سألت رييلا وهي بملامح يغشاها النعاس، فابتسمت السيدة أورانج ابتسامة مشرقة.
“آنستي، لقد طلبتْ السيدة من مونيكا أن تختار إحدى فساتينك التي قمتِ بارتدائها العام الماضي.”
كان ثمة تناقض واضح بين السيدة أورانج، المتألقة بملابسها الأنيقة، وبين رييلا التي كانت جالسة في ثوب نوم شفاف وكأنها نهضت للتو من السرير.
تأرجحت نظرات رييلا بين مونيكا والسيدة أورانج عدة مرات، بينما كانت الأخيرة تشرح لها كيف فشلت في التغلب على عناد مارتينيل.
بدت ملامح رييلا وكأنها استوعبت الموقف، لكن ذلك لم يتطور إلى موافقة.
“لا.”
“عذرًا؟”
ارتسمت الدهشة على وجه السيدة أورانج. عقدت رييلا حاجبيها وفكرت قليلًا قبل أن تجيب ببطء:
“لم أقرر بعد ماذا سأرتدي في حفل الغد.”
“ألن ترتدي الفستان الأخضر الذي طلبتهِ آخر مرة؟”
“أعدتُ النظر فيه ولم يعجبني. عودي لاحقًا حين أكون قد قررت.”
“لكن من الواضح أن صيحات الموضة تتغير بسرعة، وفستان العام الماضي—”
“سيدة أورانج.”
قاطعتها رييلا بلهجة ضجر، فأطبقت السيدة أورانج شفتيها.
“عودي لاحقًا.”
ثم أطلقت نظرة فاحصة على مونيكا من أعلى لأسفل، كانت في معظمها مشوبة بالحيرة، لكن مونيكا استطاعت أن تلمح خلفها شيئًا من الضيق والحدة. ومع ذلك، كان الأمر يروق لها على نحو غريب.
“أعتذر عن الإزعاج يا آنسة. سأراكِ بعد الظهر.”
“… سأكون مشغولة بعد الظهر. سيدة أورانج، سأكون في وسط المدينة حينها، لذا أرجو أن تتولّي الأمر…”
توقفت رييلا لحظة، ثم تابعت:
“يمكنكِ اختيار ما تشائين مع مونيكا.”
أومأت مونيكا برأسها قليلًا، وما إن غادرت السيدة أورانج الغرفة حتى همست لها مونيكا بإحراج:
“الآنسة ليست معتادة على هذه الدرجة من التدقيق. يبدو أنها متوترة لأن الحفل مهم جدًا.”
“لا بأس. لكن السيدة تبدو وكأنها تعاني بسببي.”
“ليس بسببكِ يا آنسة أوفن! لو فكرتِ قليلًا، فستجدين أن كل هذا بسبب السيد الشاب!”
هزت السيدة أورانج كتفيها، فابتسمت مونيكا ابتسامة باهتة، ثم سارعت بمغادرة القصر بحجة التحضير للحفل، بعد أن ودّعت السيدة أورانج. والحق أن السبب كان موعد الغداء يوم السبت.
عادةً، كان أقصى ما ستفكر فيه هو كيف ستحصل على تعويض عن شريط الحرير الذي كلفها 60 سينغاً. لكن عقلها كان منشغلًا اليوم بأفكار أخرى.
“عودي لاحقًا.”
قالت السيدة أورانج إن رييلا كانت متقلبة المزاج هذا الصباح. وهي التي عُرفت عادةً بكونها هادئة ومسترخية مع الخادمات، بل كانت تهديهن مناديلها المستعملة.
“لا أظن أن طلب استعارة فستان، أو حتى إعطائه، كان سيزعجكِ لهذه الدرجة، يا آنسة.”
عضّت مونيكا شفتها.
كان من حسن حظها أن رييلا أبدت انزعاجها. فلو أنها فتحت غرفة ملابسها برضى، كما قالت السيدة أورانج، لربما غادرت مونيكا المكان غاضبة.
حين دخلت القصر لأول مرة ورأت رييلا، قدرت مكانتها من خلال ثيابها وقفازاتها. مونيكا لم تكن تملك سوى أربع قطع من الملابس، إحداها ممزقة، بينما كانت لرييلا غرفة خاصة لتخزين فساتينها. ومع ذلك، لم يكن الفارق كبيرًا كما ظنت.
ولهذا…
منذ الصباح الباكر، تناولت مونيكا إفطارها مع الخادمات، ثم ساعدت “مارتي” على المشي، ورافقت السيدة أورانج لرؤية رييلا بناءً على طلب السيدة موليه.
أما رييلا، فقد كانت نائمة طوال الوقت.
وحين كانت مستيقظة، لم تكن تفعل أكثر من قص الورود في الحديقة أو تناول الطعام في غرفتها، تاركة كل شيء خلفها.
عرفت مونيكا من الخادمات أن رييلا صامت عن الطعام منذ الليلة الماضية لتستعد لارتداء الفستان الأخضر في الحفل.
لهذا، كانت ستشعر بالحزن لو أن رييلا فتحت غرفة ملابسها بابتسامة مصطنعة.
كانت تراقبها منذ اللحظة التي دخلت فيها غرفتها، ولهذا، بطريقة غريبة، شعرت بالارتياح لأن رييلا تهتم بها إلى هذا الحد.
لكن ما كان لا يُطاق هو…
أنها كانت تقارن نفسها برييلا في كل صغيرة وكبيرة.
وحين وصلت إلى الساحة، مسحت مونيكا وجهها بكلتا يديها. أحست بخشونة جلدها المبلل بعرق الشمس الحار.
“هذا سيئ… حقًا…”
لكنها سرعان ما صَفعت وجنتيها مرتين وهزت رأسها.
“في النهاية، كان خياري أنا.”
لم يُجبر أحد مونيكا، وهي في الثانية عشرة، على شيء. حتى لو توسلت “ليزي” وبكت، فهي من اختارت البروش الوردي. أليس كذلك؟ وإن لم يكن ذلك صحيحًا، فما البديل إذن؟
لا جدوى من عقدة النقص هذه حتى تغادر رييلا القصر.
“أنتِ مشرقة للغاية…”
تذكرت مونيكا ما قاله لها رجل يشبه “غارسيا” حين كانت ممرضة. بالطبع، لم يكن يقصد المديح، لكنها وجدت في كلماته عزاءً كبيرًا آنذاك، وما زالت حتى الآن.
“أنا بخير.”
تمتمت وهي تمسك وجنتيها:
“سوف أنتصر.”
لقد تناولت فطورًا وافرًا هذا الصباح أيضًا. وحين تذكرت رييلا، التي ظلت جائعة منذ الليلة الماضية بسبب الحفل، بدا لها أن حياتها ليست سيئة جدًا. أليس كذلك؟
بهذا الخاطر، مشت مونيكا بخطى هادئة نحو النافورة في الساحة.
كان وقت الغداء يوم السبت، والساحة تعج بالناس. ومع ذلك، استطاعت أن تلمح من تنتظره فورًا. كيف لا، وهو رجل وسيم.
لكن…
“مونيكا!”
اضطرت مونيكا أن تبتسم بتكلف، بعد أن كانت على وشك إطلاق ابتسامة ساخرة. هذا هو الشخص الذي جاءت للقائه، لكنه… ليس هو.
“لويس؟”
شَعر أشقر يتمايل مع الريح، وعينان زرقاوان. عرفته فورًا. كان يشبه “غارسيا” تمامًا، لكنه لم يكن هو.
إنه “لويس”، الرجل اللطيف الذي التقت به مونيكا عند وصولها إلى المدينة.
“أوه، مضى وقت طويل. سعيد برؤيتك مجددًا، كيف حالكِ؟”
حيّاها الرجل بأسلوب جنوبي باذخ، محركًا ذراعه في حركة دائرية مبهرة جذبت أنظار الحاضرين.
لكن مونيكا أدركت أن الرجل كان يجذب الانتباه حتى قبل وصولها.
أمسك “لويس” يدها وقبّل ظاهرها، فارتبكت وحاولت سحبها، لكنه شد عليها أكثر وهو يبتسم.
“وماذا عن غارسيا؟”
أدركت مونيكا على الفور أن “غارسيا” لن يأتي اليوم.
“إذًا… لن يأتي غارسيا اليوم؟”
فتح لويس عينيه بدهشة مصطنعة.
“غارسيا؟ أكنتِ على موعد معه اليوم؟”
“نعم، لكن لم أكن أعلم أنك ستأتي أنت.”
ارتسمت على وجه لويس مسحة حزن مصطنعة:
“أوه، أأنتِ تكرهينني إذن؟”
“بالطبع لا، لويس.”
كانت تحاول تحرير يدها منه، متصببة عرقًا، حتى أطلقها بابتسامة وهو يلاحظ توترها.
“إذًا أنتما تعرفان بعضكما.”
“بالطبع. نحن لا نفترق أبدًا.”
“… غارسيا لم يقل ذلك…”
ازدادت ابتسامته عمقًا:
“وماذا قال إذن؟”
قال إنك عديم الذوق…، فكرت مونيكا، لكنها ضحكت بتكلف: “آهاها…”، وكأن لويس قرأ ما في ذهنها.
“لا بأس. المهم أن غارسيا لديه ظروف تمنعه من الحضور اليوم، فأرسلني بدلًا منه.”
“… أرسلك بدلًا منه؟”
“نعم.”
ترددت مونيكا، ثم مدت راحة يدها اليمنى نحوه. حدّق بها لويس لحظة، ثم أمسكها وقبّلها، فشهقت مونيكا بخفة عند ملامسة شفتيه الدافئتين لها.
“أليس هذا ما تريدينه؟”
“… ألم يخبرك غارسيا بسبب لقائنا؟”
“آه، ذلك الأمر…”
لمع بريق مشاكس في عينيه:
“قلتِ إنكِ جرحتِ كفكِ بسببه، أليس الأمر أن أعالجكِ أنا بدلًا منه؟”
“… ليس هذا ما أعنيه!”
“أمزح فقط، أعلم ذلك.”
ضيّقت مونيكا عينيها. أجل، هذا الرجل لعوب… وجهه صورة طبق الأصل من غارسيا، لكن حضوره مختلف تمامًا، من ابتسامته المشرقة إلى نظرته الماكرة.
ابتسم لويس:
“لقد علمتُ عن شريط الـ 60 سينغاً، وثيابك الممزقة، وركبتك المجروحة.”
“رأيت ذلك؟”
“لا، بل سمعت به. لكن مع ذلك، لا يمكنني أن أعطيكِ المال مباشرة، لدي كبريائي.”
قبل أن تدرك، وجدت نفسها تمشي إلى جانبه، منجرفة بسلاسته، رغم شعورها بأن ثمة أمرًا غير مريح.
“لم أعلم أنكِ السيدة التي أزعجها غارسيا. حين سمعت ذلك، كنتُ…”
“كنت ماذا؟”
“… أظنكِ ستكونين سيدة فائقة الجمال! وكنتُ على حق!”
لكنها لم تفوّت الصمت القصير بين عباراته.
وبين المزاح والتلاعب بالكلمات، اعترف أخيرًا بأن غارسيا طلب منه “التواصل مع تلك المجنونة ذات ذيل الحصان”.
وأقسمت مونيكا، أنه إذا رأت غارسيا مجددًا، فسوف تمسكه من ياقة سترته مهما كان الثمن.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
عذرا بنات كنت ناوية انزل لكم للفصل ٢٥ اليوم بس صار لي ظرف و ما قدرت اكمل اترجمهم، بالنسبة للي اختلطت عليهم شخصيات البطل فهذا تذكير قصير :
اول واحد هو سول و هو الجندي اللي كان مصاب بالحرب لما كانت مونيكا ممرضة.
ثاني واحد هو لويس اللي ظهر للمرة الثانية الحين و هو ذو الشخصية اللعوبة.
و ثالث واحد هو غارسيا و هو العصبي اللي يطلق القاب على البطلة و يسكر بنص النهار و يتعارك، و بس…. ✨
اشوفكم على خير 🙈
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 15"