ومع ذلك، لم يكن الأمر أنّي كنت أكره أيدي حقّاً.
حتى قبل بضعة أيّام فقط كنت أعاني من اكتئاب عودة شديد، لكن حين سمعت أنّ إيدي سيأتي كأحد الحكّام، تغيّر مزاجي.
فمجرّد متابعة تصرّفاته الجنونية كانت كفيلة بأن تجعلني في حيرة وذهول.
“إدوارد !”
في تلك اللحظة، اقترب المخرج كو ، أي المخرج كيم دال-إين، ثم همس بشيء لإيدي.
وبعد أن هزّ إيدي كتفيه ولوّح لي بالتحيّة ثم اختفى، اقترب هذه المرّة المخرج كيم منّي وتحدّث إليّ.
“المتسابق هان سي أون.”
“نعم.”
“إن تبادلْت الكثير من الأحاديث مع أحد الحكّام خارج الإطار الرسمي، فقد يُثير ذلك قلق الفرق الأخرى بشأن احتمال صدور حكم متحيّز.”
لماذا يقول هذا لي بالذات؟
فهو إيدي من بدأ بالحديث أولاً.
“سأنتبه.”
“وأيضاً، شركة الطريق من الزهرة ترغب في تصوير محتوى معك، ما رأيك؟”
“هل هو برنامج حواري مثلاً؟”
“كلا، بل شيء اسمه Jewel Live، وهو محتوى على يوتيوب يُقدَّم فيه غناء مباشر لعدد من الأغاني الشهيرة الموصولة معاً، وهم يريدونك فيه كضيف مميّز “
إن كان الأمر كذلك فهذا جيد.
فهو خطوة إضافية تقرّبني من مسألة ترسيمي.
كما أنّه سيكون فرصة لأُظهر أداءً مباشراً حقيقياً لمن يزعمون أنّ مهارتي في الغناء مجرّد تعديل صوتي.
“سأشارك.”
“جيّد وللتنويه فقط، سيُرافقنا فريق التصوير الخاص بنا أيضاً.”
“حسناً.”
من النادر أن يظهر متسابقو تجارب الأداء في برامج منوّعة أخرى، لكن إن سمحت الظروف فلا مانع.
ثم إنّه محتوى على يوتيوب فحسب.
كنت أفكّر هكذا، لكن المخرج كيم ظلّ يذهب ويعود بجانبي حتى بعد أن انتهى الحديث.
ولمّا رفعت بصري نحوه متسائلاً إن كان لديه ما يقوله بعد، ناولني فجأة ورقة.
“توقيع واحد فقط…”
أين ذهب كلامه قبل قليل عن “الأحكام المتحيّزة”؟
لا عجب أن المخرج كانغ سوكوو يلقّبه بالمزعج.
وبينما كنت أوقّع له بتأنٍّ، أشار أحد أفراد الطاقم أن أصعد إلى الحافلة بسرعة.
فاليوم موعد جلسة تصوير فوتوغرافية لمتسابقي سيأتي لاحقًا
ولأن التصوير لا يمكن أن يتم في بوتشون ، فقد قالوا إننا سنتوجّه إلى أحد الاستوديوهات في أبغوجونغ.
“الجميع صعد!”
مع صرخة أحد أفراد الطاقم صعدت إلى الحافلة، فوجدت أنّ جميع المتسابقين قد جلسوا ولم أبقَ سوى أنا.
وبما أنني تأخرت، لم يتبقّ سوى مقعدَين شاغرَين: بجوار تشوي جايسونغ أو بجوار فايد
“هيونغ.”
ناداني تشوي جاي سونغ وربّت على المقعد بجانبه، وكأنّه احتفظ به لي.
همم…
أعرف أنّ الناس ينادونني هيب سي أون
لا أعلم تماماً ما معنى هيب ، لكن يبدو أنها تعني أنّني أستمتع باختيار ما لا يفعله الآخرون.
إذن ينبغي أن ألبّي توقعاتهم، أليس كذلك؟
“مرحباً؟”
“……!”
حين جلست بجوار فايد ، شعرت برؤوس الناس تلتفت دفعة واحدة إلينا.
فقد كان شجارنا المتبادل بالشتائم قبل مدة قصيرة فقط.
“أنت… لماذا….”
حتى فايد بدا عاجزاً عن إيجاد ما يقوله، فتمتم متلعثماً.
أم أنّه كان يودّ شتمي لكن وجود الأنظار من حولنا منعه، فبدا كالمتوقف عن العمل؟
على أي حال، كان واضحاً أنّ فايد لا يفهم سبب جلوسي إلى جانبه.
وأنا أيضاً لم أكن قد خطّطت لذلك مسبقاً.
لكن كان لديّ سبب.
أردت أن أُذكّر فايد بالعلاقة التي بيني وبينه.
هو كان قد أثار المشاكل مستنداً إلى نفوذه في البرنامج، وأنا تصدّيت له مباشرة.
الأمر انتهى إمّا باعتذار من فايد أو بانسحابي أنا.
ورغم أنّ الجميع رأى في الأمر شجاراً لا مبرّر له، فإنّ من اعتذر في النهاية كان فايد.
ومنذ ذلك الحين، أصبح يتظاهر بعدم رؤيتي لم أكن أنا من يتجنّبه، بل هو من ظلّ يتجنّبني.
وحتى الآن، لا يزال هاتفي يحتوي على مقطع الفيديو الذي يعتذر فيه فايد، كما أنّ كثيراً من الضجّة الإعلامية للبرنامج تفرّعت بسببي.
لكن مؤخراً بدأت ألاحظ أنّ فايد يتعمّد مضايقة أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم
ليس علناً، لكن بطريقة مزعجة خفيّة.
ومن السهل تخمين ما يدور في رأس أمثال هؤلاء.
شعور بالتفوّق يريد من خلاله أن يُثبت: “قد أكون انهزمت أمام هان سي أون، لكن لست أدنى منكم.”
ورغبة في التنفيس عن عقدة النقص التي تركتها فيه من خلالهم.
يا له من شخص ثابت الطباع، حقّاً.
من الغريب أنني لا أتذكّر تفاصيل أنشطة “شباب ” في الماضي، لكنّي أذكر بوضوح كيف كان أعضاء الفرقة وقتها.
وخاصة فايد… الذي كان الأسوأ على الإطلاق.
وبعد أن انطلقت الحافلة، أعاد الباقون وجوههم بعيداً عنّا.
فمقعدنا كان في آخر الحافلة، لذا اختفت أنظارهم سريعاً.
في تلك اللحظة، أخرج فايد هاتفه وكتب رسالة وأراني إياها
[بكلامٍ طيّب، غيّر مقعدك.]
لم يُرسلها، بل اكتفى بكتابتها وإظهارها لي، وكأنه يظنّ أن لديّ خطة مدبّرة ما.
لكن لا شيء من هذا عندي.
آه، ربما تأثّرت بإيدي من حيث لا أشعر.
لقد عشت زمناً طويلاً، بشخصيّات كثيرة، وحيوات متنوّعة، لدرجة أنني أصبحت أحياناً أقلّد تصرفات من حولي بلا وعي.
حين أتحدّث مع إيدي، يظهر فيّ ذلك الجانب من شخصيّتي الذي عاش حياةً متهوّرة في إحدى جولات العودة.
وحين أواجه فايد، يخرج فيّ ذلك الجانب المظلم الذي اعتاد التلاعب بالآخرين من خلف الكواليس.
حقّاً، جميع العائدين إلى الماضي كائنات حسّاسة متقلّبة المزاج.
آه، طبعاً أقصد نفسي.
فأنا لم ألتقِ بغيري من العائدين قط.
[لنبقَ على وِداد ^^b]
وحين أرسلت له هذه الرسالة بنمط هيومان آجاتشي (أسلوب الأجيال السابقة في الدردشة)، اسودّ وجهه.
لكنني لن أزيد الأمر استفزازاً أكثر من هذا.
فايد شخص شديد الحساسية تجاه العلاقات الهرمية والنفوذ داخل الجماعة.
وهذا القدر كافٍ كي يفهم الرسالة: “كفّ عن التصرّف الأحمق وابقَ هادئاً.”
***
الرقص، الغناء، الوجه، الجسد، الصبر، الذهن، اللياقة……
هنالك الكثير من المؤشرات التي يُقيَّم بها الآيدول، كما أن هنالك طرقًا كثيرة لتطوير تلك المؤشرات.
فبإمكانه تحسين مهارته في الرقص والغناء عبر تدريب مستمر، كما يمكنه تحسين مظهره عبر عمليات أو إجراءات تجميلية.
ويمكن إسناد مدير كفؤ له ليتولى إدارة صبره، أو متخصص في الاستشارات النفسية ليتولى إدارة ذهنه.
لكن هناك شيء واحد فقط.
مؤشر يُعد بالغ الأهمية بالنسبة للآيدول، ومع ذلك يصعب تطويره أو تحسينه بعد الولادة.
إنه بالضبط: الروح الفنية (الكِي).
الكِي يصعب تعريفه، لكن غالبًا ما يُشار إليه بكونه الاندماج.
إلى أي حد يستطيع الفنان الاندماج في أجواء المسرح، وإلى أي مدى يمكنه إيصال هذا الاندماج إلى الجمهور.
ولهذا السبب، يظهر أحيانًا من بين الآيدول ممثلون بارعون.
فالتمثيل يمكن تعلمه، لكن الاندماج في الشخصية موهبة فطرية.
“ولهذا السبب، نقوم اليوم بجلسة تصوير هذه المجلة.”
لقد رأينا الغناء، ورأينا الرقص، ورأينا المسرح.
فمن يا ترى، من بين هؤلاء العشرة، هو الأكثر امتلاكًا للروح الفنية؟
من سيكون أكثر جاذبية أمام عدسة الكاميرا؟
لقد حان وقت التمييز.
“سيدي المنتج، ألم تقل إن هذه مجرد جلسة تصوير بسيطة؟”
“هل يوجد شيء بسيط في برنامج بقاء؟”
“إذن، أهناك تقييم أيضًا؟”
“بالطبع.”
كان من المقرر أن يقوم ثلاثة مصوّرين مكلفين بالتصوير اليوم بتقييم فريقي Take Scene و ثلاثة أشهر ومئة يوم.
وفوق ذلك، سيتمكّن الفريق ذو الترتيب الأعلى من اختيار تجهيزات المسرح للمرحلة القادمة أولًا.
وما إن أنهى المنتج كانغ سوكوو شرحه حتى تعالت الأصوات المتأففة بين المتسابقين.
فقد جاؤوا إلى الاستوديو بخفة خاطر، ليتحوّل الأمر فجأة إلى مهمة مصيرية.
لكن سرعان ما استسلم فريقي Take Scene و ثلاثة أشهر ومئة يوم للواقع، وبدأوا يتشاورون حول مفهوم الأزياء.
كانت جلسة التصوير اليوم ستتضمن نسختين
النسخة الأولى من جلسة التصوير ستكون بأزياء يختارها الأعضاء بأنفسهم، بحيث يعبّر هذا الاختيار عن صورة الفريق كما يتصورونها هم
أما النسخة الثانية، فلا حاجة للتوضيح، فهي ذات رائحة المال—بالتعاون مع مجلة شهيرة لإصدار ألبوم صور خاص.
“ستكون الأفضلية في الأزياء الذاتية لفريق Take Scene بلا شك فهم اعتادوا عقد اجتماعات من هذا النوع مرات عديدة.”
وكما توقع المنتج كانغ سوكوو، بدأ فريق Take Scene سريعًا بإطلاق الأفكار واحدًا تلو الآخر.
فهم لم يفتقدوا سوى لمرحلة الظهور الرسمي فقط، أما البقية فكانوا مستعدين تمامًا كفرقة كاملة.
غير أن المفاجأة كانت أن فريق ثلاثة أشهر ومئة يوم طرح أيضًا أفكارًا لا بأس بها.
“علينا أن نتمسك بفكرة السفر عبر الزمن، صحيح؟”
“لا بد من ذلك، فمن الصعب أن نخرج بمفهوم مختلف فجأة……”
“لكن لا أظن أن السفر عبر الزمن له رموز واضحة.”
“ما رأيكم في ساعة جيب؟”
“أوه، جيدة! أليس هناك شيء آخر؟”
“مظلة!”
“آه، بما أن السفر عبر الزمن هو في النهاية سفر، صحيح؟”
“نعم!”
“هممم… حسنًا فلنسجّلها وإذا كان سفرًا، فهل تصلح بوصلة أو خريطة أيضًا؟”
“أظن أنها ستكون غريبة فالمظلة يمكن استخدامها في أي زمن، لكن الخريطة لا تصلح إلا لمكان محدد أما البوصلة… فلست متأكدة.”
“إن كان الأمر غامضًا، فلنُسقِطه.”
وبينما كان كانغ سوكوو يراقب نقاش فريق ثلاثة أشهر ومئة يوم، لم يستطع إلا أن يتذكر أغنيتهم في المهمة السابقة: سيول تاون فإنك
في الحقيقة، كان يظن أنهم سيتعثرون في مهمة الإنتاج الذاتي
ولماذا؟
“بسبب هان سي أون.”
هان سي أون عبقري.
وعادةً، لا يفهم العباقرة سبب عجز الآخرين عن مجاراتهم.
كما أنه لم يكن يتوقع أن ينصاع أعضاء الفريق بسهولة لأوامره.
لكن ماذا حدث في الواقع؟
لم يُظهر هان سي أون أي غرابة الأطوار التي تميز العباقرة، بل احترم آراء زملائه.
بل إنه كان يتلقى توبيخًا منهم أحيانًا.
وفي الوقت نفسه، ترك أعضاء الفريق جميع الجوانب الموسيقية—باستثناء اختيار الأغنية—في عهدة هان سي أون.
والنتيجة: مسرحية مدهشة بعنوان سيول تاون فانك
ورغم أن الحلقة لم تُعرض بعد، إلا أن المنتج كانغ سوكو كان واثقًا أن هذه الأغنية ستشكل نقطة تحول في البرنامج.
فحتى الآن، كان أكثر من 90% من الزخم الإعلامي للبرنامج منصبًّا على هان سي أون.
بل إن شعبيته الطاغية جعلت سيأتي لاحقًا لا يبدو كبرنامج بقاء حقيقي.
لكن ما إن تُعرض سيول تاون فانك ، حتى سيظهر أخيرًا إحساس التنافس بين الفريقين.
صحيح أن صورة المنافسة ستظل قائمة بين “هان سي أون وثلاثة أشهر ومئة يوم” ضد “Take Scene”، لكن أجواء التوتر ستزداد.
“حقًا إنه لأمر غريب كيف يجمع بين تلك الموهبة وتلك الحنكة؟”
فهان سي أون الذي تراه العين ليس عبقريًا متعجرفًا، بل عبقريًا قادرًا على احتواء الجميع.
وعلى الرغم من أن عروضه الفردية قد توحي بالعكس، إلا أنه حين يُعدّ عرضًا جماعيًا يعرف كيف يوحّد الفريق.
حتى الآن، كان إي إيون هو من يقود النقاش، بينما يسانده هان سي أون في اللحظات المناسبة.
لكن فجأة، طرح هان سي أون رأيًا غريبًا
“أود لو كان لون ساعة إي إيون هيونغ مختلفًا نحن نرتدي الفضي، أما هو فبلون أرجواني مثلًا؟ أو رمادي إن لم يناسب الأرجواني.”
“هاه؟ ولماذا؟”
“شرح السبب سيطول لو بدأته الآن.”
“على الأقل باختصار.”
“وأنا في الحافلة قبل قليل، أنهيت توزيع أغنية إدي…… وارد.”
“أوه، حقًا؟ هل يمكننا الاستماع إليها؟”
“أنهيتها في ذهني فقط على كل حال، بعد أن انتهيت، خطر لي أنه سيكون رائعًا أن نستغل ساعة الجيب كأداة مسرحية.”
“آه، لهذا اقترحتها فورًا؟”
“نعم.”
“هممم… إذًا، دعني أطرح عليك سؤالًا واحدًا فقط.”
نظر لي إي أون إلى هان سي أون، ثم سأله
“هل أنت هيب سي أون أم غاد سي أون’؟”
“عذرًا؟”
“أسأل عمّن يرغب في تغيير لون ساعة الجيب—هل هو هيب سي أون أم غاد سي أون؟”
“……يصعب أن أقول ذلك بلساني أنا.”
“إذًا فأنت غاد سي أون حسنًا، سأتقبل ذلك.”
وبهذه السرعة، توصّل أعضاء ثلاثة أشهر ومئة يوم إلى اتفاق، وبدأوا فورًا في اتخاذ قرار بشأن الأزياء.
ومن خلال الاستماع لما يقولونه، كان واضحًا أنهم يخططون لأن تكون أزياء كل عضو مختلفة تمامًا.
لي إي أون سيرتدي بدلة رسمية من حقبة الثورة الصناعية في بريطانيا.
كو تاي هوان سيرتدي الزي التقليدي الكوري الهانبوك من عصر جوسون.
تشوي جاي سونغ سيرتدي زي مدرسة ثانوية كورية.
أون سيمي رو سيرتدي بدلة سباق تعطي إحساسًا بالمستقبل القريب.
أما هان سي أون، فسيظهر بإطلالة الريترو الأمريكية من سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين.
حقًا، التنوع مذهل.
لكن، على الرغم من اختلاف التصاميم، فإن الألوان المستخدمة في الأزياء ستكون موحّدة تمامًا.
وسيضع الجميع ساعة جيب متطابقة لإضفاء شعور بالوحدة.
فالمفهوم الأساسي هو السفر عبر الزمن ، لذلك هم يتجنبون الإشارة إلى زمن معيّن.
• نهـاية الفصل •
حسـابي انستـا [ i.n.w.4@ ]
التعليقات لهذا الفصل " 62"