الضباب الأرجواني لم يخنقهم بل ملأ رؤوسهم بصور كانت مخبأة في دمائهم، كل راكب كان محبوساً في فيلم خاص من الذاكرة الموروثة.
مين سوك رأى طفل صغير بشعر فضي يلعب معه في حديقة القصر القديم و هيوناي تشاهدها بسعادة وتضحك ثم تأتي ظلال و تخطف الطفل الفضي بتصرخ هيوناي اما عنه هو، مين سوك الصغير كان يبكي ويحاول اللحاق بهم لكن قدميه الصغيرتين لا تستطيعان.
سويون رأت ليس ماضي عائلتها لأنها لم تكن من العائلات العشرين بل ماضي البشر العاديين مشاهد من قرى كاملة تُخدع لبناء الأبراج العملاقة، يخبرونهم أنها لحمايتهم لكنها في الحقيقة أقفاص طاقة لحبس الأصول المنسية، وجدتها العظيمة امرأة بسيطة تكتشف الحقيقة. ويتم محو ذاكرتها بواسطة صياد من فئة A.
جيسكا رأت والدها الشاب، طموحاً وبارعاً، يكتشف مخططات سرية في أرشيف عائلته مخططات لتحويل طاقة السجناء إلى سلع تجارية، يرفض في البداية لكن مع إغراء القوة والثروة ينتصر، أول عقد يوقعه، وصورة لـعين تلمع من داخل زنزانة تحدق فيه بتأنيب.
الطائرة كانت تهوي، لكن الزمن بدا متمدداً ثوانٍ شعرت كساعات.
لم يكن الارتطام عنيفاً كما يجب أن يكون فالضباب الأرجواني خفف الصدمة و كأنه أرادهم أحياء ليشهدوا ما سيحدث.
استيقظوا واحداً تلو الآخر.
الطائرة محطمة، لكنهم جميعاً على قيد الحياة حتى الطفل كان معهم جالساً على صخرة ينظر إلى البحر.
المدينة النورانية كانت لا تزال تطفو في الأفق، لكنها الآن تطلق أشعة إلى السماء، كل شعاع كان يضرب برجاً عملاقاً في مكان ما في العالم.
“ماذا تفعل؟”
سأل وو لونغ وهو يحاول النهوض.
“أطلق سراح إخوتي.”
أجاب الطفل.
“واحداً تلو الآخر.”
“لكنك قلت أنهم قد يدمرون كل شيء!”
“قلت قد لكن هناك احتمال آخر وهو أن يتذكروا من كانوا قبل السجن.”
اقترب مين سوك من أخيه.
“كيف نساعدهم على التذكر بدلاً من الغضب؟”
نظر الطفل إليه.
“دمك و دمنا، الدم المشترك يحمل الذاكرة الأصلية.”
“وماذا أفعل به؟”
“اذهب إلى أقرب برج وأدخل إلى القلب وأعطِ دمك للنور المحبوس هناك.”
“لأن البعض منا يفضل عالم الأكاذيب على عالم الحقيقة المؤلمة.”
غادروا، كلٌ في اتجاه حتى بقي مين سوك، سويون، جيسكا، والطفل فقط.
“أقرب برج…”
نظرت جيسكا إلى جهازها المحطم جزئياً.
“اليابان.”
“ماهي الطريقة للوصول؟”
سألت سويون.
رفع الطفل يده و من البحر خرجت مركبة غريبة ليست معدنية بل من ماء متماسك ونور.
“وسيلة نقل يا إخوتي ستأخذكم.”
كانت المركبة تسير تحت الماء، لكن الجدران كانت شفافة بحيث رأوا عالم المحيط يتغير، الأسماك كانت تطوِّر ألواناً براقة جديدة الشعاب المرجانية كانت تتوهج، الحياة كلها كانت تستجيب للضوء الأرجواني.
“كل شيء حي يتذكر أصله.”
همس الطفل.
“والبشر؟”
سألت جيسكا.
“البشر أكثر تعقيداً، لأنهم بنوا هوية على النسيان.”
جلست سويون بجانب مين سوك.
“ماذا لو لم ينجح؟”
“ثم نحاول مرة أخرى.”
“وإذا استمر الفشل؟”
“نستمر في المحاولة.”
نظر إلى أخيه.
“لأن هذه المرة نحن نعرف الحقيقة، وهذه المعرفة هي مسؤوليتنا.”
***.
داخل البرج الياباني العملاق – طوكيو:
المشهد كان عبارة عن فوضى أنوار متقطعة، صفارات إنذار، وناس يجرون في كل اتجاه، لكنهم لم يكونوا يهربون من شيء بل إلى شيء.
“انظروا.”
أشارت جيسكا.
في القاعة المركزية، كان الناس يجتمعون حول نواة الطاقة لكنهم لم يكونوا خائفين كانوا ينظرون وكأن شيئاً داخل النواة كان يتحدث إليهم.
دخلوا لكنّ الحراس حاولوا إيقافهم، لمس الطفل جبهاتهم ليتوقفوا، وعيونهم أخذت تلمع بلون أرجواني خفيف.
“إنه يعيد اتصالهم.”
فهم مين سوك.
“بذاكرة كان يجب أن تورث لكنها قطعت.”
وصلوا إلى غرفة القلب التي كانت مليئة بالصيادين اليابانيين من الفئة A و S، جميعهم في حالة تشبه الغيبوبة واقفين في دائرة، وأعينهم مغلقة.
في المركز كانت كريستالة عملاقة تنبض بضوء مكتوم.
“هنا.”
قال الطفل.
“هنا حبسوا أختي.”
“أختك؟”
“نعم، كل برج يحبس أحد أفراد عائلتنا كبطاريات و مصدر طاقة للأبراج نفسها.”
تقدم مين سوك وسأل :
“ماذا أفعل؟”
“افتح ذراعك ودع دمك يلمس الكريستالة.”
فعل ماقيل له.
قطرة الدم الزرقاء سقطت على الكريستالة.
و انفجار من الضوء ساد المكان.
امتلأت الغرفة بأكملها بالصور.
صور لامرأة من النور، جميلة بشكل لا يوصف، محبوسة في الكريستالة.
صيادون يابانيون عبر العصور، يتحدثون معها و يطلبون نصيحة او حكمة، بعضهم يقع في حبها، وآخرون يستغلون طاقتها.
ثم نظرت المرأة مباشرة إلى مين سوك. وابتسمت.
“أخي الصغير لقد كبرت.”
“أنت….”
“أنا ميا وكان يجب أن أكون خالتك.”
تشققت الكريستالة وخرجت المرأة لكنها لم تكن غاضبة بل كانت حزينة.
الصيادون اليابانيون في الغرفة استيقظوا من غيبوبتهم، واحد منهم، رجل عجوز، سقط على ركبتيه.
“سامحيني……..سامحينا……”
ميا لمسته.
“لم تصنعوا السجن بل ورثتموه والآن يمكنكم اختيار عدم تمريره.”
توقف البرج بأكمله عن الاهتزاز، عادت الأنوار ولكن بلون أبيض نقي ليس الأصفر الصناعي المعتاد.
“برج واحد حر.”
قال الطفل.
لكن من النافذة، رأوا أبراجاً أخرى في أنحاء العالم كانت لا تزال تطلق أعمدة من ضوء غير مستقر.
“البقية…. ”
همست سويون.
“يجب أن نحررهم جميعاً.”
قال مين سوك.
“ولكن الوقت…”
بدأت جيسكا.
“ليس الوقت هو المشكلة.”
قالت ميا.
“المشكلة هي الذين يريدون الإبقاء على السجن. “
وفي شاشات المراقبة ظهرت صور من حول العالم لصيادون من بعض العائلات يقاتلون لمنع التحرير.
لحكومات تطلق صواريخ على المدن النور آنية، ولبشر عاديين ينقسمون بعضهم يريد الحقيقة، وبعضهم يخاف منها.
“الحرب لن تكون بيننا وبين البشر.”
فهم مين سوك.
“ستكون بين البشر أنفسهم، بين من يريدون التذكر ومن يريدون النسيان.”
وميا أضافت:
“ولكن هناك أمل لأن نور الحقيقة معدي ومن يلمسه نادراً ما يريد العودة إلى الظلام.”
وكان السؤال الذي بقي معلقاً هو كم عدد البشر الذين سيختارون الظلام فقط لأنه مألوف؟
والطفل نظر إلى أخيه. وقال :
“الآن فهمت لماذا أمنا أخفتني لأنها عرفت أن الحقيقة يجب أن تقدم بلطف، وليس كل العالم……رحيماً.”
-_____________________________________________-
فصل كيوت 977 كلمة.
شكرا لقراءة الفصل.
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
اي استفسارات، أخطاء املائية، أشياء لم تعجبكم نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 27"