كان المعهد الدولي لحراس البوابة يعج بالحياة، طلاب من عشرين دولة يتدربون في ساحات القتال، يدرسون في المكتبات، ويتعلمون لغات جديدة من العالم البلوري، لكن و بين كل هذا النشاط، كان هناك هدوء غريب يلف شخصاً واحداً.
الراعية سوهو، امرأة نقابة قلب الوحش، كانت تجلس تحت الشجرة العملاقة في حديقة المعهد.
كانت تلمس لحاء الشجرة بلطف، كما تلمس وجه طفل نائم.
حولها، حيوانات المعهد الأليفة تجمعت في صمت غير معتاد.
رأتها سويون من نافذة مكتبها، شيء ما كان مختلفاً.
فمشيت نحوها.
“سيدتي سوهو؟ هل كل شيء بخير؟”
التفتت إليها المرأة بعيونها الذهبية.
كانت تبتسم، لكن ابتسامتها كانت تحمل حزناً عميقاً.
“آه سويون تعالي اجلسي معي.”
جلست سويون بجانبها على العشب.
وإذ بإحدى الغزلان الصغيرة جاءت و وضعت رأسها على حجر سوهو.
“هذه الشجرة.”
قالت سوهو بصوتها الناعم الذي يشبه حفيف الأوراق.
“زرعتها بنفسي قبل عشرين سنة، كنت أصغر منك وأكثر حماساً.”
“إنها جميلة.”
“وهي مريضة.”
قالت الكلمات بهدوء، لكنها سقطت كالصخور في بركة هادئة.
نظرت سويون إلى الشجرة.
و حقاً، على أحد أغصانها، كانت الأوراق تتحول إلى اللون البني.
“لا تقلقي، لسنا نتحدث عن الشجرة.”
ضحكت سوهو.
“نتحدث عني.”
الصمت.
“لقد عرفت منذ سنوات…. أنني مصابة بمرض في الدم وهو وراثي.،ان جسدي يرفض الحياة.”
“لكنك تقاتلين بقوة!”
“أقاتل ولكن لكل قتال نهاية.”
نظرت إلى سويون.
“وعندما يحين الوقت، يجب أن نعرف متى نستسلم بكرامة.”
***
وفي الأسبوع التالي :
بدأت سوهو تضعف لكنها رفضت البقاء في المستشفى.
“أريد أن أكون مع أطفالي.”
قالت وهي تعني الحيوانات والنباتات في حديقة المعهد.
المفاجأة كانت تكمن في مجيء كل حيوان من حديقة نقابة قلب الوحش لزيارتها.
ذئاب، غزلان، طيور، حتى الديدان الصغيرة جميعهم جاءوا، وكانوا يجلسون حولها في صمت كامل كما لو كانوا في مراسم مهمة.
جاء مين سوك أيضاً.
لم يقل شيئاً، فقط جلس معها في صمت لساعات.
“أنت تعرف،”
قالت له في أحد الأيام،
“والدتك قابلتها مرة.”
رفع رأسه.
“قبل أن تدخل البوابة، جاءت إلى حديقتنا وقالت لي: إذا لم أعد، اعتنِ بابني من بعيد، فوعدتها.”
“لماذا لم تخبريني؟”
“لأنها طلبت مني أن أخبرك فقط عندما أحتاج أن أذهب أنا أيضاً.”
ابتسمت.
“وهذا الوقت الآن.”
أمسكت بيده.
“أنت كنت مثل ولد لي، كل الحيوانات كانت أولادي وأنتم جميعاً…….جعلتموني فخورة.”
***.
وبعد ذلك اليوم بقليل.
جمعت سوهو الجميع في الحديقة.
لم يكن هناك أطباء و لا معدات طبية، فقط الفريق، والحيوانات والشجرة العملاقة.
“أريد أن أخبركم بقصة.”
قالت بصوت ضعيف لكن واضح.
“قصة عن طفلة صغيرة كانت تخاف من العالم، فالتقت بشجرة وعلمتها أن الحب يتحدث بلغة لا تحتاج كلمات.”
<كانت الفتاة في السابعة، عندما هربت من منزلها لأن والديها كانا يتشاجران، ركضت و ركضت حتى وصلت إلى غابة، غجلست تحت شجرة عجوز تبكي، وفجأة سقطت تفاحة على رأسها.
نظرت للأعلى وعلى الشجرة، كان هناك سنجاب يضحك منها. >
“بدأت أضحك.”
قالت سوهو.
“وبين دموعي وضحكي، فهمت ان العالم لا يريد إيذائي، إنه فقط لا يعرف كيف يقول مرحباً بطريقة نعرفها.”
<منذ ذلك اليوم، بدأت تتعلم لغة الطبيعة و كيف تقرأ حزن الشجرة من لون أوراقها، كيف تفهم فرح الغزال من طريقة قفزه.>
“والآن،”
قالت وهي تنظر إلى الجميع.
“أعلم أنني ذاهبة إلى مكان أستطيع فيه التحدث إلى كل الأشجار، وكل الحيوانات، بدون كلمات.”
كانت سويون تبكي بصمت.
حتى مين سوك، عيناه كانتا رطبتين.
“لا تبكوا.”
قالت سوهو.
“لأنني سأكون في كل مكان، في نسيم يلمس وجوهكم، في شجرة تنمو في حديقتكم، في غزال يمر بجانبكم وهو ينظر إليكم كما يعرفكم.”
الحيوانات بدأت تغني، ليس كبشر، بل كهمسات، كحفيف أوراق، كأصوات طيور منسجمة.
وأثناء الغناء، كانت سوهو تتغير شعرها الطويل بدأ يتحول إلى أوراق خضراء.
أصابعها أصبحت كأغصان صغيرة.
وعيناها الذهبية أصبحتا كالشمس تخترق ظلال الغابة.
“شكراً…”
همست.
“لأنكم جعلتم رحلتي جميلة.”
ثم اوب….. اختفت.
ليس كموت، بل كتحول.
جسدها تحول إلى ضوء ذهبيوارتفع، ثم نزل على الشجرة العملاقة.
والشجرة أزهرت.
أزهار ذهبية لم يرها أحد من قبل، تتساقط كدموع السماء.
وعلى جذع الشجرة، ظهرت كلمات:
*هنا ترقد سوهو، التي علمتنا أن القلب ينبض في كل كائن، أرواحكم تظل، وظليلي يستمر.*
***.
بدلاً من إقامة جنازة، قرروا إقامة مهرجان.
كل شخص جاء وقص قصة عن سوهو:
يونغ-هيون قال كيف علمته أن القوة الحقيقية هي الرقة.
جيسكا قالت كيف سوهو كانت أول شخص قبلها كما هي بدون أحكام.
تاي-و شرح كيف جعلته يفهم أن التكنولوجيا ليست بديلاً عن الحياة.
شادو اممم…….. ظهر فجأة ووضع وردة ذهبية على الشجرة، ثم اختفى.
يامي أتى من اليابان خصيصاً، وأهدى قصيدة باليابانية عن امرأة تحدثت مع الرياح.
وسويون وقفت تحت الشجرة وأخيراً انفجرت بالبكاء، بكاء شديد، حار، من أعماق قلبها.
مين سوك احتواها، ودون كلمات. سمح لها بأن تفرغ كل ما بداخلها.
“لماذا… لماذا الأشخاص الطيبون يذهبون؟”
هتفت بين دموعها.
“لأنهم يعلموننا كيف نحب الحياة أكثر.”
أجاب بهدوء.
“وكيف نقدر كل لحظة.”
وفي تلك الليلة، حدث شيء سحري.
كل حيوان في كوريا، في كل غابة، كل حديقة، كل جبل…. توقف وتوجه نحو المعهد وبدأ بالغناء.
غناء عالمي، من ذئاب وطيور وأشجار ورياح.
أغنية وداع لامرأة علمتهم جميعاً معنى العائلة.
وكانت أجمل جنازة في التاريخ.
لأنها لم تكن نهاية بل تحولاً.
تحول امرأة إلى أسطورة.
وتحول حزن إلى ذكرى جميلة.
وتحول فريق… إلى عائلة حقيقية.
-_________________________________________-
فصل قصير لطيف 850 كلمة.
ما تعرفون من هي الراعية سوهو اصلا صح عرفتكم ماتركزون بالتفاصيل، ركزوا ركزوا، مدري لقيتها قتلتها. مين الي حيموت في الفصول الجاية؟، الله اعلم.
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
اي استفسارات، أخطاء املائية، أشياء لم تعجبكم نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 19"