في يومِ الزفاف، عندما عكَسَت أرضيةُ الرخامِ ألوانَ نوافذِ المعبدِ الزجاجيةِ الزاهيةِ، همسَ جميعُ المدعوّين بنفسِ العبارةِ.
على المذبحِ، حيثُ كانَ من المفترضِ أن تُتبادَلَ عهودُ الأبديةِ، وقفَ العريسُ بمفردِهِ، ويداهُ متشابكتانِ خلفَ ظهرِهِ. كانتْ وقفتُهُ مهيبةً، كأنّها شجرةٌ شامخةٌ لا تهتزُّ حتى في وجهِ العواصفِ.
شعرُهُ الأسودُ الفاحمُ ووجهُهُ الذي يفيضُ بجمالٍ باردٍ، إلى جانبِ هالةٍ طاغيةٍ تحيطُ به، قد يكونانِ ناتجَيْنِ عن عملِ عائلتِهِ الذي يتعلّقُ بمواجهةِ الوحوشِ والمتمرّدين.
سواءً كانَ ذلكَ حقًا بسببِ هذا الضوءِ أم لسببٍ آخرَ، فإنّ إيزار أركتُورُوس وحدَه هو من يعلمُ الحقيقةَ.
زفرَ أحدُهم بهدوءِ إزاءَ مظهرِه.
“لم أتصوّرْ أبدًا أنّ دوقَنا سيتزوّجُ بمثلِ هذه الطريقةِ المزريةِ.”
مَنْ كانَ يتخيّلُ أنْ تصلَ أسرةُ أركتوروس العريقةُ إلى هذا الحدِّ من المهانةِ؟
لقد كانتْ أسرةُ أركتوروس واحدةً من أكثرِ العائلاتِ مكانةً في الإمبراطوريةِ، و بيتًا قادَ النضالَ ضدّ الوحوشِ الشيطانيةِ لأجيالٍ متعاقبةٍ.
و بالتالي، كانت مكانتُهم كافيةً ليكونوا على صلةٍ وثيقةٍ معَ العائلةِ الإمبراطوريةِ بيتيلجوس.
و مع ذلك، بسببِ فضيحة الدوقِ والدوقةِ السابقيْنِ، انحدرَ شرفُ العائلةِ إلى أعماقِ الوحلِ.
حبسَ النبلاءُ أنفاسَهم وهم يراقبونَ العريسَ الصامتَ.
“ومعَ ذلكَ، أليسَ من الممكنِ إنقاذُ ماءِ الوجهِ طالما أنّ العروسَ هي ابنةُ دوقيةِ أنتاريس؟”
همسَ الجميعُ وهم يلقونَ نظراتٍ خاطفةً نحوَ المرأةِ التي كانتْ تسيرُ في الممرِّ برفقةِ دوق أنتاريس.
رغمَ أنّها كانتْ مؤهّلةً لتكونَ زوجةً لدوقِ أركتوروس بحكمِ أنّها ابنةُ عائلةِ أنتاريس، إلا أنّ الواقعَ كان مختلفًا. فقد كانت أتريا ذاتُ الشعرِ الذهبيِّ الجميلِ، تجلسُ في صفِّ عائلةِ العروسِ.
لفترةٍ طويلةٍ جدًا، اعتقدَ الناسُ أنّ دوقيةَ أنتاريس لديها ابنةٌ واحدةٌ فقط.
همستْ إحدى السيداتِ بدهشةٍ خلفَ مروحتِها.
“ما هذا؟ هل جلبوا ابنةً غيرَ شرعيّة؟”
“اصمتي!”
ولكن كان الأوانُ قد فاتَ للتحذير.
الأشخاصُ الذين فهموا الموقفَ بسرعةٍ لم يكونوا بحاجةٍ للتفسير.
كانوا يعلمون أنّ الإمبراطوريةَ اضطرّتْ لمنحِ إيزار مكافأةً على إنجازاتِه الأخيرةِ ومساهمتِه في قمعِ الوحوشِ مؤخرًا، ولكن بسببِ “جريمةِ والدتِه”، حصلَ على مكافأةٍ مُخفّضة.
وكانت “المكافأةُ المُخفّضة” التي اختارتْها العائلةُ الإمبراطوريةُ هي الابنةَ غيرَ الشرعيةِ لدوقيةِ أنتاريس.
عندها فقط، لمعَ بريقٌ خافتٌ في عينيه الذهبيّتين، اللتين فقدتا وهجهما سابقًا. صافحَ دوق أنتاريس حلقَه مُحرجًا، مراقبًا نظراتِ الشابّ، حيث كان موكَّلًا من الإمبراطور بتنفيذ هذا الأمر المذلّ.
“هممم. إذن، أُسلّم ابنتي لكَ-“
طَق.
لكن، قبل أن يُكمِلَ والدُها تسليمَ يدِ ابنته المكتشفة حديثًا، كان إيزار قد أمسكَ بيدها الصغيرةِ بقوّةٍ وبصوتٍ واضحٍ.
ارتجفَ شاربُ دوق أنتاريس من الغضب، لكن هل كانَ ذلكَ ذا أهميةٍ؟
الإذلالُ الذي يتحمّلهُ إيزار كان أعظمَ بكثيرٍ.
قبضَ على يدِ العروسِ بإحكامٍ يكادُ يُحطّمها، ثم همسَ بصوتٍ خفيضٍ:
التعليقات لهذا الفصل "1"