“بل أليس السيد جوستو هو من أضاع الفرصة؟”
ثم وجه كلامه إلى غريجوري بنبرة حادة.
“س-سيدي الدوق؟”
“لقد رفضتَ بالفعل فرصة أن تكون خطيب الآنسة لاريت. فلماذا؟”
أمال الدوق رأسه قليلًا.
“تستمر الآن في محاولة التعلق بالآنسة لاريت؟”
حدقت عيناه الزرقاوان الباردتان كالجليد في غريجوري كأنما تسحقه.
“… بشكل مثير للشفقة.”
واو.
نسيت خطورة الموقف وأُعجبت.
نظرة الازدراء المتعجرفة وتعبير النفور كما لو كان يتعامل مع حشرة.
وأكثر من ذلك تعبير “مثير للشفقة”!
من يقول إنهما ليسا أخوين؟ يشبه أخته الآنسة الدوقة تمامًا!
“أ-أعتذر!”
هرب غريجوري مسرعًا من المكان.
ماذا؟ كان يتصرف معي وكأنه سيبتلعني.
لكنه أمام الدوق هرب مذعورًا؟
حدقت بنظرة باردة في ظهر غريجوري وهو يبتعد.
“أعتذر عن التدخل.”
كح الدوق مرتين وسأل.
“رؤية السيد جوستو يتفوه بالترهات كانت سخيفة لدرجة أنني لم أتمالكَ نفسي.”
“لا لا شكرًا لك على مساعدتك حقًا.”
هززت رأسي بسرعة.
“لولاك لكنت لا زلتُ عالقة مع غريجوري.”
نظر إلي الدوق بنظرة قلقة.
“هل تصرف السيد جوستو معك بوقاحة؟”
“…”
أصبح تنفسي غير منتظم للحظة.
‘الدوق يقلق عليّ.’
لست متأكدة لكن أن يقلق عليّ شخص آخر لا زال غريبًا بالنسبة لي.
“بالطبع أنا بخير.”
ابتسمت بجهد.
لكن الدوق بدا غير راضٍ.
” لكنكِ في نظري لم تبدي بخير على الإطلاق.”
“ماذا؟”
“ألم يسخر منك السيد جوستو؟”
هز الدوق رأسه بحزم.
“مثل هذا الكلام الوقح ليس شيئًا يمكن قبوله كأمر عادي.”
“… لكن.”
“تحمل وقاحة الآخرين ليس دائمًا الحل الأمثل. على الأقل اجعلي الآخرين لا يجرؤون على معاملتك بقلةِ احترام.”
أنهى الدوق كلامه بهدوء.
“لأنك لستِ شخصًا يستحق هذه المعاملة.”
“…”
حسنًا في الحقيقة.
عندما لم تكن ترى كنت أرد على غريجوري بكل أنواع الكلام الحاد.
لكن لا داعي للاعتراف بذلك صراحة.
‘بصراحة… أنا سعيدة.’
حتى الآن باستثناء والديّ لم يكن هناك أحد يقف إلى جانبي.
لكن الآنسة والدوق مختلفان.
وجود شخص يضع مصلحتي أولًا ويقلق عليّ…
‘لم أكن أعلم أن هذا يمنحني قوة لهذه الدرجة.’
ابتسمت بمرح وأومأت برأسي.
“شكرًا.”
“لا شيء. أنا أقولُ الحقيقة فقط.”
ابتسم الدوق لي بأدب.
وفي لحظة رؤية تلك الابتسامة.
‘يا إلهي.’
فهمتُ تمامًا لماذا وقعت سيرافينا في حب الدوق.
لكن المشكلة هي.
“…”
“…”
بعد انتهاء موضوع غريجوري لم يعد هناك مجال لمواصلة الحديث…
ساد الصمت.
‘كيف أتعامل مع هذا الجو المحرج؟’
لم أتحمل فألقيت سؤالًا على الدوق بسرعة.
“إذن. هل خرجتَ أيضًا للبحث عن الآنسة ؟”
من ملاحظاتي حتى الآن كان الدوق مهووسًا بأخته بشكل واضح.
بما أن أخته الثمينة ليست في قاعة الحفل فمن الطبيعي أن يبحث عنها.
لكن الدوق بدا مرتبكًا قليلًا.
“آه حسنًا.”
توقف للحظة ثم ابتسم بعيون ودودة.
“نعم خرجت للبحث عن إيفا.”
… ألم يبدُ مرتبكًا قليلًا للتو؟
رمشت بعيني بدهشة واقترحت على الدوق بسرعة.
“إذن هل تريد البحث عن الآنسة معي؟”
“ماذا؟”
“أعني… أنا أيضًا خرجت للبحث عنها. إذا بحثنا معًا قد نجدها أسرع لذا…”
واصلت الكلام مرتبكة.
ثم.
“هه.”
… يضحك؟
راجعت بسرعة ما قلته للتو.
لماذا يضحك؟
هل قلت شيئًا مضحكًا؟
لا لم يكن هناك شيء كهذا!
في الوقت نفسه أومأ الدوق بلطفٍ.
“حسنًا فلنفعل ذلك.”
يبدو مشبوهًا بعض الشيء لكن الدوق لا يبدو منزعجًا.
قررت تجاهل الأمر.
وهكذا بدأت مغامرة البحث عن الآنسة
في منتصف الليل.
في الحقيقة كانت الآنسة ذريعة إلى حد ما وكنت أتجول فقط…
“لذا زينات الزهور في هذا الحفل أشرفت عليها الآنسة بنفسها.”
“إيفانجلين؟”
“نعم. أليست جميلة جدًا؟ يبدو أن لديها موهبة في هذا المجال.”
عندما أفقت وجدت نفسي أتحدث بإستمرار وانا امدح الآنسة …
أشعر وكأنني أب متفاخر بأطفاله لكن لا مفر.
آنستنا الدوقة لطيفة ومحبوبة وذكية جدًا!
“الآن يمكنها كتابة ميزانية دون مساعدتي بسهولة.”
“حقًا؟”
لمع وهج في عيني الدوق.
أومأت برأسي بفخر.
“بالطبع. بصراحة كنت أخشى أن تشعر بالغرابة لأنها لم تتعامل مع هذا من قبل. لكنها بشكل مفاجئ دقيقة ولديها حس عملي.”
“إيفا دقيقة ولديها حس عملي؟”
ابتسم الدوق بمرارة كأنه لا يصدق.
“هذا لا يناسب إيفا التي أعرفها على الإطلاق.”
“أقسم. في البداية كانت هناك أخطاء حسابية بسيطة لكن الآن لا توجد أخطاء على الإطلاق. وأيضًا…”
كان الدوق مستمعًا رائعًا.
لم يقاطعني أو يتدخل بل استمع إليّ بانتباه.
شعرت بتأثر في صدري.
‘متى كانت آخر مرة تحدثت فيها بهذا الراحة؟’
باستثناء والديّ والآنسة لم أتخيل أنني سأتحدث مع شخص آخر بهذه الراحة.
“بالمناسبة يا آنسة لاريت.”
بينما كان الدوق يستمع إليّ بحماس أدخل يده في جيبه كما لو تذكر شيئًا.
“لدي شيء لكِ.”
ماذا؟
شعرتُ بالحيرةِ قليلًا.
“لي؟ وليس للآنسة الدوقة؟”
“نعم. هذا لكِ.”
أومأ الدوق ومد لي علبة هدية بحجم كف اليد.
“ما هذا…؟”
نظرت إلى الدوق بعيون مندهشة كعيون أرنب.
كان الدوق يبدو محرجًا بشكلٍ نادر.
“في كل مرة أذهب فيها في رحلة عمل تُلح إيفا عليّ لشراء هدية. لذا اشتريت واحدة لها وأخرى معها لكِ…”
انتشرت ابتسامة خفيفة على وجه الدوق الوسيم.
“آمل أن تعجبكِ.”
“…”
اسلتمتُ علبة الهدية مرتبكة.
حدقت في العلبة الصغيرة بحجم كف اليد وسألت مترددة.
“هل… يمكنني فتحها الآن؟”
“بالطبع.”
أومأ الدوق بلطف.
ابتلعت ريقي وفككت الشريط الحريري الذي يغلف الهدية.
وما ظهر داخل العلبة كان…
‘أقراط؟’
تألق كريستال وردي بحجم ظفر الإبهام تحت ضوء القمر بشفافية.
تصميم بسيط يلتصق بالأذن مع صياغة دقيقة وفاخرة تلفت الانتباه بشكل خاص.
“…”
شعرت فجأة بغصة في حلقي.
كان غريجوري يقدم كل أنواع الهدايا لسيرافينا ولم يعطني حتى منديلًا واحدًا.
لكن هذه اللطافة التي تشمل حتى صديقة أخته في شراء الهدايا…
“أنا… لم أتلقَ هدية كهذه من قبل.”
أمسكت بالهدية بكلتا يدي بقوة دون وعي.
“كيف يجب أن أرد الجميل؟”
“ألستِ الآن تقضين وقتًا ممتعًا مع إيفانجلين؟”
أصبحت ابتسامة الدوق أكثر عمقًا.
“هذا يكفي.”
“…”
كبحت مشاعري المتدفقة وابتسمت بمرح.
“شكرًا حقًا سأحتفظ بها بعناية.”
“يسعدني أنك سعيدة يا آنسة لاريت.”
ضوء القمر الأبيض يتكسر فوق رؤوسنا.
ذلك الرجل الجميل الذي ينظر إليّ مباشرة تحت ضوء القمر.
هل بسبب سحر ليلة القمر الرومانسية؟
أم لأن حرارة الحفل لم تتلاشَ بعد؟
في لحظة سماع رد الدوق.
شعرت وكأن ريشة تدغدغ أعماق صدري.
كان شعورًا غريبًا حقًا….
التعليقات لهذا الفصل " 50"