“يا إلهي، أن يدفع مثل هذا المبلغ الضخم!”
“هل يكنّ الكاهن الأعلى إيفانز مشاعر خاصّة تجاه الآنسة لوبيز؟”
“ربّما لأنّه هو من أوكل إليها تنظيمَ هذا الحفلِ الخيري…”
بمجرّد أن تمّت المزايدة على الحقيبة، تغيّرت نظرات المدعوّين إلى سيرافينا بشكلٍ ملحوظ.
ففي النهايةِ، كان الكاهن الأعلى إيفانز شخصيّةً ذاتَ مكانةٌ كبيرة في الإمبراطوريّة.
فهو ليس فقط أحد كبار الكهنة في المعبد، بل وأيضًا وريث عائلة الماركيز إيفانز.
وقد رتّب بنفسه لسيرافينا تنظيم الحفل الخيري، بل وفاز بالمزايدةِ على الغرض الذي قدّمتهُ.
كان هذا الموقف كافيًا لرفع مكانة سيرافينا بشكلٍ كبير.
في هذه الأثناء، نظرت سيرافينا إليّ بنظرةٍ مليئةٍ بالثقة.
‘أترين؟ أنا وأنتِ على مستويات مختلفة.’
كأنّها تتباهى بهذا.
رفعت سيرافينا رأسها بكبرياء وفتحت فمها:
“الغرض التالي قدّمته الآنسة آنسي، وهو دراسةٌ مبكّرة للرسّام المعبدي دونوفان…”
فجأة، توقّفت سيرافينا، وكأنّها تلقّت ضربةً على مؤخّرة رأسها، وبدت مذهولة.
“يا إلهي؟”
“لماذا تبدو الآنسة لوبيز هكذا؟”
تهامس المدعوّون بحيرة.
في تلك اللحظة، استعادت سيرافينا رباطة جأشها وأكملت بسرعة:
“…دراسة مبكّرة.”
لكنّها كانت مذهولة لدرجة أنّها لم تستطع منع نفسها من التتلعثم.
‘كيف كان شعوركِ بهذه الصفعةِ؟’
ابتسمتُ بلطفٍ لسيرافينا المذهولةِ.
صحيحٌ أنّني تلقّيت مساعدة من عائلة كلاوديوس، لكن رؤية وجه سيرافينا المرعوب جعلتني أشعر بالرضا.
ثمّ…
“يا إلهي، دونوفان؟!”
“هل يعني ذلك أنّ لوحة لدونوفان عُرضت؟”
ثار المدعوّون كخليّة نحلٍ تمّ إزعاجها.
“أن تتبرّع بمثل هذا العمل النادر بكلّ سرور، يبدو أنّ قدرات الآنسة آنسي لا تُستهان بها.”
“سمعتُ أنّ عائلة الفيكونت آنسي غنيّةٌ بشكلٍ خفي.”
في لحظة، تحوّل انتباه الجميع نحوي.
‘همم، هذا الانتباه كان من المفترض أن يذهب لعائلة الدوق.’
لم أستطع إخفاء تعبير الأسف، ونظرتُ إلى الأميرة بنظرةٍ جانبيّة.
‘مرّة أخرى، أنا مدينة لهم…’
التقت عيناي بعيني الأميرة، التي ابتسمت لي بمرحٍ كطفلةٍ شقيّة، ثمّ قالت:
“انظري هناك.”
همست بصوتٍ منخفض وأشارت بعينيها نحو سيرافينا.
نظرتُ إلى هناك دون تفكير، فرأيتُ سيرافينا تعضّ شفتيها بقوّة.
‘واو، سيرافينا بهذا التعبير؟’
نظرتُ بشماتةٍ إلى وجهها الشاحب من الصدمةِ.
في العادة، كانت سيرافينا لتحافظ على ابتساِمتها مهما حدثَ.
لكن يبدو أنّها الآن لم تملك الطاقة لتدير تعابيرها.
بينما كنتُ أستمتع بالموقف.
“دراسة مبكّرة لدونوفان، أودّ امتلاكها.”
تمتمت الإمبراطورة جلالتها، ثمّ رفعت لوحة المزايدة دون تردّد:
“عشرة ملايين ديرك.”
يا إلهي.
كما هو متوقّع من سيدة العرش الإمبراطوري، كريمةٌ بلا حدود…
لكنّ جلالة الإمبراطورة لم تكن الوحيدة التي شاركت.
استمرّتَ المبالغ في الارتفاع بلا توقّف.
ثلاثة عشر مليون ديرك.
خمسة عشر مليون ديرك.
ثمانية عشر مليون ديرك…
كانت لوحات المزايدة تُرفع باستمرار في أيدي المدعوّين.
“يا إلهي، انظري إلى ارتفاع المبلغ!”
“لا عجب، إنّها دراسة لدونوفان!”
“لم أتخيّل أنّ الأمر سيكون مثيرًا لهذه الدرجة.”
عمّت أجواءٌ محمومة بين المدعوّين.
في تلك الأثناء.
رفع الدوق لوحة المزايدة لأوّل مرّة.
نظرت سيرافينا، التي بدت كالميّتة، إلى المبلغ على اللوحة، ثمّ تمتمت بذهول:
“الدوق كلاوديوس… خمسون مليون ديرك…”
عند هذا المبلغ الهائل، ساد الصمت كما لو أنّ المكان قد سُكب عليه ماءٌ بارد.
“خمسون مليون ديرك. هل هناك من يزيد على خمسين مليون ديرك؟”
“….”
“….”
لكن الناس ظلّوا يتبادلون النظراتَ فقط.
لم تُرفع لوحةٌ أخرى.
أخيرًا، تابعت سيرافينا بأسنانٍ مُطبقة:
“إذا لم يكن هناك المزيد… فسيفوز الدوق بغرض الآنسة آنسي.”
“حسنًا، هكذا إذًا.”
أومأت الأميرة، التي كانت تجلس بجانبي، برضا.
في هذه الأثناء، ابتلعتُ أنفاسي ونظرتُ إلى الدوق بجانبي.
‘هل هذا… حلم؟’
لأنّه، عادةً في “لعبة الورد”، فوز شخصٍ بغرضٍ ما يعني…
أنّ لديه اهتمامًا بالطرفِ الآخر، أليس كذلك؟!
في تلك اللحظة.
نسيتُ حتّى التنفّس.
كانت عينان زرقاوان عميقتان كبحر الشتاء تنظران إليّ دون اهتزاز.
كأنّني والدوق وحدنا في هذا العالم.
“….”
“….”
في اللحظة التي أدركتُ فيها تلك النظرة.
اختفت كلّ أصوات العالم.
لم يبقَ سوى صوت قلبي الذي يخفقُ بجنونٍ، يتردّدُ في جسدي كلّه.
نجمة نوفمبر الأكثر تألقًا.
حدثٌ مستوحى من تسلية المجتمع الراقي، “لعبة الورد”.
وفي اللحظة التي أدرك فيها ديتريش طبيعة “لعبة الورد”.
“نصيحة واحدة، إذا لم تتحرّك، ستندم كثيرًا.”
أدركَ ديتريش بعمق لماذا قدّمت إيفانجلين تلك النصيحة.
‘…لم أتوقّع أنّ هذا هو المقصود.’
تقدّم السيّدات بأغراضهن، ويتنافس السيّدون عليها في مزاد.
والفوز بغرضٍ ما يعني…
‘أنّ لديك اهتمامًا بالطرف الآخر، هكذا يُعبّر عنه بشكلٍ غير مباشرٍ.’
يظنّ الناس أنّ ديتريش يتّخذ قراراته بجرأةٍ دون تردّد.
دون تردّد، دون خوف، دون توقّف.
في الواقع، كان ديتريش يوافقَ على هذا التقييم إلى حدّ ما.
لكن…
‘الآنسة آنسي.’
عندما يتعلّق الأمر باتّخاذ قراراتٍ تتعلّق بلاريت، كان على ديتريش أن يجمع كلّ شجاعته.
كان هذا الحدث كذلكَ.
لم يكن خائفًا من إعلان إعجابه بلاريت علنًا.
صحيحٌ أنّ الناس سيتكلّمون عن الفارق في الطبقات وما إلى ذلك، لكن من يهتمّ؟
طالما أنّ ديتريش راضٍ، فهذا يكفي.
وعلاوة على ذلك، مع نفوذ كلاوديوس، يمكنه سحق أيّ شخصٍ يجرؤ على النميمة.
لذا، بدلًا من هذه المشاكل التافهة.
‘ماذا لو رُفضت؟’
كان هذا هو الخوف الوحيد.
لكن، مهما كان جدار الخوف مرتفعًا وشاهقًا.
لم يعد بإمكانه كبح مشاعره تجاه لاريت…
“إذا لم يكن هناك المزيد… فسيفوز الدوق بغرضِ الآنسة آنسي.”
وسط ضجيج الجموع.
لم ترَ عينيهِ سوى لاريت.
عيناها الورديّتان اللتان تحدّقان به بهدوء، وشفتاها الحمراوان المفتوحتان قليلًا.
كان وجهها المذهول محبوبًا للغاية.
حتّى أنّه أراد أن يعانقها بين ذراعيه في الحال…
“…سيدي.”
“….”
“الدوق كلاوديوس!”
في تلك اللحظة، استفاق ديتريش من نداءٍ له.
ابتسم بسلاسة كعادتهِ:
“نعم، تفضّلوا.”
بعد انتهاء الحدث.
كان ديتريش يتبادل الأحاديث مع إيساك وكبار الكهنة الآخرين.
“حقًا، لقد كان لعائلة كلاوديوس فضلٌ كبير علينا هذه المرّة أيضًا.”
عبّر الكهنة عن امتنانهم المتكرّر لديتريش.
ولا عجب، فقد تبرّع ديتريش بمبلغٍ كبير إضافةً إلى تبرّعاته الدوريّة.
وعلاوة على ذلك، في حدث “نجم نوفمبر الأكثر تألقًا.”، دفع مبلغًا هائلًا للفوز بغرض الآنسة آنسي.
‘يبدو أنّ الدوق كلاوديوس يكنّ مشاعرً خاصّةً تجاه الآنسة آنسي.’
‘أن تُورّط مثل هذه السيّدة في قضيّة زواج مع عائلة الكونت جوستو…’
كاد ذلك أن يفسدَ العلاقةَ مع عائلة كلاوديوس تمامًا.
تبادل كبار الكهنة النظرات بحذرٍ.
التعليقات لهذا الفصل " 115"