2
2.
كانت طفولة ريفن تعيسة بشكل مروع قبل أن تغير اسمها من عائلة تشيس لعائلة خالها* وينستون.
*طلع خالها مش عمها
تلخيصًا في كلمة واحدة، كانت حياة مهمشة بلا أي سعادة.
كان والدها صيادًا لدى أحد النبلاء ووالدتها نادلة في مطعم.
كان سوء حظها هو أن يحظوا بأربعة أطفال كانت هي أكبرهم.
إخوتها الثلاثة الكسالى والأغبياء كانوا يعاملونها كخادمتهم.
وفوق ذلك، ظلّ والداها متأثرين بالفكر القديم كون أن الفتاة يجب أن تكون هادئة طوال الوقت وتبادر بمساعدة الأسرة، وأن تصبح أمًا في سن مبكرة.
ولكن في الوقت الحاضر، أصبح بإمكان النساء أن يصبحن تاجرات ناجحات أو يتقلدن مناصب رفيعة.
في سن السادسة، عندما كانت كبيرة بما يكفي لفهم بعض الأشياء، أدركت ما كان يحدث.
كانت هي من تقوم بالأعمال المنزلية كلها بينما كان إخوتها يلهون طوال الوقت. كانت هي من يتأرق طوال الليل تستمع لصراخ والديها كل ليلة.
ومع ذلك، كان مصروفها نصف مصروف إخوتها، وبالطبع كانت غرفتها أصغر بكثير من غرفهم. كان التمييز بينهم واضحًا، لكنها لم تستطع تغيير ذلك.
لكن لحسن الحظ، كانت تلميذة مجتهدة ذات عقل نابغ بالنسبة لعامة الناس، ورغم أنها حضرت في مدرسة منخفضة نسبيًا، إلّا أنها قد تفوقت في كل صفوفها وتعلمت أسرع من أقرانها.
أصبح فتح الكتاب والانغماس في المعرفة التي تحتويها الكلمات أفضل شيء لديها في العالم.
الرياضيات، التاريخ، الأدب، الاقتصاد، والعلوم. كان توسيع معرفتها كرحلة البحث عن الكنز. أحبت كل شيء يمكنها قراءته.
ولكن كونها فتاة ومن عامة الناس، كانت فرصتها ضئيلة جدًا لإكمال تعليمها. أملت أن تغادر يومًا ما هذا المكان الضيق وتشق طريقها نحو عالم آخر.
لكن الحلم لم يلبث إلا قليلاً. في السنة التي بلغت فيها الثانية عشرة من عمرها، لم يعد يُسمح لها بالذهاب للمدرسة.
كان هذا لأجل السماح لأخيها جوناس، الصبي الجاهل الذي لم ينظر إلى كتاب في حياته، بالذهاب هو للمدرسة.
“هل تعرفين كم هو مكلف الذهاب إلى المدرسة؟ وما فائدة الدراسة للفتيات؟ من المفترض أن تبقي في المنزل وتعتني بالعائلة، أما الرجل هو من يدرس ويقوم بالأشياء الأكثر أهمية.”
كانت تلك حجة والدها دائمًا.
كانت تفكر دائمًا
‘ما الذي يقوله بحق خالق الجحيم؟’
لكنها لم تجرؤ على الاعتراض في ذلك الوقت. تمسكت بوعده لها إن تحسنت الظروف فقد تعود للمدرسة.
ومع ذلك لم تتوقف عن الدراسة، جمعت كل الكتب المهملة من المكتبة المحلية أو من أي مكان استطاعت الوصول إليه. كانت تذاكر على ضوء الشموع في وقت متأخر من الليل، تحاول أن تحصل أي علم يمكنها تحصيله. كان هناك أشياء أكبر من أن يستوعبها عقلها، لكن مع كثرة القراءة أصبحت تُلم بهم شيئًا فشيئًا.
وبعد عامين من عدم الذهاب للمدرسة، وفي مساء اليوم الذي استجمعت فيه أخيرًا شجاعتها لتطلب الذهاب للمدرسة مرة أخرى، أخبرها والدها بأفظع خبر سمعته في حياتها.
“ابن الخبّاز من الشارع المقابل معجبٌ بك.”
كانت تلك أول مرة تسمع فيها هذا الكلام وكادت تختنق وهي تشرب الماء.
قال والدها أنه لطالما كان ذلك الرجل ينظر لها وأنه يملك محلًا جيدًا وسيكون من الجيد الزواج من رجل مثله، وأن هذه الأيام صعبة عليهم بوجودها كفتاة معهم ستكون عبئًا على العائلة.
كانت في الرابعة عشرة من عمرها في ذلك الوقت، كانت تعلم أنه من الشائع أن يبيع الفقراء من عامة الناس بناتهم من خلال الزواج، لكنها لم تتصور قط أن هذا سيحدث لها.
كان ابن الخباز، وهو رجل سيء المزاج غير متعلم، غير قادر على العمل حتى، آخر نوع من البشر قد تفضل الزواج به. كانت ترى أن الموت سيكون أفضل حتى.
“لماذا؟ لا، لا أريد ذلك!”
ظلّت مذهولةً لبضع ثوانٍ ثم هبّت واقفةً وصرخت بقوة.
ذهل والداها من مظهرها، فلم يسبق لها أن تمردت قط على أي شيء. لكن بدا أن إحباطاتها الداخلية قد انفجرت.
“لا، لن أتزوج، لقد فعلت كل ما أردتموه، لماذا يجب أن أعيش هكذا بينما إخوتي ينفقون الأموال بلا اهتمام ويستمتعون بحياتهم طوال الوقت؟”
صرخت بقوة، لكن ما قاله والداها بعد ذلك لم يكن واضحًا.
إخوتكِ بلا بلا بلا…. المهر بلا بلا بلا.
ولكن ما استطاعت تذكره كان نظرة والدها الحادة. انقلب وجهه الحامل لتعبير لطيف في ثانية إلى وجه غاضب. لم يعد وعيها إلا بعد تلقيها بضع صفحات من والدها.
عندها أدركت.
‘آه. لم يكن هناك أي سبب لوجودي منذ البداية.’
لم تكن بحاجة للتمسك بعائلة لم ترغب بها.
لذا قررت الهرب من المنزل تاركةً إياهم جميعًا.
لم يكن معها سوى بعض المال من مصروفها القليل وبعض الملابس البسيطة التي لم يعد إخوتها يستخدمونها.
***
ذهبت للبحث عن خالها ليس فقط لأنه قريبهم الوحيد الذي تعرفه، ولكن كونه أيضًا الشخص الوحيد في العائلة الذي كان حنونًا معها.
تذكرت أنه عندما كان يأتي لمنزلهم من وقت لآخر كان يهديها كتابًا ويربت على رأسها بلطف.
لكن في العاشرة من عمرها انقطعت العلاقة تقريبًا، علمت عندها أن الشخص الوحيد الذي يمكنها اللجوء إليه في حياتها قد غادر.
لكنها ظنت أنه لن يدّعي عدم معرفتها بعد هذه السنين. لذا بحثت عن آخر رسالة أرسلها وقررت الذهاب للعنوان المدون عليها.
“هل أنتِ بخير؟ قال السيد فيكتور أن الحمى قد انخفضت……”
وضع خالها مقياس الحرارة في فمها وسألها بقلق.
بعد يوم واحد من انهيارها، فتحت عينها لتجد نفسها في غرفة جميلة ترتدي ملابس نظيفة وناعمة.
طلب منها الطبيب الذي يدعى السيد فيكتور بأخذ قسط من الراحة ثم غادر الغرفة.
تحدث خالها وهو ينظر لها بقلق بينما كانت تشرب الحساء الدافئ.
“لا أعلم ما الذي جاء بكِ إلى هنا ولكن…. ابقي هنا حتى تشعري بتحسن ثم سأعيدكِ للمنزل شخصيًا.”
“لا!”
صدم خالها عندما رآها ترتعش وتهز رأسها لمجرد التفكير في عودتها.
“أريد البقاء هنا، أرجوك… أرجوك لا تُعدني إلى المنزل…..”
سواء عادت بعد بضعة أيام أو بعد عام، فلن يتغير مصيرها هناك. لم تعد تملك أي نية للعودة للمنزل، ليس بعد أن عُوملت بتلك الطريقة.
عندما رأى التمرد في عينيها، جلس على الكرسي وسألها بلطف.
“…ما الذي حدث؟”
تغير لون وجهها من الخوف، لكنها استطاعت أن تروي له كل شيء. التمييز الذي عانت منه منذ صغرها، كيف رفض والدها ذهابها للمدرسة، وكيف أخبرها أن عليها الزواج من شخص لا تريده.
عندما انتهت من سرد كل شيء، ربت خالها على رأسها ونظر بها بحنان.
“….أنا آسف لكل ما حدث لكِ. لكن تذكري، لم يكن أيٌ من هذا خطأكِ، أنتِ رائعة وقوية لقدرتكِ على ترك المنزل والمجيء لهنا.”
بعد حديثه ربت على ظهرها لتهدئتها.
“كنتُ أظن أن شيئًا كهذا قد سيحدث… لكن… لم أتوقع قط أن يفعلوا ذلك بطفلتهم…..”
“…….”
“كنت أظن أنه سيكون من الجيد إقراضهم بعض المال فقط لكن الوضع أصبح أسوأ….. ثم انقطعت الأخبار لسنوات، لذا ظننت أن كل شيء على ما يرام…….”
امتلأت نظراته بالذنب وهو ينظر لها، ثم ربّت على رأسها مجددًا وتحدث بخفوت.
“أنا آسف لأني لم ألحظ ذلك أولًا.”
“…..”
‘لم يكن خطأك قط، أنتَ لا تعلم ما قد يحدث في عائلة محطمة بالفعل’
كانت تعلم بحب خالها لها، لكن والديها ظلّا يطلبان منه المال ولم يعيداه أبدًا مختلقين مئات الأعذار. ربما كان هذا سبب خياره للرحيل.
عندما كادت تشعر بالارتياح لأنه لم يعد يطلب منها العودة للمنزل، فاجأها بسؤاله.
“ثم هل تودين العيش هنا معي؟”
“….هل يمكنني؟”
في الحقيقة ظنّت أنها ستكون محظوظة إن استطاعت البقاء لعدة أيام فقط. كونه يهتم بها كابنة أخته شيء، ولكن أن يعتني بها طوال حياته شيء آخر تمامًا. حتى أنها أعدّت نفسها للعمل في الشارع إن لم يوافق خالها على بقائها معه.
“نعم، سوف أتحدث إلى الماركيز.”
تحدث وابتسامة خفيفة تعلو محياه. ما جعل شعورًا من الراحة يغمرها فجأة وكأن قلبها قد وجد مكانه أخيرًا.
نظرت لخالها ثم تحدثت.
“أستطيع القيام بالعديد من الأشياء، يمكنني الخياطة، الطبخ، التنظيف……..”
وهي تتحدث أدركت أن كل هذه كانت أشياء قامت بها في منزلها رغماً عنها وليس لحبها لها.
لذا بعد لحظة صمت، تحدثت مجددًا.
“أنا أيضًا طالبة مجدّة.”
شعرت ببعض الخجل بعد قولها ذلك. رغم كون الكثير من النساء قد ترأسن مناصب عليا، إلا أنه من النادر جدًا لامرأة من عامة الناس مثلها، والتي لا تملك شيئًا، الحصول على منصب كخالها الذي يعمل مساعدًا لأحد النبلاء.
سرعان ما داهمها اكتئاب عند التفكير بذلك وأخفضت رأسها بأسى.
لكنه ربت على كتفها مطمئنًا إيّاها ثم تحدث.
“حسنًا حسنًا لا بأس، ليس علينا أن نقرر الآن. تناولي دوائكِ واستريحي جيدًا.”
تناولت الدواء واستلقت عابسةً من طعمه المر. لكن ما إن سحبت اللحاف الدافئ حتى شعر جسدها بالاسترخاء.
غالبًا ما استيقظت بسبب البرد من قبل بسبب اللحاف السيء الذي كانت تستخدمه. لكن هذا كان سميكًا دافئًا بشدة ما جعلها تشعر براحة شديدة.
شعرت بعيناها تُغلق رغمًا عنها من التعب.
“أستطيع الدراسة جيدًا. لطالما كنتُ الأولى على صفي في المدرسة، وقالت معلمتي أني عبقرية.”
“وااو، هذا شيء رائع.”
أجاب خالها بنبرته المرحة وهو ينظر لوجهها المتعب.
شعرت بالنعاس بينما كان هو يربت على وجهها بلطف.
“قرأتُ كتابًا قديمًا حصلت عليه من مكان ما لأن أمي رفضت شراءه…. كان صعبًا جدًا لكني فهمته خلال شهر.”
“فهمت…”
“وفي العام الماضي……..”
ظلت تتمتم بكلمات كهذه حتى غطت في النوم دون شعور. بينما ظلّ هو يستمع لها دون أن يظهر أي علامات للتعب.
• ترجمة سما
الفصول بتنزل أول بأول ع التليجرام
https://t.me/+XzTyaOuN6AIwMTg0
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"