على العموم، إذا ذُكر قولهم: «كهف فيه صلة القدر بأعظم رجل في القديم والحديث، سيد الحرب»، تخيّل السامعون أنه لا بد أن تكون أمامه متاريس من المصائد والدوائر السحرية، وأن من شاء الوصول إلى غايته لا بد أن يشقّ غمارها حتى إذا انتهى به السير انكشفت له روضة مهيبة باهرة تخرّ لها الأفواه دهشًا.
غير أنّ الأمر جاء على خلاف ذلك.
—
“أواه، هذا حقًا مما يصدع الرأس.”
كلما توغّل في جوف الكهف ضاق الممر أكثر فأكثر، حتى صار لا بد من الزحف.
الهواء مشبع بعفونة خانقة وغبار كثيف عالق، والدهليز أضيق من أن يُحتمل، كأنه لا نهاية له.
صدق من قال: إن هذا مما لا يفعله المرء في وعيه.
كان قد مرّ بهذه الحال من قبل، ومع ذلك فالأمر سيّان.
تلطّخ جسده بالتراب حتى غدا أشبه بالحثالة، غير أنّه لم يبال، بل واصل يو أون هوي حركته بجدّ واجتهاد.
هيئة المكان لا تليق برجلٍ قط، بل أشبه بجحر خُلد.
ومع ذلك فهنا تحديدًا آوى يو أون-هوي في حياته السابقة حين لم يجد بدًّا.
وما كان يظن البتة أن في آخره يكمن ‘ذلك’.
—
“هَه.”
لم يعد جسده جسد شيطان الدم المتمرّس، بل جسد باحث ضعيف، فغرق كله عرقًا وتصبّب كالمطر.
لا يعلم كم زحف، حتى لمح شعاعًا ضئيلًا يتسرّب من بين كومة التراب.
“هَاه… هاه…”
لقد بلغ أخيرًا نهاية هذا الكهف المشؤوم.
كانت غرفة صخرية صغيرة، لا تتّسع إلا لرجل واحد بالكاد.
وفيها…
وميض—
كان هو.
هيكل عظمي جالس في هيئة وقار، ثيابه البالية قد تفتّتت، غير أنّ في عظامه بقي أثر رهبة غريبة.
لا ريب أنه قضى منذ مئات السنين.
“أهو سيد الحرب…؟”
إنه أعظم رجل في القديم والحديث: سيد الحرب، هيُوك جونغ-هو.
لم يبلغ مرتبته أحد في تاريخ عالم الفنون القتالية.
من كان يظن أن خاتمة مثل هذا المطلق تكون في غرفة ضيقة حقيرة كهذه؟
أيّ سر وراء ذلك؟
وبأي خاطر أبقى قوّته هنا على هذه الهيئة؟
عجيب أنّ يوون-هوي لم يواجه في طريقه مصيدة ولا دائرة سحرية ولا حراسة بتعويذة، بل دخل هنا مصادفة بالزحف.
والأعجب أن أحدًا غيره لم يكتشف المكان طيلة مئات السنين.
كأنما كان المكان مهيّأً له منذ البدء.
‘ترى، أكان شكله كذلك في حياتي السابقة؟’
إذ ذاك لم يكن بوعيه من شدّة جراحه، فلا رأى ولا تأمل.
وكل ما خطر له أنه بلغ مكانًا غريبًا مصادفة.
لذلك مدّ يده آنذاك من غير روية.
إلى تلك الكرة الذهبية التي كانت تطفو أمام بقايا سيد الحرب.
كثيرون ظنّوا أن يوون-هوي ورث مخطوطات سيد الحرب فتمرّن عليها.
لكن الحقيقة أنه لم ينل إلا تلك الكرة الذهبية العجيبة.
“إذن…”
شدّ يوون-هوي نفسه باضطراب ظاهر، ثم تنفّس عميقًا ومدّ يده نحو الكرة، كما فعل في الماضي.
وووووش—
ما لبثت الكرة أن طارت ببطء ثم انغرست في صدره في طرفة عين.
‘…إنه قادم.’
شعَر جسده يتغيّر.
انتفخت عروقه على نحو غير طبيعي،
“آهغ…!”
وانفجر النور من جسده حتى بان مسرى الدم فيه.
“آااه!”
وصُرع مغشيًّا عليه من شدّة الألم.
وكان ذلك تمامًا كما حدث من قبل.
—
“…انتهى كل شيء.”
آلاف، بل عشرات الآلاف من الجثث متناثرة حوله.
رائحة الدم تكاد تُذهل العقول.
هنا الجحيم بعينه.
“انتهى، تقول؟”
في قلب المذبحة رجلان يحدّقان ببعضهما في عداوة.
أحدهما، في ثوب التنّين الأسود المطرَّز، كان قد فقد ذراعًا وساقًا وجلس على الأرض.
“لا، لم ينته بعد.”
كان من الطبيعي أن يلفظ أنفاسه، لكنه ظلّ هادئ الملامح.
“وما قصدك؟”
“حتى لو لم يكن الآن… فليست العاقبة ببعيدة. الظلام سيعود. وحين يحين ذلك…”
وأشار إلى خصمه الذي قطع أطرافه.
“لن تكون موجودًا. هَهَه.”
“…”
“حينها يحلّ ملك الظلام. ومعه مجازر لا تُقارن بما رأيت. أتراك تقدر أن توقفنا إذ ذاك؟ هاههاهاها!”
فلمع النصل و—
طَق.
تدحرج الرأس.
لكن وجه الناجي الأخير لم يكن مشرقًا.
—
“مم…”
فتح يوون-هوي عينيه ببطء.
‘حُلم؟ ما ذاك الذي رأيت؟’
كان سقوطه فاقدًا للوعي بعد ابتلاع الكرة أمرًا متوقَّعًا، فقد مرّ به من قبل.
لكن لم يسبق له أن رأى حلمًا كهذا.
أتراه لم يتذكّر لاضطراب عقله؟ كلا… لست أدري.
إلا أن الحلم بدا أوضح من أن يكون وهمًا.
من كان صاحب ثوب التنّين الأسود؟ وما ذلك الظلام؟
غير أن شيئًا واحدًا كان جليًّا:
ذلك الرجل الذي ظلّ حتى النهاية يقتل خصومه… كان سيد الحرب نفسه.
عرف ذلك من أسلوب قتاله.
الفن السامي.
إنه فن سيد الحرب، وهو ما تعلّمه يوون-هوي في حياته السابقة، ولو في درجته الثانية فقط.
‘أيمكن أن يكون ذلك ذكرى سيد الحرب؟’
إذن الكرة لم تنقل فنونه وقوّته فحسب، بل ذكرياته أيضًا!
لكن لِمَ لم يحدث ذلك في حياته السابقة؟
نظر فإذا الهيكل العظمي قد تحوّل إلى غبار.
لا نقش على الجدران ولا وصية.
“همم…”
أمور كثيرة لا تُدرك الآن.
وفجأة—
“أُف.”
رائحة عفن لا تُطاق تفجّرت من جسده.
ذلك كان من بقايا انطرحت إلى الخارج مع تجديد الجسد.
في حياته السابقة عان من هذا أيضًا بعد ابتلاع الكرة: الجسد يعاد بناؤه فيُطرح عنه كل خبث.
‘سمّوه آنذاك: الانبعاث من جديد.’
لو علم أهل الفنون القتالية لصُعقوا: أن ينال المرء في آنٍ واحد فنون سيد الحرب وقوته، ثم ينال انبعاثًا جديدًا!
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات