أسرع أهلُ قرية سودام إلى الرجل لي، وهو مُلقى على الأرض يلفظ أنفاسه.
ولِعِظَم جثّته احتاجوا إلى أيدٍ كثيرة كي يرفعوه، فما توانى أحدٌ منهم.
إذ لمّا نكص الجميعُ عن الخروج دفعًا للشرّ، تقدّم هو وحده حمايةً للقرية، فوقع عليه هذا البلاء العظيم.
كانت العيونُ التي ترنو إليه ممتزجةً بين الشكر والأسى والذنب.
“أسرعوا به إلى العلاج!”
فما إن هزّ القوم رؤوسهم وأخذوه معهم، حتى انبرى أحدهم يقول بصوت خفيض:
“أيها العمدة…”
فالتفت العمدةُ إليه، فقال الرجلُ بنبرة يائسة:
“لِمَ قبلتَ عرض أولئك الأوغاد؟ ماذا ستصنع من الآن فصاعدًا؟”
كان صريحًا في لومه للعمدة، بلهجةٍ لا تُخفي عتابًا. بدا وكأنّه عاجزٌ عن فهم ما وقع.
ولأنّه رجلٌ عُرف دومًا بامتثال أمر العمدة وطاعته، فقد هال الناسَ اعتراضُه، فما لبثوا أن حاولوا ثنيه.
“أيها الرجل، ما لك تخاطبه هكذا؟”
“نعم، والسيد لي كاد يُقتل، أفتظنّ أنّ العمدة كان بوسعه صنع غير ما صنع؟”
“أنا كذلك، إنّما أتكلم عن غصّةٍ في الصدر! ماذا عسانا نصنع غدًا؟”
ساد الحزنُ المجلس.
رفع الرجل صوتَه، والمرارة تملأ قلبه:
“إن تكن لدينا اليوم أموال جمعناها من قبل، فكيف لنا أن نوفر مثلها كل شهر؟ إن فعلنا عشنا على فتات، حتى نموت جوعًا، جميعًا!”
صمت القوم، فقد كان كلامه وإن كان مُثقلاً بالتشاؤم، حقًا لا ريب فيه.
ما العمل؟ أيمكن الاستمرار على هذا الحال؟ لقد استبدّ بهم القنوط.
عندها رفع العمدة بصره إليهم، وجهه مُثقل بالكدّ والتعب:
“دعوا هذا الأمر الآن… ولْنعد إليه لاحقًا.”
“يا عمدة…”
ثم قام متثاقلًا وانصرف، كأنّ بضع سنين قد أُضيفت إلى عمره لحظةً واحدة.
لم يبقَ من مهابته وسمتِه الهادئ شيء.
وعاد الناسُ الواحد بعد الآخر إلى ديارهم.
“هاه…”
تنفّست بَينغ سوين زفرةً طويلة، وقد بقيت إلى آخر القوم.
ما أشدّ ما تبدّل حالُ القرية، وكانت قبل قليلٍ واحةَ سكينةٍ وطمأنينة… قبل أن يهجم أولئك المسلّحون.
‘أتُرى سلامُ هذه القرية وادعٌ إلى هذا الحدّ من الهشاشة؟ لمجرد رهطٍ من أوباشٍ لا يُذكرون؟’
‘ما السبيل إذًا؟ هل عليّ أن أتصدى لهم بنفسي في المرّة القادمة؟’
لكنّها هزّت رأسها.
فلو أقدمت، لانكشف سرّها، وربّما اهتدى إليها أهلُ بيتها الذي هجرته.
لقد انسدّ أمامها كلّ طريق، فاشتدّ عليها الصداع.
في تلك اللحظة،
سسسسسس…
هبّت نسمةٌ عليلة، حرّكت أغصان الدّلب العظيم القائم عند مدخل القرية.
“…؟”
التفتت، فإذا بابنتها الصغيرة تُميل رأسها متسائلة:
“أبي؟”
لكن بَينغ سوين لم تُصغِ إلى قولها…
—
“هاهاها، ما أطيب هذا!”
بعيدًا عن سودام بمسافة، و على سفح جبلٍ، كان ثلاثة من الرجال يسيرون، يضحكون ملء أفواههم، وأكياس الفضة في أحزمتهم ترنّ طنطنة.
“ألَم أقل لكم؟ ما من مكسب أحلى من امتصاص دماء القرى النائية كهذه!”
“صدقت! لِمَ عشنا على الكفاف من قبل؟ أي غنى كنا نرجو؟”
كان الثلاثةُ في الأصل من أتباع فرقةٍ صغيرة، فلما اندلع القتال بين الطوائف قُهرت جماعتُهم وأُبيد معظم أهلها.
نَجَوا هم بأعجوبة، وفرّوا إلى هذه الأطراف القصيّة.
قال الثاني:
“لكن، أترون؟ سرعان ما سلّمونا المال. ألسنا لو ألححنا قليلاً لانتزعنا منهم أكثر؟”
فهزّ الكبير رأسه زاجرًا:
“لا، يا أحمق. الفأر إذا حوصر عضّ القط. إن أردنا أن نسلب هذه القرية طويلًا، فخيرٌ أن نأخذ منها ما يُبقيها حيّة بالكاد. إن بلغ بهم اليأس، ربما تمرّدوا وانقلبوا علينا. ألست ترى؟”
“صدقت يا أخي!”
“آه، ما أعظم خبرتك!”
وضجّوا بالضحك.
في وسط السهل والفراغ، كانوا سادة أنفسهم. في هذه الأرياف، من ذا يقف لهم؟
قال الثالث وهو يتغامز:
“أخي، لمحتُ في القرية امرأةً وجهها يفيض حُسنًا.”
“أه… هكذا؟”
“نعم. وإن تكن متزوجة ولها ولد، فما عسانا نبالي؟ فإن قصّروا في المال، فلنأخذها عوضًا! أليس صوابًا، أخي؟”
“هاهاها، بلى.”
فابتسموا ابتسامةً دنيئة.
هنالك، قاطعهم صوتٌ هادئ:
“أتروني أسمع أخبارًا طريفة.”
فإذا برجلٍ نحيل وسيم الطلعة، في هيئة طالب علمٍ، يعترض سبيلهم.
قال الأصغر مستنكرًا:
“من أنت يا هذا، حتى تقطع طريقنا؟”
لكنّ الرجل لم يُبدِ ذُعرًا، بل ابتسم وقال:
“اسمعوا قولي مليًا. أُعطيكم فرصة: ارجعوا بما نهبتم إلى القرية، ردّوه كلَّه، واعتذروا للناس، وتعهدوا ألّا تطؤوا هذه النواحي أبدًا.”
فصاحوا:
“أجننت؟ أتعلم مَن نحن؟”
وكاد الأصغر يستل سيفه، لولا أنّ الكبير أوقفه وقال بوجل:
“مهلًا… أأنت من رجال الوادي؟”
فأجابه:
“أنا؟ إنما أنا معلم حروفٍ في قرية قريبة، وزوج لتلك المرأة التي طمعتُم فيها زوجةً لكم.”
فضحكوا جميعًا، وقال كبيرهم:
“هاهاها! فليست إذًا إلا دعابة من معلم بائس! لستَ من أهل السيف إذن، بل من أهل القلم؟ جرؤتَ علينا؟”
وما إن أشار إلى رجليه أن يفتكوا به حتى اندفع الثاني ليمسك برأسه…
لكن، فجأة، سقط شيء على الأرض. ذراعه! تبعتها الدماء تنفجر، ثم صرخ صرخةً مروّعة قبل أن يطيح رأسه بدوره.
شهق الثالث، وتراجع حتى وقع على قفاه.
أما الكبير فغشيه الرعب إذ رأى عيني الرجل: لم يبدُ بشرًا، بل هوّة لا قرار لها.
فقال الرجل ببرود:
“الآن لم يبقَ إلا أنت. ماذا ستصنع؟”
—
أديلووو!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 5"