عادةً ما كانت إيفانجلين تنظر بازدراءٍ صامت، ولا ترفع صوتها أبدًا كما فعلت الآن.
الأميرة المتكبرة الباردة، التي توصف بأنها متعجرفة لدرجة الغرور.
هذا هو الانطباع السائد عن إيفانجلين قبل أن تلتقي بـ لاريت.
لكن الآن…
‘…هذه أول مرة أرى الأميرة غاضبة بهذا الشكل الصادق.’
سيرافينا ابتلعت ريقها الجاف دون أن تشعر.
“ما الذي تفعلينه بحق السماء؟!”
“أنا… أنا…”
لم تستطع سيرافينا حتى أن تفتح شفتيها، وانكمشت في مكانها.
رغم أن سيرافينا كانت تشعر دومًا بنقص تجاه إيفانجلين، إلا أن ما حدث الآن كان فعلًا خطأ غير مقصود.
لكن إيفانجلين لم تترك لها حتى فرصة لتبرير نفسها.
“سترين ما سأفعلهُ بحقٍ.”
قالت إيفانجلين وهي تحدّق بها بعينين قاتلتين.
“لن أترك ما حدث اليوم يمر مرور الكرام.”
“…”
شعرت سيرافينا بقشعريرة وكأن ماءً بارداً قد سكب على ظهرها.
ثم، وكأنها تبتلعها بنظراتها، سحبت إيفانجلين يد لاريت واستدارت بعنفٍ.
“دعينا نذهب إلى منزلي.”
“هاه؟”
“سنذهب ليراكِ الطبيب، تستحمين، وتغيرين ملابسكِ.”
“هاه؟”
لم تجد لاريت سوى أن تكرر “هاه؟” بتوتر.
‘طبيب؟ ما الذي تتحدث عنه؟’
لكن إيفانجلين لم تهتم، وسارت بخطوات قوية وهي تسحب لارريت معها.
والسيدات الأخريات، لم يعرفن ما يفعلن، فتبِعن الآنسة بصمت.
“الآنسة آنسي، يا إلهي!”
“ماذا سنفعل الآن…!”
في تلك اللحظة، حاولت الآنسة سانشيز أن تتسلل بين السيدات خلسة.
“ألّا تعرفي حدودك، آنسة سانشيز؟”
صرخت بها إيفانجلين بحدة وقد لاحظت ذلك على الفور.
“أفكرين حتى في ملاحقتي؟”
“هاه؟ آنسة، ماذا… ماذا تعنين…؟”
“ابقَي بعيدًا عن نظري، لا أطيق حتى رؤيتكِ.”
تجمدت الآنسة سانشيز من الرعب ولم تستطع الرد.
وبعد تلك الكلمات،
غادرت إيفانجلين المكان وهي تسحب لاريت خلفها.
اقتربت الآنسة شيروود بهدوء من الآنسة سانشيز.
“الآنسة سانشيز.”
عند ندائها، التفتت سانشيز مذعورة وكأنها صُفعت.
ابتسمت شيروود بلطف.
“من الأفضل أن لا تأتي إلى الاجتماعاتِ القادمة.”
كان ذلك إعلانًا بطردها من الدائرة.
تحول وجه الآنسة سانشيز إلى اللون الرمادي.
“آ… آنسة شيروود؟ لحظة فقط!”
ركضت خلفها محاولةً اللحاق بها.
وبقيت سيرافينا وحدها.
‘ما الذي فعلتهُ للتو؟’
حدقت سيرافينا في المزهرية بين يديها.
أكثر من نصف الماء قد تبخّر.
كانت على وشك أن تسكب ذلك الماء على إيفانجلين.
لحسن الحظ – أو لسوء الحظ – تدخلت لاريت في الوقت المناسب ومنعت الأمر من الحدوث…
‘الأميرة… لقد صرخت في وجهي أمام الجميع.’
شعرت سيرافينا بدوار مفاجئ.
بعد قليلٍ.
دخل رجل بخطوات واسعة إلى قاعة الصلاة.
شعره الأشقر الفاتح يتناثر بخفة على جبينه.
عيناه الزرقاوان بلون السماء، وملامحه المهذبة.
وثوبه الكنسي الأنيق.
كان يبدو وكأنه دميةً باهيةُ الجمال.
وجهه الطاهر لم تلمسه أدران الدنيا.
ناداه أحد الكهنة بوجه مصدوم:
“الكاهن إيفانز؟”
إيساك إيفانز.
أصغر كاهن في تاريخ المعبد، والمحبوب من قِبل الكهنة الكبار.
سأله الكاهن بخفّة:
“ما الذي جاء بكَ إلى هنا يا سيّدي؟”
رغم أن آنسة كلوديوس طلبت لقاءه سابقًا، إلا أن الطلب رُفض من طرفه.
رفع إيساك إصبعه السبابة ووضعه على شفتيه.
“شّـش.”
نظره الأزرق امتد إلى سيرافينا التي وقفت بعيدًا، لا تزال مصدومة.
تأملها طويلاً.
“هممم…”
ارتسمت ابتسامة دقيقة على شفتيه.
“ممتعة.”
* * *
لا أعرف كيف وصلت إلى منزل عائلة الدوق.
حتى في الطريق إلى الغرفة، كانت الآنسة تنظر إليّ بقلق وتسأل:
“أنتِ بخير؟”
للتوضيح، هذا السؤال سمعته منها خمس مرات في العربة.
أجبتها بصوت باهت:
“نعم، أنا بخير…”
“بخير؟ كيف تكونين بخير؟”
اتسعت عيناها ووبختني بحدة.
‘لكن أنتِ من سألتِ إن كنتُ بخير…؟’
حدقتُ بها بعينين متبلدتين.
“لقد ابتللت بهذا الشكل، فكيف تكونين بخير؟”
لكن بما أنها كانت تتنقل بقلقٍ واضح، قررت أن أبقى صامتة.
“انتظري قليلًا. سأنادي الطبيب فورًا. اتفقنا؟”
‘حقًا؟ كل هذا من أجل قليل من الماء؟’
تلعثمتُ محاولة التبرير:
“لا، أنا حقًا بخير…”
“ربما، لكن لا نعلم! إن أصبتِ بصدمة فقد ينعكس ذلك على جسدك لاحقًا!”
صرخت بي بانفعال.
بصراحةٍ، شعرت بالإحراج.
لم أتعرّض لحادث، فقط ابتلت ملابسي قليلًا.
لكن في تلك اللحظة…
“إيفا؟”
صوت ناعم ومألوف ناداها.
نظرت خلفي، فوجدت الدوق ينظر نحونا بدهشة.
“ألم تقولي إنك ذاهبة إلى المعبد؟ لماذا عدت مبكرًا هكذا… لحظة.”
ضاقت عيناه فجأة.
“لماذا الآنسة آنسي مبللة هكذا؟”
“ولمَ برأيك؟ بسبب الآنسة لوبيز طبعًا!”
صرخت الآنسة بانفعال.
“الآنسة لوبيز؟”
سأل الدوق متجهمًا.
“كادت أن تسكب الماء عليّ. لكن الآنسة آنسي تدخلت في اللحظة الأخيرة…”
تكلمت بسرعة، ثم تنبهت فجأة وهزّت رأسها.
“لا، سنتحدث لاحقًا. يجب أن أذهب للطبيب الآن.”
“الطبيب؟”
بدت ملامح الدوق أكثر جدية.
“هل أُصيبت الآنسة آنسي؟”
“لا، لم تُصب بشيء!”
خشيت أن يزداد سوء الفهم فتدخلت بسرعة.
“فقط ابتللت قليلًا…”
“فهمت. الإصابة بالبرد سيكون أمرًا خطيرًا.”
“هاه؟”
لكن الدوق أومأ برأسه نحو الأميرة.
“خذي الآنسة آنسي إلى الطبيب حالًا.”
“رأيت؟ حتى أخي يؤيد كلامي!”
هكذا قالت وهي تسحبني بقوة إلى داخل المنزل.
عيناي ارتجفتا من الصدمة.
‘قلتُ إنني بخير!’
في الجهة المقابلة، وقف ديتريش بتعبير معقد.
‘الآنسة لوبيز حاولت أن تسكب الماء على إيفا؟’
من غير المحتمل أنها فعلت ذلك عمدًا.
فالآنسة لوبيز معروفة بسمعتها الطيبة في المجتمع.
كما أن إيفانجلين هي الابنة الوحيدة لعائلة كلوديوس الدوقية.
رغم أنه يعلم أن العلاقة بينهما سيئة، إلا أن إيذاء إيفانجلين أمام الجميع…
‘مخاطرة كبيرة.’
ومن خلال ما جمعه من معلومات، فالآنسة لوبيز تبدو شخصيةً حذرة للغاية.
ربما كان الأمر مجرد خطأ، وتدخلت الآنسة آنسي لحمايتها.
“…”
غرقت عيناه الزرقاوان في العمق.
من المؤكد أنه سعيد لأن آنسي تهتم بشقيقته.
لكن…
‘ألا يجب أن تهتم بنفسها قليلاً أيضًا؟’
شعر بشيء غريب يصعب شرحه.
رغم أن إيفانجلين لم تُصب بأذى، إلا أن منظر آنسي وهي مبللة بهذا الشكل أزعجهٌ بشدة.
بدت هشةً ومؤلمة للنظر.
كاد أن يمد يده دون وعي…
‘ما الذي حدث بالضبط بين آنسي ولوبيز؟’
سيرافينا لوبيز.
كحجر صغير داخل الحذاء، تواصل إزعاجه.
سواء في حفلة آل آنسي سابقًا، أو الآن…
‘إنها مزعجةٌ بشكل غريب.’
ازداد الضغط على فك ديتريش من الغضب المتصاعدِ.
التعليقات لهذا الفصل " 66"