شقة سويون كانت كما تخيل مين سوك تماماً: فوضى مُنظمة، رفوف مليئة بأفلام رعب على أقراص قديمة، روايات خيالية متراكمة بجانب الأريكة، وملصقات أفلام على الجدران.
وفي الزاوية، دمى لشخصيات رعب شهيرة.
أما المثير للإهتمام فكان: لا يوجد أي أثر لكونها صيادة من الفئة L.
لا أسلحة، لا معدات، لا جوائز، كانت تخفي كل شيء بمهارة حتى في مسكنها.
“مكانك… عادي بشكل مثير للريبة،”
قال مين سوك وهو ينظر حوله، يداه في جيوب بنطاله الأسود المريح.
“شكراً! أهدف لذلك،”
أجابت سويون وهي تدفع كومة من الملابس النظيفة….. امم ربما من على الأريكة.
“اجلس، الفيلم يبدأ بعد ثلاث دقائق، أريد فشار.”
“ما نوع الفشار؟”
“حار، بالطبع.”
اختفت في المطبخ الصغير.
جلس مين سوك على الأريكة، و نظراته الثاقبة لاحظت ثلاث كاميرات خفية في الغرفة من الواضح انها ليست للمراقبة.
تحت التلفاز صندوق أسود صغير: مُخَمِّدُ اهتزازات الزنازين. حتى هنا، في شقتها كانت مستعدة.
عادت سويون ومعها وعاء فشار برتقالي يتصاعد منه بخار أحمر.
^صراخ في الزنزانة 3 ^- فيلم من تسعينيات القرن الماضي، إنتاج منخفض التكلفة، لكنه أصبح مشهورا بين محبي الرعب الحقيقيين.
في المشهد الأول، حيث البطل يدخل زنزانة تبدو كسجن مهجور، علَّق مين سوك:
“الممثل يمشي بشكل خاطئ، ظل قدميه لا يتطابق مع إضاءة المشهد.”
ضحكت سويون .
“أنت تركز على الظلال؟!”
“الظل لا يكذب أبداً.”
في المشهد الذي تختبئ فيه البطلة في خزانة، علَّقت سويون:
“لو كانت ذكية، لكانت ستستخدم ظل الخزانة لتخدير الوحش، ظلال الخزانات القديمة دائماً جائعة.”
نظر مين سوك إليها.
“هل جربتِ ذلك؟”
“ربما… في زنزانة في منغوليا، وحش كان يخاف من الظلال، كان مضحكاً.”
استمروا في المشاهدة، والتعليق، والنقاش.
اكتشف مين سوك أن سويون تعرف كل عيب في كل فيلم رعب صنع على الإطلاق، واكتشفت سويون أن مين سوك يحلل أفلام الرعب كخطط قتال.
“انتظري،”
قال مين سوك عند المشهد الذي يهرب فيه البطل.
“هنا، المخرج أخطأ.”
“ماذا؟”
“الوحش في المشهد 15 له ثلاثة أذرع انا هنا فله أربعة، خطأ استمراري.”
“يا إلهي، حقاً!”
قفزت سويون، أوقفت الفيلم وعادت.
“أنت محق! لم ألاحظ هذا أبداً!”
“لأنكِ تركزين على الشخصيات، أنا أركز على التفاصيل.”
“هذا… رائع بشكل مثير للقلق.”
أكملوا الفيلم وعند منتصف الفيلم، حيث يكتشف البطل أن الوحش هو في الحقيقة صياد سابق، أصبح الجو جاداً.
“هل تعتقد أن هذا ممكن؟”
سألت سويون بصوت منخفض.
“أن يتحول صياد إلى وحش؟”
مين سوك توقف عن أكل الفشار للحظة.
“كل شيء ممكن في الزنازين لكن لو حدث، كنت سأتعامل معه.”
“كيف؟”
“أعيده إلى الظل الذي خرج منه.”
نظرت إليه……ونعم كان جاداً.
الفلم استمر، ووصلوا إلى النهاية البديلة – النهاية التي لم يشاهدها أحد تقريباً.
البطل بدلاً من الهروب يقرر البقاء في الزنزانة ويغلقها من الداخل محبساً نفسه مع الوحش إلى الأبد.
“هذه النهاية…”
همست سويون.
“حقيقية،”
أنهى مين سوك الجملة قائلا :
“أحياناً الإغلاق الدائم يتطلب تضحية دائمة.”
الصمت ساد الغرفة، فقط صوت الفيلم ما يسمع فيها.
فجأة رن هاتف سويون، كانت رسالة من القائد سونغ:
“اجتماع طارئ :جميع الصيادين المصنفين من الفئة S و الفئة L إلى البرج خلال ساعة، حالة طارئة دولية.”
نظرت سويون إلى مين سوك.
“يبدو أن فيلمنا انتهى مبكراً.”
“دائماً ما ينتهي قبل الأوان.”
وقف.
“سأذهب من خلال ظلي أراكِ في البرج.”
“انتظر.”
وقفت سويون أيضاً.
“شكراً على… النقد السينمائي.”
“شكراً على الفشار القاتل.”
نظر إلى الوعاء الفارغ.
“المرة القادمة، أجرب وصفتي الخاصة”
“لديك وصفة للفشار؟”
“سري دولي.”
ابتسم – ابتسامة صغيرة حقيقية هذه المرة. ثم امتد الظل حول قدميه ولفه ليختفي بعدها، كما لو أن سائلا اسود ابتلعه.
وقفت سويون وحدها في غرفتها، ورائحة الفشار الحار لا تزال في الهواء، التلفاز يعرض مشاهد ما بعد النهاية، وشعور الرغبة في ان يعود سريعا بدأ يجتاحها.
هزت رأسها قائلة :
“متفائلة، سويون، انت متفائلة جداً.”
لكن وهي تذهب لتغيير ملابسها، لاحظت شيئاً على الأريكة: الدمية الصغيرة لمصاص الدماء التي أعطاها إياها، هل تركتها عمداً؟
إبتسمت و وضعتها في جيب سترتها.
“حراس ظل يتركون أدلهم في كل مكان؟! “
وفي مكان آخر، في البرج العملاق – الطابق 200 – قاعة الاجتماعات العليا:
وقف القائد سونغ أمام شاشة عملاقة.
أما عن القاعة فهيى كانت مليئة بـ صيادين من فئة S من جميع أنحاء العالم، وبعض الوجوه الأسطورية من فئة L. بينهم، إيليان سولاريس من امريكا، هيكارو يامي من اليابان ، وو لونغ من الصين.
دخلت سويون بهدوء، مرتدية ملابس صيد سوداء بسيطة.
جلست في الصف الخلفي – مكان مناسب لمصنفة الفئة A.
ثم في زاوية الغرفة، تكثف الظل وخرج منه مين سوك.
كل الأنظار التفتت إليه، نظرات الاحترام ، الخوف و الغيرة.
“بدأنا. “
قال القائد سونغ؛ لتظهر على الشاشة صورة لـزنزانة ضخمة فوق المحيط الهادئ.
“قبل ست ساعات ظهرت هذه الزنزانة، حجمها… غير مسبوق.”
الصورة كشفت عن شيء أشبه بجزيرة سوداء عائمة، بحجم مدينة صغيرة.
“المشكلة ليست حجمها،”
استمر.
“المشكلة أن خمس زنازين من الفئة S أخرى فتحت بداخلها، زنزانة داخل زنزانة داخل زنزانة.”
ارتفعت الهمسات في القاعة.
“المشكلة الأكبر:”
قام سونغ بتكبير الصورة.
في قلب الزنزانة، كان هناك برج أسود يشبه تماماً الأبراج العملاقة البشرية، لكنه معكوس كأنه نسخة مظلمة.
“هناك شيء يبني برجاً هناك، ونحن نعتقد أنه يريد ربط كل زنازين العالم في شبكة واحدة.”
صمت ثقيلسدى في الغرفة.
نظر سونغ إلى الجميع وقال :
“المهمة: نحتاج فريق استكشاففريق صغير من ثلاث صيادينثلاثة فقط: واحد للقيادة، واثنان للقوة.”
كل صيادي الفئة S تقدموا وهم يطلبون المشاركة، حتى أن بعض صيادي الفئة L أبدوا اهتماما بذلك.
لكن سونغ نظر مباشرة إلى الزاوية الخلفية.
“كيم سويون.”
كل الرؤوس استدارت…. وسويون جمدت.
“أنت مختارة للمهمة.”
“لكن أنا… من الفئة A فقط،”
قالت محاولة التهرب.
“ورغم ذلك،”
تدخل صوت بارد.
تقدم مين سوك للأمام قائلا :
“أنا أختارها كشريكي في الفريق.”
الصدمة ملأت القاعة المصنف رقم واحد يختار صيادة من الفئة A؟
“والثالث؟”
سأل سونغ.
مين سوك نظر حوله، لاتتوقف عيناه الزرقاوتان على هيكارو يامي – سيد الظل التقليدي الياباني.
“هو إذا كان يجرؤ.”
يامي، رجل ياباني هادئ في الأربعينيات، ابتسم ابتسامة باردة.
“الشاب بارك يتحداني؟”
“أدعوك لترى أي ظل أقوى: ظل التقاليد… أم ظل الإبداع.”
أومأ القائد سونغ وقال :
“فريق الاستكشاف: بارك مين سوك (L)، هيكارو يامي (L)، وكيم سويون (A). المغادرة خلال ثلاث ساعات.”
نظرت سويون إلى مين سوك لينظر إليها هو أيضا و في عينيه، لم تكن هناك دهشة بل توقعاً.
……. هو يعرف وهو يريدها في المهمة ليس لأنها من الفئة A بل لأنها من الفئة L.
وعدوها الثاني كان رجلاً يعتبر فن ظل مين سوك ضد تقاليد عائلته العريقة.
المهمة أصبحت فجأة: استكشاف زنزانة غامضة + صراع ظل بين أسطورتين + الحفاظ على سرها.
خرجت من القاعة، ليسير مين سوك بجانبها.
“لماذا؟”
همست.
“لأنك الوحيدة التي ستستمتع بهذا الرعب الحقيقي.”
“والياباني؟”
“يحتاج أن يتعلم أن الظل… حر.”
توقفت.
“أنت تستخدم المهمة الخطيرة لتسوية خصومات شخصية؟”
نظر إليها ببرود.
“أليس هذا أكثر متعة؟”
ضحكت، ضحكتها المجنونة المحبة للرعب.
“أنت أسوأ… وأفضل صياد قابلته.”
“هذه كانت مجاملة، أليس كذلك؟”
“نعم، لا تقتل شعوري.”
اختفى في الظل مرة أخرى، تاركاً إياها وحدها في الممر.
تنفست سويون بعمق، فهذه كانت أخطر وأطرف مهمة في حياتها.
وفجأة، تذكرت نهاية الفيلم: البطل يبقى في الزنزانة إلى الأبد.
“لا تتفائلي سويون،”
قالت لنفسها وهي تمشي.
“لكن… يا له من رعب رائع ينتظرنا.”
-__________________________________________-
فصل ممل اعرف 1200 كلمة
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
أتمنى يعجبكم الفصل، اي أخطاء املائية، أشياء غير لائقة، أشياء لم تعجبكم، نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 7"