عاد إلى غرفة المعيشة و جلس على الأريكة، مغمضا عينيه.
‘لو كنتُ أريد إخفاء كاميرا أين سأضعها؟’
فتح عينيه و نظر إلى الساعة الجدارية القديمة.
كانت تتحرك بصمت، شكلها كان تقليدياً يابانياً، خشب كرز، زخارف ذهبية.
وقف، وفتح الزجاج الأمامي للساعة.
وراء العقارب كانت هناك عدسة صغيرة.
نزعها بحذر، فالكاميرا كانت بحجم ظفر، متصلة بأسلاك دقيقة تتسلل عبر الحائط.
تبع الأسلاك.
حيث قادته إلى جهاز تخزين مخبأ داخل الجدار نفسه، صندوق أسود صغير بارد الملمس.
أخرجه و وصله بهاتفه المحمول المحمي.
الشاشة أظهرت مجلدات و تواريخ، وآخر ملف كان بتاريخ ليلة مقتل يامي.
توقف.
تنفس.
وضغط.
^الفيديو:
المشهد من زاوية عالية في غرفة المعيشة نفسها، يامي جالس على الأريكة، يرتدي كيمونو المنزل، يشرب شاي أخضر.
يبدو هادئاً.
يفتح الباب ليدخل المسمى كلاوس من دون أي دعوة.
لا يبدوا على يامي التفاجئ فيبدو انه أعتاد على ذلك ليقول :
“لقد تأخرت.”
“كان هناك مراقبة إضافية في البرج.”
جلس كلاوس مقابلاً له.
“قررت أن آتي بنفسي.”
“خطر.”
“مثل كل شيء ذو قيمة.”
نظر كلاوس حوله.
“ما زلت تعيش كراهب.”
“البساطة توضح الذهن.”
صمت ثم قال يامي:
“الطلاب مستعدون؟”
“نعم الأجهزة مزروعة وسيتم تفعيلها غداً خلال الاختبار.”
“و هل أنت متأكد أن هذا ضروري؟”
ضحك كلاوس وقال :
“أنت تسأل هذا الآن؟ بعد كل ما فعلناه؟”
“أنا أسأل لأنني أندم.”
الكلمة علقت في الهواء.
“ندم؟”
بدا كلاوس مستمتعاً.
“الندم لن يعيد الطلاب الذين أجريت عليهم التجارب الأولى ولن يمحو السنوات التي فيها عملت معنا.”
“أعلم.”
رفع يامي رأسه و عيناه كانتا تحملان ثقلاً لا يحتمل.
“ولكن ربما يمكنني منع المزيد.”
“كيف؟”
“بالموت.”
صمت أطول.
“اشرح.”
“إذا مت بطريقة تجعلكم تبدون كالمذنبين فسيطارد الفريق منظمة ‘الاندماج’ بدلاً من البحث عن الحقيقة الأكبر.”
“وتضحّي بنفسك؟ نبيل.”
“ليس نبلاً إنه هروب.”
شرب يامي آخر رشفة من الشاي.
“أنا عجوز كلاوس، لقد تعبت من حمل الأسرار، أسرار لا يجب أن يعرفها الصيادون الشباب.”
“مثل حقيقة أن الزنازين….. ؟”
“لا!”
قطع يامي كلامه بحدة. “
لا تذكرها حتى هنا.”
نظر كلاوس إليه، ثم أومأ.
“حسناً، إذن ما هي خطتك؟”
“غداً، خلال الاختبار ستطلق الأجهزة النانوية، وسأجعلها تبدو كأنها هجوم علي وسأموت وأجعل موتي يحميهم من البحث أبعد من ذلك.”
“وستدعهم يعتقدون أنني الشرير الوحيد.”
“أنت لست شريراً، كلاوس أنت محق في جزء من رؤيتك، فقط أساليبك…”
“غير أخلاقية، نعم نعم.”
وقف.
“حسناً سألعب دور الشرير، لكن اعلم هذا. عندما يكتشفون الحقيقة التي سيكتشفونها يومًا ما سيكون غضبهم عليك أكبر بكثير مما هو عليّ.”
“أعلم.”
“أي كلمات أخيرة لأصدقائك؟”
توقف يامي نظر مباشرة نحو الكاميرا كأنه كان يعلم أنها هناك طوال الوقت.
“إذا كان مين سوك أو سويون يشاهدان هذا اعذراني، واقبلوا أن بعض الحقائق تُقتل أحيانًا بدفنها مع الموتى.”
كلاوس خرج كلاوس و بقي يامي وحده.
جلس لدقائق طويلة ثم وقف و اقترب من الكاميرا ليملأ وجهه الشاشة ليقول :
“الحقيقة التي أخفيها ستظهر يومًا ما وعندها، أتمنى أن يكون قد مضى وقت كافٍ لتكونوا أقوى، أقوى من أن تنكسر قلوبكم وأقوى من أن تكرهوني.”
أطفأ الكاميرا.^
وهنا ينتهي تسجيل الكاميرا.
والآن و في شقة يامي الفارغة.
مين سوك جلس على الأرض، الهاتف على ركبته، والشاشة سوداء.
لم يكن غاضبا ولا حزيناً.
كان فارغا.
الخيانة كانت حقيقية، ولكنها لم تكن خيانة من أجل السلطة أو المال، كانت خيانة من حب مسموم.
يامي كذب عليهم ليحميهم.
كذب ليبعدهم عن حقيقة ما زال مين سوك لا يعرفها.
لكن السؤال الأكبر يكمن في ما هي تلك الحقيقة التي تستحق كل هذا؟
فتح الباب.
سويون وقفت في المدخل، شعرها الأسود مبلل بالمطر، وعيناها الرماديتان واسعتان.
“وجدتك.”
همست.
“كيف؟”
“الخيط الفضي.”
أشارت إلى معصمها.
“كان يؤلمني، عرفت أنك تتألم.”
جلست بجانبه ورأت الهاتف و الشاشة السوداء، لتعرف ماحدث .
“شاهدته؟”
“نعم.”
“وهل……. هل كان صحيحاً؟”
“نعم.”
صمت حل المكان لتكسره سويون بقولها :
“ماذا الآن؟”
“الآن…”
نظر إليها.
“الآن أدركت شيئاً.”
“ماذا؟”
“أن يامي كان جباناً وكلاوس يقول الحقيقة. هناك شيء أكبر شيء يجعل خيانة يامي تبدو معقولة.”
“وما هو هذا الشيء؟”
“لا أعرف.”
وقف.
“ولكنني سأعرف.”
“سنعرف.”
صححت كلامه.
نظر إليها ورأى القوة في عينيها.
القوة التي لم تكن خائفة من الحقيقة، مهما كانت قبيحة.
“سويون هناك شيء أريد قوله.”
“ماذا؟”
“أنني… أخاف.”
الكلمة خرجت بصعوبة، كأنها كانت محشورة في مكان عميق لسنوات.
“أخاف من أن الحقيقة ستجعلني أكره كل شيء بنيته، أخاف من أن اكتشف أن والديّ ماتوا من أجل شيء لا يستحق، أخاف من أن أحبك أكثر من اللازم، ثم أكتشف أن هذا أيضاً جزء من الكذبة.”
أمسكت سويون بيده كانت دافئة، صلبة، و حقيقية.
“ثم دعنا نخاف معاً، لأنني أخاف أيضاً، أخاف من أن تفقد ذلك البرود الذي يجعلك أنت، أخاف من أن تصبح مثل الآخرين، وأخاف من أن هذا الخيط بيننا سينقطع يومًا ما.”
“ولكننا سنواجهه معاً.”
“نعم.”
ابتسمت.
“معاً.”
وفي تلك اللحظة و من نافذة الشقة، رأوا سيارة سوداء تتوقف في الشارع. ومنها نزل ثلاثة رجال يرتدون بزات سوداء، يتحركون بتناغم مريب.
“مراقبو ‘الاندماج’.”
همس مين سوك.
“أو شخص آخر.”
رجال نظروا مباشرة إلى نافذة شقة يامي ، ثم أشاروا نحو المبنى.
“يبدو أننا لسنا الوحيدين الذين يبحثون عن الحقيقة.”
قالت سويون.
“هذا جيد.”
قال مين سوك، وعيناه الزرقاوان تلمعان بضوء جديد ليس ضوء الغضب، بل ضوء القرار.
“لأنني سئمت من البحث في الماضي، حان الوقت لتجدنا الحقيقة.”
أمسك بيد سويون.
“هل أنت مستعدة لمواجهة شيء قد يكسرنا؟”
“أنا مستعدة لمواجهة أي شيء طالما أنت بجانبي.”
والخيط الفضي بين معصميهما توهج ليس بلون الفضة المعتاد، بل بلون الذهب الخفيف وكأنه كان يقول:
*الاختبار الحقيقي يبدأ الآن.*
وفي الخارج، صعد الرجال الثلاثة إلى المبنى، حاملين معهم أسراراً قد تقلب كل ما عرفه الصيادون عن عالمهم رأساً على عقب.
-_____________________________________________-
فصل طويل قليلا 1081 كلمة.
احس اني زودتها دراما صح مو المفروض تكون قصة كوميديا جواب ذا السؤال الله اعلم،
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
اي استفسارات، أخطاء املائية، أشياء لم تعجبكم نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 23"