“اتخذت قرارك؟”
شعرت بالقلق من أنه ربما يختار شيئًا آخر غير الذي أوصيت به.
“أي نكهة قررت؟…”
-< كي؟…>
في اللحظة التي كان الجميع ينتظر فيها قرار ديتريش، أمالت إحدى دمى الدب رأسها في حيرة.
تبعها بقية الدمى، مائلين رؤوسهم في نفس الاتجاه وكأنهم دومينو.
ما الذي يحدث؟.
-< كيه… دخيل…>
< دخيل…!>
دخيل؟.
قبل أن أفهم ما يجري، اندفعت الدمى بسرعة نحو اتجاه معين.
-<… لحم…>
< مكوّنات…>
ثم، وسط تمتماتهم الغامضة، سمعت صرخة.
“كيووووووو!”
لم يكن مفاجئًا أن أرى كتلة فرو صغيرة تقاوم بشراسة بينما تحملها الدمى نحوهم بأرجل قصيرة متخبطة.
“…ما هذا؟”
قال ديتريش بذهول.
“كيوووووو!”
عندما رآني كتلة الفرو، بدأ بالتلويح برجليه بنظرة يائسة وكأنه يتوسل لإنقاذه.
“أوه، لا.”
نهضت على الفور وسحبت الكائن الصغير من أيدي الدمى.
-< كي؟> -<… اللحم؟>
رفعت الدمى أنظارها إلي بحيرة، وهم ينظرون إلى الفرو الصغير في حضني.
“هذا ليس طعامًا، وليس لحمًا.”
-<… كي، إنه لحم.> -<… بشر. وحش. لحم.> <نحن دمى.>
نعم، أنتم دمى، لكن…
– < سنقدمه كوجبة. أسرعوا.>
“تقدمونه كوجبة؟ لمن؟ لا تقل لي أنه لديتريش؟”
-<… كي، البشر يحبون اللحم.>
<يجب أن نعطيهم ما يحبونه.>
“كيووووووو!”
تعلّق كتلة الفرو بذراعي وهو يرتجف وكأنه مصدوم مما يحدث.
أما ديتريش، فكان يراقب كل هذا بهدوء، دون أي تعبير واضح.
“ديتريش، هل تخطط لأكله؟”
“ما هذا الهراء؟ بالطبع لا!”
عندما رد ديتريش بهذه الصرامة، بدت الدمى في حيرة.
-< كي؟>
<لا يحب اللحم؟>
” ليس وكأنني لا أحب اللحم… أعني، نعم، لا أحب اللحم.”
عندما أكد ديتريش ذلك بنبرة متأففة، بدت الدمى محبطة وتخلّت عن كتلة الفرو.
“كيوووو! كيوووووو!”
بدأت كتلة الفرو تصرخ بغضب تجاه الدمى التي حاولت أسره.
“حسنًا، ديتريش، ألم تكن ستطلب شيئًا؟”
“نعم. سأطلب طعم الموت الحلو من دمية الدب.”
-< طلب تم استلامه.>
هزت الدمى رؤوسها ودخلت المطبخ لتحضير الطلب.
“ألن تطلبي شيئًا لنفسك؟” سألني ديتريش، الذي لا يزال لا يعرف أن هذه مجرد عناصر داخل اللعبة.
“لن يعطوني شيئًا.”
“لماذا؟”
“لأنني لم أسدد ديوني هنا بعد.”
“…….”
بعد لحظات، عادت الدمى ومعها صينية عليها غطاء معدني على شكل قبة.
نظر ديتريش إلى الصينية بفضول، غير قادر على تخمين ما قد يكون تحتها.
ثم، عندما رفعت الدمى الغطاء، قال بدهشة:
“خاتم؟”
يبدو أنه توقع أن يجد طعامًا، لذا لم يستطع إخفاء دهشته عندما رأى الخاتم.
كان الخاتم كبيرًا بما يكفي ليغطي إصبعه، لكن تصميمه المزخرف بالورود جعله يبدو وكأنه مخصص لفتاة صغيرة.
نظر ديتريش إلى الخاتم بصمت، فمددت يدي وأخذت الخاتم.
“الخاتم جميل، ديتريش. أعطني يدك، سأضعه لك.”
“… لا داعي، يمكنني ارتداؤه بنفسي.”
أخذ ديتريش الخاتم من يدي وارتداه بنفسه.
ثم قال وهو ينظر حوله: “إذاً، هذا ليس مقهى يقدم الطعام حقًا، أليس كذلك؟”
“لا يوجد قانون يقول إن كل مقهى يجب أن يقدم الطعام.”
“هذا هراء.”
قطع ديتريش كلامي بجدية جعلتني أتنهد من الملل. كان جادًا جدًا، مما جعله أقل مرحًا.
في تلك اللحظة، صعدت دمية الدب التي أعطته الخاتم، وهي ترتدي زي الخادمة، على الطاولة.
ما الذي تحاول فعله الآن؟
بدأت الدمية بخلع زي الخادمة بطريقة درامية… لكن بسبب حجمها الصغير، لم يكن المشهد سوى مضحك.
تحت زي الخادمة، ظهرت علامة على شكل قلب على بطن الدمية.
ثم، أعطت دمية أخرى، كانت تقف بهدوء بجانبها، ورقة صغيرة إلى ديتريش.
[اضغط هنا.]
“أين بالضبط؟ لا تقصدون هنا، أليس كذلك؟”
عندما ضغط ديتريش على القلب المرسوم على بطن الدمية بحيرةٍ،
قالت الدمية فجأة:
“أحبك!”
كأنها كانت تنتظر تلك اللحظة لتتحدث.
وحين ضغط عليها مجددًا:
“أحبك!”
خرج الصوت نفسه مرة أخرى.
“يبدو أن الدمى تحبك كثيرًا.”
“…….”
“ربما هي ممتنة لأنك خِطتَ أجسادها الممزقة.”
في الواقع، كانت دمى الدببة تُظهر ودًا ملحوظًا تجاه ديتريش، حتى إنها تجاهلت أوامر سيدها من أجله.
[رئيس الطابق الأول يدرك أن أغراضه قد سُرقت.]
[رئيس الطابق الأول يشعر بالغضب.]
في تلك اللحظة، ظهرت نافذة النظام.
وفي الوقت نفسه،
“كييييييك! كريك! كييييييييييييي!”
دوّى صراخ مليء بالغضب في أنحاء القصر وكأنه سيُسقطه.
تراجع ديتريش فزعًا ووضع يده على غمد سيفه، بينما هربت دمى الدببة الصغيرة من حوله مذعورةً، تتخبط يمينًا ويسارًا.
[رئيس الطابق الأول يوبخ أتباعه على سلوكهم الطائش.]
[يصرخ متسائلًا إن كانوا يعلمون ما الأغراض التي سُرقت. يُهدد بألا يُبقي أحدًا منهم على قيد الحياة.]
[ويبدأ بتهديد “ديتريش” أولًا.]
كما توقعت. غضب الزعيم اتجه نحو ديتريش بدلًا من أن ينصب على أتباعه.
بينما كان ديتريش يحاول فهم الوضع، فجأة—
—دووووم!–
سقط أمامنا دب عملاق بحجم المطبخ، وكأنه ظهر من العدم، يقطع طريقنا.
بسرعة، رفع ديتريش جسده ليتخذ وضعية الدفاع. وقبل أن تهوي قبضة الدب العملاق، أمسك بخصري واندفع بي إلى الأرض متدحرجًا بعيدًا عن الخطر.
تحطم طاولة خشبية قريبة إلى نصفين تحت وطأة ضربة الدب.
“هاه…”
كدنا أن نُسحق معًا تحت تلك القبضة العملاقة.
لقد ظهر الزعيم، رئيس الطابق الأول.
“هل أنتِ بخير؟”
“نعم، أنا بخير.”
لحسن الحظ ، ديتريش حماني بجسده، واضعًا يده فوق رأسي كي لا أتأذى.
“كيوووووو!”
-<كي… هيا نهرب!>
-< اهربوا! >
عند ظهور الدب العملاق، دبّت الفوضى بين دمى الدببة الصغيرة، التي راحت تهرع في كل اتجاه هربًا.
أسرعتُ بالنهوض، أمسكت بكتلة الفراء في يد، وجذبتُ ديتريش بيدي الأخرى.
“علينا أن نهرب!”
“ابقي هنا. أنا سأواجهه…”
“أسرِع!”
صرخت به، فذهل لوهلة ثم استسلم وركض معي، بينما كان العملاق يطاردنا بلا هوادة.
–دووووم! دووووم!–
كان العملاق يتقدم بخطوات ثقيلة، وكلما خطا، تحطمت قطع الأثاث وتشققت الأرضية.
واصلت الجري وأنا أمسك بيد ديتريش، متخذةً مسارًا يقطع أنحاء القصر الواسع.
بفضل الممرات الطويلة والمُلتوية، تمكنّا أخيرًا من تضليل العملاق عند نقطة تفرع الممرات.
وجدنا غرفة في زاوية الممر، فدفعتُ ديتريش وكتلة الفراء داخلها، وأغلقت الباب خلفنا.
“هاه… هاه…”
ركضتُ كثيرًا لدرجة أنني بالكاد أستطيع التنفس.
وضعت أذني على الباب بحذر، فلم أسمع شيئًا.
تنهدتُ بارتياح وأسندت ظهري إلى الباب، ثم لاحظتُ نظرة ديتريش المتفحصة. بدا وكأنه يحاول قراءة أفكاري.
“لم أتوقع أن يظهر بهذه السرعة.”
كنت أشعر بفارق الزمن بين ما كنت أراه من وراء الشاشة حين لعبت اللعبة، وبين ما يحدث لي الآن. لو كنتُ أعلم أنه سيظهر بهذه السرعة، لما تهاونت في السابق.
“لماذا هربتِ؟”
لأنك لم تجمع بعد جميع أجزاء مذكرات S.
حتى الآن، جمعنا جزأين وبقي جزء واحد.
كما قد تكون خمنتَ، مذكرات S تحتوي على تلميحات تساعد في اجتياز اختبارات زعماء الطوابق.
“بدا الوضع خطيرًا.”
“…….”
نظر إليّ بوجه غير راضٍ تمامًا.
مسحت العرق عن جبيني وأخذت أراقب الغرفة المظلمة حولنا.
كانت مليئة بالملابس، ويبدو أنها غرفة لتبديل الثياب.
لحسن الحظ، لم يكن هناك وحوش.
حين كنت ألعب اللعبة، دخلت هذه الغرفة عدة مرات، وأحيانًا كانت هناك وحوش، مما يزيد من صعوبة المرحلة.
“ديتريش، إلى متى ستظل شبه عارٍ هكذا؟”
“…….”
“ما رأيك بأن تختار ملابس مناسبة وترتديها؟”
عندها فقط أدرك أنه كان شبه عارٍ، فاحمرّت أطراف أذنيه قليلًا.
بدأ يفتش بين الملابس بحثًا عما يناسبه.
رأيت حبات العرق تنساب على ظهره العضلي. ترى… هل هكذا شعر الرجل الذي سرق ثياب الجنية؟
بعد لحظات، كان جسده العضلي مغطى بقميص ناعم وأنيق من قماش فاخر، يبدو أنه ينتمي إلى أحد النبلاء.
لحسن الحظ، كان القميص مناسبًا تمامًا لبنيته الكبيرة.
ثم راح يفتش عن سترة أو معطف ليرتديه فوق القميص. لكن فجأة، تجهم وجهه قليلًا.
“ما الأمر؟”
“هذه الملابس… قديمة جدًا.”
“حقًا؟”
“أعتقد أنها تصاميم تعود إلى أكثر من مئة عام.”
آه، كان يركز على هذه التفاصيل؟.
لم أكن لألاحظ ذلك، إذ لست من هذا العالم.
بينما كنت أراقبه بلا اهتمام، سقط شيء من بين طيات الملابس فجأة.
[ديتريش حصل على جزء من مذكرات S.]
[سيتم مشاركة محتويات المذكرات مع شارلوت.]
وأخيرًا! كان الجزء الأخير من المذكرات هنا!.
شعرت بارتياح عميق. كنت أخشى أن يكون قد فُقد، لكن لحسن الحظ وجدناه.
تأمل ديتريش المذكرات باندهاش، وكأنه لم يتوقع أن يجدها هنا. وحين همّ بقراءة محتواها،
طَرَقَ أحدهم الباب.
“تراجعي!”
جذبني ديتريش فورًا إلى الخلف ووقف أمامي بحذر، متأهبًا لأي تهديد محتمل.
ثم عاد الطَّرْقُ مرة أخرى.
“ما الذي تنوي فعله، التحديق في الباب حتى يستسلم؟”
“لا تقولي أشياء سخيفة!”
شعرت بالضيق من حذره المبالغ فيه، فدفعت ديتريش جانبًا وفتحت الباب بنفسي.
“أنتِ…!”
تذمر ديتريش بصوت منخفض محاولًا إيقافي، لكنه تأخر. كنت أعلم بالفعل من يقف خلف الباب.
“أنتم…”
كانوا دمى الدببة التي دعت ديتريش إلى “مقهى الدمى”!
حين ظهر الزعيم العملاق، كان من الممكن أن نموت لو أُمسك بنا. لكن لأننا نجحنا في الهرب، أحضروا لنا دعوة إلى مواجهة جديدة.
قدّموا لورقة إلى ديتريش، الذي نظر إليهم بريبة قبل أن يأخذها ويقرأ ما كُتب عليها:
[ساحة المعركة]
سنقاتل!.
إذا فزتَ، سأعيد حياتك إليك. موعدنا بعد ساعة. سنذهب إلى حيث تكون أنت! .
“…….”
“…….”
تحدٍ لا يحمل أي تهديد حقيقي أو هيبة، على الإطلاق. __________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات لهذا الفصل " 18"