“أنا، هذه السيدة هي…؟”
“إنها الآنسة من عائلة آنسي.”
في تلك اللحظة، اتسعت عينا الآنسة مورغان بدهشة.
“آه، هل هي تلك الآنسة آنسي؟ صديقة الأميرة الوحيدة؟”
‘ما الذي يُشاع في المجتمع الأرستقراطي بالضبط؟’
وفوق ذلك، لم أكن أتوقع أن تصل تلك الشائعات حتى إلى أذن الآنسة مورغان.
وبينما كنت أحاول جاهدة إخفاء ارتباكي، أضاف الدوق شرحًا خفيفًا:
“لقد شاهدنا عرض الآنسة مورغان سويًا اليوم.”
عندها، رمقت الآنسة مورغان الدوق بنظرة عتاب لكنها لم تكن بغيضة.
“سيدي الدوق، أهذا تصرف يليق؟ لم تُرافقني ولو لمرة واحدة من قبل!”
“لا داعي لخلق شائعات لا طائل منها معكِ، آنسة مورغان.”
لكن الدوق لم يُظهر أي انفعال حتى بحاجبيه.
“أليست الآنسة مورغان أشهر مغنية أوبرا في الوقت الحالي؟ أفضّل تجنّب المتاعب غير الضرورية.”
“متاعب؟ هذا قاسٍ جدًا.”
قالت الآنسة مورغان ذلك بعتاب مجددًا، ثم التفتت إليّ بابتسامة لطيفة.
“تشرفت بلقائكِ، أنا صوفيا مورغان.”
“تشرفت، أنا لاريت آنسي .”
وبعد تبادل التحايا بهذا الشكل، سألتني الآنسة مورغان بعينين تلمعان حماسًا:
“إذاً، ما رأيكِ في عرضي اليوم؟”
“لقد كان رائعًا جدًا.”
أجبتها على الفور.
بعيدًا عن مشاعري المعقدة تجاه الآنسة مورغان، إلا أن صوتها كان بالفعل ساحرًا.
لقد كان صوتًا يجعلكِ تشعرين بأن أذنيكِ تذوبان من الجمال.
وفوق كل ذلك، في الحقيقة…
‘مجرد كوني أشعر بهذا النوع من المشاعر تجاهها أمر خاطئ بحد ذاته.’
أخفيت مرارتي، وأضفت بإعجاب:
“كيف يمكنكِ الغناء بتلك النغمة العالية؟ إنكِ جديرة بالإعجاب.”
“ههه، أحرص دائمًا على العناية بحبالي الصوتيةُ.”
قالت ذلك بمزاح، ثم تابعت بفضول:
“بالمناسبة، كيف أصبحتِ صديقة للآنسة؟ لقد انتشر مؤخرًا أنها أصبحت أكثر لطفًا بكثير مما كانت عليه سابقًا.”
“هاهاها…”
لم يكن بإمكاني أن أخبرها أننا بدأنا كصديقتين بموجب عقد مكتوب.
لذا، ضحكت بخفةٍ وبشكل محرج.
“يُساء فهمها كثيرًا. في الحقيقة، هي ليست حادة كما يُشاع.”
“صحيح، أعتقد أن الشائعات فيها بعض المبالغةِ.”
أومأت برأسها موافقة، ثم سألت بسرعة:
“لكنها ليست من النوع الذي يمنح الآخرين ودّه بسهولة، أليس كذلك؟ على الأقل كانت متعجرفةً جدًا معي.”
قالت ذلك بأسف واضح في وجهها.
دون قصد، خطرت في بالي صورة الأميرة.
نظراتها الزرقاء الحادة، وخدّاها المتوردان، و…
“أنا لا أفعل هذا لأني أريد ذلك!”
كانت تقول هذا بفمها، بينما كانت ذراعاها تعانقاني بشدة.
أجبت بجديةٍ:
“ذلكَ جزءٌ من سحرها.”
أومأت الآنسة مورغان كأنها اقتنعت.
“حقًا؟ ربما. فالجمال يمنح المرء بعض الامتيازات.”
“أليست كذلك؟ الأميرةُ جميلةٌ للغاية…”
ثم، عندما عدت إلى وعيي، كنت أبادل الآنسة مورغان الثناء حول الآنسة.
وفي لحظة، شعرت بوخزة في ظهري، فالتفتّ بحذر.
“…”
كان الدوق ينظر إليّ بنظرة غريبة.
‘لا، لماذا؟!’
“أظن أننا قد تحدثنا بما فيه الكفاية.”
قال الدوق فجأة، ومدّ يده إليّ.
“لنعد الآن، آنسة آنسي.”
هاه؟
شعرت ببعض الارتباك.
كان يبدو عليه بعض الضيق، لكن لماذا…؟
أما الآنسة مورغان، فقد بدت منزعجة قليلًا.
“ماذا؟ ستغادران بهذه السرعة؟”
“آسف، آنسة مورغان. آنسة آنسي هي شريكتي لهذا اليوم. لا يمكنني قضاء الوقت معكِ دون توقف.”
فوجئت الآنسة مورغان، وضيّقت عينيها.
“سيدي الدوق، لا تخبرني بأنك تغار لأنني تحدثتُ مع الآنسة آنسي؟”
“……”
لأول مرة، بدا أن الدوق لا يجد ما يقوله، وأغلق فمه بإحكام.
‘هل هو مصدوم؟ أليس كذلك؟ أرجوكَ، قُل نعم!’
بدأ العرق البارد يتصبب مني داخليًا.
ثم وضعت الآنسة مورغان يدها على فمها بمبالغة.
“أوه، يبدو أنه صحيح!”
أدار الدوق رأسه نحوي وهو يهز رأسه.
“لنذهب، آنسة آنسي.”
كان واضحًا أنه لا يريد مواصلة الحديث مع الآنسة مورغان.
لكنها أمسكت بمعصمي بسرعة.
“آه، لا تكوني قاسية هكذا.”
قالت بصوت عالٍ، وكأنها تريد أن يسمعها الجميع.
“انتظري قليلاً. سأعطيكِ توقيعي قبل أن تذهبي.”
“توقيع؟”
“نعم. توقيعي مفيد بطرقٍ كثيرة، كما تعلمين.”
دون أن أطلب، كتبت لي عشر نسخ من توقيعها، ثم غمزت لي بمزاح.
“وبما أني بذلت مجهودًا في التوقيع، احفظي واحدة كنوع من المجاملة. والباقي استخدميها كما تريدين.”
“هاه؟”
“استخدميها عندما تحتاجين معروفًا صغيرًا من أحدهم، أو عندما تريدين كسب ودّ شخص ما. ستعمل كالسحر.”
في الحقيقة، كلامها لم يكن خاطئًا.
فهي أشهر مغنية أوبرا الآن، وكان هناك كثيرون يتمنون الحصول على توقيعها.
لكن…
‘هل يُفترض أن يُعطى التوقيع بهذه السهولة؟’
نظرتُ إلى أوراق التوقيع في يدي بتعبيرٍ محيّر.
“في المرة القادمة، تعالي مع الأميرة لمشاهدة العرض. سأرسل لكما التذاكر، اتفقنا؟”
قالت الآنسة مورغان بحماس.
“نعم، شكرًا لكِ.”
“إلى اللقاء، آنسة آنسي.”
ودّعنا بعضنا بلطف.
في الجهة الأخرى، كان الدوق ينظر إلينا بنظرةٍ تفيض بعدم الرضا.
بعد أن افترقنا عن الآنسة مورغان، نظرتُ بخفة إلى الدوق.
‘هل سنفترق الآن؟’
دون وعي، أصبحت خطواتي أبطأ قليلاً.
‘هاه!’
حبست أنفاسي فجأة.
كان ينظر إليّ مباشرة، فالتقت أعيننا دون قصد.
“إن لم يكن لديكِ مانع، هل تمشين قليلاً؟ هناك ممر جميل خلف الأوبرا.”
قالها وكأنه قرأ أفكاري.
“وإن كنتِ متعبةّ، فقط أخبريني. سأوصلكِ إلى المنزل .”
لم يكن لديّ أي سبب للرفض.
“لا بأس. كنتُ بحاجة لبعض الهواء أيضًا.”
عندها، انحنى عينيه بابتسامةٍ رقيقة كالهلال.
ثم سرنا معًا خارج دار الأوبرا.
ولأن الوقت كان متأخرًا، فقد غادر معظم الحضور بعد انتهاء العرض مباشرة.
لذلك، أصبح الممر كلهُ لنا فقط.
رغم أنه كان وقتًا متأخرًا، إلا أن الظلام لم يكن كثيفًا.
الإنارة الغازية الموزعة على طول الممر كانت تنبعث منها أنوار دافئة بلون العنبر.
نسيم الليل البارد لامس وجنتي بلطف.
والأشجار المرتبة على جانبي الطريق تمايلت مع الريح بهدوء.
‘بما أننا خرجنا من عرض أوبرا، فربما من المناسب الحديث عن العرض؟’
بناءً على هذا التفكير، فتحتُ فمي:
“الآنسة مورغان، إنها حقًا جميلةٌ جدًا.”
بصراحة، بغض النظر عن مشاعري، كانت بالفعل شخصية مميزة.
مظهرها كدمية، وصوتها مثل حبات الجواهر تتدحرج فوق صينية من الفضة.
وفوق كل ذلك، كانت بشوشة الطباع.
هل لهذا السبب لاحظها الدوق؟..
‘لا، كفى. يجب أن أتوقف عن التفكير بهذه الطريقة.’
هززت رأسي داخليًا.
‘عليّ التوقف عن التفكير كثيرًا في الدوق. هذا مرض، بحق.’
حينها، أجابني الدوق ببرود:
“جمالها لا يمكن إنكارهُ.”
ثم أضاف بخفة:
“لكن، أعتقد أن الآنسة آنسي أجمل.”
“…..”
في تلك اللحظة، شعرت بأن قلبي سقطَ فجأة.
‘ماذا أفعلُ؟!’
قلبي بدأ يخفقُ بجنونٍ.
التعليقات لهذا الفصل " 72"