متواضع.
كلاهما يناسب شابة في ريعان عمرها، لكنها تردّدت قليلًا ثم وضعتهما جانبًا، وفتحت الصندوق الذي أعطاها إياه لويس.
كانت هناك الملابس التي اختارها لها بنفسه. للوهلة الأولى، لم تكن أقل جمالًا من ملابس ريلا.
“لأنه لعوب إلى هذا الحد…”
قالت ذلك، وارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة. رغم أنها كانت قد رفضت شراءها لأنه أمر يثقل كاهلها، إلا أنها شعرت بالرضا وهي تفكر بها كملابس تخصّها هي وحدها.
‘قد يكون من المبالغة قبولها من شخص لن أراه مجددًا…’
خطرت ببالها صورة لويس وهي تربط شعرها الذي تناثر قليلًا من خروجها. بدا وكأنه يروي قصته باقتضاب، لكن في الحقيقة، لم يكشف لها شيئًا عن مكان إقامته أو ما يقوم به.
ربما بسبب تورطه مع غارسيا، عاملها بلطف، بل وأهداها أربع مجموعات ملابس، لكن الخط الفاصل الذي رسمه كان واضحًا.
‘لقد كنتُ أنا من تحدّث كثيرًا عن نفسي…’
لم تندم بالطبع، إذ كان لويس شخصًا تشعر براحة حقيقية معه، لكن من الصحيح أيضًا أن طريقته في رسم حدود بينهما وهو يقول “يا حبيبتي” بدت قاسية. ثم…
‘من الذي كان يحاول تجنّبه؟’
كان لويس قد أخفى نفسه في ظلّ المبنى حين رأى مجموعة من السيدات النبيلات يخرجن من محل بيع الملابس، ونظرته إليهن، متناسيًا وجود مونيكا، بدت مريبة للغاية.
“أليس محتالًا؟”
سأل ميكل بلا مبالاة، فزمّت مونيكا حاجبيها.
“محتال؟”
“هناك الكثير من الأشخاص المريبين في لا سبيتسيا.”
‘أغرب شخص رأيته حتى الآن هو أنت يا دكتور ميكل…’، كادت أن تنطق بها لكنها كتمتها.
كان يوم الوليمة، ومارتينيل، المتحمس منذ الصباح، بدّل ملابسه مرتين. ارتدى حذاءه الجديد وركض، فسقط ووقع على أرض خشنة. انغرزت شوكة كبيرة في يده. أزالتها مونيكا بالملقط وعقّمت يده، لكنها، احتياطًا، استدعت ميكل.
جاء ميكل أنيق المظهر، رغم أن وجهه ما زال شاحبًا بعض الشيء. أخبرها أنه سيحضر الوليمة اليوم. لم تعرف مونيكا سبب شحوبه، لكن مارتينيل قال بجرأة:
“أظن أن السيد ميكل لا يحب حضور الولائم، أليس كذلك؟”
فحص ميكل يد مارتينيل مبتسمًا، وقال إن الولائم مجرد إزعاج. وحين سألته مونيكا عن سبب أناقته إذًا، أجاب أن الأطباء بحاجة إلى رعاة وداعمين، وإن كان يود فتح عيادة خاصة، فعليه أن يعتمد على من كانوا مَرضَاه الدائمين منذ زمن، وهو أمر صعب في لا سبيتسيا.
بسبب كثرة المهاجرين الجدد، لم يكن هناك وقت كافٍ لبناء علاقات طويلة المدى مع المرضى.
“لديّ عائلة موليه، لكن أختي تحاول دفعي لحضور الوليمة وهي تقول: “إلى متى ستعتمد على عائلة موليه؟”…”
أخت ميكل بدت في مخيلتها شديدة الحدة. على أي حال، وبعد فحص جرح مارتينيل بدقة، أرسله لتبديل ملابسه.
وبينما كانت مونيكا جالسة مقابله، خطر لها أن تسأله عن رأيه برجل وسيم يتهرّب من النبيلات ما إن يراهن. فجاءها الجواب:
” أليست هذه مدينة ميناء؟ بعد الحرب، صار فيها من الناس أكثر مما في العاصمة. هناك كثيرون… ومنهم من يستغلّ قلوب الفتيات المضطربة بسبب الحرب ليكسب مالًا. إن لم يكن محتالًا، فهو، ممم…”
أمال رأسه قليلًا وقال:
“أفعى؟ لا… أقرب لجرس الأفعى المجلجلة* لأنه وسيم.”
*بحط لكم صورته آخر الفصل*
كادت مونيكا تسقط من وقع الكلمة. ثم أضافت بتردد:
” سمعتُ أنه كان طالب طب…”
رغم أن مظهره يوحي بالعبث، إلا أنها لم تعتقد أنه كذلك حقًا. فالتحاقه بكلية الطب مكلف، ولويس اشترى لها أربع بدلات غالية. لكن ميكل كان ذكيًّا على نحو مفاجئ.
“إذا قلتِ “كان طالب طب”، فهذا يعني أنه لم يعد طالبًا، أليس كذلك؟ ولو كان طبيبًا لقال ذلك.”
” آه… صحيح…”
“هناك كثيرون يتركون كلية الطب لعدم قدرتهم على دفع التكاليف.”
“هه…”
“أنا لست منهم، طبعًا.”
عقدت مونيكا حاجبيها قليلًا، فيما نقر ميكل على نملة مرت قرب المقعد بطرف ظفره مبتسمًا.
” كنتُ طالبًا بمنحة كاملة.”
” آه… فهمت…”
” قد لا يبدو لك الأمر مهمًّا، لكنني حصلت على أعلى منحة في كلية بريل لستة فصول دراسية متتالية.”
” أوه، نعم…”
أمالت رأسها متسائلة:
“ستة فصول؟”
“تبًّا، لاحظتِ ذلك.”
وقبل أن تقول شيئًا، وضع يده على صدره واعترف بأسى:
” سأقول الحقيقة… في فصل واحد، سرق أحدهم منحة القمة مني. لكن في الفصل التالي…”
” يا طبيييب! “
ظهر مارتينيل في تلك اللحظة، لتتنفّس مونيكا الصعداء داخليًّا.
“ما رأيك؟ هل أبدو كبحّار أنيق؟”
كان يرتدي بدلة بحرية زرقاء داكنة، مع ياقة مربعة خلف رقبته كتلك التي يرتديها البحّارة. لكن، لسبب ما، ما بدا وقورًا على البحّارة بدا لطيفًا على مارتينيل. فتحت مونيكا عينيها بإعجاب.
“يا إلهي، تبدو قوي البنية.”
لو قالت إنه لطيف، لأصابت كبرياءه، فابتسم مارتينيل وأمسك بطرف فستانها.
“وأنتِ أيضًا جميلة يا معلمتي! هل هذه ملابس جديدة؟”
نظرت مونيكا إلى نفسها لا شعوريًا. كان فستانًا بلون العاج مخططًا بخطوط خضراء رفيعة، صنعته ماكينة الخياطة. لكنه كان مناسبًا تمامًا لحفل الليلة، فهي ليست بطلة الحفل. ابتسمت له.
“نعم، هدية.”
“من جرس الأفعى المجلجلة؟”
تدخّل ميكل فجأة، فاتسعت عينا مارتينيل:
“جرس أفعى…؟”
أمسكته مونيكا من معصمه ووقفت:
“هيا بنا يا سيدي الصغير، الآنسة فيوليت ستصل قريبًا!”
ثم رمقت ميكل بنظرة حادّة، فابتسم بخبث ولوّح لهما مودّعًا.
عندها فقط أدركت مونيكا أنه ربما أرسلهما عمدًا لقضاء بعض الوقت في غرفة مارتينيل حتى يبدأ الحفل على قدم وساق.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
هذا هو جرس الافعى، الشيء اللي في نهاية ذيلها و و لما تحركه بسرعة يعمل صوت مثل الجرس
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 18"