كانت الرحلة إلى القصر القديم على قمة الجبل أشبه بالدخول إلى حلم مظلم.
و مع كل منعطف في الطريق الجبلي، كانت السماء تصبح أكثر قتامة، والهواء يزداد برودة وثخانة.
الزنزانة السوداء العملاقة لم تكن مجرد فتحة في الواقع بل كانت شيئاً حياً يتنفس، ينبض بنمط منتظم كقلب عملاق.
في العربة العسكرية، كان الجو صامتاً بشكل غير معتاد. حتى سويون التي كانت عادةً ما تملأ الصمت بنكاتها المجنونة، جلست تنظر من النافذة بعيون جادة، إلى جانبها جيسكا حيث كانت تتفحَّص بيانات الزنزانة على جهازها اللوحي، وجهها شاحب تحت الضوء الأزرق للشاشة.
“درجة الطاقة تتجاوز أي شيء سجلناه.”
قالت أخيراً، و صوتها يحمل رجة خفيفة.
“إنها أقوى من الزنزانة الخماسية بعشر مرات على الأقل.”
مين سوك في المقعد الأمامي لم يلتفت.
كان ينظر إلى الطريق المتعرج كأنه يرى أشباح الماضي تتحرك بين الأشجار.
“القصر كان محمياً بطبقات من الظلال القديمة، لا شيء يستطيع الدخول بدون إذن.”
“إذن كيف فتحت الزنزانة داخله؟”
سأل تاي-و.
“لأنها لم تفتح بل أُطلقت من داخله.”
ساد صمت ثقيل العربة وعلقت معه الكلمات في الهواء البارد.
“ماذا تعني؟”
سألت سويون بهدوء.
“الزنزانة… كانت هناك دائماً، في الطابق السفلي من القصر. عائلتي كانت تحرسها منذ قرون.”
“تحرسها؟ لماذا؟”
“لأنها لم تكن عدوة. كانت……سجينة.”
وصلت العربة إلى بوابة القصر المتهالكة.
الحجر كان متشققاً، والنقوش القديمة باللغة الكورية التقليدية كانت بالكاد مقروءة.
كان الهواء ثقيلاً بطلاقة غريبة، رائحة تراب قديم وورق متعفن وأشياء أخرى لا يمكن التعرف عليها.
“انتظروا.”
قال مين سوك فجأة.
توقفوا جميعاً أمام البوابة.
على الأرض، كانت هناك سلسلة من آثار الأقدام تشير إلى الداخل، لكنها لم تكن أقدام بشرية ولا وحوش كانت أشبه بظلال متجسدة، تحتفظ بشكل الحذاء لكنها سوداء كالليل.
“ظلال تسير وحدها.”
همس شادو وهو يتراجع خطوة.
“ليست وحدها.”
قال مين سوك.
“هناك من يقودها.”
دخلوا القصر.
الداخل كان أسوأ من الخارج، الجدران كانت مغطاة بنقوش متحركة، مشاهد من ماضي عائلة بارك، طقوس، معارك، وأحداث غامضة تظهر ثم تختفي.
و في إحدى تلك المشاهد رأت سويون طفلاً صغيراً بملامح مين سوك يقف أمام باب حديدي كبير، والدته تمسك بيده.
“هذا أنت.”
قالت.
“نعم، كنت في السابعة كانت تلك آخر مرة رأيتها.”
المشهد تغير المشهد لتظهر امرأة جميلة بعيون حزينة وهي تغلق الباب الحديدي من الداخل، ثم…… اوب انفجار من الظلام ليختفي الباب .
“ماذا حدث؟”
سألت جيسكا.
“ذهبت إلى الداخل إلى الزنزانة، وقالت إنها يجب أن تبقى هناك لمنع شيء ما من الخروج.”
“وماذا كان هذا الشيء؟”
“لم تخبرني أبداً.”
ساروا عبر القاعات المهجورة وفي كل غرفة، كانت هناك بقايا حياة متوقفة، طاولة شاي لم تنته، كتاب مفتوح، ملابس معلقة كأن صاحبها سيعود في أي لحظة.
وصلوا إلى القاعة الرئيسية و وجدوا فيها الرجل الذي شاهدوه في الفيديو.
جالساً على عرش العائلة، يرتدي ملابس تقليدية بالية.
وجهه كان شاحباً، وعيونه مغلقتان، لكنه لم يكن ميتاً، صدره يرتفع وينخفض ببطء.
“من هو؟”
همس تاي-و.
“عمي. بارك مين-جو.”
تقدم مين سوك ببطء.
“لقد اختفى قبل عشرين سنة، اعتقدنا أنه مات.”
فتح الرجل عينيه، كانتا بيضاوين تماماً بدون بؤبؤ.
“أهلاً بك ابن أخي، لقد انتظرتك طويلاً.”
“ماذا فعلت هنا؟”
“حافظت على الوعد كما حافظت عليه والدتك.”
“أين هي؟”
“في الداخل. تنتظرك.”
قام ببطء.
“لكن أولاً، يجب أن تعرف الحقيقة، الحقيقة عن عائلتنا، وعن الزنازين.”
رفع يده، النقوش على الجدران بدأت تتحرك أسرع، مشكلة بذلك قصة :
القصة :
قبل 500 سنة، كانت هناك فجوة في الواقع.
كائنات من بعد آخر بدأت بالدخول، لكنهم لم يكونوا وحوشاً. كانوا… مسافرين ضائعين.
عائلة بارك، مع عائلات أخرى حول العالم، قررت مساعدتهم على العودة إلى ديارهم.
لكن شيء ما ذهب خطأ، البوابات لم تغلق تماماً. والمسافرون… تغيروا، أصبحوا الوحوش التي نعرفها اليوم.
الزنزانة تحت هذا القصر هي آخر البوابات الأصلية، والدتك دخلت إليها لمنعها من الانفتاح بالكامل، لكن القوة تزداد يوما بعد يوم والبوابة تريد أن تُفتح.
“لماذا الآن؟”
سألت سويون.
“لأن المفتاح الأخير هنا.”
نظر الرجل الأعمى إلى مين سوك.
“انه أنت، فدمك يحمل شفرة الإغلاق النهائي، أو……ربما الفتح الكامل.”
الاهتزازات زادت، والغرفة بدأت تهتز.
من تحت الأرض، سمعوا صوت طرق منتظم، كما لو أن شيئاً كبيراً يريد الخروج.
“إنها تستيقظ.”
قال الرجل.
“وإذا خرجت، فإن كل الزنازين في العالم ستنفتح في نفس الوقت، ستكون النهاية.”
“كيف نوقفها؟”
صاحت جيسكا.
“بخيار. إما ندمر البوابة ونقتل كل من بداخلها، بما في ذلك والدتك. أوندخل ونحاول إصلاح ما كسر قبل 500 سنة.”
نظر الجميع إلى مين سوك، عيناه الزرقاوان كانتا تلمعان في الظلام.
“كم من الوقت؟”
“ساعات قليلة فقط، و بعد ذلك ستنفتح البوابة ولن نستطيع إغلاقها.”
و في تلك اللحظة، انفتح باب خلف العرش.
ظهر منه ضوء أزرق بارد، ورائحة هواء نقي من مكان بعيد جداً.
“الطريق إلى الداخل.”
قال الرجل.
“من يدخل قد لا يعود أبداً.”
تقدم مين سوك.
“سأدخل.”
“أنا أيضاً.”
قالت سويون بسرعة.
“وأنتِ لا تعرفين ما هناك.”
“أعلم أنك هناك، وهذا يكفي.”
جيسكا تقدمت.
“أنا أيضاً.”
“لماذا؟”
سأل مين سوك.
“لأن والدي كان يعرف عن هذا، وكان خائفاً، أريد أن أعرف لماذا.”
شادو ويونغ-هيون وتاي-و تبادلوا النظرات بينهما ثم تقدموا جميعاً.
“نحن فريق.”
قال يونغ-هيون ببساطة.
الرجل الأعمى ابتسم.
“لقد اختارت أمك جيداً، لكن انتبهوا، فالداخل مختلف عن الخارج، القوانين تتغير والزمن ليس كما تعرفونه.”
امسك مين سوك بيد سويون وقال :
“مستعدة؟”
“دائماً.”
وخطوا معاً نحو الباب الهائل، نحو الظلام الذي كان ينتظر منذ 500 سنة، نحو اللقاء مع أم اختفت، وحقيقة قد تغير كل ما يعرفونه عن العالم.
-_____________________________________________-
فصل قصير 877 كلمة
وكانت معكم ✨ ℛ𝑜𝓈𝑒.
اي استفسارات، أخطاء املائية، أشياء لم تعجبكم نصائح يرجى ابلاغي بها وشكرا.
التعليقات لهذا الفصل " 14"