بعد أسابيع من تحرير البرج الأمريكي، بدا العالم وكأنه يتنفس للمرة الأولى منذ عقود.
لم يكن سلاماً كاملاً فالقلوب ما زالت ترتجف بتردد، والأرواح تبحث عن ثبات، لكن الحقيقة لم تعد قابلة للإنكار لأنه ثمة نور جديد ينمو فوق جراح الأرض.
حول البوابة البلورية حيث كانت الأرض رماداً ارتفع مخيم صغير صار مع الأيام مدينة ولادة.
خيام خجولة أصبحت بيوتاً خشبية، وطرقات ترابية تشكّلت بين العشب، وحدائق صغيرة نبتت فيها نباتات هجينة تجمع بين تربة البشر وروح النور.
وكان اليوم يوماً للاحتفال ليس لأن تاريخاً معيناً حلّ بل لأن الإنسان نجا، والحرية وُلدت من جديد والقدر منحهم فرصة ثانية.
في المطبخ المشترك كانت سويون تحرّك قدراً عملاقاً من الرامن الحار يكفي لإطعام مائة شخص، حولها نساء المخيم يساعدن ويضحكن على إضافاتها الغريبة القادمة من زنزانات النور.
“هذا سيجعلنا نطير!”
ضحكت امرأة عجوز.
ردت سويون بضحكتها المجنونة:
“أو يجعلنا نرى ألواناً غير موجودة!”
على حافة الجبل جلس مين سوك وكايو يتأملان المدينة تحت قدميهما.
قال كايو:
“أمي تقول إن البوابة أصبحت مستقرة و لم تعد بحاجة لحارس.”
“وماذا يعني ذلك؟”
سأل مين سوك.
“يعني أنها ستعيش معنا اي بيننا.”
هز مين سوك رأسه ببطء.
“وهل يسعدك ذلك؟”
“نعم لكنه يخيفني أيضاً.”
“من ماذا تخاف؟”
“من أن أكون إنساناً، لطالما كنت مجرد ذاكرة والآن أن أكون جسداً، شيئاً محسوساً إنه لأمر غريب.”
ابتسم مين سوك ببطء واجابه :
“سأعلمك، فأنا خبير في أن أكون إنساناً بارداً وغير اجتماعي.”
قهقه كايوضحكة نادرة خرجت كضوء صغير:
“سويون غيّرت ذلك.”
“هي تغيّر الجميع.”
رد أخوه بهدوء.
أسفل الجبل كان إيريك يصلح باب مدرسة صغيرة، فالرجل الذي كان قائداً متجمداً صار الآن نجاراً صامتاً، والوجع في كتفيه كان هادئاً كأن الخشب يغفر له شيئاً من تاريخه.
قال مين سوك:
“التغيير ممكن.”
أجاب كايو:
“بل التغيير ضروري.”
***.
في خيمة الاتصالات كانت جيسكا تنظف دموعها وهي تحدق في صورة والدها على الشاشة.
كان بارك مين تشول جالساً في مكتبه الواسع لكنه لم يشبه الرجل المتكبر الذي عرفته يوماً؛ بدا و كأنه ضائع منذ زمن طويل ثم عاد أخيراً إلى نفسه.
قال بصوت منكسر:
“تبرعت بثمانين بالمئة من ثروتنا لصندوق إعادة الإعمار لم أعد أريد إرثاً يقوم على الدم.”
نظرت إليه مطولاًثم همست:
“تعال إلى هنا وانظر للناس بنفسك.”
تردد:
“هل سيقبلونني؟”
“سنبدأ بواحد.”
ابتسمت.
“ثم يتبعه الباقون.”
هز رأسه موافقاً:
“سآتي.”
***.
وعند الغروب، اشتعلت السهول نوراً و الحفلة بدأت.
موسيقى من آلات تقليدية اختلطت بأصوات آلات نور شفافة صنعتها ميا ولونا.
الألحان كانت تشبه الريح وهي تعبر بين عالمين.
البشر والنور يرقصون جنباً إلى جنب.
الأطفال يصنعون أشكال ضوء في الهواء ويصرخون يخمّنونها.
أمسكت سويون بيد مين سوك وسحبته نحو الدائرة:
“تعال! حتى الرياح الباردة تحتاج للرقص!”
“أنا لا أرقص.”
تذمّر.
“الليلة سترقص.”
وبين ضحكات الناس وتوهج النار، وجد نفسه يتحرك مع الإيقاع وكان يضحك.
لونا ركضت إلى هيوناي التي عادت أخيراً بجسد كامل واحتضنتها وكأن العالم كله عاد إلى توازنه.
سقطت دموع الأم سقطت ليست دموع حزن وإنما دموع فرح انتظر منذ اعوام.
وفي الليل عندما نام معظم المخيم، وجدت سويون مين سوك على قمة صخرة يحدق في نجوم تعبت من الحرب.
جلست قربه:
“أنت تفكر كثيراً.”
“أفكر في كم أن الأمر كان يستحق.”
سكتت قليلاً، ثم سألها:
“وماذا لنا الآن ؟”
ضحكت بهدوء واجابت :
“مكاننا حيث نريد أن يكون هنا أو في أي مكان، يمكننا فتح مطعم رامن، أو السفر، أو البقاء.”
“وماذا تريدين أنت؟”
همست:
“أريد أن أكون معك والباقي تفاصيل.”
نظر إليها وكأن الليل توقف ليتنفس.
قال بصوت رخيم:
“سويون انا أحبك.”
ابتسمت دون دهشة:
“وأنا أحبك.”
أضاف بصوت مرتعش:
“وهذه المرة لست خائفاً.”
ردت:
“لأنك تعلمت أن الحب قوة لا ضعف.”
ثم اقتربت منه، وكانت القبلة بسيطة لكنها أعمق من كل الكلمات
وفي مكان آخر:
جلس كايو قرب النار مع إيريك.
قال إيريك:
“هل تتساءل أحياناً ما الذي كان سيحدث لو لم نتغير؟”
“كل يوم.”
رد كايو.
“لكن الماضي صفحة انتهت والمستقبل ورقة بيضاء.”
“وماذا تريد أن تفعل؟”
“أريد أن أكتب تاريخنا الحقيقي، كتاب يعلّم الأطفال.”
ابتسم إيريك:
“سأساعدك.”
وعند الفجر وقفوا جميعاً على قمة الجبل من غيرهم بالطبع مين سوك، سويون، هيوناي، كايو، لونا، ميا، جيسكا، إيريك، ومتطوعون من المخيم.
تحتهم كانت المدينة تستيقظ ببطء، وفي الأفق أبراج العالم تتلألأ بلون جديد لون الشراكة لا السيطرة.
قالت هيوناي:
“اليوم يبدأ فصل جديد تذكروا السلام ليس غياب الصراع، بل القدرة على حله دون دم.”
قال مين سوك:
“سنخطئ لكننا سنتعلم.”
نظرت سويون إلى الشمس الصاعدة:
“إنها جميلة.”
ابتسم مين سوك:
“نعم.”
فردت وهي تنظر إليه:
“لا أنت الجميل.”
ضحك الجميع، حتى مين سوك ضحكة صافية، نادرة ومذهلة.
وفي تلك اللحظة، تحت سماء جديدة، أدركوا أن النهاية ليست نهاية بل بداية قصة سيتشاركها العالمان معاً.
-_____________________________________________-
فصل جد قصير بس جد لطيف 779 كلمة.
احم احم كيفكم بدي اقوللكم انو ذي مو النهاية مازال حوالي 3 أو اربع فصول اتهنوا.
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
اي استفسارات، أخطاء املائية، أشياء لم تعجبكم نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 31"