َ:
167
‘الماركيز إيفانز موجود أيضًا.’
كان يجلس في الصفّ الأوّل من مقاعد الجمهور، وجهه يحمل توتّرًا غامضًا.
كأنّ شيئًا ما يقلقه…
على أيّ حال…
‘لكن الكاهن الأكبر إيفانز لم يحضر.’
ضيّقت عينيّ قليلًا.
عندما كانت سيرافينا محتجزة في السّجن، كان يزورها بانتظام وباهتمام.
والآن، لا يظهر حتّى؟
في تلك اللحظة…
هاج الجمهور فجأة.
“انظروا، إنّها الآنسة لوبيز!”
“يا إلهي… هل حدث شيء ما؟”
“مظهرها يبدو بائسًا.”
نظر الحضور إلى سيرافينا بعيون مندهشة كالأرانب.
دخلت سيرافينا مدعومة من اثنين من موظّفي الأمن.
لم يعد هناك أثر لجمالها الذي كان يُشاد به كزنبقة المجتمع الرّاقي.
جسدٌ نحيل، وجهٌ شاحب.
حتّى إنّها لم تكن قادرة على التحكّم بجسدها.
بدت سيرافينا الآن ذابلة، بل جافّة كأنّها ستتفتّت مع هبّة الرّيح.
جلست سيرافينا في مقعد المتهم وكأنّها تنهار.
لم تكد تسير تلك المسافة القصيرة حتّى بدأت تلهث بصعوبة.
ثم…
“من هذا الرّجل؟”
ظهر رجل في منتصف العمر.
كان مظهره عاديًا جدًا، لا شيء مميّز فيه.
شعر بنّي داكن مبعثر على جبهته، وعينان بلون الشّوكولاتة الدّاكنة تحملان لمحة من الحذر والخوف.
“لا أعرف، يُدعى جايكوب هوبس… هكذا سمعت.”
“حسنًا، لا بُدّ أنّ هناك سببًا لوقوفه في قاعة المحكمة.”
في تلك اللحظة، التقت عينا جايكوب بعيني الماركيز إيفانز وهو ينظر حوله.
“…”
“…”
نظر الماركيز إيفانز إلى الرّجل بوجه شاحب كالأموات.
أغمض جايكوب عينيه بقوّة، ثم تجاهل الماركيز تمامًا.
في تلك اللحظة، فُتح باب قاعة المحكمة.
وصدع صوتٌ مدوٍّ:
“شمس الإمبراطوريّة العظيمة، جلالة الإمبراطور قد حضر!”
كان الإمبراطور بوجه خالٍ من التّعبير.
هدأت ضجّة الحضور.
طق، طق.
توجّه جلالة الإمبراطور نحو منصّة القضاة.
جلس على الكرسي، وتحدّث بصوتٍ عميق:
“اجلسوا جميعًا.”
جلس الحاضرون في أماكنهم.
ثم…
“سأبدأ المحاكمة.”
نظر جلالة الإمبراطور حوله بجديّة، وأعلن بصرامة.
وسط صمت الحاضرين المطبق…
استقرّت نظرة باردة على سيرافينا.
“أوّلًا، سنستمع إلى كلام سيرافينا لوبيز.”
عند هذا النّداء، نهضت سيرافينا متعثّرة من مكانها.
“سيرافينا لوبيز.”
أخذت نفسًا عميقًا، ثم…
تابعت بصوتٍ مرهق:
“أتعهد بقول الحقيقة فقط، وأقسم أنّني سأتحمّل العقاب إذا خالفتُ ذلك.”
حتّى قول هذه الكلمات بوضوح كان يبدو شاقًا عليها.
إلى درجة أنّ الحاضرين نظروا إليها بنظرات مليئة بالأسى دون وعي.
وفي اللحظة التّالية…
ألقت سيرافينا، وهي تلهث، قنبلة في قاعة المحكمة:
“الحبر الذي أثّر سلبًا على جلالة الإمبراطورة… في الحقيقة، أعطاني إيّاه الكاهن الأكبر إيفانز.”
“ماذا؟”
“ماذا قالت الآنسة لوبيز؟”
“الكاهن الأكبر إيفانز؟!”
فجأة، تحولت القاعة إلى فوضى كمن يطعن خليّة نحل.
أضاف الحضور المذهولون تعليقاتهم واحدًا تلو الآخر.
واجهت سيرافينا النّظرات المصدومة بصعوبة، وشدّت قبضتها على الكرسي بقوّة.
“ما هذا…!”
حدّق الماركيز إيفانز في سيرافينا بعيون متقلّبة.
“الهدوء!”
هرع الموظّفون إلى مقاعد الجمهور، وسكّتوا النّاس بحزم.
خلال ذلك، استمرّت شهادة سيرافينا بثبات.
“أمرني الكاهن الأكبر إيفانز… باستخدام ذلك الحبر لإرسال رسائل أخبار إلى جلالة الإمبراطورة بانتظام. وأيضًا…”
على الرّغم من قصر شهادتها، بدت سيرافينا وكأنّ قواها قد نُفدت تقريبًا.
وجهها الشّاحب خالٍ من الدّم.
ومع ذلك، واصلت الكلام بجهد:
“أجبرني على الشّهادة بأنّ الأميرة كلوديوس… حاولت اغتيال جلالة الإمبراطورة.”
كان الحضور يحدّقون بعيون مفتوحة على وسعها، مركّزين على كلّ كلمة تقولها سيرافينا.
أنهت سيرافينا كلامها بصوتٍ متعب:
“كما أنّ الكاهن الأكبر إيفانز سمّمني بالدّواء، وهدّدني بعدم ذكره مقابل إعطائي الدّواء المضاد… هذا كلّ شيء.”
بعد هذه الكلمات…
انهارت سيرافينا في مقعدها.
في هذه الأثناء، تجمّد الحضور عند كلمة صادمة ألقتها سيرافينا.
التّسمّم.
في الحقيقة، لم يكن هناك خيار آخر.
لأنّ جلالة الإمبراطورة أيضًا كانت قد سُمّمت…
“التّسمّم؟”
“هل هذا هو سبب تدهور صحّة الآنسة لوبيز بهذا الشّكل الواضح…؟”
تهامس الحضور فيما بينهم.
“هذا كذب!”
نهض الماركيز إيفانز مذعورًا من مكانه.
هرع الأشخاص المكلّفون بالأمن نحوه.
“اهدأ!”
“إذا واصلت إثارة الفوضى، سنضطرّ إلى طردك.”
حذّروه، ثم أجلسوه بقوّة في مكانه.
جلس الماركيز إيفانز وهو يلهث غضبًا.
كان وجهه مليئًا بالغضب العارم، و…
خوفٌ لم يتمكّن من إخفائه…
تابع جلالة الإمبراطور الحديث:
“جايكوب هوبس، أدِلِ بشهادتك.”
عند هذا الأمر، أصبحت نظرة جايكوب معقّدة.
لكن ذلك لم يدم طويلًا.
تبدّلت تعابيره إلى تصميم.
“كنتُ ظلّ عائلة الماركيز إيفانز.”
مع قنبلة أخرى تنفجر، أصبحت وجوه الحضور مليئة بالارتباك.
“ما الذي يحدث بحقّ السماء؟”
“يا إلهي، لا يُصدّق…”
لكن كلام جايكوب لم ينته بعد.
“الموظّف الذي أوصى بالورود للأميرة كلوديوس، والشّخص الذي كلّف باغتيال الكاهن بيدرو…”
أخذ جايكوب نفسًا عميقًا، ثم تابع بسرعة:
“كلاهما… كنتُ أنا.”
“…”
“…”
كأنّ ماءً باردًا سُكب عليهم، أغلق الجميع أفواههم دون وعي.
في تلك السّكينة الهادئة…
كان صوت جايكوب وحده يتردّد بوضوح.
“في هذه العمليّة، استخدمتُ هويّة مواطن عادي من إقطاعيّة الماركيز إيفانز، وحصلتُ على مساعدة من الماركيز إيفانز.”
“لا! هذا غير صحيح!”
صرخ الماركيز إيفانز بانفعال.
بالطّبع، تمّ تهدئته بسرعة وأُسكت مرّة أخرى.
“وأيضًا…”
تردّد جايكوب للحظة وهو ينظر إلى قدميه، ثم أنهى كلامه بصعوبة:
“صناعة الحبر أيضًا… تمّت بأوامر من الماركيز إيفانز.”
مع استمرار سلسلة الكشفِ التام للحقيقةِ…
فقد الحضور القدرة الكلام.
في تلك اللحظة، رفع محامي كلوديوس يده.
“سنقدّم الأدلّة.”
أدلّة؟!
اتّسعت عينا الماركيز إيفانز.
نظرتُ إلى تطوّر الأحداث بوجه هادئ.
‘على الأقل، من حسن الحظّ أنّ جايكوب ليس أحمق.’
حسنًا، بالطّبع…
لو كان جايكوب أحمق، لكان قد قُتل سرًا واختفى منذ زمن.
على الأرجح، أدرك جايكوب نفسه أنّه يعرف الكثير من أسرار عائلة الماركيز إيفانز.
لذلك، أعدّ جايكوب حبال نجاة لإنقاذ حياته مسبقًا.
والآن، هو متشبّث بهذه الحبال…
“هنا وثيقة التّكليف، وهنا السّجلّات…”
تحت إشارة المحامي، وُضعت أدلّة متنوّعة على الطّاولة واحدًا تلو الآخر.
وثيقة تكليف بصناعة الحبر.
إذن تلقّاه من الماركيز إيفانز لتزوير الهويّة.
سجلّات تتعلّق بالتّكاليف المختلفة، وغيرها.
وأضيف إلى ذلك الحبوب التي قدّمتها سيرافينا، والتي تلقّتها من إيساك.
كانت دليلًا على أنّ إيساك هدّدها بحياتها لإجبارها على الشّهادة الكاذبة.
“وعلاوة على ذلك، أعراض التّسمّم لدى جلالة الإمبراطورة تتطابق مع الأعراض التي ظهرت عند وفاة الدّوق وزوجته السابقين من عائلة كلوديوس.”
نظر محامي كلوديوس إلى جلالة الإمبراطور وهو يعدّل نظّارته.
“نطالب بإعادة التحقيق في وفاة الدّوق وزوجته السابقين.”
التعليقات لهذا الفصل " 167"