لم يكن من غير المعتاد أن يسحب الطاغية الشّرس ذلك السّيف، ويحوِّل قاعة الاستقبال هذه إلى بحرٍ من الدّماء.
أصبح وجهُها شاحبًا عندما تخيّلت ذلك المشهد.
‘هذا يقودني للجنون…’
بغضّ النّظر عن مدى محاولتها للبقاء عقلانيّة، فقد شُلّت قدرتُها على التّفكير.
صرّت “آني” على أسنانها.
اليوم، ربّما تُغادر هذا العالم بسبب ذلك السيف.
عندما تمكّنت من رفع بصرها، رأت السّقف المُدبّب، الذي يليق بسمعة كونه الأعلى في العالم.
ولسببٍ ما، شعرت أنّ هذا السّقف يشبه قِمّة قبرها.
‘استيقظي، آني ميل دْسِف…’
وبينما كانت تُقبض على يديها، جَرَحت أظافرها الطويلة كفّها.
وبفضل هذا الألم، عادت “آني” إلى وعيها أخيرًا بعد لحظة من الغياب. ثمّ سألت بابتسامة:
“هل هناك شيءٌ ما، يا جلالتك؟”
“…”
كان “إيجيد” صامتًا، وقد ارتعشا الّرجلان الذان يقفان خلفه.
سعل الرّجل الأشقر ذو المظهر الأنيق، وهو يغطي فمه بكفّه، أما الرّجل ذو الشّعر الأزرق، فاكتفى بتدوير عينيه.
‘ما هذا… لماذا يتصرّفون هكذا؟’
هذا الموقف الغامض جعلها تشعر كما لو أنّ أحدًا يُمسك بعنقها، فغمرها فجأة شعور بالاستياء.
‘إذا استدعيتَ شخصًا، فعلى الأقل تحدّث إليه أو تواصل بالنّظر! لماذا تُحدّق في الأرض فقط!’
أصبح فم “آني” متيبّسًا.
‘لا، لا… ربّما من الأفضل ألّا أراه…’
كأنّها تقلِب كفَّ يدها، غيّرت أفكارها بسرعة.
وبمجرّد أن تلاقت أعينهما، بدا وكأنّ فمها خِيط بإبرة.
أدارت رأسها، راغبةً بالهرب من الموقف.
كانت الفرضيّة الأرجح في عقلها: أنّ الأمر يتعلّق بتحقيقٍ في الضرائب المباشرة.
من الممكن أن تكون العائلة المالكة تُجري تحقيقًا ضريبيًّا شاملًا على العائلات النبيلة.
وربّما يُحاولون بذلك أن يجعلوا منها مثالًا لبقيّة النّبلاء، لمنع أيّ تلاعُب أو تجاوز.
نعم، ربّما هذا هو السّبب.
وكعادتها، أصدرت “آني” حكمًا سريعًا، ثمّ أخذت نفسًا عميقًا، وأخرجت ورقةً بيضاء من الملفّ البنّي الذي وضعته على حجرها.
كانت أطراف أصابعها المتعرّقة ترتجف خفيفًا.
‘ها أنتِ ذا.’
وبينما ظلّ “إيجيد” صامتًا، اقترب مساعدو الطّاغية منه بخطوات، ثمّ نظروا نحو “آني”.
رفـرفـة~
الرّجل الأشقر، الذي أنهى مراجعة الورقة بسرعة، ضيّق عينيه وقال:
“إنّها مثاليّة.”
“كما هو متوقّع، يا ياني… لا، أقصد، آنسة آني.”
هممم.
الرّجل ذو الشّعر الأزرق، الذي نطق اسمها خطأ، صفّى حلقه، ثمّ التفت إليه الرّجل الأشقر بنظرةٍ صارمة.
أضاءت عينا “آني” الفريدة كأنّهما حجرَا جمشت.
لقد سمعت من قبل شائعاتٍ عن وجود مساعدٍ من الدّرجة الأولى يُدعى “دوهير”، وكان نشِطًا داخل القصر الإمبراطوري.
‘هذا الرّجل الأشقر، ذو المظهر الذكي، هو دوهير.’
ناول “دوهير” الأوراق التي كان الرّجل ذو الشّعر الأزرق يتصفّحها ببطء.
وفي غضون ثوانٍ معدودة، أومأ برأسه قائلاً:
“لقد تطابقت تمامًا مع ما كنّا نبحث عنه.”
‘بحث؟’
لم تفوّت “آني” تلك الكلمة أبدًا. وفهمت في تلك اللّحظة فقط سبب استدعاء الإمبراطور لها.
في لحظةٍ، انتقلت الكلمات من عقلها إلى لسانها، وخرجت واضحة:
“إنّها ليست…”
“حسنًا، يا صاحب الجلالة، إنّ عائلة دْسِف عائلة عادلة.”
“كما تعلم جيّدًا، حتى في الأوقات التي كنتُ أعاني فيها من ضائقةٍ ماليّة، كنتُ أدفع ضرائبي في موعدها مرّتين كلّ عام دون تأخير.”
كان من الغريب كيف يمكن للخوف الشديد أن يُشلّ الحواس.
بل إنّها تجرّأت على مقاطعة الإمبراطور، ولم تُدرِك ذلك.
وتحدّثت “آني” من جديد، لكن بنبرة أعلى:
“أنا لم أستغلّ الضرائب التي دفعها السكان الدّائمون من دمائهم وعرقهم. أنا لا أعيش حياةً مثاليّة، لكنّني أعيش بلا خجل.”
ما هذا؟ لماذا أنتَ صامت هكذا؟!
واصلت “آني”، التي ابتلعت ريقها الجافّ، الحديث:
“أشعر بالنّدم الشّديد لأنّني كنت أُلقِي القمامة أحيانًا في شوارع العاصمة عندما كنتُ صغيرة.”
“…”
“حسنًا، أنا آسفة… الآن بعد أن فكّرتُ في الأمر، كانت هناك مرّاتٌ ألقيتُ فيها القمامة من نافذة العربة. لكنّي كنتُ صغيرةً جدًّا حينها.”
في تلك اللّحظة، ابتسم “إيجيد” بخفّة، وكأنّه يُخفي رغبة في القتل.
تقول الشّائعات، إنّه حين تظهر على وجهه مثل هذه الابتسامة… فإنّ شخصًا ما سيموت.
‘من فضلك لا تفعل ذلك!’
صرخ حدسُها الداخلي في ذهنها… يُحذّرها: إذا لم تهرب الآن، فلن ترى شمس الغد أبدًا.
فأضافت “آني” كلماتها على عجل:
“أنا آسفة، ولكن إن كنتُ قد أنهيتُ عملي، فسأذهب الآن.”
‘لا أستطيع أن أرى… لا أستطيع أن أرى شيئًا…’
فجأة، أصبحت رؤيتها ضبابيّة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
في مشكلة حالياً في الموقع تتعلق بأرشفة الفصول الجديدة بعد نشرها، وراح يتم حلها قريباً إن شاء الله.
وكإجراء احتياطي نرجو منكم الاحتفاظ بنسخة من الفصل بعد نشره على الأقل لمدة يومين أو ثلاثة أيام، لو صار أي خلل مفاجئ.
كما نوصي بمراجعة الفصل المنشور خلال هذه الفترة للتأكد من ظهوره بشكل سليم، ومن عدم حدوث أي خلل تقني أو أرشفة خاطئة.
نعتذر عن الإزعاج، وشكراً على صبركم وتعاونكم الدائم
— إدارة الموقع Hizo Manga
التعليقات لهذا الفصل " 6"