هذه المرّة، كان السّؤال من فيز، وقد بدأ يقرأ وثائق إيجيد بدقّة.
“هل أقتله؟”
أغلق دوهير فم فيز بيده قبل أن يتمكّن من قول “ماذا”، لكنّه لم يُفلح حتى في الوصول إلى أُذُنيه.
شدَّ إيجيد على أسنانه دون أن يشعر.
تِــيك~
توقّف المساعدان عن العمل بسبب الارتباك الذي أصابهما إثر ذلك الصّوت.
كانا يُحدّقان في إيجيد وهما يُمسكان بأيدي بعضهما البعض.
في تلك اللّحظة، كانا قلقين من أن يُخرج سيفًا كما يُشاع عنه في تدمير فرسان العدو.
ولحُسن الحظ، لم يستخدم إيجيد القوّة، كما كان متوقَّعًا منه.
قال بصوت خافت:
“مخالفة خطّ حدود البناء، ومخالفة قانون النقل، والتقليل غير القانوني من مساحة المناظر الطبيعيّة، والمباني غير القانونيّة بدون إذن.”
لا، لقد تكلّم جلالته بسرعة كبيرة! دخل المساعدان في حالة ارتباك شديدة، وبدأت أعينهما تدور.
حدّق إيجيد فيهما.
“جيركان، أجرِ تحقيقًا شاملًا.”
“نعم، يا صاحب الجلالة.”
“سأسلب خزائنه حتى تجفّ!”
وبما أنّه قد أعدّ بالفعل نصف الوسائل اللازمة لمعاقبة الجيركان، فقد كان واضحًا أنّه سيكون قادرًا على التخلّص منه بحلول الغد.
بالطبع، هناك تبادلات تجري بين عائلة ديسيف وعائلة جيركان، لكن، ألم يتّخذوا تدابير مسبقة حتى يتمكّنوا من تلقّي المساعدة من العائلات الأخرى؟
ورغم أنّ الوضع بدا سلسًا، وكانت الإجابة مطمئنة، إلا أنّ أعينهم كانت ترتجف.
ومع مرور الوقت، أصبحت تعابير وجه اللورد جيركان أكثر إشراقًا، بينما على العكس، ازدادت تعابير وجه آني كآبة.
“أتجرؤ على إزعاج آني وهي تستمتع بوقتها؟…”
بدأ فمه يجفّ.
نعم، أليس من الغريب أن يتورّط أمثال هؤلاء الرّجال السيئين مع سيّدة جميلة مثلها؟
قفز إيجيد فجأة على قدميه.
—
“هاها. لا داعي لأن تكوني خجولة إلى هذا الحدّ.”
ما هذا؟! لماذا يبدو هذا الشخص عديم الخجل إلى هذه الدرجة؟
شعرت آني بالإحراج والغضب في الوقت نفسه. أرادت أن تصفع ذلك الرّجل الوقح على وجهه، لأنّه تجرأ على معاملتها وكأنّ شيئًا لم يحدث بعد كلّ ذلك الضجيج.
لكن، بطبيعة الحال، لم يكن ذلك ممكنًا.
“هاه… هناك الكثير من العيون تراقبنا…”
لقد تحوّل الطّقس الجميل، الذي كان مثاليًّا للنّزهة، بسرعة إلى طقس سيّئ بسبب هذه القطعة من القمامة.
وبينما احمرّت خدود آني من الغضب، أخرجت كارلا مروحة وسلّمتها لها.
في تلك اللّحظة، لمعت عينا آني الأرجوانيتان. مدت ذراعيها وكأنّها ستلتقط المروحة، ثم حرّكت يديها برفق.
تــوك~
سقطت المروحة إلى جانب اللورد جيركان، كما أرادت آني.
وعندما اقتربت كارلا منها بقلق، أوقفتها آني بذراعها.
“سأتولّى الأمر، يا كارلا.”
خطت آني، التي قالت تلك الكلمات بلطف ولكن بلهجة غريبة، أمام كارلا. شعرت كارلا بأنّ هناك أمرًا غير طبيعي، فابتلعت ريقها وبقيت صامتة.
ثمّ ضغطت آني بقدميها على الأرض بقوّة.
“يا إلهي!”
صرخت آني وهي تقترب من جيركان.
وفي تلك اللّحظة، فتح جيركان فمه، وكانت عيناه مُثبّتتين على خطّ كتف آني المكشوف.
وبعد قليل، سُمع صراخ كأنه صرخة موت.
“أوه!”
“يا إلهي! هل أنت بخير؟”
آني، التي كانت بين ذراعي جيركان، وضعت كعبيها على قدمه.
في تلك الأثناء، كان جيركان يُكافح محاولًا فصلها عن قدمه المؤلمة.
“إلى أين تذهب؟”
انتشرت ابتسامة باردة على شفتي آني، بينما شدّت قبضتها على كتف جيركان.
ضغطت~
ولم تنسَ، بالطبع، أن تدوس على قدمه مرة أخرى.
كــووك~
“أوه… آه آه!”
“يا إلهي! هل أنت بخير؟”
تحوّل وجه اللورد جيركان إلى الأحمر القاني ردًّا على السؤال البرئ.
وبالنظر إلى عيني آني الماكرة، أدرك أنّها فعلت ذلك عن عمد. فأشار إليها بتردّد.
“أ-أنتِ… أيتها المرأة الغبيّة!”
“آوه، أنا آسفة جدًّا لأنّني دست على قدمك، ولكن، لا أرى أنّني ارتكبتُ خطأً. كنت فقط أحاول استعادة مروحتي لأُبرّد نفسي، لأنّني كنت أشعر بارتباك شديد من اضطراري إلى تكرار الأمر مرارًا وتكرارًا.”
تنفّست آني الصعداء وكأنّها كانت مضطربة حقًّا، ودوّى صوت ضحك من حولهم.
كان ذلك لأنّ اللورد جيركان شوهد من قبل الآخرين وهو يقترب من آني.
اللورد جيركان، الذي كان يشخر لإخفاء جرح كرامته، شعر بالغضب.
“لهذا السبب لا يمكنك الزواج، رغم سنّك هذا!”
“إذًا، أنت تتذمّر من عجوز فقيرة؟ لقد دست على قدمك فقط.”
وعندما نظرت إليه آني بعينين مليئتين بالشفقة، استدار غاضبًا.
قالت آني تودّع ظهره الجبان برقّة:
“لقد كان من سوء حظّي أن ألتقي بك، لذا من فضلك لا تتظاهر بأنّك تعرفني مرّة أخرى.”
التعليقات لهذا الفصل " 26"