كانت الطائرة الخاصة قابعة فوق المحيط الهادئ بسنتميترات قليلة.
و من النافذة بدت الزنزانة الضخمة كبقعة سوداء عملاقة تبتلع المحيط، لكنها لم تكن مجرد بقعة عادية – كانت طبقات من الظلام، كحلقات شجرة مقطوعة، كل حلقة أغمق من سابقتها.
“التحليل الطيفي يُظهر خمس طبقات متميزة. ”
قال هيكارو يامي وهو ينظر إلى الشاشة.
كان الرجل الياباني هادئاً بشكل مخيف، يرتدي كيمونو أسود تقليدياً.
“الطبقة الخارجية: قوة S عادية، الثانية: S عالية، الثالثة… إشارة L محتملة.”
جلس مين سوك في الزاويةة عيناه مغمضتان.
“الرابعة والخامسة غير مقروءة.”
“مما يعني إما لا شيء… أو شيء لم نره من قبل.”
نظر يامي إلى سويون.
“وأنتِ، مصنفة الفئة A، لماذا أنتِ هنا بالضبط؟”
سويون كانت تلعب بالدمية الصغيرة الخضراء.
“ربما لأنني جيدة في تحمل الرعب؟”
“أو ربما لأنك تخفين شيئاً.”
ابتسم يامي ابتسامة لا تصل إلى عينيه.
“ظلك… ليس كل من الفئة A.”
فتح مين سوك عينيه.
“انتهت محاكمتك يامي، اختارها القائد سونغ.”
“وأنا أختار أن أكون فضولياً.”
بدأت الطائرة تهبط على منصة عائمة بالقرب من حافة الزنزانة، ليبدأ الهواء بأن يصبح ثقيلاً، مالحاً، ومشحوناً بطاقة غريبة.
× الطبقة الأولى:
عندما اخترقوا حاجز الزنزانة، وجدوا أنفسهم في… غابة مقلوبة؛ فالأشجار تنمو من السقف والمطر يتساقط لأعلى.
“فيزياء معكوسة،”
قال مين سوك وهو يلمس قطرة ماء تتصاعد نحو الأعلى.
“ممتعة.”
الوحوش هنا كانت غريبة: أرانب بستة أرجل وأسنان حادة كالمشط، كانت غير مؤذية نسبياً- فئة C فقط.
“لماذا يضعون وحوش من الفئة C في الطبقة الخارجية؟”
تساءلت سويون.
“طُعم،”
أجاب يامي.
“ليجعلونا نستهين بالخطر.”
فجأة، كل الأرانب توقفت، تصلبت، ثم انفجرت في سحاب من الفراء الأحمر.
من كل سحابة، خرجت دودة طويلة شفافة.
“مرحلة تحول،”
همس مين سوك.
“الـفئة C كانت أطواراً يرقية، الآن أصبحت من الفئة B.”
الدودة الشفافة هاجمت، ليحرك يامي أصابعه.
ظله على الأرض نهض كجدار أسود و قطع الديدان إلى أجزاء.
لكن الأجزاء استمرت في التحرك.
“انقسام لا جنسي!”
صرخت سويون.
“كل قطعة تنمو من جديد!”
تنهد مين سوك.
“ملل.”
رفع يديه.
ظلال كل الديدان امتدت فجأة وبدأت تخنقها من الداخل. في ثوان، كل الديدان توقفت وتلاشت.
يامي نظر إليه بإعجاب مقنع.
“تقنية الظل الداخلي… أنت تخترع أساليب جديدة.”
“الابتكار ضرورة.”
مشت سويون الى حيث كانت الديدان. التقطت شيئاً: قشرة شفافة.
“انظروا. عليها نقش.”
كان النقش يشبه رمز البرج العملاق، لكن مقلوباً.
“إذن هو بالفعل يستنسخ برجنا،”
قال يامي.
“لكن لماذا؟”
× الطبقة الثانية:
كانت مدينة مهجورة، مباني من العصر الفيكتوري، شوارع مرصوفة بالحجارة، لكن كل شيء كان أبيض وأسود، كفيلم قديم.
“الزمن متجمد هنا،”
قال يامي.
لمست سويون حائطاً و كان بارداً كالثلج.
“لا حرارة، و لا حياة انه مجرد… نسخة.”
فجأة، انفتحت الأبواب كلها في آن واحد.
من كل باب خرجت شخصيات شبحية، ترتدي ملابس قديمة، و وجوههم فارغة.
“أشباح؟”
سألت سويون.
“ذكريات،”
صحح مين سوك كلامها.
“الزنزانة تمتص الذكريات من العالم الحقيقي وتجسدها.”
تقدمت الأشباح، لكنهم لم يهجموا، بل وقفوا يشيرون إلى ساعة كبيرة في وسط المدينة.
مشت سويون نحو الساعة، عقاربها كانت تدور عكس الاتجاه.
“تريدنا أن نعود بالزمن؟”
سألت.
“بل تريدنا أن نرى الماضي.”
ضغط مين سوك على مركز الساعة.
لتنفجر الصور من حولهم:
– صيادون من العائلات العشرين وهم يدخلون هذه الزنزانة قبل 50 سنة.
– معركة ضخمة، صيادون يموتون.
– شيء أسود يهرب من إحدى العائلات، يعدهم بالعودة.
“كانت هناك محاولة سابقة لإغلاقها،”
فهم يامي.
“وفشلت.”
تغيرت الصور، ليظهر صياد وحيد، وجهه غير واضح.
كان يبني شيئاً……البرج المقلوب.
“إذاً هو صياد سابق،”
همست سويون.
“تحول إلى… شيء آخر.”
الأشباح بدأت تتبخر، و المدينة البيضاء و السوداء بدأت تكتسب لوناً: أحمر قاني.
“الطبقة الثالثة تستعد لنا،”
قال مين سوك.
× الطبقة الثالثة:
كانت مكتبة, لكنَّ الكتب كانت من لحم وعظام، والأرفف كانت أضلاع عملاقة.
في المركز، على كرسي من عظام، جلس رجل، أو ما بقي منه.
نصفه بشري، نصفه الآخر… كتاب مفتوح تنبثق منه صفحات كأذرع.
“أهلاً بالصيادين،”
قال بصوت مزدوج: صوت بشري و صوت صفحات تتحرك.
“أنا حارس المعرفة، هل تريدون معرفة شيء؟”
يامي تقدم.
“لمن يبنى البرج؟”
“للواحد الذي يريد أن يربط كل الألم، كل الخوف،و كل الظلام.”
“ولماذا؟”
“لينقذنا.”
ضحك حارس المعرفة ليقول :
“أنتم تعتقدون أن الزنازين هي العدو، لكنها في الحقيقة محاولة لشفاء جرح واقعي.”
تقدمت سويون وسألت :
“أي جرح؟”
“جرح ولد عندما فصلوا الظل عن النور، عندما قرر بعض البشر أن هناك بعض الحقائق التي يجب أن تختفي.”
نظر مين سوك حوله.
“أنت تتكلم كعضو في المجموعة الغامضة.”
حارس المعرفة توقف وقال :
“آه… بارك مين سوك، الشخص الذي ضاع، هل تعرف الآن من أين أتيت؟”
“لا. لكنني سأعرف.”
“دعني أريك.”
انفجرت الصفحات.
لتظهر صور من ماضي مين سوك: طفل في مكان أبيض، محاط بأشخاص بلا وجوه، ثم هروب، ثم البرج الكوري.
“لقد أخذوك منهم،”
همس حارس المعرفة.
“والآن يريدونك أن تحميهم.”
لم يتغير وجه مين سوك، لكن ظله على الأرض بدأ يغلي كسائل أسود حار.
“كفى.”
انقض الظل، لتبدأ المكتبة بأكملها بالانحلال .
“ستأتي إلى الطبقة الخامسة! ستأتي إلى الحقيقة!”
صرخ حاس الحقيقة وهو يتحول إلى غبار.
بين الطبقتين:
وقفوا عند حافة فتحة تؤدي للطبقة الرابعة، الظلام كان أسوداً لدرجة أنه يبدو صلباً.
“ما زلنا لم نرَ وحوشاً حقيقية.”
لاحظت سويون.
“لأن الوحوش الحقيقية في الرابعة والخامسة. “
قال يامي.
“الثلاثة الأولى كانت… اختبارات.”
نظر إلى مين سوك.
“والآن نعرف أن لك تاريخاً مع هذا المكان.”
“كل شخص له تاريخ مع الظلام، الفرق أنني لا أهرب منه.”
سويون لامست ذراعه.
“نحن معك.”
نظر إليها وفي عينيه الزرقاوتين شيء شبيه بالامتنان.
“أعلم.”
فجأة، الأرض تحتهم اهتزت.
البرج المقلوب بدأ يتوهج في القلب.
” انه يستيقظ،”
قال يامي.
“علينا أن نسرع.”
لكن قبل أن يقفزوا، ظهرت ثلاث بوابات.
من كل بوابة خرج ممثل عن النقابات الكورية العليا.
1. من بوابة ذهبية: محارب من ‘قبضة التنين الذهبي.
2. من بوابة زرقاء: جاسوس من ‘ظل القمر الأزرق’.
3. من بوابة إلكترونية: معدّل تكنولوجي من ‘عاصفة الثورة’.
“القائد سونغ أرسلنا كتعزيزات!”
قال المحارب الذهبي.
“أرسلكم كمراقبين.”
صحح مين سوك ببرود.
الجاسوس الأزرق ابتسم.
“ربما، لكننا هنا الآن، والنقابة الرابعة – ‘قلب الوحش’ – ترفض المجيء، يقولون إن هناك شيئاً هنا… يخيف حتى الوحوش.”
ضحكت سويون.
“إذا كان يخيف الوحوش، فهذا يعني أنه أسوأ من الوحوش.”
نظرت إلى مين سوك.
“ما رأيك؟ هل نأخذهم معنا؟”
“إذا بقوا بعيداً عن طريقي.”
البوابة الرابعة – البوابة الخضراء – فتحت فجأة.
من داخلها، ظهرت الراعية سوهو نفسها، عيناها الصفراء تتوهجان.
“غيرت رأيي، الوحوش تطلب مني أن آتي، تقول إن الشخص الضائع يحتاج كل المساعدة.”
كل الأنظار توجهت إلى مين سوك.
هو فقط أدار ظهره وقفز في الظلام نحو الطبقة الرابعة.
“يبدو أن المغامرة أصبحت مثيرة!”
قالت سويون وهي تقفز وراءه.
والبقية تبعوهم، نحو العمق الذي وعد بالحقيقة… والرعب.
-___________________________________________-
فصل طويل ممل اعرف راحت الأفكار من راسي 1063.
وكانت معكم✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
اي استفسارات، أخطاء املائية، أشياء لم تعجبكم، أشياء غير لائقة، نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 8"