َ:
الفصل 172
تألّقت عينا الدوق ببريقٍ غريبٍ وهما تنظران إليّ.
صعد الدوق أوّلاً إلى النافذة، ومدّ يده نحوي.
كما في تلك الليلة الصيفيّة منذ زمن…
عندما أمسكت يدك لأوّل مرّةٍ، ورقصنا معًا.
تلك اللحظة التي شعرت فيها، لأوّل مرّة، وكأنّني بطلة القصّة، لا مجرّد شخصيّة ثانويّة في هذا العالم.
لذا.
‘سيكون كلّ شيءٍ على ما يرام.’
أمسكت يد الدوق وصعدت إلى حافة النافذة.
نحن في الطابق الثاني، وهناك من سيلتقطنا في الأسفل… لكنّ الخوف كان لا مفرّ منه.
لكن.
“…”
أعطيت قوّةً إضافيّةً لليد التي أمسكتها.
كما قضينا تلك اللحظة المثاليّة معًا في ذلك الوقت.
الآن أيضًا، سيكون الأمر كذلك.
قصّتنا ستستمرّ في التطوّر إلى الأمام…
“هل أنتِ جاهزة؟”
“نعم.”
أومأت برأسي.
شعرت بذراعٍ قويّةٍ تعانقني.
اتّكأت على الدوق، وأغمضت عينيّ بإحكام.
احتجزني الدوق في حضنه، ثمّ قفز خارج النافذة مباشرةً.
ثمّ.
شعورٌ مذهلٌ بالطفو اجتاح جسدي بالكامل.
بوف!
هبطنا أنا والدوق على قطعة قماشٍ كبيرةٍ مشدودةٍ بإحكام.
دوّت هتافات أعضاء الأمن.
“نجحنا، لقد تلقّيناهم!”
“الحمد لله!”
ساعدنا أعضاء الأمن على الفور للنزول من القماش.
“ديتريش، هل أنت…”
ما إن لامست قدميّ الأرض، حتّى استدرت نحو الدوق بسرعة.
لكن في تلك اللحظة.
“لاريت!”
أمسك الدوق كتفيّ بقوّة.
“هل أنتِ بخير؟!”
تحت سماء الليل المتوهّجة باللون القرمزيّ، وسط النيران المستعرة.
تأرجحت عيناه الزرقاوان، محملتين بمشاعر متدفّقة.
“هل أصبتِ بأذى؟!”
تلك المشاعر العديدة التي انعكست في عينيه.
القلق، الهمّ، الحبّ الشديد.
و…
الخوف من أن يفقدني ربّما…
أجبتُ بسرعة:
“أنا بخير.”
رغم إجابتي هذه.
ورغم أنّني كنت حقًا بخير…
كانت اليد التي تمسك كتفي لا تزال ترتجفُ بخفّةٍ.
“…”
بينما كنت أنظر إلى الدوق بصمت، وضعت يدي فوق يده.
آملةً أن يخفّف دفء جسدي، ولو قليلاً، من خوفه.
في تلك اللحظة.
عانقني الدوق بحرارةٍ.
“آه، حقًا.”
شعرت، من خلال تماس أجسادنا، بقلبه ينبض بجنون.
“أنا… حقًا.”
بدأ صوته المكبوت يرطب تدريجيًا.
“ماذا لو خسرتكِ…”
“…”
مددت ذراعيّ ولففتهما حول جسد الدوق.
“أنا حقًا بخير، أليس كذلك؟”
دلّكت ظهره الذي لم يهدأ بعد.
أخبرته أنّني بخير، وأنّني أمامه.
وأنّني سأظلّ بجانبهِ دائمًا…
كرّرت ذلك مرّاتٍ بقوّةٍ وهمس، حتّى بدأ ارتعاش الدوق يهدأ تدريجيًا.
لكن في تلك اللحظة.
“الآنسة!”
ناداني أحدهم بصوتٍ عالٍ مدوٍّ.
كانت إيمي.
مئزرها ملطّخ بالرماد وشعرها متشابك.
ابتعدت عن حضن الدوق وطرحت سؤالاً عاجلاً:
“إيمي، كيف حالك؟ هل أنتِ بخير؟!”
“نعم، أنا بخير.”
“والبقيّة؟!”
“لا تقلقي، الجميع بخير!”
“الحمد لله…”
عندها فقط، انفرج توتّر جسدي بالكامل.
شعرت وكأنّه لم يتبقَ في جسدي ذرّة قوّة.
تعثّرت وجلست على الأرض.
“لاريت!”
“الآنسة، ما الذي حدث فجأة؟!”
صرخ الدوق وإيمي معًا مذعورَين وهما يناديانني.
ابتسمت بجهدٍ لتهدئتهما:
“لا، لم أُصب بأذى. أعتقد أنّه فقط بسبب انفراج التوتّر.”
لكنّهما لم يصغيا إلى كلامي مطلقًا.
“من يدري، يجب أن نذهب إلى المستشفى فورًا…”
“صحيح، كلام الدوق صحيح!”
صاحا معًا بقلق.
كرّرت أنّني بخير عدّة مرّات حتّى تمكّنت أخيرًا من تهدئتهما.
“حسنًا، إيمي، المنزل أصبح على هذا الحال، أليس كذلك؟”
أشرت بعينيّ نحو المنزل وأكملت:
“حتّى يتمّ ترميم القصر، سأمنح الخدم إجازة مدفوعة الأجر.”
“الآنسة…”
اقتربت إيمي منّي وهي على وشك البكاء.
ابتسمت لتهدئتها:
“أخبري الآخرين أيضًا. حسنًا؟”
“نعم، سأفعل.”
أومأت إيمي وهرعت إلى بقيّة الخدم.
“ابتعدوا قليلاً من فضلكم!”
في الوقت نفسه، اقترب حشدٌ من الأشخاص يرتدون زيًا رسميًا.
كانوا رجال الإخماد الذين وصلوا متأخّرين، برفقة الطاقم الطبيّ.
“هل أنتم بخير؟”
“دعونا نفحصكم أوّلاً.”
“أنا بخير، أرجوكم افحصوا لاريت أوّلاً.”
تراجع الدوق خطوةً إلى الوراء.
لكنّ الطاقم الطبيّ بدا مرتبكًا.
“لكن، سيدي الدوق، يجب أن تُفحص أنت أيضًا…”
“قلت إنّني بخير.”
كان الدوق مصرًا على أن أُفحص أنا أوّلاً بأيّ طريقة.
“أنا لستُ بخير أن لم تكن انتَ كذلكَ.”
تدخّلت في الحديث.
“يجب أن أعرف أنّ ديتريش بصحّة جيّدة حتّى أطمئن.”
“….”
“لذا، لنفعلها معًا.”
على عكسي، حيث كنت في مكانٍ لم تصله النيران وكنت سليمةً تمامًا.
من الخارج، كان الدوق في حالةٍ يُرثى لها، مع ملابس محترقة الحواف.
‘لحسن الحظ، يبدو أنّه لا يعاني من صعوبة في الحركة، لذا لا إصابات خطيرة على ما يبدو.’
لكن إذا كان علينا تحديد من يجب أن يُفحص أوّلاً، فالدوق بلا شكّ.
في النهاية، استسلم الدوق، وإن بدا غير راضٍ، وترك نفسه للطاقم الطبيّ.
بعد فحصٍ دقيقٍ لتركيز عينيه، حركة أطرافه، ووجود أيّ حروق.
“لحسن الحظ، لا إصابات كبيرة.”
تنفّس الطاقم الطبيّ الصعداء.
“لكن، للاحتياط، يُفضّل زيارة المستشفى.”
“حسنًا.”
أومأ الدوق بسهولة، لكنّه سرعان ما عبس:
“إذن، متى ستفحصون حالة لاريت؟”
“… سنفعل ذلك الآن.”
أجاب الطاقم الطبيّ بعرقٍ بارد.
بعد ذلك.
خضعت للفحص تحت إشراف الدوق الدقيق.
طوال الوقت، لم يبتعد الدوق عن جانبي.
كما لو أنّه إذا غاب عن ناظري للحظة، سأختفي من أمامه فجأةً.
“الآنسة آنسي لا تعاني من أيّ مشكلات كبيرة.”
فقط بعد سماع أنّني بصحّة جيّدة، خفّف الدوق من تقطيب وجهه المتشنّج.
بعد أن انسحب الطاقم الطبيّ.
أطلّ أحد أعضاء الأمن فجأة:
“أم، الآنسة آنسي، بشأن الحريق، نحتاج إلى أخذ إفادتك… آه.”
ابتلع عضو الأمن ريقه دون قصد.
ولا عجب.
فقد كان الدوق، الذي يمسك يدي بقوّة، يحدّق فيه بنظرةٍ مخيفةٍ للغاية…
“حسنًا، سنأخذ الإفادة كتابيًا لاحقًا.”
لم يتحمّل عضو الأمن تلك الهالة، وتراجع متردّدًا.
هكذا بقينا وحدنا.
بين إخماد الحريق، ترتيب المكان، وأخذ الإفادات.
كان المحيط صاخبًا بالكامل.
لكن، بطريقةٍ ما، شعرت وكأنّنا منفصلان عن هذا المشهد، بشعورٍ غريب…
“لاريت.”
تحدّث الدوق بعد صمتٍ قصير.
“قد يكون هذا غريبًا بعض الشيء في هذا الموقف.”
ماذا؟
أملتُ رأسي بدهشةٍ.
في تلك اللحظة، ألقى الدوق قنبلة:
“أريد أن أقضي حياتي كلّها معكِ انتِ، لاريت.”
التعليقات لهذا الفصل " 172"