كانَ الاثنان متقاربي الطول، لكن الانطباع الذي يتركانه كانَ مختلفًا تمامًا، أحدهما غارق في العتمة و الحدة، و الآخر يشعّ صفاءً و سطوعًا.
“إنها ساحرة و مثيرة للاهتمام بفضل حبها البريء. أنت تدرك أن هذا مدح بحت، أليسَ كذلك؟”
“…….”
“و إن كان مدحي لزوجتك قد أزعجك، فـأعتذر.”
“…و لِمَ قد يُزعجني ذلك؟”
ابتسمَ إيزار ابتسامة باردة، متذكرًا أن ألبيريو هوَ أحد أبناء هذه العائلة، لولا ذلك، لرُبما كانت قبضته قد تركت أثرًا واضحًا في جبينه.
لكن الحوار أخذ ينحرف نحوَ السخافة شيئًا فشيئًا.
“فـهل تمانع إذن أن أكون رفيق حديث للسيدة خلال إقامتها هنا؟”
“هل تسألني إن كنت أفضل أن أسمعك تطلب إذنًا بارتكاب الزنا؟”
“هيه، وصفه بالزنا أمر قديم الطراز للغاية. لا تظن أنني سأتمادى إلى هذا الحد.”
سخر ألبيريو بخفة من إيزار، هذه هي المشكلة عند التعامل معَ أولئك الذين لم يغادروا أراضيهم قط.
ما العيب في محادثة خفيفة معَ سيدة أو مغازلة عابرة؟ ذلك ليس خيانة … بل رومانسية، صيحة العصر! لكن هؤلاء القرويين المتجهمين لا يفهمون ذلك.
“إن كنت واثقًا من مشاعر زوجتك، فلن يشكّل شخص مثلي أدنى تهديد، أليسَ كذلك؟”
“…….”
عضّ إيزار شفته السفلى.
مشاعرها، أهيَ كذلك؟
‘و لماذا عليَّ أن أكون واثقًا من شيء كهذا؟’
إنها مُجرّد امرأة يفترض أن أتجاهل وجودها و كأنها غير موجودة.
لكنهُ تذكّرَ تلك الابتسامة التي ارتسمت على شفتيها و هيَ تغادر بعد حديثها معَ دينيب …
و لم يستطع بسهولة أن يقول ‘افعل ما تشاء.’
لذا، اختارَ إيزار ردًا آخر بديلًا.
“اهتم بزواجك أولًا، ثُمَّ اذهب و شارك في حملات اصطياد الوحوش في موطنك.”
“همم.”
“ألستَ مدركًا أن الظواهر التي تحدث في هذه الأرض غريبة؟”
“نعم، شُكرًا على التذكير.”
في العادة، تنشط الوحوش، كـسائر الكائنات البرية، في الربيع عقب سباتها الشتوي.
لكنها كانت لا تزال تظهر بشكلٍ متفرق رغم اقتراب الخريف.
هل كانَ هذا مجرد خلل موسمي لهذا العام؟
أم نذير شؤم لما هو قادم؟
سخر ألبيريو و هوَ يراقب الدوق يبتعد.
“يظن نفسه عظيمًا.”
و معَ ذلك، ظلّت كلمات إيزار تتردد في ذهنه.
‘اهتم بزواجك، هاه… همم.’
حتّى لو حاول ألا يظهر ذلك، أكان مهتمًا حقًا بالدوقة؟
‘لقد وعد أصلًا بقيادة العديد من حملات صيد الوحوش في نطاق دينيب مقابل استخدام الينابيع.’
لا بُدَّ و أنه ليس ذلك السيناريو المبتذل حيث يتظاهر بالبرود بينما يضمر القلق؟
إن كانَ كذلك، فـألبيريو كانَ مستعدًا للسخرية منه حتّى النهاية.
“على أية حال، لا يهم.”
بغض النظر عما قاله الدوق، وجد الدوقة ممتعة بحق، قد يكون افتتانه بها مُجرّد نزوة عابرة، أشبه بزخات مطر صيفية، لكنه كانَ ينوي الاستمتاع بها طالما استمرت.
“همم… متى سأتحدث إليها مجددًا…”
انغمس ألبيريو في أفكاره المرِحة.
و إن استطاع، كانَ يرغب بأن يحظى برؤية عيني الدوقة الجميلتين عن قُرب مرّة أخرى.
فـحقًا… كانت عيناها غايةً في الجمال.
—
في تلك الأثناء، كانت فريسيا، التي غادرت الحفل باكرًا، تفرغ من استعداداتها للنوم، و هيَ تمشّط شعرها.
كانَ الظلام قد غمر الخارج بالكامل، بينما أضاءت المصباح البرتقالي الغرفة بنوره الخافت.
‘على الأرجح، لن يعود إيزر حتى وقت متأخر من الليل.’
و لكن… يبدو أن هذه الليلة لا تزال تخبئ لها المزيد من المفاجآت.
على وقع صوت فتح الباب، التفتت بسرعة، لتجد إيزار يدخل الغرفة.
قفزت فريسيا واقفة من فوق السرير كـأنما قد نُسج نابض تحته.
“لقد عدت…؟”
“كما ترين.”
أجابها إيزار ببرود، ثُمَّ استدار عنها دون أن يلقي عليها نظرة ثانية.
في البداية، ظنت فريسيا أنهُ رُبما عاد ليأخذ شيئًا نسيه، و لكن…
اتسعت عيناها دهشة.
‘هاه … ؟’
توجهَ إيزار نحوَ الستارة التي تفصل منطقة الغسل عن السرير.
بعدَ لحظات، بدأت الأصوات تصدر من خلف الستارة السميكة.
فريسيا، من دون أن تشعر، غطت فمها.
“……!”
كانت تعلم أن “زوجها” يفضل تغيير ملابسه دون مساعدة.
لكن المشكلة لم تكن هُنا. لماذا كانَ هوَ الآن يخلع ملابسه و كأن الأمر لا يعنيه بينما هيَ موجودة هُنا؟
‘ملابس النوم…! من أجل ارتداء ملابس النوم، يجب أن يغير الشخص ملابسه!’
صوت الحفيف الناتج عن تحرك الأقمشة جعلَ وجهها يحترق من الخجل.
كانَ كل صوت طفيف أو تصرف غريب منها يبدو و كأنها ستُطرد فورًا من الغرفة.
‘انتظري، لماذا أشعر و كأنني أفعل شيئًا خاطئًا؟’
ألم يكن إيزار هوَ من عاد بينما كانت ما زالت مستيقظة؟
لكنها لم تستطع أن تغلق أذنيها، خصوصًا بعدما بدأ يتحدث من خلف الستارة.
“كيف حال ساقيك؟”
“…لقد تحسنت كثيرًا بفضل قدومك بي هنا.”
“حقًا؟”
“نعم…”
ثُمَّ سُمعت ضوضاء خفيفة.
بينما كانَ الحديث مستمرًا، بدأ الصوت الناتج عن تحرك الأقمشة و الأصوات المعدنية يزداد وضوحًا.
معَ إدراكها لما تعنيه تلك الأصوات عادةً، احمر وجه فريسيا أكثر.
ثُمَّ، سمع صوت رش الماء لفترة وجيزة.
كانت تشعر و كأنها سترغب في الهروب، لكن قدميها كانت و كأنها متجذرة في الأرض، غير قادرة على الحركة.
‘لماذا؟’
لماذا أصبح إيزار فجأة يتشارك المساحة معها بهذه العفوية؟
هل كان قوله لها “لا تتصرفين كـزوجة” يعني أنه لن يعاملها كـامرأة …؟
كانت غارقة في شعور مؤلم من الكراهية الذاتية، بينما تم دفع الستارة جانبًا معَ موجة من البخار.
تقدمَ إيزار نحوها، مرتديًا ملابس داخلية أكثر راحة، يمسح الماء من شعره الأسود و وجنتيه بكل هدوء.
“دعيني أفحص حالتك الآن.”
“ماذا؟”
“أحتاج لأن أرى إن كانَ العلاج فعالًا لأعرف متى يجب أن نرحل.”
“أفهم، لكن… إنه أمر محرج قليلًا أن أُظهر ذلك…”
“لماذا؟”
عبسَ إيزار فجأة.
لكن فريسيا كانت هيَ من بدت مشوشة. بدا لها غريبًا أن إيزار لا يدرك شيئًا بديهيًا كهذا.
كانت فريسيا أقصر من إيزار.
و بالطبع، إذا وقف إيزار وألقى نظرة من الأعلى، فـلن يرى إلا قمة رأس فريسيا.
و للأسف، كانت معظم إصاباتها في الجزء الخلفي من ساقيها.
‘هل يجب على إيزار أن يركع على الأرض ليتمكن من رؤيتها؟’
أو يجب عليها أن تستلقي على السرير؟
كانَ أي من الخيارين يبدو غريبًا.
لكن المشكلة الأساسية كانت تكمن في مكان آخر.
‘مهما كانت الوضعية، يجب عليَّ رفع حافة فستاني لعرض الجرح.’
في هذه الغرفة المظلمة، معَ الإضاءة الوحيدة التي توفرها مصباح صغير، و كلاهما في ملابس النوم.
و معَ ذلك، أشارَ إيزار ببرود ألى طرف السرير.
“اجلسي هُنا.”
“…….”
لو ترددت مرّة أخرى، هل كانَ سيغضب و يقول لها : “ألم أقل لكِ ألا تجعليني أكرر كلامي”؟
امتثلت فريسيا بصمت لأمره.
لكن حتّى بعدما جلست، ظلت تراقب تعابير وجهه بحذر، مما دفع إيزار إلى التنهد، و هوَ يقمع ضيقه بشدة.
“ارفعيه بما يكفي لأتمكن من الرؤية.”
و في النهاية، عضّت فريسيا شفتيها و نفذت ما طُلِبَ منها.
كما أن الضربة إن كانت حتمية فتلقيها سريعًا أهون، كانَ الإحراج كذلك؛ كلما أسرعت بمواجهته، انقضى.
كشفت عن ساقيها العاريتين برفعها فستانها حتّى ركبتيها.
كانت المنطقة الأمامية، التي امتلأت بالكدمات من قبل، قد تلاشى لونها، و لم يبقَ سوى آثار باهتة تحت ضوء المصباح الخافت.
ركعَ إيزار أمام فريسيا على الأرض، و أمسكَ بخفة بساقيها النحيلتين، يتحسس بيديه بلُطف.
لم يكن بحاجة لأن ينظر بعينيه حتّى يشعر بندوب الجروح التي مزقت الجلد يومًا تحت سياط الأشواك.
امتدت الندوب، التي شُفيت تاركة وراءها قشورًا متقطعة، من الكاحل حتّى باطن الركبة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"