حدّقت مونيكا فيه مجددًا، بعينيها مفتوحتين على اتساعهما.
‘هل تريدني أن أسمعك شتائمي؟’ — بدا أن غارسيا فهم المعنى في نظراتها، فأطلق ضحكة فارغة ومدّ يده.
“هيه، هل أنتِ بخير؟”
لكن مونيكا لم تستطع الإجابة. قلبها كان يريد أن يقفز فورًا ويمسك بتلابيب هذا الرجل الذي كان ينظر إليها بنظرة مريبة من أعلى.
“انهضي أولًا.”
لم تكن تريد أبدًا أن تتلقى المساعدة من هذا الرجل، لكن للأسف كانت كل قواها قد خارت.
فتحت فمها ومدّت يديها الاثنتين.
لكن ما إن رفعت رأسها وفتحت فمها…
“أوه.”
هزّ غارسيا رأسه مرة وهو يحاول الإمساك بيدها، ثم أمسك بمعصمها بدلًا من كفها الدامي. لم يستطع أن يقبض على كفها الملطخ بالدم بإحكام.
انهمرت الدموع على خديها الرقيقين قبل أن يخرج صراخها.
“أه…”
فتح غارسيا فمه بدهشة دون وعي.
“آه.”
مهما يكن… لم تمر مونيكا بمثل هذا الموقف في حياتها. الشريط الثمين الذي اشترته بعزيمة كبيرة اتّسخ، والرجل الذي اصطدمت به في الشارع كان زعيم عصابة يتبعه أوباش.
حاولت النهوض في ارتباك، فانتقلت أنظار الاثنين إلى ساقيها، وفتحت مونيكا عينيها مجددًا على اتساعهما.
كانت تظاهرت فقط بأنها تعرف هذا الرجل، لكنها وجدت نفسها فجأة متورطة معه، فقدت شريطها، وتعرضت للضرب… فلم يكن بوسعها أن تشعر بأي فرح.
“هل أنتِ بخير؟” — بخير؟ مستحيل!
ذلك لأنها لاحظت أن فستانها الذي ارتدته لخمس سنوات دون أن يتلف، قد تمزق شرّ تمزيق.
وكان ذلك كافيًا ليجعل الدموع تملأ عينيها.
كانت رغبتها في الردّ قوية، لكن دموعها انهمرت بلا توقف، فغطّت فمها بكفها.
ثم توقفت عن البكاء فجأة وصرخت:
“فستاني!”
“آه…”
“…ماذا؟”
لا تزال فروة رأسها تؤلمها من قبضات الأوباش الذين شدّوا شعرها، وظهرها يتوجّع من ارتطامه بالجدار.
التفت غارسيا الذي كان يرمقها بنظرة ساخرة وكأنه غير مصدّق، فأبعدت مونيكا يده بسرعة وحاولت ستر فستانها الممزق، لكنها ترنحت أمام قبضته الأقوى من المتوقع.
“هيه! ابقي مكانك…”
كاد غارسيا أن يفقد توازنه وهو يمسكها بقوة، فمدّ يده ليطوّق خصرها كي يمنعها من السقوط.
الغريب أن هذا الرجل، الذي بدا قبل قليل شجاعًا وهو يرشق الأحجار على الأوباش، صار يتلعثم من ارتباكه أمام دموعها.
في اللحظة التالية، انحلّ شعر مونيكا المبعثر تمامًا، بعد أن كان الأوباش قد عبثوا به بلا رحمة.
شعرها الأسود اللامع انساب تحت أشعة الشمس، وملأ بصر غارسيا.
“أوه…”
أصدَر غارسيا أنينًا دون وعي.
أمّا مونيكا فقد أصابها الذهول وهي تحدّق في ركبتيها. كان الأمر مبررًا، فهي لا تملك سوى أربع قطع ملابس لائقة.
فستان التفتة الذي ارتدته في مقابلة قصر “ماليت”، وهذا الفستان الرمادي، وملابس النوم، وفستان أخضر باهت خانق لا يصلح للصيف.
“هذا…”
ارتجفت مونيكا وهي تحدق في تنورتها الممزقة. كان الفستان بسيطًا لكنه يصلح للارتداء اليومي، وخصوصًا أن عملها القادم لا يتطلب الرسمية، فهي ستعتني بطفل صغير.
توقفت دموعها فجأة، فمهما كان الألم أو الإحراج، تختفي الدموع أمام ما يهدد معيشتها المباشرة.
امتلأت عيناها المرتجفتان بغضب بارد.
“…أعِده.”
“…هاه؟”
“أعِد لي كل شيء!”
*انا لو منك يا بنتي كنت هربت و نجوت بحياتي، اذا كان يقدر يتفوق على 3 رجال بالغين، فما ادراك بمرأة ضعيفة بنص حجمه*
كان غارسيا حتى تلك اللحظة يحدّثها باستهجان: “أي نوع من النساء أنتِ…؟” لكنه أغلق فمه حين شعر متأخرًا بالهالة الخطيرة التي صدرت عنها.
لكن الأوان كان قد فات. أمسكت مونيكا بتلابيبه بقوة غير متوقعة، فأخرج الرجل أنينًا خانقًا.
“فستاني! شريطي الحريري! قبّعتي القشّية! الستون سينغا، أياً يكن! أعِد لي كل شيء…”
مسحت مونيكا بعينيها الخضراوين جسده من رأسه إلى قدميه، ثم صرخت فجأة:
“أيها السنونو اللعين!!!”
*يا ليتك استخرتي قبل ما تجيبي لقب بربع ريال 😂😂😂*
كان لا يزال الصباح، وفي زقاق قذر يغمره ضوء الشمس قبل أن تشتد الحرارة، دوّى صوت مونيكا عاليًا:
“أيها السنونو… أيها السنونو… أيها السنونو…”
—
كان الرجل الأشقر يعبس جبينه تمامًا وهو يبحث في أغراضه ويلعن.
لمحت مونيكا ما في يده وفهمت سبب انزعاجه: سيجار فاخر مكسور إلى نصفين، وهو ذاته الذي سقط من جيب قميصه عندما كانت ممسكة به بجنون قبل عشر دقائق.
بمعنى آخر، هي من كسره.
حدّقت فيه بوجه منتفخ وكأنها تقول: “اشتم كما تشاء”.
لكن غارسيا وضع السيجار المكسور في فمه، وأشعله بصوان، ونفث الدخان بوجه متجهم.
وبينما كانت مونيكا تحاول ترتيب شعرها بأصابعها، فتح فمه قائلًا:
“إذًا… إلى جانب ذلك، ما هي الألقاب الأخرى التي لديكِ؟”
“ألقاب؟”
عقدت حاجبيها بعدم فهم. أخذ نفسًا آخر من سيجاره ونفث الدخان في الاتجاه المعاكس لها:
“ماذا غير السنونو؟”
“آه…”
حينها فقط فهمت ما يقصد.
بعد ذلك، حين أفاق أحد الأوباش فاكتفيا بركله مرة أخرى على رأسه، غادرا المكان مسرعين، وجلسا على طرف الساحة العامة.
أمامهما بائعو صحف صغار، ورجل مسنّ يجر عربة، وعابرون على الرصيف، وأرضية من الحجارة اللامعة، وأحيانًا رجل يتوقف ليشعل سجارة رخيصة ويلقي نظرة نحوهما.
رجل وسيم بملابس قذرة وسيجار فاخر مكسور، وفتاة بوجه منتفخ وعينين حمراوين من البكاء، وشعر أشعث وفستان ممزق… مظهرهما معًا كان كفيلًا بجذب الأنظار.
لكن مونيكا لم تحتمل نظرات الفضول، فردّت بعينيها: “ماذا؟” فجعلت المارة يصرفون أنظارهم ويبتعدون ببطء.
كان الأمر غريبًا، فعادة هي من كانت تخفض نظرها أولًا في مثل هذه المواقف، بحكم نشأتها كفتاة فاضلة. لكن هذه المرة شعرت برغبة في أن تتصرف كما يتصرف أولئك الفتيان المشاغبون الذين كانت تراهم أحيانًا في الميتم.
“قاطع طريق.”
“أوه.”
“بلطجي. مشرد.”
“أه.”
“غيرهم… هناك الأحمق.”
عدّت مونيكا الألقاب وهي ترفع أصابع يدها واحدة تلو الأخرى، بينما كان غارسيا يرمقها بازدراء وينفث الدخان.
“ومن بينهم من يُدعى السنونو.”
“عليكِ أن تكوني ممتنة… فأنا أسميكِ صاحبة ذيل الحصان، وهذا فيه احترام كبير.”
قهقهت مونيكا باستهزاء:
“سميتك سنونو لأنك تشبهه، فلماذا الغضب؟”
“وأنا سميتك ذيل الحصان لنفس السبب، فلنعتبر الأمر متعادلًا.”
“والآن بما أن ذيل الحصان اختفى، هل يمكن أن أسميكِ رأس الطحالب دون أن تغضبي؟”
“ماذا؟”
ثار غضبها مجددًا من سخريته، لكنه رفع كفه مهدئًا وأسقط رماد سيجاره على الأرض وداسه بحذائه.
يا لبعد هذا التصرف عن الرجولة! قبضت مونيكا يديها غاضبة، لكنه مد كفه وأحاط قبضتها الصغيرة، فابتلعها حجم يده تمامًا.
“لنوقف الغضب، حسنا؟”
كانت على وشك أن تصرخ: “لماذا تمسك بيدي؟” لكن عينيه الزرقاوين كانتا تبتسمان بخفة، فأفقدتها الكلام.
“على أية حال… أنا أنقذتكِ.”
“…سنونو…”
بعد صمت طويل، لم تستطع مونيكا سوى أن تنطق بهذه الكلمة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات