[إلى الآنسة آنسي العزيزة،
مر أسبوعان منذ آخر لقاء لنا.
أصبح الجو باردًا جدًا، فهل أنتِ بصحةٍ جيدة؟
الأمر أنني سأحضر حفل الخيري الذي ينظمه المعبد الكبير هذا العام.
إذا لم يكن ذلك وقحًا، أود أن أطلب منكِ، الآنسة آنسي، أن تكوني شريكتي.
سأنتظر ردكِ.
― ديتريش فون كلاوديوس]
‘يا إلهي!’
لم أصدق، فركتُ عينيّ ونظرتُ إلى البطاقة مجددًا.
لكن المحتوى لم يتغير.
‘إذن… الدوق يطلب مني أن أكون شريكتهُ؟!’
بالطبع، بفضل خطط إيفانجلين، كنتُ شريكة الدوق في عدة مناسبات من قبل.
لكن هذه المرة الأولى التي يدعوني فيها الدوق مباشرةً!
خفق قلبي بعنفٍ.
‘من فضلك، اهدأ، يا قلبي…’
تنفستُ بعمق لتهدئة خفقاني.
لكن في تلك اللحظة،
“لاريت، ماذا كُتب في البطاقة؟”
سألتني إيفانجلين بنبرة مرحة.
“حسنًا، إنهُ…”
احمر وجهي، فأخفضتُ رأسي وتمتمت بهدوء:
“الدوق… طلب مني أن أكون شريكتهُ في الحفل الخيري.”
“حقًا؟!”
قفزت إيفانجلين من مكانها:
“واو، أخيرًا تقدم أخي البطيء بخطوةٍ!”
“إيفا؟ بطيءٍ؟”
“نعم، بطيءٌ لأنه يَجعلُ الناس يشعرون بالإحباطِ!”
ضربت إيفانجلين صدرها بإنزعاجٍ:
“حقًا، يكفي التردد! يجب أن يكون الشخص حاسمًا! لو كان يتصرف بنصف سرعته في العمِل فقط!”
لكن ذلك لم يدم طويلاً.
غطت إيفانجلين فمها وبدأت تبتسم بسخريةٍ:
“إذن، لاريت.”
سألتني بنبرةٍ ماكرةٍ:
“كيف شعرتِ بطلبهِ كشريكتهِ؟ هاه؟”
“ماذا ؟شعور؟”
“نعم. طلبهُ يشبه تقريبًا طلب موعدٍ، أليس كذلك؟”
“أليس هذا تفسيرًا مبالغًا فيه؟”
“واو، أخي سيعاني.”
نقرت إيفانجلين لسانها بصوت عالٍ:
“جمع شجاعته لطلب موعد، والشخص المعني يقول إنه تفسيرٌ مبالغ فيه!”
“إيفا!”
رفعتُ صوتي دون تفكير، ثم أعدتُ عينيّ إلى البطاقة.
آه، ماذا أفعل؟
وجهي الآن، بالتأكيد فوضى…
‘…ومع ذلك.’
عبثتُ بحرج بحافة البطاقة الصلبة:
‘إنها إيفانجلين، وليست أي شخص آخر.’
اليوم فقط… ألا يمكنني أن أعبر عن هذا القلب المتدفق قليلاً؟
“أنا سعيدةٌ جدًا.”
تمتمتُ بخجل.
برقت عينا إيفانجلين كالصقرِ:
“هل يعني ذلك أن أخي يعجبكِ أيضًا؟”
طعنتني في صميم قلبي…
آه، هذا مؤلم جدًا!
بعد تردد، كشفتُ بحذرٍ عن مشاعري:
“أي امرأة لن تشعر بالخفقان تجاه شخٍص مثل الدوق؟”
“أوه، تجاه أخي؟”
عبست إيفانجلين للحظة، لكن ذلك لم يدم:
“لاريت، تتذكرين كلامي، أليس كذلك؟”
تقلصت عيناها الزرقاوان الشبيهتان بالبحيرة بجمال:
“أنا دائمًا أدعمكِ أنتِ وأخي.”
“…نعم.”
شعرتُ بالتأثر، فأومأتُ بهدوء.
في الوقت نفسه، أمسكت إيفانجلين يدي برفقٍ:
“لكنني تعرفتُ عليكِ قبل أخي، وأصبحنا أصدقاء. تعلمين ذلك، أليس كذلك؟”
ثم أوصتني بحزم:
“حتى لو تقربتِ من أخي، لا تخرجي معه فقط، بل أخرجي معي أيضًا. حسنًا؟”
“بالطبع.”
بدت إيفانجلين مطمئنةً قليلاً.
لكن يبدو أن إجابتي لم تُرضِها تمامًا:
“…لكن، بيني وبين أخي، من تفضلين؟”
سألتني بمكرٍ.
كانت الإجابة واضحة:
“بالطبع أنتِ، إيفا.”
“ألستُ كذلك؟”
ارتفعت كتفا إيفانجلين بفخرٍ عاليًا.
في تلك الليلة،
في العربة العائدة إلى منزل كلاوديوس المدني،
كان ديتريش غارقًا في التفكير:
‘هل وصلت البطاقة بأمان؟’
رغم انشغاله بإدارة اجتماع مجلس النبلاء، ولقاءاتهِ مع النبلاء والمسؤولين، ومراجعة الأوراق،
ظل ذهنه معلقًا بالبطاقة طوال اليوم.
البطاقة التي أرسلها إلى لاريت، طالبًا منها أن تكون شريكته في الحفل الخيري.
‘متى سيصل الرد؟’
شعر بالتوتر، فأمسك قبضتهُ بقوةٍ:
‘ماذا لو رفضت الآنسة آنسي طلبي؟’
ابتسم ديتريش بسخريةٍ لنفسه وهو يفكر:
‘يا للأمر، أشعر كأنني أحمق.’
كان القلق بشأن شخص ما تجربةً جديدةً تمامًا.
ومع ذلك، لم يكن مزعجًا، بل مثيرًا، وهو ما فاجأهُ.
بعد قليل،
“أين الخادم الرئيسي؟”
عند دخوله المنزل، بحث ديتريش عن الخادم أولاً.
كان ينوي السؤال عن رد البطاقة.
لكن،
“أخي؟”
فاجأته إيفانجلين وهي تركضِ نحوه.
كانت تبتسمُ بمكرٍ على وجهها الجميل…
‘ما هذا؟’
عبس ديتريش غريزيًا.
كان ذلك لأن أخته كانت تُظهر هذا التعبير عندما تقول شيئًا مزعجًا.
مثل:
‘نفقات الحفاظ على الكرامة قليلة، ارفعها!’
أو:
‘طلبتُ نوعًا جديدًا من الورود، وأضفتُ الفاتورة على اسم الدوقية، لا بأس، أليس كذلك؟’
أو ربما،
“أخي، سمعتُ أنك طلبت من لاريت أن تكون شريكتك؟”
آه، إذن هذا هو الأمر.
واجه ديتريش أخته، التي تبتسم كشيطانةٍ صغيرةٍ وكأنها وجدت ما تسخر منه.
كبح ديتريش تنهيدةٌ عميقةٌ:
“كيف عرفتِ ذلك؟”
“حسنًا، رأيتُ البطاقة تصل.”
“لماذا ترينها أنتِ؟!”
شعر بالحرجِ والإحباط.
رفع ديتريش صوته بنزق:
“ألستِ تقضين وقتًا طويلاً في منزل آنسي مؤخرًا؟ من يراكِ سيظن أنه منزلك!”
“أوه، ليس لديك ما تقوله، فتلجأ للتذمر…”
غطت إيفانجلين أذنيها وهزت رأسها.
أصابته في الصميم.
شد ديتريش كتفيهِ، ووبخها مجددًا:
“حقًا، توقفي عن إزعاج الآنسة آنسي. فهمتِ؟”
“ماذا تقول؟ لاريت صديقتي!”
شمت إيفانجلين بشفتيها، ثم أضافت بسعادة:
“مهما تذمرت، لن يفيدَ ذلك أبدًا.”
“ماذا تعنين؟”
“لاريت، أتعلم؟”
رفعت إيفانجلين ذقنها بفخر:
“قالت إنها تحبني أكثر منكَ.”
توقف ديتريش للحظةٍ:
“…حقًا؟”
“نعم. بين النساء، هناك صداقة حقيقية لا يمكن للرجال التدخل فيها.”
أومأت إيفانجلين بفخرٍ، وأضافت بحزم:
“لذا، كن لطيفًا معي. إذا كنت لا تريد أن تخسر نقاطًا مع لاريت.”
“…”
أمام وقاحتها، فقد ديتريش الكلامَ.
لكن الأكثر إحباطًا،
أنه لم يجد ما يناقض كلامها…
“انظري إلى هذا.”
أظهرت إيفانجلين ظرف بطاقةٍ بين إصبعيها.
‘آه، لا تقولي؟’
شعر ديتريش بصداع ينبض في رأسه.
“رد لاريت.”
نظرت إيفانجلين إلى أخيها بابتسامة منتصرة:
“ألستَ فضوليًا؟”
“…”
“كم تثق لاريت بي لتترك ردًا ثمينًا كهذا لي؟”
“…”
“ما رأيك؟ ألا تشعر أن عليكَ أن تكون لطيفًا معي؟”
أمام أخته المتعجرفةْ، شعر ديتريش برغبة بدائية.
رغبةٌ لا مفر منها بينَ الأشِقاء.
(ميري : تعالي أنتف شعركِ وأوريكِ الشماتة بعينها )
لكنه لم يشعر بها منذ أن كان في العاشرة:
‘لو أنني فقط أستطيع صفَعها مرةً واحدةً…’
(ميري: والله حسيتتتتتتتتتتتتتتتتت)
التعليقات لهذا الفصل " 108"