5
استمتعوا
***
كانت صالة التدريب في الطابق الثامن من البرج الكوري صاخبة بشكل غير معتاد في صباح اليوم التالي.
أخبار التحدي بين الوريثة الجديدة و ابنة عائلة بارك المتغطرسة انتشرت كالنار في الهشيم بين الصيادين.
سويون وصلت باكراً، حيث كانت ترتدي ملابس رياضية مريحة وقلادتها الرمادية تلمع تحت الأضواء.
كانت تتناول كعكة شوكولاتة من علبة حملتها معها.
“إفطر جيداً قبل المعركة.”
قالت لنفسها وهي تلتقط القطعة الأخيرة.
دخلت جيسيكا بعدها بثلاث دقائق.
مرتدية بزة تدريب سوداء مصممة خصيصاً، شعرها الأشقر مربوط في ضفيرة مثالية، وحول خصرها حزام من الظل المتصلب كإكسسوار.
“آمل أن تكوني مستعدة للخسارة.”
قالت جيسيكا بابتسامة متعجرفة.
“آمل أن تكوني مستعدة لدفع ثمن الرامن بعدما تخسرين.”
ردت سويون بهدوء.
دخل القائد سونغ إلى الصالة مرتديا اليوم ربطة عنق زرقاء عليها رسوم لأسماك تسبح.
“حسناً، أيتها الآنسات! القواعد بسيطة :
المنافسة من ثلاثة جولات :
الجولة الأولى: التحكم الدقيق في الظل.
الثانية: سرعة الانتقال عبر الظل.
الثالثة:… مفاجأة!”
تجمع نحو عشرين صياداً كمتفرجين، معظمهم من الفئة B وA.
كان واضحاً أنهم جاءوا لمشاهدة ابنة العائلة الأسطورية تمحو المتدربة الجديدة.
وقف مين سوك في زاوية بعيدة، يتظاهر بقراءة تقرير على جهازه اللوحي، لكن عينيه الزرقاوين كانت تراقبان سويون بين الحين والآخر.
الجولة الأولى:
وضع القائد سونغ على منضدتين متقابلتين مزهرتين فخارتين فارغتين.
“المطلوب: استخدام الظل لخلق زهرة داخل المزهرية، الجمال والدقة هما المقصودان.”
ضحكت جيسيكا وقالت :
“هذا سهل جداً.”
رفعت يدها لتتدفق خيوط سوداء رفيعة من ظلهل.
بدأت الخيوط تنسج نفسها في شكل وردة سوداء مثالية داخل المزهرية.
كانت التفاصيل مذهلة: كل بتلة، كل شوكة على الساق.
أكملت عملها في ثلاثين ثانية فقط.
و……. تصفيق من المتفرجين.
“الآن دورك.”
قالت جيسيكا بسخرية.
نظرت سويون إلى المزهرية ثم إلى ظلها.
فكرت للحظة، ثم ابتسمت.
قامت برفع يدها أيضا، لكن بدلاً من خيوط رفيعة، خرجت من ظلها… نبتة صغيرة سوداء!
نمت بسرعة داخل المزهرية، ثم فجأة…….. أزهرت! غير أن الأزهار لم تكن سوداء بل ملونة بالأحمر، الأصفر والازرق صغيرة الشكل تتلألأ كالزجاج.
و…. صرخة دهشة من أحد المتفرجين.
“كيف؟ … هذا مستحيل!”
قالت جيسيكا.
“الظل لا لون له!”
“ظلي مختلف.”
قالت سويون ببساطة.
“يتذكر الألوان.”
تفحص القائد سونغ كلا المزهر تين ليقوم بعد ذلك :
“جيسيكا: دقة تقنية ممتازة.
سويون: إبداع غير مسبوق. لكن…..سويون تفوز لابتكارها شيئاً جديداً.”
احمر وجه جيسيكا.
“هذا… هذا ليس عدلاً!”
الجولة الثانية:
“المطلوب: الانتقال عبر الظل من هذه الصالة إلى سطح البرج والعودة، الأسرع يفوز.”
وبهذا أنهى القائد سونغ كلامه.
كانت جيسيكا واثقة تماما من فوزها.
“هذه خاصيتي المميزة.”
عند إشارة البدء، اختفت جيسيكا في ظلها، كانت سريعة للغاية.
ترددت سويون فهي لم تكن قد حاولت الانتقال عبر الظل لمسافة طويلة من قبل.
أغمضت عينيهاو تذكرت يد مين سوك الدافئة عندما نقلها لأول مرة.
حاولت تقليد نفس الشعور.
انغمست في الظلام… لكنَّ شيئاً ما كان مختلفاً.
بدلاً من الظلام الأسود، رأت أضواء ملونة تتحرك كالنجوم. شعرت وكأنها تسبح في مجرة صغيرة.
وفجأة، وجدت نفسها… في المكان الخاطئ!
لم تكن على سطح البرج، بل في… مطبخ البرج! واقفة أمام ثلاجة ضخمة مفتوحة وطاهٍ سمين يحدق فيها مذعوراً وهو يحمل سكيناً.
“آسفة! ضعت الطريق!”
قالت سويون وهي تختفي مرة أخرى.
حاولت التركيز هذه المرة.
فكرت في السطح: الهواء البارد، منظر المدينة…
ظهرت على السطح، لكن جيسيكا كانت قد عادت بالفعل!
عندما عادت سويون إلى الصالة، كانت جيسيكا تنتظرها بذراعين متقاطعتين وابتسامة منتصر.
“متفوقة تقنياً.”
ليعلن القائد سونغ الفائز بعدها :
“جيسيكا تفوز بالجولة الثانية.”
الجولة الثالثة:
“الجولة الثالثة…”
قال الكابتن سونغ وهو يبتسم.
“… هي طبخ الرامن باستخدام الظل!”
…… ساد صمت.
“ماذا؟!”
قالت جيسيكا وسويون في آن واحد.
“نعم! المطلوب: استخدام الظل لتقطيع الخضار، غلي الماء، وتحضير طبق رامن صالح للأكل مع الجودة والسرعة!”
ضحكت سويون فجأة.
“هذه… هذه أفضل جولة في التاريخ!”
جيسيكا بدت مرتعشة.
“لكن… الظل لا يلمس المواد العادية! إنه قوة بُعدية!”
“يجب أن تجدي طريقة.”
أجاب القائد سونغ.
بدأت جيسيكا بالطبخ محاولة استخدام الظل كسكاكين، لكن الخضروات كانت تنزلق. حاولت مرة أخرى استخدامه لإشعال النار، لكن اللهب كان أسودا وباردا.
وبعد عشر دقائق تقريبا، كان لديها وعاء من الماء الأسود الداكن مع خضروات مشوهة تطفو فيه.
“غير صالح للأكل.”
وهذا كان حكم القائد سونغ.
والآن حان دور سويون.
ألقت نظرة على المكونات: معكرونة الرامن، حساء، خضروات، بيض. ثم قامت بالنظر لظلها.
تذكرت كيف جعلت ظلها يلمع بالألوان، مع تذكرها لدفء القلادة.
همست قائلة :
“حسناً يا ظلي…..لنطبخ معاً.”
لم تحاول استخدام الظل كأداة، بل بدلاً من ذلك، قامت بتغليف كل شيء بالظل.
أصبحت السكاكين مطلية بالظل مع الوعاء، وحتى يدها. وعندما بدأت بالتحضير، كان كل حركة تخلق أثراً من الظل الملون.
قطع الخضار بسرعة ودقة.
غلي الماء الذي بدأ ينبعث منه البخار الأرجواني الخفيف. وعندما قدمت الطبق أخيراً، كان الرامن يبدو عادياً… لكن البخار المتصاعد منه كان يرسم أشكالاً صغيرة في الهواء: أرانب، زهور، و حتى وجهاً مبتسماً.
المتفرجون كانوا مذهولين.
وجيسيكا…… كانت شاحبة.
“هذا غش!”
“لا، هذا إبداع.”
قال صوت هادئ من الخلف.
كان مين سوك من تقدم، أخذا وعاء الرامن، ليناوله بحذر… ثم اوب…. أكل لقمة.
كل الأنظار كانت عليه.
ابتسم. ابتسامة حقيقية صغيرة.
“لذيذ.”
انفجرت الصالة بالتصفيق.
“سويون تفوز بالجولة الثالثة وبالتحدي كاملاً!”
أعلن الكابتن سونغ.
بعد انصراف الجميع، اقتربت جيسيكا من سويون، و عيناها تلمعان بالدموع والإحباط.
“لماذا… لماذا ظلك مختلف؟”
نظرت سويون إلى قلادتها.
“لأنني لا أحاول السيطرة على الظل، أدعوه ليلعب معي.”
غادرت جيسيكا وهي تحاول إخفاء بكائها.
بقي مين سوك وسويون في الصالة الفارغة.
“كانت جيسيكا تبكي.”
قالت سويون بصوت منخفض.
“هذا جيد لها.”
قال مين سوك.
“لأول مرة تتعلم أن الظل ليس للسيطرة فقط.”
“وشعرت بشيء غريب… عندما طبخت، كان الظل… سعيداً.”
“الظل يعكس قلب حامله.”
قال مين سوك وهو يقترب منها.
“وظلك… مليء بالألوان.”
سويون نظرت إليه.
“وظلك؟”
صمت للحظة واكمل قائلا :
“ظلي… كان ملوناً مرة واحدة.”
“متى؟”
“عندما كنت طفلاً، قبل أن… أعرف الكثير.”
سويون أرادت أن تسأل أكثر، لكن القائد سونغ كان قد عاد.
“مين سوك، هناك رسالة عاجلة من إسبانيا.”
أخذ مين سوك الجهاز اللوحي، وقرأ الرسالة بتمعن.
تعابير وجهه أصبحت جادة.
“مشكلة؟”
سألت سويون.
“عائلة فونسيجا، يريدون مقابلتنا.”
“لماذا؟”
“يدَّعون أننا… سرقنا شيئاً منهم.”
نظر إليها.
“قلادة.”
لتلمس سويون قلادتها.
“قلادتي؟ لكنها لي!”
“هم يدعون أن جميع قلادات العائلات ملك لهم، وأننا… لسنا أهلاً لها.”
ضحكت سويون.
“يعني بدلا من أن نذهب لهم هم يأتون إلينا؟”
“أسوأ من ذلك.”
قال مين سوك.
“هم قادمون إلى كوريا في الغد.”
“والمفترض ان نسلمهم القلادات؟”
“لا.”
أجاب مين سوك بعينين زرقاوين تلمعان بضوء بارد.
“المفترض ان نعلمهم درساً.”
إبتسمت سويون وقالت :
“الدرس يكون مع الرامن، صحيح ؟”
“لا ،الدرس يكون مع ظلك الملون.”
قال مين سوك.
“والليلة، سأدربك على شيء خاص.”
“أكثر خصوصية من الرامن الحار؟”
“أكثر.”
قال وهو يخرج من الصالة.
“تعالي معي للمكتبة.”
تبعته سويون وفي طريقها، التقطت وعاء الرامن الفائز.
“لعلاقتنا الغذائية.
” قالت وهي تسلمه له.
نظر مين سوك إلى الوعاء، ثم إلى سويون.
أخذ الوعاء… وأعطاها قطعة شوكولاتة من جيبه مقابله.
“مقايضة.”
قال بجدية.
سويون أخذت الشوكولاتة.
“أنت تعرف أنني أفوز في هذه المقايضة، صح؟”
“أعرف.”
قال وهو يدير ظهره.
“ولهذا أعطيتك إياها.”
وفي تلك الليلة في المكتبة السرية، بين الكتب القديمة والقلادات المتلألئة، بدأ مين سوك يُعلِّم سويون سراً من أسرار عائلة بارك: كيف تجعل الظل… يغني.
والأغنية الأولى التي تعلمتها كانت أغنية كورية قديمة… عن الحب الذي يختبئ في الظلال.
-_________________________________________-
فصل طويل حقااا 1145 كلمة.
أتمنى أن يكون الفصل في رضاكم.
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
أبلغوني ان كان هناك أخطاء املائية، أشياء غير لائقة، أشياء، لم تعجبكم، نصائح وشكرا.
يوما سعيدا وشكرا (。•ᴗ•。)♡.
Chapters
Comments
- 5 - تحدي الظل و الرامن منذ 3 ساعات
- 4 - قلادة وربما غيرة؟ منذ 6 ساعات
- 3 - ذكريات وهمسات منذ 6 ساعات
- 2 - ظل الاسطورة منذ يومين
- 1 - لقاء بمليون 2025-12-10
التعليقات لهذا الفصل " 5"
سويون: إبداع غير مسبوق. لكن…..سويون تفوز لابتكارها شيئاً جديداً.”
هون ما فهمت مين الي عم يحكي الحكم ولا سويون
وتتتت تخلي الظل يغني؟؟؟؟😭😂