“بالطبع، لقد أصبحتُ أكثر لطفًا مما كنتُ عليه سابقًا، وهذا أمر واضحٌ يا آنسة.
لكن، من وجهة نظرنا، نتمنى لو تمنحيننا بعض القرب منكِ أيضًا. “
يا لها من طريقة ماكرة في استخدام كلمة ‘نحن’، لسحب السيدات الثلاث الأخريات من نادي القراءة إلى صفّها.
”بهذه الطريقة فقط يمكننا نحن أيضًا أن نُزيل ما علق في قلوبنا من سوء فهم تجاهك، أليس كذلك؟”
‘حقًا تعتقدين ذلك؟’
رددتُ عليها وأنا أرفع كتفيّ قليلًا وألقي نظرة على السيدات.
”لقد قلتِ للتو “نحن”، أليس كذلك يا آنسة سانشيز؟
إذًا، دعينا نسأل السيدات الثلاث الأخريات مباشرة.”
”نعم؟”
”نحن؟”
تحوّلت عيون السيدات الثلاث إلى عيون أرنب مذعور.
أما أنا، فاكتفيت بإمالة رأسي قليلًا.
”هل ما زال لديكن سوء فهم تجاه الأميرة؟”
صحيح، هذا تصرّف فيه بعض الصِغَر.
من يجرؤ هنا على أن يقول: ”نحن بالفعل نُسيء الظن بالأميرة ؟”
لكن…
‘ألم تكن آنسة سانشيز هي من بدأت بهذه الطريقة الماكرة أولًا؟’
أجل، لم يكن عليكِ أن تقسّمي الصفوف مستخدمة كلمة ‘نحن’.
أخرجت لساني في داخلي عنادًا،
في هذه الأثناء، تبادلَت السيدات النظرات في ما بينهن بتوتر.
”أممم، لا أدري تمامًا.”
”في الحقيقة…”
إحدى السيدات، وبعد تردد، فتحت فمها أخيرًا وكأنها قد حسمت أمرها.
”بصراحة، نعم، من الصعب قليلًا التعامل معها.
لكن السبب هو أنها شخصية نبيلة للغاية، لذا أتوخى الحذر لئلا أُخطئ أمامها.”
”وأنا أيضًا، لم أشعر يومًا أن الأميرة تعاملني بقسوة أو جفاء.”
أضافت آنسةّ أخرى كلامها.
‘أوه؟’
أغمضت عينَي للحظة بدهشة.
كانت تعبيرات الآنستين جادة للغاية.
لم تكن إجاباتهنّ مجرّد محاولة لتجنّب سخط الآنسة.
بل كأنهنّ بالفعل يشعرن بذلك بصدقٍ…
”صحيح أنها لا تتعامل معنا بودّ كما تفعل مع الآنسة آنسي، لكن ذلك فقط لأنهما مقربتان أصلًا.”
”صحيح. في الواقع، كانت أكثر ودًّا وبساطة مما توقعت.”
تابعت الآنسة التي بدأت الحديث كلامها بحذر.
”أنا من النوع الممتلئ قليلًا، كما تعرفين.
ومع ذلك، قالت لي الآنسة هذه الكلمات…”
أطرقت برأسها وهي تهمس:
”قالت إن حرصي على إدارة وزني من أجل صحتي هو أمر شخصي،
لكن لا ينبغي أن أفعل ذلك بسبب نظرة الآخرين.
وأضافت أنني في حالتي الحالية أبدو جيدة تمامًا.”
وفي اللحظة نفسها، احمرّةِ الآنسةُ خجلًا.
”بصراحة… لقد تأثرتُ كثيرًا بِكلامها.”
عندها، تحوّل وجه آنسة سانشيز إلى لون رمادي باهت.
ولم يكن ذلك مفاجئًا.
”ألا تأكلين كثيرًا رغم وزنك؟”
كانت تلمّح بذلك أكثر من مرة.
لكن مصائب آنسة سانشيز لم تنتهِ بعد.
”بل على العكس، نحن من يجب أن نشكر انضمام الأميرة والآنسة آنسي إلى نادينا.”
قالت الآنسة شيروود، مدافعةً عنّا.
”فالحقيقة أن نادينا ليس من الأندية الشعبية في المجتمع الراقي.”
قالت ذلك بلطف، لكن كلماتها كانت ذات طابع لاذع.
بل إن نظراتها الجانبية نحو آنسة سانشيز كانت وكأنها توجه سهامها مباشرة إلى نادي فيوني.
”لكن منذ انضمام الأميرة والآنسة آنسي إلينا، بدأ العديد من السيدات في إظهار الاهتمام بنادينا.”
تابعت الآنسة شيروود بابتسامةٍ مشرقة:
”لهذا السبب، فإن نادينا مدين لكما بالكثير.”
‘……’
كانت الآنسة سانشيز، المحاصَرة في الزاوية، تعضّ شفتيها بإحكام.
‘همم؟’
وفجأةً…
لاحظتُ أمرًا غير متوقّع.
طرف فستان مألوف ظهر من خلف العمود هناك.
فستان أزرق، تمامًا بلون عيني الآنسة.
وفستان اليوم كان… بلا شك…
‘الأميرة؟’
اتسعت عيناي.
‘لا أصدقُ… لماذا تختبئ الأميرة هناك؟!’
‘لم أكن أعلم أن الآنسة آنسي كانت تفكر بي بهذه الجدية.’
قبضت إيفانجلين على يديها بقوة.
‘وكل ما كنتُ أفعله هو الغيرة لأنها كسبت صديقةً جديدة…’
غمرها شعور عميق بالذنب.
لكن فجأةً …
”أوه، أميرة !”
قال أحدهم بصوت عالٍ كأنما يتعمّد أن يُسمع الجميع.
‘لا يمكن أن يكون هذا الصوت إلا…؟’
عقدت إيفانجلين حاجبيها والتفتت إلى الخلف.
كانت سيرافينا، وقد تزيّنت بأقصى ما لديها من أناقة، كما لو كانت تستعد لحضور حفلة في تلك اللحظة.
‘لا بأس، اليوم أنا أيضًا لن أقل عن الأميرةِ أناقةً.’
خرجت اليوم لتجديد مزاجها، ولعلمها بأنها قد تلتقي بعض الرجال، فقد اعتنت بمظهرها بعناية.
وكان اختيارًا موفقًا.
تقدمت سيرافينا بخفة، تحمل مزهرية ثقيلة بكلتا يديها، وابتسمت قائلة:
”مرحبًا؟ يا لها من صدفةٍ جميلة! كيف حالك؟”
”……”
”……”
ساد الصمت المكان في لحظة.
أطبقت إيفانجلين شفتيها بقوة.
”هي تتحدث معي عمدًا، أليس كذلك؟”
كان واضحًا أن نية سيرافينا هي إحراجها.
أن تكشف للكل أن إيفانجلين كانت تتجسس على حديث السيدات، لتخلق جوًا من التوتر بينها وبينهن.
وبالفعل، التفتت إيفانجلين تلقائيًا إلى الخلف.
‘تبًا.’
لقد نجحت خطة سيرافينا.
كانت السيدات يحدقن بها بدهشة وقلق.
خصوصًا آنسة سانشيز، التي بدا وجهها شاحبًا كأنها رأت شبحًا.
‘وأين الآنسة آنسي؟’
نظرت إيفانجلين إلى لاريت بلهفة.
وكان على وجه لاررت تعبير معقد لا يُفسَّر.
‘ما الذي ينبغي أن أفعلهُ الآن؟’
شعور بالعجز خنق قلب إيفانجلين.
”الآنسة آنسي… لقد دافعت عني بكل إخلاص…”
اشتدّ شعورها بالندم.
‘وأنا… كنت فقط أتجسس على حديثهن من الخلف…’
وفجأة، حدث أمر غير متوقّع.
‘آه؟’
ترنّحت سيرافينا للحظة.
فكعب حذائها العالي، الذي كان منسجمًا مع فستانها، أفقدها التوازن.
لكن الكارثة كانت في المزهرية التي بين يديها.
كانت ثقيلة ومليئة بالماء وزهور الجربيرا البيضاء.
ومع اهتزازها، تمايل الماء وبدأ ينسكب.
”أميرة !”
صرخت لارريت بأعلى صوتها نحو إيفانجلين.
تشاااااااااااااف!
صوت الماء المتساقط دوّى في المكان.
أغمضت إيفانجلين عينيها بشدة لا إراديًا.
لكن…
‘هاه؟’
مرّ الوقت ولم تشعر بأي بلل.
فتحت عينيها ببطء، وما إن رأت ما أمامها حتى اتسعت عيناها في ذهول.
”آه، آنسة آنسي؟!”
كانت لاريت، غارقة بالماء كفأر مبتل، تنظر إليها بقلق.
”هل أصبتِ بشيء؟!”
لكن إهتمام لاريت كان بشيءٍ أخر .
وما إن تأكدت من أن إيفانجلين بخير، حتى تنفست الصعداء.
”الحمد لله لم تصابي بشيء.”
فقد تبللت فقط أطراف فستان إيفانجلين قليلًا، لكنها كانت بخيٍ..
”……”
شعرت إيفانجلين بعاصفة من المشاعر، فعضّت على شفتيها حتى سال منها الدم.
ارتجفت كتفيها قليلًا، ثم فجأة، صاحت بصوتٍ مرتفع:
”هل هذا ما يجب أن تقوليه الآن ؟!”
”آه، آنسة؟!”
لماذا تغضب فجأة؟
تسارعت نظرات لاريت، وبدت وكأنها في زلزال.
وفي الوقت نفسه، فتّشت إيفانجلين بسرعة في حقيبتها وأخرجت منديلاً.
”رغم كل هذا… وقد تبللتِ بالكامل !”
مسحت وجه لاريت بلطف بمناديلها البيضاء الناعمة.
”يا إلهي… ماذا أفعلُ الآن؟”
كانت إيفانجلين على وشكِ البكاء، وهي تحاول جاهدة أن تنظّف فستان لاريت المدمر.
ثم التفتت فجأة إلى سيرافينا، وصرخت باسمها:
”آنسة لوبيز!”
ومع ذلك الصراخ، تجمّدت سيرافينا كفأرٍ أمام نمرٍ.
التعليقات لهذا الفصل " 65"