َ:
الفصل 133
ألقى دبلوماسي روسبورن سؤالًا بحذر.
“لكن… ما السبب الذي يدفع الإمبراطورية للمضي في هذه المفاوضاتِ؟”
إذا كان كلاوديوس وحده من يستطيع استخدام ميناء التجارة، فإن الأرباح ستكون أقرب إلى كلاوديوس منها إلى الإمبراطورية.
بالطبع، هناك ضريبة أساسية بنسبة 10% يتم دفعها.
لكن هذا وحده، على ما يبدو، لن يكون كافيًا من وجهة نظر الإمبراطورية.
“في هذا الشأن، سيقوم كلاوديوس بدفع حوالي 30% من أرباح ميناء التجارة كضرائب بدلاً من ذلك.”
اتسعت أعين الوفد دهشةً.
كان هذا الرقم بمثابة عرض مذهل.
فهو يعني دفع ثلاثة أضعاف الضرائب التي كانوا يدفعونها سابقًا.
وعلاوة على ذلك، قال إمبراطور الإمبراطورية:
“أرى أن اقتراح الدوق معقولٌ.”
كان يدعم الدوق بطريقة خفيةً.
“يبدو أن الاثنين متفقان تمامًا.”
“على الأرجح أن جلالته والدوق قد أجروا مشاورات مسبقة.”
تبادل وفد روسبورن النظرات، لكن التيار كان قد انحاز بالفعل لصالح الإمبراطورية.
في الحقيقة، بما أن الاقتراح يعود بالنفع على كلاوديوس والإمبراطورية على حد سواء، لم يكن لدى الإمبراطور سبب لرفضهِ.
وهكذا، تم إتمام المفاوضات.
في قاعة مأدبة مزيّنة بأناقة.
“انظروا هناك.”
أشار أحد أعضاء الوفد إلى ديتريش بعينيه وهمس.
كان ديتريش يقف إلى جوار آنسة أنيقة ذات شعر أسود طويل، يبتسمُ بإشراقٍ.
اختفى وجهه البارد، وحلّ محله وجه يشبه وجه صبي.
‘ذلك الدوق المتجهم… يمكنه أن يبتسمَ هكذا؟’
رمش الوفد بعينيه مرتبكًا.
في تلك اللحظة، لاحظ ديتريش أنظار الوفد، فأمسك بذراع الآنسة وقادها نحوهم.
“أتشرفُ بلقاءكَ دوق كلاوديوس.”
حيّاهُ الوفد بأدب.
“مرحبًا، نلتقي مجددًا.”
ردّ ديتريش بلباقة.
ثم قدّم الآنسة للوفد بنفسه.
“هذه الآنسة آنسي، وريثة عائلة آنسي الفيكونتية، وحبيبتي.”
حبيبة.
نطق ديتريش الكلمة دون تردد.
ومض بريق في أعين الوفد.
في المجتمع الأرستقراطي، كانت كلمة “حبيبة” تُستخدم بحذرٍ.
وذلك بسبب المصالح المتعددة التي ترتبط بالزواج.
وخاصة بالنسبة لنبيل بارز مثل دوق كلاوديوس.
ومع ذلك، ليقول ذلك علانية…
‘هل هذا يعني أنه يأخذ علاقته مع هذه الآنسة بجديةٍ تامة؟’
في تلك اللحظة، قدّم ديتريش الآنسة للوفد.
“آنسة آنسي، هؤلاء هم وفد روسبورن.”
“أتشرف بلقاء وفد روسبورن، أنا لاريت آنسي.”
رفعت لاريت طرف فستانها قليلًا وأدّت التحية بأناقةٍ.
تقدم ماركيز فيرا، ممثل الوفد، ليحييها.
“أنا ماركيز فيرا، ممثل وفد روسبورن، وهؤلاء دبلوماسيون تحت إمرتي.”
ابتسم الماركيز للاريت بمودةٍ زائدة عن قصد.
“يسعدني لقاؤكِ حقًا.”
إذا كانت هذه الآنسة تهم دوق كلاوديوس إلى هذا الحد، فمن الأفضل تركُ انطباع جيد.
خاصة أن فتح ميناء التجارة سيؤدي إلى زيادة التبادل التجاري مع كلاوديوس في المستقبل.
انحنى الوفد ليؤدي التحية.
وكان هناك شخص يراقب المشهد من بعيد.
“هه، حقًا…”
كان إيساك.
كان يرتدي زيّ كاهن أبيض نقيّ، يبدو بريئًا وطاهرًا.
لكن نظرته نحو ديتريش ولاريت كانت شرسةً للغاية.
‘مجرد وريثة عائلة فيكونت، لا تكتفي بحضور المأدبة، بل تحظى بهذا التمييز؟’
في اللحظة التي قدّم فيها ديتريش لاريت بـ”حبيبتي”.
تغيرت نظرات ماركيز فيرا والوفد تمامًا.
أصبحت معاملتهم للاريت أكثر احترامًا.
في اللحظة التي يرتبط فيها اسم كلاوديوس بشخص، يصبح هذا الشخص مميزًا.
وكان هذا التمييز…
‘يثير أعصابي حقًا.’
في تلك اللحظة.
“اللعنة، أن يتذلل وفد دولة أمام ديتريش هكذا!”
سُمع تذمر غاضب.
أدار إيساك بصرهُ.
“أبي.”
كان ماركيز إيفانز.
“ألا يفترض أن يكون لوفد دولة كبرياء؟ ما هذا التصرف…”
انفجرَ الماركيز غضبًا.
لكنه كان حريصًا على خفض صوته احترامًا للمكان.
تنهد إيساك وسأل:
“إذن، كيف كانت المحادثات هذه المرة؟”
“لا تذكرني، ذلك الماكر استولى على كل الأرباح في هذه المفاوضات!”
حدّق الماركيز في ديتريش بنظرةٍ ملتهبة.
في الحقيقة، كان في كلامهُ بعض المبالغةِ.
كانت قضية ميناء التجارة تمثل مخاطرة بسيطة حتى بالنسبة لعائلة كلاوديوس.
فمحصول القمح لا يمكن أن يكون ثابتًا دائمًا.
وعلاوة على ذلك، زيادة الضرائب إلى 30% لضمان أرباح الخزينة الإمبراطورية كانت استثمارًا كبيرًا من جانب كلاوديوس.
بالطبع، تم حساب كل ذلك بعناية، مع ثقة بأن المخاطر ستكون ضئيلة.
لكنه يعني أنهم قبلوا احتمالية تحمل بعض الخسائر.
لكن الماركيز لم يأخذ هذه الجوانب بعين الاعتبار.
كل ما يهمه هو ثروة كلاوديوس.
لم يكن لديه أدنى اهتمام بكيفية الحفاظ على هذه الثروة وتنميتها.
“لو كانت كلاوديوس ملكي…”
تمتم الماركيز بنبرة مملوءة بالطمع.
في تلك اللحظة.
دخل الإمبراطور والإمبراطورة إلى قاعة المأدبة.
“أتشرف بلقاء جلالة الإمبراطور وجلالة الإمبراطورة.”
أدى النبلاء وأعضاء الوفد التحية للزوجين.
حيّت الإمبراطورة، مضيفة المأدبة، بأناقة.
“يسعدني حقًا لقاء وفد روسبورن ونخبة الإمبراطورية اليوم.”
ابتسمت الإمبراطورة برقة.
“أعددنا هذه المأدبة ترحيبًا بكم، فأرجو أن تستمتعوا بها.”
مع ذلك، بدأ الخدم بمرافقة النبلاء والوفد إلى مقاعدهم.
لم يتمكن الوفد الجالس من إخفاء دهشتهم وهم ينظرون إلى مزهريات الزهور التي زيّنت طاولة المأدبة.
“هذه الزهرة… إنها زهرة فيلوني.”
“لم أكن أتوقع رؤية فيلوني في الإمبراطورية.”
زهرة فيلوني، الشبيهة بزهرة الجرس الصفراء.
تنمو فيلوني فقط في مرتفعات روسبورن، وهي نبتة نادرة ترمز إلى روسبورن.
نقل هذه الزهور إلى هنا والحفاظ عليها طازجةً لتزيين قاعة المأدبة.
كان دليلًا على قوة الإمبراطورية.
وإلى جانب فيلوني، كانت هناك زهور بيضاء مزينة.
“زهرة بيلورين.”
“لكن، أليس الآن شتاءً؟”
بيلورين هي زهرة الإمبراطورية، تتميز بأزهارها الكبيرة الفاتنة.
ورغم شيوعها في الإمبراطورية، فإن مشكلتها أنها تزهر في الصيف.
لكن زهور بيلورين أمامهم كانت متفتحةً ببراعةٍ، غير آبهة بالبردِ.
على الأرجح، كلفت كل زهرة بيلورين مبلغًا طائلًا لتزهر.
وعلاوة على ذلك، كانت زهور فيلوني وبيلورين ذات رائحة خفيفة.
“لا داعي للقلق من اختلاط رائحتها بطعام المأدبة.”
“هل تم اختيارها بعناية لهذا الغرض؟”
بينما كان النبلاء والوفد يتبادلون الحديث.
تحدثت الإمبراطورة بنعومةٍ.
“كما تتناغم هاتان الزهرتان لتكونا أجمل، أتمنى أن تعزز الإمبراطورية وروسبورن صداقتهما وتتطوران معًا.”
ومض بريق في أعين النبلاء والوفد.
“كذلك، ألا تتماشى رائحتهما الخفيفة الأنيقة مع هذه المأدبة؟”
تدخل الإمبراطور في الحديث.
“أتمنى أن يتبادل الوفد ونبلاء الإمبراطورية حوارًا ممتعًا.”
“بالمناسبة، زينت الآنسة كلاوديوس والآنسة آنسي زهور المأدبة.”
أضافت الإمبراطورة، وهي تنظر إلى الآنستين الجالستين جنبًا إلى جنب.
عندها، أبدى النبلاء إعجابهم.
“الآنسة كلاوديوس تقوم بعمل رائع مؤخرًا.”
“بالفعل.”
“يبدو أن الشائعات عن كبريائها كانت محض افتراء.”
عند هذه الكلمات، شعرت لاريت بفخرٍ أكبر من إيفانجلين نفسها.
التعليقات لهذا الفصل " 133"