أدرت ظهري إلى ديتريش متظاهرة بعدم الاهتمام بكلامه، لتجنب استمرار الحديث الذي قد يضرني.
عندها، وضع ديتريش رداءه الخارجي فوق جسدي برفق.
“…ما هذا؟”
“تمزقت ملابسكِ. ارتدي هذا.”
“…”
“كما أن حرارة الغرفة انخفضت وأصبحت باردة.”
يا له من شخص لطيف.
لكن بدلًا من الشعور بالامتنان تجاهه، تراكم داخلي إحساس غريب بالضيق.
رفعت الرداء حولي دون كلمة. لم يكن جسد شارلوت يشعر بالبرد أساسًا، ولا أعلم لماذا قبلت ارتداءه.
ولكن… أليس من المفترض أن أجد الشظاية هنا؟.
مددت يدي نحو جيب ديتريش بحثًا عن الشظاية.
“ما هذا؟ لماذا ليس هنا؟”
هل يُعقل أنه لم يحتفظ به؟.
وقفت فجأة.
أين اختفت الشظاية؟!
“لم تتعافي تمامًا بعد…!”
“اصمت! لم تقم بأي شيء جيد الآن!”
“…”
لابد أن الشظاية ما زالت في هذه الغرفة.
بدأت أبحث في أرجاء الغرفة، تحت الطاولة، وخلف الستائر، ولكن دون جدوى.
“هل تبحثين عن شيء ما؟”
اقترب مني ديتريش، وكأنه قلق من تصرفاتي المريبة.
“عندما حللتَ اللغز وسقطت البطاقة، ألم تلاحظ أي شيء كان بجانبها؟”
“شيء كان بجانبها؟”
ظهر على ملامحه أنه يفكر، ثم تحرك فجأة نحو زاوية معينة.
توقف وانحنى ليلتقط شيئًا من الأرض.
“هل هذا ما تبحثين عنه؟”
“نعم! هذا هو!”
داخل القارورة الشفافة كانت هناك شظاية ذهبية لامعة.
هذا هو…
–!!…–
في تلك اللحظة، شعرت بارتعاشة قوية تجتاح جسدي، وتصلبت مكاني.
هذا الشعور…
“عيناكِ… لقد تغيرتا مجددًا…”
أوه، بالطبع.
لم يكن يحدث دائمًا، ولكن كلما حصلت على الشظاية، كانت “شارلوت” تظهر وتواجه ديتريش.
“عيناكِ تحولت إلى اللون الأحمر مرة أخرى.”
كان ديتريش ينظر إليّ بارتباك، وهو يراقب التغير المفاجئ في ملامحي.
ابتسمت ابتسامة ساخرة دون أن أدرك، ثم أبعدت يده التي امتدت نحوي برفق.
نظر ديتريش إلى يده التي أبعدتها بحيرة، ثم رفع بصره إليّ مجددًا.
كانت عيناه البنفسجيتان الداكنتان تحملان لمحة من القلق وكأنهما تدركان قدوم شيء سيئ.
“تهانينا على العثور على أول شظية، يا ديتريش.”
“…شظية؟”
حدّق ديتريش في الشظية الذهبية داخل القارورة.
في اللعبة، عندما عثر على شظية للمرة الأولى، كان يتساءل: “ما هذا؟”
في تلك اللحظة، كانت شارلوت تظهر وتشرح له ماهية ما حصل عليه.
“إذا جمعت ما يكفي من هذه الشظية، يمكنك صنع <مفتاح> يفتح الطريق للطابق التالي.”
“صحيح، لقد ذكرتِ ذلك من قبل… عندما دخلتُ القصر أول مرة.”
كان هذا جزءًا من التعليمات التي أعطيتها له في يومه الأول في القصر.
“كنت أعتقد أنك ستفشل وتموت قبل أن تعثر على أي غبار.”
ها هي شارلوت تسخر مجددًا.
إضافة إلى دورها في شرح بعض الأمور لديتريش، كانت شارلوت دائمًا تضيف تعليقًا ساخرًا في النهاية، مما يزيد من استياء ديتريش تجاهها.
“مع ذلك، حتى الآن…”
“كفى.”
قاطَعَني ديتريش فجأة.
لم يحدث هذا من قبل، لذا شعرت بالارتباك.
“تتحدثين بأسلوب سيئ مجددًا.”
صُدمت. لم أتوقع أن يتصرف بهذه الطريقة.
أليس من المفترض أن يحدّق بي بنظرات مليئة بالكراهية كما في المعتاد؟.
“لماذا تتصرفين بقسوة هكذا فجأة؟”
بدت نبرة صوته غاضبة، لكنني لم أستطع تقديم إجابة له، إذ كانت كلماتي تحت سيطرة النظام.
تحدثتْ شارلوت كما أرادها النظام أن تتحدث.
“أسعدني، يا ديتريش.”
“…”
عندما انتهت كلمات شارلوت، تلاشى ذلك الشعور القسري الذي كان يتحكم بي.
نظر إليّ ديتريش بوجه يصعب قراءة تعابيره.
“لا أفهمكِ. لا أفهم لماذا تقولين كلامًا كهذا، ولا أفهم سر تغير لون عينيكِ.”
“…”
“لكن الغريب أنكِ رغم الكلمات القاسية، لا تزالين تقدمين لي المساعدة.”
قال ديتريش بنبرة مترددة ومفعمة بالمشاعر.
“عندما أخبرتني عن الغرفة في ذلك الوقت… ألم تقولي إنك ارتكبتِ خطأً؟”
ما الذي يحاول قوله الآن؟.
لم أتمكن من فهم نظراته المليئة بالتفكير وهو يحدق بي.
“حسنًا. سأصدقك.”
“…ماذا؟”
“لقد ساعدتني.”
“…هل نسيت تمامًا أنني من قام بحبسك؟”
“بالطبع لا. لكنني لا أفهم تصرفاتك المتناقضة. أنتِ من حبستني، والآن تساعدينني، ثم فجأة تسخرين مني. لا أستطيع فهم ذلك.”
“لست بحاجة إلى فهمي.”
مررت بالكثير من المواقف الظالمة، لكنني لم أكن أرغب يومًا في أن يفهمني أحد.
لقد حدث ما حدث، ولا أحد قادر على تغييره.
“لكن بما أنكِ ساعدتني حتى وأنتِ تتعرضين للأذى، سأثق بك.”
“…”
“لكن إذا تكرر شيء مماثل لاحقًا… لا أعرف ما قد يحدث حينها.”
قد أحاول التصرف بذكاء لتجنب المواقف السيئة، لكن السيطرة على جسدي ليست ملكي بالكامل.
“حسنًا، شكرًا لك.”
لم أجد شيئًا آخر أقوله، فخرجت هذه الكلمات الجوفاء من شفتي دون قصد.
عندها رأيت شيئًا لم أكن أعتقد أنني سأراه يومًا على وجه ديتريش… ابتسامة خافتة بالكاد ظهرت.
❈❈❈
“أين اختفى؟!”
في غرفة مزخرفة وفاخرة لا تناسب التقشف الذي يدّعيه المعبد، كان رجل يصرخ ووجهه يشتعل غضبًا.
هذا الرجل هو غيلبرت، الكاهن الأكبر.
كان هو من ربّى أطفال المعبد الموهوبين بيده منذ صغرهم، وأعدّهم ليصبحوا أفرادًا نافعين.
وكان يتحكم بهم بصرامة شديدة، حتى أنه زرع رموزًا بارزة على أعناقهم كي لا يتمكنوا من الهرب.
من بين الجميع، كان ديتريش هو الأكثر موهبة.
مهاراته القتالية كانت استثنائية، وقدرته على اتخاذ القرارات في المواقف الحرجة جعلته ينتصر في الحروب، ويحقق السلام للأرض.
حقق غيلبرت ثروة طائلة بفضل ديتريش. فقد كان ديتريش طفلًا ذا نفع كبير في كل النواحي.
لكن بعد إصابته بصدمة جعلته يهلع كلما رأى الدماء، قلت فائدته تدريجيًا.
ومنذ ذلك الحين، كان غيلبرت يُجبره على القيام بأعمال شاقة مثل تنظيف الفضلات، ظنًا منه أن ذلك سيعيده إلى رشده.
لكن كلما أتم ديتريش تلك المهام دون شكوى، زادت نار الغضب اشتعالًا في صدر غيلبرت.
إلى أن وصلته رسالة من شخصية مرموقة تطلب إرسال ديتريش كحارس شخصي.
كان هذا الشخص هو الدوق الكبير كلاريت، الذي كان يدير أحد أكبر شبكات التجارة في الإمبراطورية، وكان يستعد لصفقة ضخمة تتضمن كميات هائلة من الذهب والبضائع الثمينة.
أراد الدوق استخدام سمعة ديتريش في الحروب لتسويق قيمة تلك الصفقة.
ورغم أن ديتريش قد أصبح أقل فائدة الآن، إلا أن سمعته كبطل في الحروب ما زالت قوية.
تردد غيلبرت للحظة، خشية أن يسيء ديتريش التصرف ويعرضه للإحراج.
لكنه قرر في النهاية إرسال ديتريش، لأن فرصة التعاون مع الدوق الكبير كانت مغرية للغاية.
رغم أنه لم يعد يستخدم سيفه كما كان، إلا أن عقله الذكي كان لا يزال فعالًا.
“كل ما عليك فعله هو الوقوف هناك. ما يهمهم هو وجهك وليس مهاراتك.”
“وإذا أفسدت الأمر، سأقتل جميع الأشخاص الذين تحاول حمايتهم.”
كانت تلك الكلمات تهديدًا كافيًا ليضمن أن ديتريش سيقوم بما يُطلب منه.
فقد كان ديتريش شخصًا عاطفيًا يهتم بعائلات رفاقه الذين ماتوا في الحرب، وغيلبرت استغل هذا الجانب من شخصيته.
وبالفعل، حصل غيلبرت على مكافأة مالية من الدوق كلاريت مقابل إرسال ديتريش.
كان من المفترض أن يصل ديتريش إلى أراضي الدوق منذ أيام قليلة.
لكن في اليوم المحدد، لم يظهر ديتريش.
حاول غيلبرت التذرع بأن الأمطار الغزيرة تسببت في تأخير وصوله.
كان واثقًا أن ديتريش لن يهرب بفضل الرمز المزروع في عنقه، لكن… ذلك لم يحدث.
عندما جفت الأرض، اختفى ديتريش كما لو أنه تبخر.
كان أمرًا مريبًا.
والأسوأ أن الرمز الذي كان على عنقه توقف عن العمل.
أدرك غيلبرت أن ديتريش قد هرب بالفعل.
“كيف تجرؤ… أن تهرب بعد كل ما فعلته من أجلك…!”
–بام!–
ضرب غيلبرت الطاولة بغضب شديد، فتطايرت الأوراق التي كانت فوقها.
“عندما أمسك بك، سأعيد تدريبك مجددًا…”
سيجعل من المستحيل عليه التفكير في الهرب مرة أخرى.
وبفضل نفوذ المعبد، لن يكون من الصعب العثور على ديتريش.
أخذ غيلبرت يهدأ وهو يتخيل مشهد إمساكه بديتريش وكسر عنقه بيده. ثم استدعى أحد الخدم فورًا.
“أمرتَ باستدعائي، سيدي؟”
لم يكن ديتريش أول من يحاول الهرب.
لذا كان المعبد يحتفظ دائمًا بفرق متخصصة لتعقب الفارين.
وبما أن الرمز لا يزال على عنقه، لم يكن من المفترض أن يكون العثور عليه أمرًا صعبًا.
“أرسل فرقة التعقب فورًا.” __________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 14"