نمت نومًا عميقًا.
لم أكن أتوقع أن أنام بهذا العمق، نظرًا لأن جسد شارلوت لم يكن بحاجة إلى الكثير من النوم.
لا شك أن التعب كان نتيجة العقوبة التي تلقيتها.
استيقظت وأنا أفكر في الأحداث التي وقعت من قبل، وبدأت أبحث عن تلك الكتلة الفروية الصغيرة.
“غير موجودة.”
أين ذهب؟.
في اللعبة، كان يلتصق دائمًا بديتريش ولا يفارقه.
بعد أن تجولت لبعض الوقت، عدت إلى غرفتي لأجد شيئًا موضوعًا أمام الباب.
كانت هناك سلة مليئة بالتفاح.
“هل تركها ديتريش هنا؟”
انحنيت ونظرت إلى التفاح، ولاحظت وجود آثار أسنان صغيرة على أحدها.
وعندما دققت النظر أكثر، رأيت أيضًا آثارًا مشابهة على مقبض السلة.
هل يُعقل أن…؟
لم أتمالك نفسي وانفجرت ضاحكة.
“كيوو!”
في تلك اللحظة، خرجت الكتلة الفروية السوداء من خلفي قافزة بحماسة.
التقطتها بين ذراعيّ، فشعرت بحرارة جسدها الدافئ.
“هل فعلت هذا؟”
هزّ رأسه الصغيرة بالإيجاب.
إذًا، تفهم ما أقول.
“شكرًا لك على مساعدتك لي في المرة الماضية.”
لم أكن لأتوقع أبدًا أن يحمل ذالك الصغير قنبلة مائية وتلقيه عليّ.
لم يكن هذا الحدث جزءًا من أحداث اللعبة، لذا بدا الأمر غريبًا.
لكن بما أنه بدى ودوداً معي، فلا بأس.
“ما حقيقتك؟”
“كيااانغ!”
“كياانغ؟”
هزّ رأسه نافياً وهو يبدو غير راضي.
كان تعبير وجهه يشير إلى أنه يريد أن يقول شيئًا، لكن الكلمات لم تصلني.
ثم بدا وكأنه اتخذ قرارًا، فرفع رأسه مجددًا بثقة.
“كوونغ! آنغ آنغ!”
“…….”
“كيُو!”
ربما يحاول أن يقول لي اسمه.
بدا أنه يحاول جاهداً أن ينطق بشكل صحيح، لكن للأسف لم أفهم شيئًا.
“كييوو….~”
بعد عدة محاولات، خفضترأسه وكأنه استسلم.
يبدو أنه أدرك أن محاولاته لن تنجح.
[الوقت المتبقي حتى بدء اللعبة التالية: ساعة واحدة و31 دقيقة و29 ثانية]
همم…
كنت أود أن ألعب مع الكتلة الفروية أكثر، لكن الوقت المتبقي حتى الجولة التالية لم يكن كثيرًا.
تأكدت على الأقل من أنه بخير.
أنزلته على الأرض، فدفعت ساقي برأسه الصغير وهو ينظر إليّ بفضول.
“يجب أن أذهب للقاء ديتريش. هل تريد مرافقتي؟”
“كوونغ….”
ترددت للحظة، ثم هزّ رأسه بالنفي.
“لماذا؟”
فوجئت بإجابته، فقد كنت أتوقع أنه سيوافق على الفور.
“حسنًا، سنلتقي لاحقًا نحن الاثنتين فقط، ما رأيك؟”
“كيوو!”
قفز بحماس ، وكأنه سمع الجواب الذي كان يريده.
حسنًا، يبدو أن توصيله إلى ديتريش لم ينجح. بدلًا من أن يتبعه، أصبح يلتصق بي!.
“من المفترض أن تكرهني، اتعلم ذلك، صحيح؟”
هزّ رأسه نافياً وبدأ يفرك رأسه بساقي وكأنه ينفي الفكرة تمامًا.
كان دائمًا ينبح عليّ في اللعبة!
“إذًا، أراك لاحقًا.”
ربّتُ على رأسه قبل أن أنهض.
أخذت معي التفاحة التي أعطاني إياها، وحملت بعض الأشياء الضرورية حتى امتلأ حضني.
يا إلهي… ثقيل جدًا!.
مضيت نحو المكتبة حيث كان ديتريش.
لا أعلم لماذا قرر البقاء في المكتبة بدلًا من التجول في الغرفة كما كان يفعل.
كان يجلس على طرف المكتب، وقد علق معطفه على الكرسي القريب.
رفع أكمام قميصه وبدأ يتصفح الكتب بانشغال.
كانت عضلات ذراعه واضحة، وعظام يديه بارزة بشكل أنيق.
كان مشهدًا ساحرًا.
بدا أنه مستغرق تمامًا في القراءة لدرجة أنه لم يشعر بقدومي.
تلك الخصلات السوداء التي انسدلت على جبينه، والرموش الطويلة التي تلامس وجنتيه كلما أغمض عينيه.
لا إراديًا، أمسكت أنفاسي.
كنت دائمًا أسخر من وصف “وسيم حد الاختناق”، لكن يبدو أنني أسأت تقدير الأمر.
“متى جئتِ؟”
أخيرًا، التفت نحوي بعدما شعر بوجودي، وبدا عليه المفاجأة.
كان هذا هو التعبير المعتاد كلما رآني، وكأنه لم يتوقع أن أظهر فجأة.
“لتوي فقط. هل أنت مشغول؟”
“ما الذي تريدينه؟”
ابتسامة ديتريش التي رأيتها قبل نومي اختفت وكأنها كانت مجرد وهم، وحلّ مكانها وجه متجمد بمجرد أن وقعت عيناه عليّ.
“ليس لديّ حاجة خاصة، في الواقع.”
“…ما الذي تحملينه معكِ؟”
حوّل ديتريش نظره إلى الأشياء التي كنت أحتضنها.
“هذا تفاح، وهذا إبرة وخيط.”
رفعت التفاحة التي في يدي اليسرى ثم الإبرة والخيط اللذين كنت أحملهما بيدي اليمنى أثناء شرحي.
“هذا واضح. سؤالي هو: لماذا جلبتِ كل ذلك؟”
“إذا كان الأمر واضحًا، فمن المفترض أن تعرف الغرض منه أيضًا، أليس كذلك؟ التفاح أحضرته لتأكله، أما الإبرة والخيط فهما لخياطة ملابسك الممزقة.”
“هل أحضرتِ كل هذا… من أجلي؟”
نظرت إلى كتفه، حيث كان قماش سترته ممزقًا كأن وحشًا قد مزّقه بأنيابه.
“لا أعتقد أنك تريد التجول مرتديًا قطعة قماش مهترئة.”
“…قطعة قماش مهترئة؟”
نظر ديتريش إلى سترته، واحمرّت أذناه من الإحراج.
“إذا كنت مشغولًا، لن أزعجك. التفاح أحضرته لك إذا كنت جائعًا، وأنا سأجلس بهدوء وأخيط سترتك بينما تتابع القراءة.”
تقدّمت بحذر ومددت يدي نحو سترته، لكن قبل أن ألمسها، أمسك بها ورفعها بعيدًا عن متناول يدي. ثم أخذ السلة التي تحتوي على الإبرة والخيط.
“لماذا تخيطين ملابسي؟ أستطيع فعل ذلك بنفسي.”
“هل تريد أن تفعل ذلك بنفسك؟”
“نعم، سأخيطها بنفسي.”
قال ذلك بهدوء، ثم التقط التفاحة.
“…هناك آثار أسنان؟”
“آه، الأمر له تفسير. إذا لم يعجبك ذلك، يمكنك قطع الجزء الذي به آثار.”
“…”
كان من الأفضل لو أحضرت تفاحة أخرى، على ما يبدو.
قال ديتريش وهو ينظر إلى التفاحة: “آثار الأسنان صغيرة.”
“هل هي من ذلك الحيوان الصغير؟”
كان يقصد الكتلة الفروية.
“نعم، هو من أحضر التفاحة.”
“…هل أنتِ من تقومين بتربيته؟”
“لا، في الواقع، رأيته للمرة الأولى البارحة.”
“في هذا القصر، وأنتِ تقيمين هنا، ولم تريه إلا مؤخرًا؟”
تحدث بنبرة مزيج من الاستغراب والفضول.
“لا أعلم كل شيء هنا.”
عندما وجدت نفسي في جسد شارلوت، لم أفعل الكثير، بصراحة.
في البداية، كنت أتجول في القصر وأستكشفه، لكنني سرعان ما شعرت بالملل. وهكذا أمضيت معظم وقتي في غرفتي دون أن أحقق شيئًا يُذكر.
وضع ديتريش التفاحة أخيرًا على الطاولة. يبدو أنه لم يرغب في تناولها بسبب آثار الأسنان.
“لكن لماذا أحضرتِ كل هذا العدد من الإبر والخيوط لخياطة مجرد ثوب ممزق؟”
كان ينظر إلى السلة الممتلئة بالخيوط باستغراب واضح.
“إبرة واحدة تكفي… أم أنكِ تخططين لوخزي بالإبر أيضًا؟”
“مجرد احتياط. وجود الكثير منها لن يضر.”
“لا حاجة لذلك. كل هذه الإبر زائدة عن الحاجة.”
أنا واثقة أنها ستفيد لاحقًا.
“هل انتهت حاجتكِ الآن؟”
“أظن ذلك.”
كان واضحًا أنه يريد مني المغادرة.
لم أكن أرغب في البقاء أكثر على أي حال. طالما أنني أوصلت له ما جئت لأجله، فلا بأس.
“سأذهب إذًا.”
“…لحظة.”
كنت على وشك الانصراف عندما أوقفني ديتريش فجأة.
“لماذا أنتِ محتجزة هنا في هذا المكان؟”
“…”
“قبل أن تُحتجزي هنا… ماذا كنتِ تفعلين؟”
بمجرد أن سمعت سؤاله، شعرت وكأن طعنة خفيفة أصابتني في رأسي.
نشأتُ دون أن ينقصني شيء، على الأقل ظاهريًا.
أب متسلط، زوجة أب لم تهتم لأمري، وأبناءها الذين كنت أعيش بينهم.
لم تكن العائلة دافئة، لكنها لم تكن مأساوية أيضًا. كنت أحاول تفادي المشكلات معهم، لكن أبي كان الشخص الذي اصطدمت معه أكثر من غيره.
كنت دائمًا الابنة التي تخيب آماله، رغم أنه لم يُظهر ذلك بوضوح بل كان يُعبّر عنه بطرق أخرى… مثل التخلص من أشيائي.
“أبي، هل تخلصت من أدوات الرسم الخاصة بي؟”
“ابحثي عنها جيدًا. لماذا تلقين اللوم عليّ كلما أضعتِ شيئًا؟”
“لكنني كنت أحتفظ بها في غرفتي!”
“أخفضي صوتك! لا ترفعي صوتك عليّ، أيتها الفتاة عديمة الأدب…”
“أنا أرفع صوتي لأنك من تخلصت منها! لقد فعلت ذلك من قبل مرات كثيرة! لماذا تفعل ذلك؟”
ربما رفعت صوتي في بعض الأحيان أكثر مما كان يجب…
“ألم تقلِ إنكِ ستحققين نتيجة معينة في الامتحان مقابل السماح لكِ بالرسم؟ فكّري في أدائك جيدًا.”
“…لكن هذا لا يبرر التخلص من أدواتي! لقد بذلت جهدي! درست طوال الليل، ولم أسترح حتى في أوقات الفراغ…!”
“من تبذل جهدًا لا تحصل على هذه النتائج. هل كان الرسم يشغلكِ عن الدراسة؟”
كان يحتقر هوايتي في الرسم، ودائمًا ما يُشعرني أنني مخطئة.
ربما كان عليّ أن أعيش مطيعة بلا مقاومة، لكان ذلك أسهل.
“لا بد أنكِ كنتِ تفعلين شيئًا قبل مجيئكِ إلى هنا.”
لماذا يسألني هذا فجأة؟.
في اللعبة، لم يكن يبدي أي فضول حول هذا الأمر.
“وما شأنك أنت؟”
انفلتت الكلمات من لساني بنبرة حادة دون أن أشعر. __________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
التعليقات لهذا الفصل " 15"