كان صوتًا خافتًا جدًا، لكن يبدو أن الدوق قد سمع تذمري بالفعل.
أسرعتُ ولوّحت بيدي مذهولة.
“لا شيء.”
“حقًا؟ لا يبدو أن لديكِ شيئًا أكثر من لا شيء.”
نظر إليّ الدوق بقلقٍ.
“حاجباك متدلّيان.”
“آه…”
شعرتُ بحرارة تتصاعد في وجهي، فبدأتُ أتلعثم.
“حسنًا، أعني… كما تعلم…”
“كما أعلم؟”
لم أجد أيّ سبيل للهروب من نظرته الملحّة.
أخفضتُ رأسي وأنهيتُ كلامي.
“…الفراق هكذا، يجعلني أشعر ببعض الأسى.”
“……”
عند سماع إجابتي، سكت الدوق للحظة.
ثم.
“بالكلام فقط؟”
داعب صوته المرح أذنيّ.
“أم…”
رفعتُ عينيّ إليه مرتبكةً قليلاً.
في ضوء مصباح الغاز الخافت، كانت عيناه الزرقاوان كالبحر تحدّقان بي بحنانٍ عميق.
كانت نظرةً دافئةً، كما لو كان ينظر إلى أكثر مخلوق محبوبٍ في العالمِ.
كأنني محاصرةٌ في أعماقِ البحر.
لم أستطع إبعاد عينيّ عنه.
كان قلبي يخفقُ بلا سيطرة.
في تلك اللحظة.
‘نحنُ أحباء ، أليس كذلك؟’
اندفعت فجأة رغبة مجهولة بداخلي.
بمعنى آخر…
‘أليس من الجائز فعل هذا؟!’
أغمضتُ عينيّ بقوة ورفعتُ كعبيّ.
اقتربتُ من الدوق في لحظةٍ.
ثم.
لمسة.
لامست شفتاي خدّهُ.
كانت قبلةً خفيفة كمنقار عصفور.
“……”
“……”
ساد الصمت.
رفعتُ جفنيّ بحذرٍ.
كان الدوق متجمّدًا في مكانه، ينظر إليّ كما لو كان مسحورًا.
لم أعرف كيف أفسّر هذا الصمت، فأدرتُ عينيّ بحرج.
‘ماذا أفعلُ الآن؟’
على الأقل، لا يبدو غاضبًا أو منزعجًا.
“أم، لأنني أشعر بالأسى لفراق الدوق، لذا، أم…”
بينما كنتُ أتلعثم، لم أتحمّل الإحراج واخترتُ الهروب.
“آه، تصبحُ على خيرٍ!”
بوم!
أغلقتُ الباب الرئيسي ودخلتُ، فنظرت إليّ إيمي بعيون أرنب مذعور.
“آنستي؟”
“لا شيء… اذهبي وأنجزي مهامكِ.”
لوّحتُ بيدي لإيمي لتذهب.
ثم انزلقتُ لأجلس على الأرضِ.
“هاه…”
كان قلبي ينبض بجنون.
‘واو، هل كنتُ جريئةً إلى هذا الحد؟!’
غطّيتُ وجهي بيديّ.
لكن الحرارة في وجهي لم تهدأ بسهولة.
في تلك اللحظة.
كان ديتريش يحدّق في الباب المغلق بذهولٍ.
كان الحدث الذي وقع للتو يتكرّر في ذهنه.
لمسة.
الشفتان الصغيرتان الدافئتان اللتين لمستا خدّه ثم ابتعدتا.
الجسد النحيل الذي انسلّ من بين ذراعيه كعصفورٍ صغير.
وعيناها الورديّتان اللتين التفتتا إليه بخجل…
“تصبحُ على خيرٍ؟”
تمتم ديتريش بكلمات لاريت.
لمست أصابعه الطويلة الأنيقة خدّه حيث كانت شفتاها.
ثم.
“هاه، حقًا.”
زفر ديتريش تنهيدة طويلة.
‘كيف يمكنها أن تجعل قلبي يرفرف هكذا ثم تقول تصبحُ على خيرٍ؟’
كان وجهه الوسيم قد احمرّ بشدةٍ.
الفصل العاشر: خفيف لكنه قاتل
ومع مرور الفصول، وصلنا إلى أواخر الربيع.
أوفت عائلة كلاوديوس بوعدها أخيرًا.
لقد أسّسوا بالفعل مؤسّسة رعاية جديدة.
اسم المؤسّسة هو “أطفال كلاوديوس”.
وشعارها: “نرعى حاضر الأطفال، ونمنحهم فرص المستقبل.”
كان هذا الشعار مستوحى من اقتراح لاريت.
“بدلاً من مجرّد إطعام الأطفال وتوفير الملابس لهم، ماذا لو ساعدناهم من خلال التعليم للحصول على وظائف؟”
عند هذا الاقتراح، لمعت عينا ديتريش.
“هل تقصدين توجيههم نحو مسارات مهنيّة؟”
“نعم. الآن، بدلاً من ربطهم بوظائف مناسبة، يتمّ إخراج الأطفال بشكل عشوائي.”
في هذا العصر، لم يكن يُنظر إلى الأطفال على أنّهم بحاجة إلى حماية كاملة كأطفال، بل كانوا يُعاملون كبالغين صغار.
بالطبع، لم يُعاملوا تمامًا كالبالغين، لكن كانت هناك فكرة أنّ عليهم كسب قوتهم بأنفسهم.
كانت هذه الفكرة أقلّ شيوعًا بين الطبقات العليا وأكثر ترسّخًا بين الطبقات الدنيا.
كان الأطفال في العائلات النبيلة يحظون بحمايةٍ صارمة وتعليم عالي الجودة.
لكن الأطفال من العائلات الفقيرة كانوا مختلفين.
بمجرّد أن يصلوا إلى سنّ يمكنهم فيه فهم أوامر الكبار، يُدفعون إلى العمل.
إذا كانت العائلات تعامل أطفالها بهذه الطريقة، فكيف ستكون دور الرعاية التي تحمي أطفالاً يتامى؟
لا تُعلّمهم حتى القراءة، بل تكتفي بدعمهم بالحدّ الأدنى، ثم تُخرجهم بمجرّد أن يبلغوا حوالي الخامسة عشرة، وهو السنّ الذي يمكنهم فيه العمل.
كان هناك عدد قليل من المعلّمين المخلصين الذين يحتفظون بالأطفال حتى سنّ الرشد، لكنّهم كانوا نادرين جدًا.
حتى دور الرعاية التابعة للمعبد، التي تُعتبر الأكثر إنسانيّة، كانت على هذا الحال.
فكيف ستكون الأوضاع في دور الرعاية العديدة المنتشرة؟ كان من الصعب حتى التخمين.
“سمعتُ أنّ الأطفال يُطلب منهم مغادرة دور الرعاية عندما يبلغون الخامسة عشرة أو السادسة عشرة.”
اقترحت لاريت بحذرٍ.
“لذا، ماذا لو رفعنا سنّ الخروج إلى الثامنة عشرة، وهو سنّ الرشد في الإمبراطوريّة؟”
“…إنّه اقتراح إنساني، لكن لا يمكن تجاهل مسألة الميزانيّة.”
كان ردّ ديتريش متشكّكًا بعض الشيء على اقتراح لاريت.
كان ذلك متوقّعًا.
مهما كان ديتريش كفؤًا، لا يمكنه تحمّل مسؤوليّة كلّ اليتامى بمفرده.
كانت لاريت، التي ستُصبح الفيكونتيس آنسي القادمة، تفهم صعوبة موقف ديتريش تمامًا.
لذا قدّمت بديلاً.
“هنا يأتي دور التعليم المهني.”
“التعليم المهني؟”
“نعم. نبدأ بتعليم الأطفال مجموعة متنوّعة من المهارات المهنيّة منذ دخولهم دار الرعاية، ليتمكّنوا من اختيار وظائف تناسب ميولهم.”
فجأة، لمعت عينا ديتريش الزرقاوان.
كان ذلك دليلاً على أنّه مهتمّ بكلامها.
واصلت لاريت بحماسٍ:
“وعندما يصل الأطفال إلى سنّ الخامسة عشرة أو السادسة عشرة، وهو السنّ الذي يبدأون فيه العمل عادةً، نربطهم بوظائف تناسب ميولهم مسبقًا. عقود عمل مؤقّتة ستكون مثاليّة.”
في الحقيقة، كانت لاريت، التي تملك ذكريات من حياة سابقة، تودّ تمديد فترة حماية الأطفال أكثر.
كانت تعتقد أنّ القاصرين يجب أن يحظوا بحماية البالغين قدر الإمكان.
لكن لا يمكنها الانغماس في ذكريات حياتها السابقة فقط.
كان هناك دائمًا فجوة بين المثاليّة والواقع، ومهمّتهم هي تقليص تلك الفجوة قدر المستطاع.
استنادًا إلى تجاربها السابقة، كان بإمكان القاصرين فوق سنّ الخامسة عشرة العمل بدوام جزئي بموافقة الأوصياء.
لذا.
“يمكن أن يُخصص جزء من الأجور التي يكسبونها من تلك الوظائف المؤقّتة كدعم لاستقرارهم، وجزء آخر لتغطية نفقات معيشتهم في دار الرعاية.”
“بالتأكيد، إذا نجح ذلك، لن يكون البقاء في دار الرعاية لمدّة عامين أو ثلاثة أعوام إضافيّة عبئًا كبيرًا.”
فكّر ديتريش في رأيها للحظة، ثم أومأ برأسه.
ثم بدا راضيًا فجأةً.
“سيكون ذلك أيضًا تميّزًا عن مؤسّسة الرعاية التي يديرها المعبد.”
“هل تعتقد أنّه سيكون فعّالاً؟”
“بالطبع. أعتقد أنّه اقتراحٌ رائع.”
عند ردّ ديتريش الراضي، احمرّ وجه لاريت دون وعي.
كان ديتريش قد خاض تجارب عمليّةً عديدة وحقق نتائج ممتازة.
أن تحصل على تقييم “رائع” من شخص مثلهِ…
…كان شعورًا رائعًا بالفعلٓ.
“لكن يجب أن نجد طريقة للترويج لهذا التميّز. سأناقش الأمر مع المسؤولين الإداريين…”
“آه، لديّ فكرةٌ بشأن ذلك.”
تحدّثت لاريت دون تفكير، ثم خفّفت من نبرتها بحرج.
“ربّما ليست فكرةً كبيرةً…”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 137"