* * *
في الطابق الأول من المتجر الكبير، حيث تتوسّط العلامة التجارية الفاخرة الموقع الأكثر بروزًا، كان الناس يصطفّون في طابورٍ طويل أمام المتجر.
“أهلاً بكِ، الأميرة كلاوديوس.”
“كنا بانتظاركِ.”
كما لو كانت قد حجزت مسبقًا، استقبلها الموظف بأدبٍ رفيع واصطحبنا على الفور إلى غرفة الضيوف المهمّين في الداخل.
هناك، كان الشيء الذي استقبلنا هو…
“ها، أساور زوجيّة!”
ابتسمت الأميرة إيفانجلين لي بإشراقٍ.
تحت سلسلة ذهبية وردية متدفقة، كان هناك قلادتان على شكل نصفي قلب.
كانت القلادتان بلونين، وردي وأزرق، يبدوان مستوحيين من لون عينيّ وعيني الأميرة.
“انظري، إذا جمعناهما هكذا…”
عندما ضممنا الجزءين المقسومين، تحوّلت القلادتان إلى شكل قلبٍ كامل.
عرضتهما الأميرة بفخرٍ وأعلنتَ:
“لقد طلبتُ تصميمهما بنفسي وأنا أفكّر فيكِ، لاري.”
…الأميرة، من أجلي؟
نظرتُ إلى الأساور مذهولةً.
رفعت الأميرة إيفانجلين رأسها بفخرٍ، كأنها تنتظرُ المديح.
“هذه القطعة، هي الوحيدة من نوعها في العالم.”
الاحتفال بالصداقة بمشاركة شيءٍ مميّز…
مددتُ يدي بحذر نحو السوار.
تصدر صوتٌ خفيف عندما اصطدمت السلسلة الذهبية بالقلادة.
غرقتُ في تأمّلٍ عميق.
على الرغم من عزمي على ألّا أعيش بعد الآن في ظلّ سيرافينا، عادت إلى ذهني ذكريات الأيام التي قضيتها كخادمتها بوضوحٍ.
أيامٌ لم أكن أرغب في استعادتها أو العودة إليها أبدًا.
‘نعم، هكذا هي الصداقة الحقيقية.’
علاقةٌ تقوم على التقدير والاحترام المتبادلين.
علاقةٌ لا يُجبر فيها أحدٌ على التكيّف مع الآخر، بل يلتقيان على مستوىً متساوٍ.
شعرتُ أنني أدركتُ أخيرًا معنى الصداقة الحقيقية من خلال الأميرة إيفانجلين.
رفعتُ رأسي قليلاً.
كانت الأميرة تنظر إليّ بتوترٍ واضح.
“ما رأيكِ؟ هل أعجبتكِ؟”
“بالطبعِ، أنا سعيدةٌ جدًا.”
ابتسمتُ بحرارةٍ.
“شكرًا لكِ، إيفا.”
عندها فقط بدا الارتياح على وجه الأميرة، ثم أمسكت بمعصمي بحماسٍ.
“مدّي يدكِ، سأضع السوار لكِ.”
تأرجح السوار على معصمي.
كان بريقه اللامع يبدو ساحرًا لدرجة جعلتني أشعر بالدموع الدافئةِ تتجمع في عيني.
بينما كنتُ أتحسّسه بحذر خشية أن يُخدش، خطرت لي فكرة فجأة.
“أم، غدًا هو يوم الإحتفال، أليس كذلك؟”
“وماذا في ذلك؟”
“أفكّر أننا يجب أن نتبادل الأساور في ذلك اليوم.”
“آه، ما الفرقِ؟”
نظرت الأميرة إلى السوار على معصمي بعينين مليئتين بالرضا.
ثم مدّت معصمها نحوي فجأةً.
“ضعي السوار لي أيضًا.”
وضعتُ السوار على معصم الأميرة.
بدأت الأميرة تأرجحُ السوار بمرحٍ، تنظر مرةً إلى معصمها ومرةً اخرى إلى معصمي.
كانت الابتسامة لا تفارق شفتيها طوال الوقتِ.
(ميري: هاذي حالتنا أنا والمتابيع من الفصل الي فات)
في تلك اللحظة، اتّخذتُ قراري.
“إيفا.”
“لماذا تنادينني؟”
كانت الأميرة منهمكة في تأمّل السوار، فأجابت بتشتّت.
“هذا السوار، سأدفع نصف ثمنه.”
رفعت الأميرة رأسها فجأة.
“ماذا قلتِ؟”
ابتسمتُ بلطف.
“أريد أن أقدّم شيئًا لكِ أيضًا، إيفا.”
كنتُ أنوي منذ البداية تقديم هدية للأميرة.
لكن، نظرًا لأن ذوقها كان راقيًا جدًا، لم أجرؤ على اختيار شيء بسهولةٍ.
ماذا لو اخترتُ شيئًا لا يعجبها؟
بالطبع، لم تكن الأميرة من النوع الذي يُظهر استياءه، لكنني أردتُ أن أقدّم لها شيئًا يُرضيها تمامًا.
كنتُ أخطّط لشراء شيءٍ أثناء تجوّلنا اليوم…
‘بل، ربما هذا أفضل.’
عندما سمعت ردّي، عبست الأميرة.
“لا حاجة لذلك. ألستِ صديقتي؟”
“وأنتِ ايضًا، أليس كذلكَ؟”
عندما سألتها ذلك، أغلقت الأميرة فمها بإحكام، كأنها لا تجد ردًا.
حاولتُ إقناعها بلطفٍ.
“إذا كان سوار الصداقة، أليس من المفترض أن نهديه لبعضنا؟ أليس كذلك؟”
“لكنني أريد أن أدفع ثمنه كله…”
“سمعتُ أن هناك معنى في عملية الدفع من كلينا كهديةٍ لبعضنا.”
في تلك اللحظة، ارتجف كتف الأميرة التي كانت تُصرّ على موقفها.
“يعني أن الصداقة ستبقى إلى الأبد دون تغيير؟”
صراحةً، لا أعرفُ إن كان هناك مثل هذه الأسطورة أم لا.
كلّ ما سمعته هو أن بعض الآنسات كنّ يتبادلن أشياء متطابقة للاحتفال بالصداقةِ في وقتٍ ما.
لنكن صريحين، فكرة أساور الصداقة نفسها أصبحت موضةً قديمة.
يبدو أن أميرتنا ترغب في تجربة كلّ ما يُعتبر رائجًا بين الأصدقاء.
كم هي لطيفةٌ!
“إلى الأبد… الصداقة التي لا تتغيّر؟”
كرّرت الأميرة بتعبيرٍ نصف مقتنع.
“نعم. لذا، دعينا نفعل هكذا: أنتِ تشترين لي سوارًا، وأنا أشتري لكِ واحدًا. ما رأيكِ؟”
“لكن، أن أجعلكِ تدفعين ثمن شيء…”
“أريد أن أحافظ على صداقتنا لمدة طويلة، إيفا. ألا تريدين ذلكَ؟”
أكّدتُ كلامي بحزمٍ.
بعد لحظةٍ من التفكير، استدارت الأميرة بإنزعاجٍ.
“حسنًا، إذا كنتِ مصرّة على هذا…”
لكن، من زاوية شفتيها المرتفعة قليلاً، كان واضحًا أنها تقول ذلك فقط من باب العناد، بينما مزاجها في أوج سعادتهِ.
كدليلٍ على ذلك، كانت خطوات الأميرة وهي تخرج من المتجر خفيفةً للغاية.
“إلى أين سنذهب الآن؟ هل هناك شيءٌ آخر تريدينهُ؟”
استدارت الأميرة نحوي وسألت بحماسٍ.
هززتُ رأسي ورددتُ بسؤال:
“هل يمكننا زيارة قسم الملابس الرجالية أو الإكسسوارات الرجالية؟”
“لماذا؟ هل تريدين شراء هدية لأخي؟”
“نعم. لقد تلقّيتُ منه أقراطًا من قبل، وساعدني في قضية عائلة جوستو، وأيضًا…”
بينما كنتُ أعدّد الأشياء التي فعلها الدوق ديتريش من أجلي، احمرّت وجنتاي فجأة.
“…أشعر أننا الآن في علاقةٍ تسمح لي بتقديم هدية له.”
كنتُ دائمًا أتلقّى من الدوق، لذا أردتُ هذه المرة أن أقدّم له شيئًا مميّزًا.
“يا للعجب.”
عندما سمعت كلامي، تمتمت الأميرة إيفانجلين ببرود.
“هل يجب أن يشعر من لا يملكون حبيبًا بالحزنِ؟”
آه، هل أزعجتها؟
رمقتُ الأميرة بحذرٍ.
“أم، لكنكِ قلتِ إنكِ تدعمين علاقتي مع الدوق…”
“من قال إنني لا أدعمها؟ أنا أدعمها، لكن!”
تمتمت الأميرة بإنزعاجٍ وأمسكت بمعصمي.
“أنا فقط أشعر بالضيق لأنني سأضطر إلى مشاركتكِ مع أخي!”
همم.
ابتسمتُ بإحراجٍ.
مشاركة؟ من الناحية الموضوعية، أقضي وقتًا أطول بكثير مع الأميرة.
في الحقيقة، كان الدوق ديتريش مشغولاً للغاية، لذا كان من الصعب عليه تخصيص وقتٍ كافٍ…
في هذه الأثناء، توقّفت الأميرة عن التذمّر ونظرت إليّ.
“إذًا، هل لديكِ فكرةٌ عما تريدينهُ؟”
“في الحقيقة، لا أعرف الكثير عن الأغراض الرجالية، لذا أفكّر في النظر إلى الخيارات.”
“حسنًا، مفهوم. هيّا بنا.”
توجّهنا أنا والأميرة إلى قسم الملابس الرجالية.
السترات، القمصان، ربطات العنق…
كانت الأغراض المختلفة تُربك عينيّ.
‘ربطة العنق تبدو رخيصةً بعض الشيء…’
بالطبع، متجر هاريسون كان يتعامل فقط مع العلامات التجارية الفاخرة، وكلّ القطع كانت عاليةَ الجودة.
لكن، نظرًا لكلّ ما كنتُ مدينة به للدوق، أردتُ اختيار شيءٍ باهظ الثمن ومميّز قدر الإمكان.
بعد أن استبعدتُ ربطة العنق من تفكيري، بدأتُ أتحسّس معطفًا رجاليًا يرتديه أحد الدمى.
‘هذا قد يكون مناسبًا، لكن…’
المشكلة هي أن شراء بدلة يتطلّب معرفة مقاسات الجسم مسبقًا.
‘مقاسات الجسم.’
فجأة، تخيّلتُ جسَد الدوق المنحوت.
خطّ فكّه الأنيق، وعنقه الرشيق الممتدّ تحته.
تحت القميص ذي الياقة المشدودة، كان هناك بالتأكيد كتفان عريضان وصدرٌ مشدود…
‘آه!’
احمرّ وجهي فجأة، وخفضتُ رأسي بسرعةٍ.
هل أنا حقًا… أصبحتُ منحرفةً؟!
(ميري: لا حبيبتي طبيعية اوي لو تشوفي إيفينا الي تروح لمكان الفرسان وهم بدون قمصان وتضل تناضر ولعابها يسيل لكان مُتِ من الخجل )
التعليقات لهذا الفصل " 119"