“آمل ألّا ترتكبي مثل هذا الخطأ، الآنسة آنسي.”
“الكاهن الأعلى إيفانز…”
“عائلة الدوق كلاوديوس وعائلة الفيكونت آنسي، مهما كان الأمر، لا تبدوان عائلتين متوافقتين تمامًا، أليس كذلكَ؟”
بعد أن بدأ حديثه بهذه الطريقة، نظر إليّ الكاهن الأعلى إيفانز بنظرةٍ مليئةٍ بالشفقةِ.
“أقول هذا بحذرٍ، لأنّني قلقٌ من أن تتأذّي الآنسة آنسي في المستقبل.”
كانت نبرة صوتهُ تبدو وكأنّه حقًا يهتمّ بي.
شعرتُ بمزيدٍ من الاضطرابِ.
“لذا، آمل ألّا تأخذي كلامي بسوءٍ.”
هل يعني هذا أنّه لا يمكنني الهروب من ‘العمل الأصلي’؟
لأكون صريحةً…
كنتُ أظنّ أنّني والدوق ربّما نشعر بإعجابٍ عقلانيّ متبادل.
لكن الآن، يبدو الأمر وكأنّ…
هذا العالم يشجّع على علاقة سيرافينا والدوق.
لم أستطع إلّا أن أرمق الدوق وسيرافينا بنظرةٍ جانبيّة.
كان مظهرهما وهما يرقصان بأناقةٍ يُشبه لوحةً فنيّة.
شعرتُ بقلبي يغوص في الحزن.
لكن في تلك اللحظة.
“آه، لحظة من فضلك.”
تردّد صوتٌ ممزوجٌ بالضحك وهو يستأذنني.
ثمّ…
“آه!”
جذبني الكاهن الأعلى إيفانز فجأة بقوّة.
أصبحتُ شبه متّكئة عليه، فحاولتُ مرتبكةً أن أبعد نفسي بسرعة.
لكنّ الكاهن الأعلى إيفانز أمسك بخصري بقوّة وتقرّب منّي أكثر.
كأنّنا عاشقان.
‘هذا… ليس مناسبًا على الإطلاق!’
صحيحٌ أنّ هذه الحركة جزءٌ من الرقصة، لكنّ هذا العناق كان مبالغًا فيه بشكلٍ مفرطٍ.
وفي الوقت نفسه، ظهرت ابتسامةٌ كثيفة على شفتي الكاهن الأعلى إيفانز.
كأنّه غارقٌ في شعورٍ بالانتصار.
‘من الذي ينظرُ إليه؟’
نظرتُ حولي بحيرةٍ.
‘…’
التقت عيناي بعيني الدوق، الذي كان يحدّق بي بوجهٍ خالٍ من التعبير.
شفتاه المطبقتان بإحكام.
وعيناه الزرقاوان الباردتان كبحرٍ مغطّى بالجليد.
كان من الواضح أنّه يكبحُ غضبه.
‘ماذا؟’
اتّسعت عيناي قليلًا.
لأنّ الدوق…
لم يلمس سيرافينا حتّى بطرف إصبعه.
‘ما الذي يحدث هنا؟’
نظرت سيرافينا إلى ديتريش بوجهٍ مذهول، وكأنّها تلقّت ضربةً على رأسها.
كان ديتريش واقفًا في مكانهِ كتمثال.
عيناه الزرقاوان المتّقدتان كانتا تثقبان الكاهن الأعلى إيفانز، الذي كان يعانق لاري.
كانت الموسيقى قد بلغت ذروتها.
ومن بين الجميع، كانا هما الوحيدان اللذان توقّفا عن الرقص ووقفا مذهولين.
“سيدي الدوق…”
حاولت سيرافينا استئناف الرقص، فنادته بحذر.ٍ
في تلكَ اللحظةِ.
طق.
مرّ ديتريش بجانب سيرافينا دون كلمةِ اعتذارٍ.
تقدّم الدوق نحونا بخطواتٍ واسعة، وأمسك بكتف الكاهن الأعلى إيفانز كأنّه يقتلعه.
ثمّ…
“يبدو أنّ شريكتي تشعر بالانزعاج، الكاهن الأعلى إيفانز.”
قال الدوق بحدّةٍ:
“حسب معرفتي المتواضعة، علّمتُ أن نراعي راحةَ الآخرين.”
ابتسم الدوق بعنفٍ:
“يبدو أنّك بحاجة إلى وقتٍ لمراجعةِ تعاليم المعبدِ.”
تشوّه وجه الكاهن الأعلى إيفانز فجأةً.
في تلك اللحظة، انتهت الموسيقى.
‘…’
‘…’
عمّ الصمت.
بعد ذلك، كنتُ قلقةً من أن ينشب شجار، لكن لحسن الحظ، مرّ الأمر دون مشاكل.
كيف لا، فقد كان هناك العديد من المدعوّين، بل وحتّى الإمبراطورة موجودةٌ.
“ما الذي يحدث هنا؟”
تدخّلت الإمبراطورة بنفسها للتهدئة.
اضطرّ الدوق والكاهن الأعلى إيفانز إلى التراجع على مضضٍ.
لكنّ مزاج الدوق ظلّ في الحضيض بعد ذلك.
‘واه، أخي في حالةٍ سيئة للغاية.’
هزّت الأميرة رأسها متأسّفة.
“الجميع، من فضلكم، تفضّلوا بالجلوس.”
في تلك اللحظة، صعدت سيرافينا، منظّمة الحفل الخيري، إلى المنصّة كمقدّمة للفعاليّات.
صراحةً، بعد الفوضى التي حدثت، كنتُ أتوقّع أن تكون منزعجةّ…
لكنّ قدرتها على إدارة تعابيرها بشكلٍ مثالي تستحقّ الإعجابَ.
بينما كان المدعوّون يجلسون في أماكنهم، جلستُ أنا أيضًا في المقعد المخصّص للضيوف المهمّين.
بالمناسبة، كان الدوق والأميرة يجلسان على جانبيّ.
“سأجلس بجانب لاري.”
أصّرت الأميرة على الجلوس بجانبي مهما كان.
ومع ذلك، لم يكن بإمكاني ترك مقعد الدوق، شريكي، خاليًا.
بالمناسبة، جلست الإمبراطورة بجانب الأميرة…
‘يا إلهي، يا لهُ من وفدٍ فاخر!’
شعرتُ بالتوتر، فاستقمتُ وعدّلتُ جلستي.
“بفضل دعم الكاهن الأعلى إيفانز هذه المرّة، تمكّنّا من اختيار نجم نوفمبر الأكثر تألقًا..”
ابتسمت سيرافينا بنقاءٍ كزهرة زنبق:
“لا يزال هناك العديد من الجيران المحتاجين حولنا.
آمل أن يساعد هذا الحدث في جمع تبرّعاتٍ كثيرة، ليتمكّنوا من قضاء شتاءٍ دافئ.”
أدّت سيرافينا التحيّة للضيوف المهمّين، ثمّ أنهت كلامها بنبرةٍ واثقة:
“فلنبدأ.”
تصفيقٌ حارّ دوّى في القاعة.
تتابعت الأغراض المختلفة على المنصّة.
“هذا الغرض هو وشاحٌ قدّمته السيّدة باريتو.”
“هذا الغرض قدّمه الكونت كوبيل…”
“هذا الغرض…”
تراكمت التبرّعات تدريجيًا.
نظرت إحدى السيّدات بحبّ إلى خطيبها الذي اشترى غرضها بمبلغٍ كبير.
كما تباهى النبلاء الذين قدّموا أغراضهم بفخر.
مع تراكم التبرّعات، ظهرت علامات الرضا على وجوه الكهنة.
في تلك الأثناء، صعدت حقيبةٌ فاخرة إلى المنصّة.
كانت الحقيبة مصقولةً بعناية، حتّى إنّ الجلد يلمع برونقٍ خاص.
“هذا الغرض… هو شيءٌ قدّمته أنا.”
تابعت سيرافينا بخجلٍ مصطنع:
“إنّها من مجموعة بوسكين لعام 1827، وهي حقيبةٌ أعتزّ بها كثيرًا.”
آه، أعرفها جيّدًا.
تلك الحقيبة اشتراها غريطوري لسيرافينا في عيد ميلادها الثامن عشر.
“سيرا، لقد أعددتُ هذا لكِ.
كان من الصعب الحصول عليه!”
تباهى غريجوري بذلكَ.
في ذلك الوقت، لم تكن سيرافينا، التي لا تهتزّ لأيّ هديّة عاديّة، تستطيع إخفاء فرحتها:
“غريجر، أنتَ حقًا الأفضل!”
لم تتمالك نفسها من الفرح، فعانقت غريغوري بحرارة ودمعت عيناها.
‘لم أتوقّع أن تتبرّع بشيءٍ تعتزّ به لهذه الدرجة.’
كان واضحًا أنّها تبذل قصارى جهدها لتعزيز سمعتها في هذا الحفل الخيري.
تابعت سيرافينا بوجهٍ بريء:
“آمل أن تساهم هذه الحقيبة، ولو بشكلٍ متواضع، في مساعدة المحتاجين.”
ما إن انتهت كلماتها، حتّى رُفعت لوحة.
كان الكاهن الأعلى إيفانز.
20 ألف ديرك.
كان أعلى سعرٍ بين جميع الأغراض حتّى الآن.
حتّى بالنظر إلى ندرة تلك المجموعة، كان سعرًا مذهلاً.
كدليلٍ على ذلك، اتّسعت أعين الضيوف المهمّين بدهشة.
“20 ألف ديرك؟”
“حتّى لو كانت مجموعةً نادرة، إنّه مبلغٌ ضخم.”
“أليس هذا لمساعدة المحتاجين؟”
ردّ الكاهن الأعلى إيفانز بلطف على النظرات المذهولة:
“أنا سعيدٌ بإضفاء الحيويّة على الحدث بهذه الطريقة.”
“يا إلهي…”
تظاهرت سيرافينا بالتأثّر وهي تغطّي فمها بيديها، لكنّها لم تستطع إخفاء تعبير الفخر.
كنتُ أستطيع تخيّلها وهي تتباهى بهذا الأمر في الأوساط الاجتماعيّة…
بعد ذلك، شاركت بعض السيّدات والنبيلات في المزاد.
لكن في النهايةِ، كان الكاهَن الأعلى إيفانز هو الفائز النهائي.
التعليقات لهذا الفصل " 114"