كانت الشمس تغرب على سطح البرج العملاق، مطلية السماء بلون برتقالي وردي، لكن في غرفة التدريب الخاصة في الطابق 180، كان هناك نوع مختلف من الألوان يتألق.
الخيط الفضي الذي يربط معصمي مين سوك وسويون كان يلمع بشدة على غير المعتاد ، كأنه نجم صغير قرر أن يعيش بينهم.
“لا يزال يدهشني.”
قالت سويون وهي ترفع يدها، الخيط يمتد إلى مين سوك الذي كان يجلس على بعد ثلاثة أمتار.
“كيف لشيء رفيع كهذا أن يكون قوياً؟”
نظر مين سوك إلى الخيط، عيناه الزرقاوان تدرسان بريقه.
“في فنون الظل، أرفع الأشياء الخفية هي الأقوى، الظل نفسه لا وزن له، لكنه يستطيع إسقاط جبل.”
“شاعري فجأة.”
ضحكت سويون.
“أتعلمين دائماً كيف تسخرين من لحظات الجد.”
“لأنها تصبح أقل إرهابا بهذه الطريقة.”
جلسا وجها لوجه على وسائد في الأرض، بينهما طاولة منخفضة عليها كوبان من الشاي المبخر.
الخيط كان يمتد فوق الطاولة، يشكل قوساً فضياً ناعماً.
“القائد سونغ يقول أن الخيط قد يكون أكثر من مجرد رابط.”
قال مين سوك ببطء، يداه تطوقان كوبه الدافئ.
“يقول أن نقابة ظل القمر لديها سجلات عن روابط مماثلة في الماضي، روابط سمحت للأزواج بتشارك ليس فقط المشاعر، بل الذكريات.”
أمالت سويون رأسها، شعرها الأسود ينساب على كتفها.
“الذكريات؟ مثلا يمكنني رؤية طفولتك؟”
“ربما، ويمكنني رؤية طفولتك.”
“طفولتي ليست مثيرة، فقط طفلة مجنونة تحب أفلام الرعب.”
“لكنها أنت، وأريد أن أعرف كل شيء عنك.”
نظرت إليه سويون متفاجئة وقالت :
“هذا كان رومانسياً.”
“كانت مجرد حقيقة.”
لكن أذنه اليسرى بدأت تتحول للون القرنفلي الخفيف.
“إذا كان بإمكاننا رؤية ذكريات بعضنا. ”
بدأت سويون تتحدث بحماس.
“فربما نستطيع فهم بعضنا أكثر، ولماذا أنت بارد مع الجميع، ولماذا أنا مجنونة، و…”
“هل أنت جادة؟”
“دائماً جادة بشأن الأشياء الممتعة.”
تنهد مين سوك، لكنه لم يكن منزعجاً.
في الحقيقة، كان فضوله العلمي قد أثار أيضاً.
“كيف نجرب؟”
“نمسك بالخيط معاً ونركز.”
أمسكا بالخيط الفضي بين أيديهما.
كان دافئاً، ونابضاً بنبض خفيف كقلب صغير.
“أغمضي عينيك.”
قال مين سوك.
“أنت أيضاً.”
أغمضوا أعينهم.
في البداية، لا شيء فقط الظلام ورائحة الشاي، ثم بدأ الدفء يزداد في الخيط، ليس حرارة، بل دفء عاطفي، كأنه شعور بالأمان، ثم بدأت الصور تأتي.
***
ردهة القصر القديم – قبل 20 سنة
كانت الردهة فسيحة، مبلطة بالرخام الأبيض الذي يعكس أضواء الثريات الكريستالية.
على الجدران، لوحات لجبال وبحار، وعلى الرفوف، تماثيل صغيرة لتنانين وظلال.
“واو.”
همست سويون، لكنها كانت داخل ذاكرة مين سوك، لذلك لم يسمعها أحد سواه.
كانا شاهدين غير مرئيين.
حيث رأوا طفلاً صغيراً يركض عبر الردهة.
كان مين سوك في السابعة، شعره الأشقر فاتح كالقش تحت الشمس، وعيناه الزرقاوان واسعتان ومليئتان بالمرح.
كان يرتدي هانبوك كوري أزرق صغير، ويحمل في يده فراشة من نور صنعها من الظل.
“ماما! انظري! صنعت فراشة!”
من طرف الردهة، خرجت هيوناي، كانت في أواخر العشرينيات من عمرها، جميلة بجمال هادئ، عيناها الزرقاوان بنفس عيني ابنها، لكن بهما عمق أكبر.
كانت ترتدي هانبوك أخضر مزيناً بنقوش فضية.
“رائعة، يا حبيبي!”
جلست على ركبتيها، و درست الفراشة بعناية.
“لكن انظر، الجناح الأيسر أضعف قليلاً، الظل يحتاج التوازن.”
الطفل مين سوك حدق في فراشته.
“كيف أصلحه؟”
“فكر في شيء سعيد، الظل يتغذى على العاطفة.”
فكر الطفل، ثم ابتسم.
“فكرت في الوقت الذي أخبرتني فيه بقصة التنين.”
الفراشة ازدادت لمعاناً، وجناحها أصبح متساوياً.
“ممتاز! أنت طبيعي موهوب.”
“مثل أبي؟”
هيوناي توقفت و ابتسامتها تلاشت قليلاً.
“نعم، مثل أبيك، هو كان أفضلنا جميعاً.”
“متى سيعود؟”
“قريباً، الآن، تعال حان وقت التدريب.”
رأت سويون كيف كانت هيوناي تتحدث مع ابنها بلطف وحكمة.
كيف علمته ليس فقط التحكم بالظل، بل أيضاً الأخلاق، الشرف و التواضع.
رأت كيف كان الطفل مين سوك سعيداً.
كيف كان يضحك، يركض، يحلم.
“لم أكن أعرف أنك كنت طفلاً بهذه البهجة.”
قالت سويون في فكرها.
“كنت كذلك.”
جاء رد مين سوك الداخلي، صوت في رأسها.
“قبل أن يأخذوا كل شيء.”
فجأة، تقلبت الذاكرة.
أصبحا الان في غرفة الدراسة،الليل قاتم، والمصابيح مطفأة، فقط ضوء القمر يدخل من النافذة.
كان مين سوك الطفل يختبئ في خزانة الكتب الكبيرة حيث كان…..يرتجف.
خارج الخزانة، أصوات معركة، صراخ، طلقات طاقة، صوت سيف يقطع الهواء.
“أبق هادئاً، يا حبيبي.”
كانت هيوناي معه في الخزانة، ذراعها حوله.
“لا تتحرك، لا تصدر صوتاً.”
“أبي…”
همس الطفل.
“أعلم.”
من خلال فجوة في الباب، رأى سويون ومين سوك الشاهدين ما كان يحدث.
بارك جونغ-هو، وهو رجل طويل القامة بشعر أشقر مثل ابنه، كان يقاتل خمسة رجال مقنعين، كان يحارب ببراعة مذهلة، ظله يتحرك ككائن حي، يصد الهجمات، يهاجم، يحمي.
“أعطنا سر الظل النقي، بارك!”
صاح أحد المهاجمين.
“لن تحصلوا عليه أبداً!”
رد جونغ-هو.
لكن الخصم كان لديه شيء غريب.
أداة تلمع باللون الأحمر، عندما وجهها نحو جونغ-هو تقلص ظله فجأة، كما لو كان يذوب.
“نابض الظل!”
صاحت هيوناي بصوت مكتوم.
“لقد صنعوا نابضاً!”
سقط جونغ-هو على ركبتيه.
“هيوناي! الطفل!”
“أعلم!”
خرجت هيوناي من الخزانة، لكنها لم تهاجم بدلاً من ذلك، ركضت نحو الجدار الخلفي، حيث كانت هناك لوحة جدارية لتنين، ضغطت على عيني التنين.
لينفتح جزء من الجدار، خلفه باب من بلور أزرق.
بدأ الباب يفتح، ضوء أزرق غمر الغرفة.
الرجال المقنعون توقفوا.
“ما هذا؟”
“هذا هو ما تريدونه.”
قالت هيوناي، صوتها هادئ لكنه يحمل قوة غير عادية.
“المصدر الحقيقي لقوة الظل، لكن احذروا فهو لا يحب اللصوص.”
من الباب، بدأت أشكال ظلية تخرج، لكنها لم تكن ظلالاً عادية، بل كانت كائنات نصف شفافة، تشبه البشر لكن بدون ملامح واضحة.
الرجال ألقوا أسلحتهم وهربوا.
لكن الأضرار كانت قد وقعت.
جونغ-هو كان على الأرض جريحاً بشدة.
“جونغ.”
همست هيوناي وهي تركض نحوه.
“هيوناي اعتنِ بمين سوك.”
“لا تتحدث هكذا! ستتعافى!”
لكن الدم كان كثيراً جداً، وعينا جونغ-هو كانتا تغلقان.
“أحبك.”
همس.
“وأحب ابننا اجعليه رجلاً أفضل مني.”
“أنت الأفضل.”
دموعها سقطت على وجهه.
“عديني بأن تحميه.”
“أعدك.”
اوب……. مات في حضنها بالطبع.
خرج مين سوك الطفل من الخزانة
. “ماما؟ أبي”
“تعال هنا، يا حبيبي.”
احتضنته.
“استمع إلي جيداً، يجب أن أذهب عبر هذا الباب.”
“لا! لا تتركيني!”
“سأعود. أعدك.”
لكن عيناها قالتا شيئاً آخر.،كانتا تقولان وداعاً اخيرا.
“لكن إذا لم أعد، تذكر دائماً أنني أحبك، وأبيك أحبك، وظلنا سيكون معك دائماً.”
أعطته المذكرات والقلادة الفضية.
“اقرأ هذا عندما تكبر، وعندما تشعر بالوحدة، المس هذه القلادة، سأشعر بك.”
دخلت البوابة البلورة ليغلق الباب من خلفها.
الطفل بقي وحيداً في الغرفة المظلمة، جسد أبيه بارد على الأرض، وهو يمسك بالقلادة والمذكرات، ولا يبكي فقد كان في صدمة.
***.
انفتحت أعينهما في نفس اللحظة.
كانا لا يزالان في غرفة التدريب، لكن الدموع كانت على وجنتي كل منهما.
سويون كانت تبكي بصمت، مين سوك كان شاحباً، لكن عينيه كانتا واضحتين لأول مرة.
“الآن أفهم.”
قال بصوت أجش.
“مين سوك…”
“لطالما ظننت أنها تركتني باختيارها، لكنها أنقذتني، ضحت بنفسها لأجل أبي أولاً، ثم لأجلي.”
“كانت بطلة.”
“وأنا…… وانا ظللت غاضباً منها كل هذه السنوات.”
تحركت سويون وجلست بجانبه، الخيط الفضي أصبح قصيراً الآن.
“لكنك الآن تعرف الحقيقة.”
“والحقيقة أخف من الكذبة التي كنت أحملها.”
سونغ دخل القائد سونغ الغرفة.
كان قد شاهد كل شيء من غرفة المراقبة.
“الخيط أكثر قوة مما توقعنا.”
قال.
“وإذا كان بإمكانه الوصول إلى ذكريات مين سوك فقد يستطيع الوصول إلى ذكريات آخرين، إلى ذكريات الحراس السابقين الذين عرفوا كل أسرار البوابة.”
نظر مين سوك إلى سويون.
“هل أنت مستعدة لرؤية المزيد؟ قد يكون هناك ذكريات أكثر إيلاماً.”
أمسكت سويون بيده ليتألق الخيط بينهما.
“أنا مستعدة لأي شيء طالما أننا معاً.”
وفي تلك اللحظة، الخيط تألق بقوة أكبر، وكأنه وافق على كلماتها……. وكأنه قال: <هذه هي البداية فقط.>
-_____________________________________________-
فصل طويل قليلا 1206 كلمة.
احم احم دراما كثيرة صح ولا يهمكم ان شاء الله تكون النهاية حزينة،.
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
اي استفسارات، أخطاء املائية، أشياء لم تعجبكم نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 18"