المطعم الصغير في حي إيتاوان كان يبدو وكأنه خرج من فيلم رعب ياباني من الثمانينات: لافتة مكسورة، ستائر حمراء باهتة، ورائحة حارة تخترق الأنف من عشرات الأمتار.
وقفت سويون أمام الباب، ترتدي سترة رياضية سوداء جديدة كانت قد اشترتها بمبلغ المكافأة مع سروال مريح. شعرها الأسود مربوط في كعكة غير مرتبة.
تنظر إلى الداخل، ثم إلى مين سوك الواقف بجانبها ببرود .
“أنت متأكدة أن هذا ليس فخاً لقتل صيادين أسطوريين بطريقة رخيصة؟”
قال مين سوك بصوته الهادئ، لكن زاوية فمه ارتفعت قليلاً.
“الطعام الحار الجيد دائماً يختبئ في أماكن تبدو قاتلة!”
أجابت سويون وهي تدفع الباب.
داخل المطعم، كان هناك خمسة طاولات فقط.
واحدة كانت مشغولة برجل عجوز يأكل وهو يقرأ جريدة، الجدران مغطاة بصور لأشخاص يبكون أمام أطباق رامن.
“آه، زبائن جدد!”
خرج من المطبخ رجل في الستينيات من عمره، يرتدي مئزراً عليه رسمة لشبح ياباني.
“أنتم… صيادون، أليس كذلك؟”
“كيف عرفت؟”
سألت سويون.
“فقط الصيادون يأتون إلى هنا، الآخرون يموتون قبل الطلب الثاني.”
مين سوك جلس على كرسي بلا مبالاة.
“نريد الطبق الأكثر حرارة.”
“الطبق الإمبراطور؟”
ضحك صاحب المطعم.
“هو مصنوع من فلفل تم جمعه من زنزانة بركانية في هاواي، حسنا المهم المكونات هي: معدن سائل، أشواك وحشية مطحونة، وشيء أسميه ‘نار الجحيم’.”
“اثنان!”
قالت سويون وعيناها الرماديتان تلمعان .
“انتظري،”
قال مين سوك فجأة، لينظر إلى صاحب المطعم.
“لديك زنزانة صغيرة في المخزن، أليس كذلك؟”
استدارت سويون.
…. وحقاً كانت هناك اهتزازات خفيفة.
“آه، نعم!”
ضحك الرجل.
“لكنها صغيرة، انها من الفئة C فقط، أحتفظ بها لتدفئة الطعام، اقتصادي جداً، صحيح؟!”
…… بعد عشر دقائق.
الطبقان اللذان وُضعا أمامهما بديا وكأنهما بركانان صغيران. السائل الأحمر الغليط كان يفرقع لفقاعات حمراء مع البخار المتصاعد الذي كان يجعل الهواء يهتز.
“القواعد الغير معلنة:”
قال مين سوك وهو يلتقط عيدان الطعام.
“من يتوقف أولاً يدفع الفاتورة.”
“ومن يتقيأ يغسل الصحون!”
لمسة.
كانت الحرارة… مختلفة.
لم تكن حرارة عادية بل كانت أشبه بوحش حار يرقص على اللسان.
سويون شعرت كأن دماغها سيصنهر، لتنظر إلى مين سوك.
وجهه البارد لم يتغير، لكنَّ أذنه اليسرى أصبحت حمراء قليلاً.
“مثير للإعجاب،”
قال وهو يأكل اللُّقمة ابثانية ببطء
“طعمه كوحش نار من الفئة B يُقتل في فمك.”
“أنا أتذوق نفوسا من… هل هذا زيت تنين؟!”
قالت سويون وهي تأكل بسرعة.
عيناها دمعتا ورغم ذاك لم تتوقف.
الرجل العجوز على الطاولة البعيدة رفع نظّـارته.
“أوه، في النهاية جاء من يستطيع أكله.”
فجأة، من المخزن سمعوا صوت تمزق.
“آه، الزنزانة الصغيرة…”
قال صاحب المطعم بصوت غير مبالي.
“أحياناً تخرج من تلقاء نفسها.”
من باب المخزن، زحف… شيء ما، كان يبدو كخلية نحل حمراء بحجم كلب، تفرز سائلاً أحمر.
“وحش فلفل!”
ضحكت سويون.
“هذا هو مصدر الفلفل!”
الوحش زحف نحوهم، يهدر كغليان القدور.
مين سوك نظر إلى سويون، ثم إلى طبقهما، ثم إلى الوحش الحقيقي.
“وقت المستقطع.”
“افعل ما تريد!”
قالت سويون وهي تأكل اللقمة الرابعة.
رفع مين سوك يده اليسرى و بحركة خفيفة.
ظل طاولتهم امتد فجأة كأذرع سوداء، لفَّت الوحش الحار وسحبته برفق إلى الخارج عبر نافذة المطبخ.
سمعوا صوتا من الخارج، ثم انتهى.
“لا تقتلوه!”
صاح صاحب المطعم.
“إنه ينتج الفلفل!”
“أعده إلى الزنزانة في المخزن. “
قال مين سوك ببرود وهو يأكل لقمة أخرى.
“لكنه الآن خائف، ربما سينتج فلفل أكثر حرارة غداً.”
ضحكت سويون حتى كادت تختنق بالرامن.
“أنت… أعدت وحشاً إلى زنزانته… لأن صاحب المطعم يحتاجه للطبخ؟”
“كان يزعجني وأنا آكل.”
كانت الحرارة تتصاعد، و لتبدأ برؤية ألوان غريبة على مين سوك… أذنه اليمنى أصبحت حمراء أيضاً الآن.
“مين سوك…”
قالت بصوت غريب.
“نعم؟”
“أذنك… تبدو كفراشة حمراء تريد الطيران.”
نظر إلى انعكاس صورته في الملعقة.
“أوه، هذا يحدث أحياناً.”
“عندما تأكل طعاماً حاراً؟”
“عندما أكون… مستمتعاً.”
صمت قصير……و فقط صوت أكلهم ما كان يسمع.
“لماذا تخفين قوتك الحقيقية؟”
سأل مين سوك فجأة، دون أن يرفع عينيه عن الطبق.
توقفت سويون… لتجيب بعدها :
“ماذا تقصد؟ أنا من الفئة A.”
“الظل الذي استخدمتيه في نيفادا… لم يكن ظلا من الفئة A.”
أكل لقمة أخرى وأضاف إلى كلامه:
“كان نظيفاً ودقيقا جدا ،حتى الظل من الفئة L يجب أن يتدرب عليه سنوات.”
قلب سويون توقف… ثم ضحكت.
“ربما أنا موهوبة.”
“ربما.”
أخذ جرعة من الماء لأول مرة
“لا يهم، السرية جيدة، فالعائلات العشرون مزعجة.”
“أنت تعرف؟”
“أنا الرقم واحد، أعرف كل شيء.”
قالها ببساطة كحقيقة وليست تفاخراً.
“حتى أنني أحب أفلام الرعب من التسعينيات؟”
“خصوصاً فيلم ‘صراخ في الزنزانة 3’، لقد انتهى بطريقة خاطئة، البطل كان يجب أن يموت.”
سويون وضعت عيدانها.
“بالضبط! كل الناس يقولون إنه يجب أن يعيش!”
“لأنهم جبناء، الموت النهائي يجعل الفيلم لا يُنسى.”
نظرت إليه، عيناه الزرقاوتان كانتا تنظران إليها باهتمام حقيقي لأول مرة.
كانوا يتحدثون عن شيء عادي.
ليس عن صراع، موت أو زنازين، فقط عن فيلم رعب قديم.
“أنا… لدي نسخة أصلية منه مع نهاية بديلة.”
قالت بصوت خفيف.
“حقاً؟”
رأسه مال قليلاً.
“يمكننا مشاهدته.”
“متى؟”
“الآن، إذا انتهينا من هذا الطبق.”
نظرت إلى نصف الطبق الباقي، ثم إلى مين سوك، ثم ضحكت ضحكتها المجنونة.
“أسرع منك!”
بدأا يأكلان بسرعة، والدموع تنهمر على وجوههما، والضحكات تختلط بالسعال. الرجل العجوز في الزاوية بدأ يصورهم بهاتفه.
بعد نصف ساعة:
خرجوا من المطعم.
الليل سقط على سيول.
وكانت سويون تشعر و كأن لسانها تعرض لهجوم من وحش من الفئة S، أما مين سوك فأذناه كانتا حمراء تماماً الآن.
“إذا ظهرت صورة لنا على الإنترنت، سأقتل ذلك العجوز. “
قال مين سوك.
“لكن أذنيك… تبدوان ظريفتين!”
ضحكت سويون.
“هذا سر دولة، إذا عرفوا أن رقم واحد عالمياً تصبح أذناه حمراوين من تناول رامن…”
“سيكونون أكثر رعباً من الزنازين!”
مشوا في صمت مريح، وفجأة، توقف مين سوك أمام متجر ألعاب قديم مغلق.
“انتظري هنا.”
اختفى في الظل.
…… بعد ثوان، عاد وفي يده دميتان صغيرتان من كبسولة اللعب، واحدة كانت مصاص دماء صغيرة، والأخرى كانت وحشاً أخضر.
“هذا لي… وهذا لك.”
أعطاها الوحش الأخضر.
“لماذا الوحش لي؟”
“لأنه يضحك كضحكتك.”
سويون نظرت إلى الدمية الصغيرة…..وحقاً كان لها ابتسامة مجنونة عريضة.
التعليقات لهذا الفصل " 6"
الفصل كيوت عنجد
يارب تصير جيسيكا طيبة😞
الا تحسن البطل شوي بس عيوني بس لسا مستفز
يواددد قصدك مستمتع ولا لما تكون قاعد قدام الحلوة سويون؟