الألبوم الثامن لعبة الأعمال
بكلماتٍ تبدو راقية: إنها الاحتراق النفسي
وبكلماتٍ تبدو أقل: إنها وقت الحكيم
وبكلماتٍ أكثر ابتذالًا: إنها الصدمة الواقعية
أم أن وقت الحكيم والصدمة الواقعية لا يختلفان كثيرًا في النهاية؟
على أية حال، لقد درستُ من قبلُ سبب مجيء الصدمة الواقعية
فهو عدوٌّ لا مفرّ من مواجهته بعد خوض عدد لا يحصى من عمليات العودة.
سبب الصدمة الواقعية هو الهرمونات.
فالدوبامين، المسؤول عن دافع الإنسان وإحساسه بالإنجاز، حين يُفرَز بكثرة ينخفض بعدها إلى ما دون المتوسط، فيفقد المرء حماسه…
اللعنة، ما الذي أفعله؟
أبدو وكأنني أختلق الأعذار لنفسي.
لأقلها ببساطة: لقد أصابتني الصدمة الواقعية.
“…….”
لقد كان أمس فقط حين تركتُ Take Scene لأعلن أنني سأترسم مع فرقة ثلاثة أشهر ومئة يوم.
رئيس الشركة تشوي داي هو غضب، والمنتج كانغ سوكوو بدا مذهولًا.
لكن ماذا عساهما يفعلان؟
أنا من قررت ألا أستمر.
انتهى التصوير وسط أجواء مضطربة، وذهبنا لاحتساء الشراب في مزرعة الفطر التي يملكها والدا كو تاي هوان.
كان تشوي جاي سونغ، كونه قاصرًا، يكتفي برشف المشروبات الغازية، لكن الجو كان مرحًا.
أما أون سيمي رو فقد بكى، لم يكن يتوقع أنني سأتخذ هذا القرار.
يا له من شخص بائس.
تشوي جاي سونغ سخر من أون سيمي رو ونعته بـ”المخلص”، بينما إي أون انشغل بالتنظيف.
تبيّن أن عادة شربه هي التنظيف.
لم يتوقف عن تنظيف المنزل المنفصل الذي أفرغه لنا والدا كو تاي هوان كي لا نُقلق الآخرين.
ظننته موظف شركة تنظيف.
الوحيد الذي بقي متماسكًا كان كو تاي هوان.
مع أنه شرب كثيرًا على ما يبدو، إلا أن تحمّله للكحول جعله يراقبنا بلا أن يرف له جفن.
وعلمتُ لاحقًا أن هوايته هي مراقبة الناس.
قضينا وقتًا ممتعًا وافترقنا، وفي اليوم التالي…
جاءت لحظة الحكيم
لستُ نادمًا على اختياري.
حتى لو عُدتُ للحظة نفسها، لاتخذت القرار ذاته.
لكن بلا شك، لم يكن ذلك خيارًا مناسبًا لشخصٍ عائدٍ مثلي.
قد يتساءل البعض: ما دمتَ تعيش حيوات متكررة، فما الضير في أن تعيش مرةً كما يحلو لك؟
لكن الأمر ليس بتلك البساطة.
لقد جربت من قبل أن أعيش كما أشتهي لأخفف من ضغوطي.
كنتُ أفكر أن أنفق الأموال التي جنيتها في حياة من الحفلات على شاطئ كاليفورنيا.
لكن هذا يعني أنني تخلّيت عن احتمال بيع 200 مليون نسخة.
والتخلي يعني الاستسلام، والاستسلام يستدعي العودة.
هذا هو قانون عودتي.
صحيح أنه يمكنني إنكار حقيقة أنني استسلمتُ وأقاوم لبعض الوقت.
أسبوعًا، نصف شهر، أو حتى شهرًا كاملًا.
أقيم حفلات يومية، وأغرق في الشراب، ثم أتهاوى نومًا.
لكن لذلك أيضًا حدود.
ففي صباحٍ ما، وأنا أستيقظ وسط بقايا حفلة على يخت ضخم، ستخطر ببالي الفكرة
“لا وجود لجنّة تصل إليها بالهرب.”
لذا، كي أتمكّن من الاستمرار، عليّ أن أتمسك بالأمل الضعيف في بيع 200 مليون نسخة.
وحتى إن لم أفعل، فعليّ أن أظلّ أبحث عن شيءٍ ما أكسبه.
كما فعلتُ في هذه الحياة حين رغبتُ بخوض تجربة “آيدول كيبوب” تقليدية.
ذلك ليس استسلامًا، بل هو استعداد.
ومن هذا المنطلق، فإن وضع فرقة ثلاثة أشهر ومئة يوم الآن سلبي للغاية.
برنامج سيأتي لاحقًا يرفع شعار: “الفوز يعني الترسيم فورًا، والفشل يترك الخيار حرًا”.
أي إن الفوز يعني الترسيم مع ليون الترفيهية ، أما الخسارة فتتيح الحرية في الذهاب إلى أي مكان آخر.
لكن هل سيُطبّق هذا فعلًا؟
طالما البرنامج لم يفشل فشلًا ذريعًا، بل يحقق نسبة مشاهدة تقترب من 10%، فهذا مستحيل.
واحد من كل عشرة أشخاص في البلاد يعرف المشاركين، فهل ستسمح ليون الترفيهية بإطلاق سراحهم؟
المخطط، والإنتاج، وتكاليف التدريب… كلها دفعتها الشركة.
إطلاق سراحهم بهذا الشكل سيجعلهم مثار سخرية في الوسط.
إذن، من الآن سيبدأ الضغط على أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم.
المعنى: إن تركتم ليون الترفيهية ، فلن تتمكنوا من الترسيم في أي مكان آخر.
بل لن يكون لكم موطئ قدم في هذه الصناعة.
وهذا ليس مجرد تهديد.
تشوي داي هو يملك بالفعل مثل هذه القوة.
فقد حدث سابقًا أن وُضع فنانون في القائمة السوداء وحُظروا من الظهور لسنوات لأنهم أغضبوا شركات كبرى.
وفوق ذلك، نحن الآن في عداء مع M-Show أيضًا.
صحيح أن M-Show لم تتكبد خسائر مالية، بل على العكس، جنت أرباحًا هائلة بفضل ارتفاع نسب المشاهدة.
حتى أن شركات التوزيع الموسيقي للأغاني المتصدرة تعود إليهم.
لكن الأهم أن هيبتهم قد تضررت.
لقد وعدت M-Show أن تقدم هان سي أون كمنتجٍ فاخر مُغلف جيدًا وتُسلمه لـليون الترفيهية
لهذا كانوا يبالغون في تلميعه بالمونتاج ويوفرون له التسهيلات.
لكن فجأة، انسحب من المسار.
في مثل هذا الموقف، إن سكتوا فلن يكونوا أصحاب نفوذ حقيقي.
وأُرجّح أن M-Show كانت تتقاسم جزءًا من أرباح Take Scene.
وإلا فما الداعي لأن يخصصوا برنامجًا داخليًا للاختبارات؟
وبالتالي، انسحابي من Take Scene. يعني أنهم فقدوا مالًا كان يمكن أن يدخل جيوبهم.
والكبار يسمّون هذا خسارة
يَنسون تمامًا ما ربحوه بفضلي.
لذلك، سيبدأون الآن بفرض الهيبة عليّ وعلى ثلاثة أشهر ومئة يوم
بالنسبة إليّ: تهديد.
وبالنسبة لبقية الأعضاء: ضغط.
طبعًا لدي طرق للتعامل مع مثل هذا الوضع.
صحيح أنني لا أعرف المجتمع الكوري جيدًا، لكنني أفهم جيدًا منطق صناعة الترفيه.
ثمة وسائل كثيرة.
لكن السؤال: هل سيصدق أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم بذلك؟
الثقة بموهبتي الموسيقية شيء، والإيمان بأسلوب إدارتي للأعمال شيء آخر.
إي أون، أون سيمي رو، كو تاي هوان، تشوي جاي سونغ…
حتى الآن، كانوا أنقياء.
قلقوا عليّ، تمنوا ترسيمي، وتصرفوا وفق ذلك فقط.
لكن الآن حان وقت الموازنة.
فسيُقال لهم: إن مشيتم مع هان سي أون، فلن تحققوا حلم الآيدول أبدًا.
بل ربما يُستخدم التهديد بالأسرة في كفّة الميزان المقابلة لاسمي.
[ثلاثة أشهر ومئة يوم – إي أون (21): لدي موعد مع المنتج كيم دال إن مع والديّ.]
[ثلاثة أشهر ومئة يوم – كو تاي هوان (20): أما أنا فسيأتي المنتج كانغ سوكوو إلى متجرنا.]
[ثلاثة أشهر ومئة يوم – تشوي جاي سونغ (18): أنا أيضًا قالوا إن أحدهم سيأتي لكن لماذا من محطة البث؟ أليس من ليون الترفيهية ؟]
هذه كانت رسائل الدردشة الجماعية التي تبادلناها قبل أربع ساعات.
ربما الآن يكون الأعضاء قد التقوا بالمنتجين أو في صدد اللقاء.
ما يثير قلقي هو غياب أي رسالة من أون سيمي رو.
وبالنظر إلى ظروف أسرته، لا أظن والديه سيقفان متفرجين.
فهو أول كنز يحصلان عليه بعد حياة من الفقر.
أما أنا، فلم تصلني أي رسالة.
ليس بسبب وضع والديّ، بل لأنهم يريدون عزلي عمدًا.
ليشوّشوا على حكمي السليم.
فكرت طويلًا في ذلك وأنا ممدد على السرير.
منذ فترة كان نومي مضطربًا بسبب التصوير، لذا رغم أن الساعة لم تتجاوز السابعة مساءً، شعرت بالنعاس.
“…….”
لكنني لا أريد النوم.
أشعر أنني سأرى كوابيس.
“…….”
كوابيس من قبيل أن يتصرف أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم كفرقة ” الشباب “
أو أن يُعرض “سيآتي لاحقًا مثل “المرحلة رقم صفر “
كوابيس كريهة الإحساس.
“…….”
وفي تلك اللحظة——
جسدي بدأ يتحرك وكأنه يُسحب إلى داخل ثقبٍ أسود.
كل المناظر من حولي كانت تتشوه وتندفع مبتعدة، تمر بجانبي بسرعة.
بووووووم——!
وإذ بي أقف في أحد التقاطعات.
لا يُصدق.
هل يعني هذا أنني أعود من جديد؟
حتى قبل أن يتخذ أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم قرارهم……
دينغ دونغ!
“……أه.”
أشعر أنني ما زلت ممددًا على السرير.
هل عدت حقًا؟ أم أنني نُقلت من التقاطع إلى المستشفى؟
لكن حين فتحت عيني، لم يكن الأمر كذلك.
لقد كان مجرد حلم.
غفوت من حيث لا أدري، ثم أيقظني رنين جرس الباب.
جرس الباب؟
بينما كنت أخرج إلى غرفة المعيشة، وقعت عيناي على الساعة، وكانت قد تجاوزت التاسعة مساءً بقليل.
أتكون ساعتان فقط ما نمت؟
أشعر وكأنني نمت دهورًا.
لكن ما إن فتحت الباب، حتى فوجئت.
أشعة الشمس كانت ساطعة إلى حد العمى.
وبما أن المنزل كله كان مغطى بستائر معتمة، لم أدرك أن الوقت ليس التاسعة مساءً… بل التاسعة صباحًا.
والأكثر إدهاشًا، أن أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم كانوا واقفين أمام الباب.
“أنت نمت، أليس كذلك؟”
“……؟”
“واو، انظروا إلى صفاء بشرته كم من الوقت نمت بالضبط؟”
لم أستوعب ما يقولون.
وبينما كنت أحدّق فيهم بحيرة، بادر إي أون بالكلام
“أيمكننا الدخول أولًا؟”
“كيف عرفتم عنوان بيتي؟”
“بما أنك لم تكن ترد على الهاتف، أخبرنا المنتج كانغ سوكوو.”
“آه… حسنًا، تفضلوا بالدخول.”
أدخلت الأعضاء، ثم عثرت على هاتفي مطفأ بين الأغطية.
اتضح أن البطارية قد نفدت.
بعد أن وصلته بالشاحن وأعدت تشغيله، وجدت أكثر من عشرين مكالمة فائتة من أعضاء الفرقة، كانغ سوكوو، تشوي داي هو، وحتى من العم هيون سو.
عندها عاد إليّ وعيي دفعة واحدة.
تذكرتُ ما كنتُ أفكر فيه قبل أن أغفو.
“هل التقيتم المنتجين البارحة؟”
سألت وأنا أخرج إلى غرفة المعيشة.
أومأ كو تاي هوان.
“التقينا.”
“وماذا قالوا؟”
“قالوا إننا إن أصبحنا متدربين لدى ليون الترفيهية فسوف يُرسّموننا خلال عامين هذا هو الطريق الطبيعي وإن ذهبنا إلى شركة أخرى، فسيكون الترسيم أصعب بكثير.”
لم يكن كلامهم خطأً.
“فما الذي قلته أنت؟”
“لم أقل شيئًا لكن والدي أصرّ أن أختار بنفسي، فأخرجناهم.”
كان وضع إي أون وتشوي جاي سونغ مشابهًا، وإن كان بطابعٍ مختلف قليلًا.
“والداي طالما أرادا أن أصبح معلمًا أظنهما اعتبرا الأمر فرصة مناسبة.”
“والداي أيضًا كذلك.”
…… موقف كهذا لم يخطر ببالي من قبل.
فليس كل الآباء يرحبون بحلم أبنائهم في أن يصبحوا فناني آيدول.
أما أون سيمي رو فقال أخيرًا
“أنا أيضًا سأتخذ قراري بنفسي.”
كان على وجهه آثار ضربات، لكن كلماته خرجت قوية.
في تلك اللحظة، أحسست بالدهشة.
قبل ساعات قليلة فقط كنتُ غارقًا في حالة احتراق نفسي، أما هم فكانوا ثابتين.
مع أنهم يعيشون حياةً واحدة لا غير.
أما العائد، فهو الأجبن دائمًا.
لأنه يؤمن أن أمامه دومًا فرصة أخرى، فلا يبذل كل قلبه في التحدي.
لكنني قررت أن أنهي التردد ولحظة الحكيم هنا.
فقد حان وقت أن أكون صلبًا أنا أيضًا.
فتحت فمي وقلت
“حسنًا لقد جعلنا M Show عدونا، وكذلك ليون الترفيهية هل لديكم خطة؟”
قال كو تاي هوان
“علينا البحث عن شركة أخرى تحتضننا، أليس كذلك؟”
هززت رأسي نافيًا.
لا وجود لمكان كهذا.
ما فعلناه بـاليون الترفيهية لن يُعتبر مشكلة بيننا وبينها فحسب، بل مشكلة مع شركات الترفيه بأسرها.
فهي لا تريد أن تترك سابقة سيئة في هذا الوسط.
يشبه الأمر صراع الشركات الكبرى مع عاملٍ وحيد يقاضيها بسبب إصابة عمل.
القضية لا تتعلق بالمال الذي سيدفعونه لذلك العامل، بل بخوفهم من أن تترك الحادثة أثرًا قانونيًا يضعف سلطتهم في المستقبل.
“صحيح أنه قد توجد شركات تعرض علينا الانضمام لكن علينا أن نكون نحن من يستبعدها.”
فقد تكون مجرد مبتدئة لا تفهم طبيعة السوق، أو مجرد وكيلة تقوم بأعمال قذرة لصالح ليون الترفيهية .
“هممم…”
أدرك الأعضاء أن الوضع أعقد مما كانوا يتصورون، فأطلقوا أنفاسًا ثقيلة.
حينها، سألني أون سيمي رو
“وأنت؟ ألا تملك خطة جيدة؟”
بالطبع أملك.
لكنني لم أكن متأكدًا كيف أشرحها.
حتى وجدت كلمة مناسبة.
“نحن… نادي.”
“هاه؟”
“نحن فرقة آيدول… لكن على شكل نادي.”
لا شركة تديرنا، ولا ترسيم رسمي، ولا ظهور في برامج الموسيقى.
قد يصل نفوذ تشوي داي هو إلى حد حذف أسمائنا من قوائم الأغاني.
لكننا سنبيع أعدادًا هائلة من الألبومات، وسنحقق مشاهدات بالملايين على مقاطع الفيديو الموسيقية.
وسيشارك في ألبوماتنا كبار الموسيقيين، وسنصعد و نهبط في قوائم بيلبورد.
وأنا نفسي أتساءل
حين نصل إلى ذلك المستوى، هل ستظل صناعة الموسيقى الكورية قادرة على نبذنا؟
قد تلاشى الهدفُ الأوليّ المتمثّل في أن نصبحَ آيدول نموذجيين.
والآن، أنوي أن أمضي قُدمًا لأبلغ مع هؤلاء أقصى ما يمكن أن نصل إليه.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
التعليقات