ضغط الشاب قبعة القش بإحكام فوق رأسه، وكأنّه يحاول إخفاء ملامحه عن العالم.
مدّ يده ببطء لينزع قناعه ويلتقط شطيرة من أمامه، لكن ذهنه كان شاردًا في مكان بعيد، حتى أنّ قطعة الخبز لم تصل إلى فمه، بل كانت تلامس شفتيه فقط.
ومع ذلك، لم تفلت هذه التفاصيل من عيني آني، التي كانت ترقبه بصمت ناعم.
‘هل يُجبر نفسه على الأكل؟ هل ستكون الفراولة ملاذًا له؟’
تناولت آني حبة فراولة متألقة من سلتها الصغيرة ومدّتها إلى الشاب، بابتسامة دافئة تتراقص على شفتيها.
“هاك، تناول هذه.”
لكنه لم يتحرك، كأنّه تمثال من حجر. عندها زمجرت كارلا باستياء:
“إن لم تكن تنوي أكلها، فأعطها لي! لا تُحرج سيدتي بتردّدك هذا.”
قطبت آني حاجبيها بحيرة.
‘لماذا تتصرّف كارلا بهذه القسوة اليوم؟’
لم تعتد على رؤيتها قاسية على الناس دون سبب.
ثم تحرك الشاب أخيرًا، يداه المرتجفتان امتدتَا نحو الفراولة، خطفها من يدها وابتلعها في قضمة واحدة، ثم مدّ يده إلى السلة، يلتهم حبات الفراولة الواحدة تلو الأخرى، وكأنه يخشى أن تُنتزع منه فجأة.
‘يا إلهي… يأكل كأنّه لم يرى الطعام لدهور…’
ورغم نهمه الشديد، لم يكن صوته خشنًا، ولا حركته فوضوية.
كان يأكل في صمت تام، لا يعلو منه صوت مضغ ولا يسقط منه فتات، باستثناء القليل من الفُتات العالق في زاوية شفتيه.
انعكست ظلال الحزن في عيني آني.
‘يقولون إن من اعتاد الحرمان، يلتهم الطعام كأنه كنز… كم مرة جاع هذا الفتى حتى أصبح يأكل هكذا؟’
ويبدو أن كارلا أيضًا لامسها ذلك الشعور، فقد هدأت نظراتها.
بعد أن أنهى الشطيرة، ناولته آني زجاجة ماء باردة. لكنه بدلاً من أخذها، مدّ يده فجأة نحو وجهها.
شهقت، وانحبس نَفَسُها.
“كح… كح… كح!”
كاد الماء يختنق في حلق كارلا، بينما يد الشاب توقفت قبل أن تصل إلى وجه آني بلحظة خاطفة.
ثم ببطء، فتح كفه، وانطلقت نحلة ضخمة من راحته، تحلّق بحرية نحو السماء.
‘لقد… أمسك بنحلة بيديه العاريتين؟’
تجمدت آني مكانها، تحدّق فيه بدهشة لم تختبرها من قبل.
‘لطالما سمعتُ عن الفرسان الذين يقطعون أوراق الشجر في الهواء… ولكن رجل يمسك نحلة دون أن يؤذيها؟ هذا لم أسمع به أبدًا…’
جلس بجانبها كأن شيئًا لم يكن. أما قلب آني، فلم يعد كما كان.
‘كم من الرقة تخفيها بين يديك؟ حتى نحلة لم تقتلها… كم أنت لطيف، دون أن تتفوه بكلمة…’
ثم تلاقت نظراتها بجسده الطويل القوي، فانتابها شعور غريب.
“مهلًا… أظنني رأيتك من قبل…”
فتحت فمها فجأة بدهشة.
“أنت… أنت هو… أليس كذلك؟”
تلعثم الشاب، شفتاه تهتزّان خجلًا:
“نـ… نعم…”
“كنت أنت… في مأوى الجراء الضالة… أنت من منح لانغ الطعام…”
شهقت كارلا، قائلة:
“ذلك الشاب الثري؟ يا إلهي! لقد كنت… كنت… فظة للغاية! سامحني!”
لكن الشاب أشار برأسه بلطف:
“لا بأس…”
عادت آني تبتسم، وأصبح الجو أخفّ وأكثر دفئًا. التقطت فراولة أخرى وقدمتها له.
“خُذ هذه.”
التقطها بسرعة، وابتلعها بهدوء.
تمتمت آني بحبور:
“أنا أغبطك… يمكنك تناول الفراولة متى شئت… ما نوع الأطباق التي تحبها بالفراولة؟ أنا أعشقها طازجة… وأحب المربى كثيرًا…”
لكنه لم يُجب، فقط ابتسم خجلًا، واستمر في تناول الفراولة من يدها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 51"