تساءلت كارلا، وقد أمالت رأسها باستغراب، تتفحّص المساحات الرحبة التي كانت — في الذاكرة — تعجُّ بالحياة، فوجدتها هادئة على نحو غريب، كأن شيئًا قد سُحب منها خفية.
في الباحة الواسعة، بالكاد رأت بضعة جراء تتلقى العلاج بصمت… والبقية؟ كأن الأرض ابتلعتها.
جاءها الردّ بصوتٍ دافئ، من موظفة تقف في غرفة الاستقبال، ترتسم على محياها ابتسامة العارفين بخبايا المكان:
“أغلب الجراء ذهبوا لتناول طعام الجراء. لقد تبرع أحدهم اليوم بكمية وفيرة منها.”
رمشت كارلا بدهشةٍ خفيفة.
‘طعام الجراء؟ حقًا؟ كان بإمكانه التبرع بشيء أكثر نفعًا… المال مثلًا، ليُستخدم في علاج الحالات الحرجة، أولئك الذين يُصارعون الموت.’
لكنها ما لبثت أن شعرت بوخز في ضميرها.
العطاء، مهما كان شكله، لا يُزدرى.
كأن الموظفة شعرت بذبذبة الصمت في نظرتها، فأضافت بلطف:
“لا تفهميني خطأ… ذاك الرجل، هو من يتكفل بكامل نفقات العلاج والطعام للجراء، في كل زيارة.”
اتسعت عينا كارلا ببطء، وقد بدأ التقدير يتسلل إلى صوتها:
“حقًا؟”
‘يا إلهي، لقد أسأت الظن بشخصٍ لم أرَ حتى وجهه…’
تابعت الموظفة بنبرة خافتة لكنها مشحونة بالإعجاب:
“حتى حين أنقذ جروًا عالقًا، لم يتردد، رغم أن يده جُرحت أثناء إخراجه… ومع ذلك، حمله إلى هنا في حضنه كأنما يحمل قلبه نفسه.”
شهقت كارلا بتأثر:
“يا له من رجل نبيل.”
“نعم… لم أرَ من يشبهه. لو كان له عيب، فهو فقط… هيبته. يبعث في النفس شيئًا من الرهبة، ويتكلم قليلًا، بالكاد يُسمع صوته.”
وبينما كانت كارلا تشرب من فنجان الشاي الموضوع أمامها، بدا سؤالٌ يتصاعد في عقلها من دون استئذان، ثم خرج منها بسلاسة مدهشة:
“هل هو أعزب؟”
تجمدت الموظفة، كأن السؤال اخترق حجابًا ما بينها وبين الواقع.
“… عفوًا؟”
“أتعنين أنكِ خطيبته؟”
“ماذا؟! لا! مستحيل!”
‘همم… نظرتها لا تُكذّب، لكن نفيها… مضطرب، مثير للريبة.’
لمعت عينا كارلا، وقد تسلّل الأمل إلى ثنايا خيالها.
‘إنه رجل ثري، نبيل القلب، يحسن للجراء، يُنقذهم، يتكفل بعلاجهم… ألا يستحق التفكير؟ ربما… ربما يكون مرشحًا مناسبًا لسيدتي…’
ثم ضربت نفسها بصمتٍ:
‘ما هذا الجنون؟! آنسة آني ستقتلني إن علمت بما يدور في رأسي!’
لكن بالرغم من ذلك، لم تستطع كتم الفضول.
قالت وهي تحاول التظاهر بالبراءة:
“ذاك الشاب… أهو من عائلة معروفة؟ أم من عامة الناس؟ أعني… هل هو بالفعل أعزب؟”
‘سأدّعي أنني أسأل نيابة عن سيدتي… مجرد سؤال بريء، لا أكثر.’
قالت الموظفة بتردد:
“أمم… لا أظن أنني رأيت خاتمًا في إصبعه.”
‘أوه… إذًا، هناك فرصة!’
لكن، فجأة، صوت زجاجٍ يتحطم. نوافذ تصطك بالحجارة، وصيحات مبهمة تتعالى من بعيد.
“هناك رجلان يرميان الحجارة من الخارج!”
اندفعت كارلا نحو الباب، فتحت النافذة، وصرخت بحدّة:
“أيها السادة! ألعبٌ هذا أم مزاح؟ ألا تخجلون من أنفسكم؟!”
لكن الرد جاء خافتًا:
“آسفين!”
‘صوتهم… ليس بصوت أطفال… أصواتهم غليظة… هل هم لصوص؟!’
قالت الموظفة بقلق وهي تشير إلى حبل سحب الطوارئ:
“لا تقلقي، لقد سحبت حبل التنبيه… فرسان الحماية سيصلون قريبًا.”
عادت كارلا إلى الداخل، تتنفس بعمق وهي تحاول لملمة شتاتها.
قالت وهي تحتسي الشاي بنفَسٍ متسارع:
“حسنًا… لنتأكد. هل هو شاب وسيم، ذو خلقٍ ومال، ويحب الجراء؟”
‘أشبه بكائن خرافي…’
لكن الموظفة أومأت بحماس:
“تمامًا! فقط… إنه صامت قليلًا، وذو هيبة… لكن نواياه طيبة!”
وفي الطرف الآخر من المكان، كان ذلك الشاب قد خفض رأسه، يتلقى حبّ الجراء بامتنانٍ صامت. لم يبعدهم، لم يغضب، بل صافحهم بكفٍ ممدودةٍ مرتجفة، رغم التعب.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات