2
“أنا لوبيون ديفونشاير، رئيسُ عائلةِ ديفونشاير.”
“…!”
وقفتْ إيلينا مذهولةً. الهالةُ المُحيطةِ بهِ عَظيمةٌ،. مِنْ شعره الأسودِ القاتم وعينيه الزرقاوين الصافيتين إلى أنفه الحاد، خطُ فكه القوي، وشفتيه الحمراوين اللافتتين، كان آسراً. ملابسهُ كانتْ أنيقة بلا تجعد واحد، وتصرفه كان محكوماً تماماً.
‘هَذا الرجل جاءَ أفضل مِمَّا توقعتْ’، فكرتْ إيلينا، مُعجبة بخطيبها المستقبلي.
فِي تِلك اللحظة، أعادها صوته العميقِ الرنان إلى الواقعِ. “خذي بيدي.”
خفّقَ قلبُها وهو يكاد أن ينفجر من الشوقِ، مُتسائلةً إذا كان قد يعرفها. لكن نظراتهُ الباردة جعلتها تبتلعُ ريقها بصعوبةٍ.
‘يجب أن أتصرّفَ وكأنَّنا نلتقي لأولِ مرّة’، قررتْ، مَخفية خيبةَ أملها بتعبيرٍ هادئ.
“سررتُ بلقائكَ. أنتَ وسيمٌ جداً”، قالتْ، وهي تُهنئ نفسها داخلياً على تركِ انطباعِ أولي جيد.
بينما كانتْ تشعرُ بالفخرِ بتحيتها الواثقة، لاحظتْ لوبيون يميلُ رأسه قليلاً ويحدقُ فيها بشدة. فتشنجتْ.
‘ماذا يحدُث؟’
همستْ لهُ، بصوتٍ يكفي أن يسمعه هو فقط: “هَلْ ارتكبتُ خطًأ ما؟”
نظرَّ إليها لوبيون للحظةٍ قبل أن يجيبَ بصوتٍ منخفضٍ: “لم ترتكبي أيّ خطأ.”
تنفستْ إيلينا الصعداءَ، مُصدقةً كلماته. لكن في تِلك اللحظةِ، طفلةٌ اختلستْ النظرَ مِن خلفِ كبير الخدم والخادمة، ثُمَّ تقدمتْ للأمامِ.
‘هذه هي بطلةُ القصةِ الأصليةِ!’ أدركتْ إيلينا.
“أناشا، تعالي لِتُحيي السيدةَ”، قالَ لوبيون.
الطفلةُ، التي احمرّتْ وجنتاها بشدةٍ، تقدمتْ بخجلٍ. كانتْ على وشكِ أن تبلغَ العاشرة، وبدت كجنيةٍ مِن حكايةٍ خُرافيةٍ، صغيرةٌ وجذابةٌ.
“أنا أناشا ديفونشاير”، قدّمتْ نفسها.
“سررتُ بلقائكِ، السيدة أناشا”، ردّتْ إيلينا، مُنحنية لتلتقي بعيني الطفلة. ترددتْ الطفلةُ، نظرتْ حولها بقلقٍ، ثُمَّ تحدثتْ.
“امم… هَلْ تَعتقدين أن أخي وسيم؟”
“…؟”
ارتابتْ إيلينا مِن السؤالِ المُفاجئ ونظرتْ إلى لوبيون، الذي ابتسمَ بسخريةٍ. مستوعبة أن شيئاً ما ليّس على ما يُرام، استعرضتْ بسرعةٍ كلماتها السابقة.
‘هَلْ قُلتُ ذلك بصوتٍ عالٍ؟’
مَذعورة مِن الاحتمالِ، سألتْ الجميعَ: “هَلْ نطقتُ بأفكاري؟”
بقي الخدمُ صامتين، رؤوسهم مُنحنية، بينما رفعَ لوبيون حاجبهُ فقط. فقط أناشا، بعينيها البريئتين، أومأتْ قليلاً، مُؤكدة خوف إيلينا.
‘أوه لا، إيلينا، ماذا فعلتِ؟’
إيلينا، التي احمرَّ وجهها خجلاً، غطتهُ بيديها. كانتْ تأملَ أن يتم تذكرها كسيدة أنيقة مِن قبل عائلة ديفونشاير، لكن بدلاً مِن ذلك، أَحرجَتْ نفسها.
بينما كان يُراقبها، قالَ لوبيون تعليقاً غير صادقٍ: “حسناً، على الأقلِ مِن الجيدِ معرفة أن مظهري يُناسب ذوقكِ.”
‘هَلْ يسخر مني؟’ فكرتْ إيلينا، مُحدقة فيه بعينين ضيقتين. ومع ذلك، رُغم الإحراجِ، بقي لوبيون غير مُنزعجٍ.
* * *
عائلةُ ديفونشاير، لطالما حملتْ وصمة كونها العائلة الشريرة. عِندما نُفيت أناشا، بطلةُ القصة الأصلية، وأخوها لوبيون إلى الشمالِ، اعتقد مُعظمهم أنّهم لن يصمدوا طويلاً في قلبِ المنطقةِ المليئة بالوحوشِ. لكن لوبيون ديفونشاير تحدى كلّ التوقعاتِ. في الشمالِ القاحلِ والجاف، تصاعدتْ هالته كـ فتى في الخامسة عشرة كاللهب، وسُرعانَ ما ارتقى إلى رتبةِ سيد السيف.
ما استخف به الكثيرون هو أن الأمير المطرود سيصبحُ حامياً في أراضي الشمالِ، بعيداً عن نطاقِ الإمبراطورية. استمرّ الإمبراطور في كبحه، بنشرِ شائعاتٍ عن والده كطاغية ولوبيون كشخص قاسٍ. وهكذا، اكتسبتْ عائلةُ ديفونشاير سُمعتها كعائلة مِن الأشرارِ.
‘المُراقبةُ ستشتدُ فقط مِن الآن فصاعداً’، فكرتْ إيلينا، عارفة أنّه مع تقدمِ القصةِ، سيُواجه الأشقاءُ ديفونشاير مصاعب لا تُحصى. ومع ذلك، رُغم معرفتها بذلك، لم تستطعْ أن تتجاهلَ الأمرَ.
أناشا، التي التقتْ بها شخصياً، كانتْ طفلة مُحببة بشعرها الأبيض وعينيها الزرقاوين الصافيتين، تُذكر بزهرة زنبق الوادي. أرادتْ إيلينا التحدثَ مع الطفلةِ أكثرَ لكنّها فهمتْ أن أناشا تحتاجُ وقتاً لتعتاد على وجودها. ابتلعتْ خيبة أملها وتبعتْ رئيسة الخادمات إلى غرفتها.
عكس القصر المُظلم، كانتْ غُرفتها مُضيئة وجيدة الإضاءة. بعد أن شمرّت ساعديها، بدأتْ إيلينا تنظيم مواد الكيمياء التي أحضرتها مِن الشمالِ. ذهبَ الوقتُ سريعًا بينما كانت ترتب العناصر بدقةٍ على الرفوفِ، وسُرعانَ ما حلَّ المساءُ.
“انتهيتُ أخيراً”، تمتمت، وهي تُمدد جسمها المُتصلب. في تلك اللحظة، قرعَ أحدهم البابَ بخفةٍ. متوقعة أن يكونَ كبير الخدم أو رئيسة الخدم، فتحتْ إيلينا الباب بدونِ شكٍ.
“…!”
اتّسعتْ عيناها مِن الدهشةِ. الواقفُ أمامها لم يكنْ سوىّ سيدِ المنزلِ. الرجلُ أمامها، الطويلُ عريضُ الأكتافِ، لم يعدْ الفتى الذي تتذكرهُ. رغم أنّه بدا لطيفاً نوعاً ما في الماضي، الآن كانَ يشعُ بهالةٍ باردةٍ لا يُمكنُ الاقترابَ منها.
قمعتْ ابتسامةً مريرةً، ونظرتْ إليه بتعبيرٍ أكثرَ ليونة. “ما الذي أتى بكَ إلى هُنا؟”
“سأرشدكِ عبرَ القصرِ.”
‘هَلْ هذا الرجل المُنعزل يعرضُ أن يُرافقني بنفسه؟’ اعتقدتُ أنَّه قد يكون مُحرجاً لكنّها قررت أن التعرف على تخطيط القصر ليس فكرة سيئة. علاوة على ذلك، للوصول إلى مناطق معينة، ستحتاج إلى الاقتراب منه أكثر.
“إذن، مِن فضلك قُد الطريق، سمو الأمير.”
مع حلولِ المساءِ، أُحيط القصرُ بالظلامِ، مُخلقاً أجواءً مشؤومة. بينما شعرتْ بقشعريرةٍ تسري في جسدها، أمسكتْ إيلينا بكمهِ بخفةٍ. نظرَ إلى يدها، وتمتم لوبيون بصوتٍ خافتٍ: “يُمكننا العودةَ إذا رغبتِ.”
لكن فكرة العودة عبر الممراتِ المُخيفةِ جعلتها تهزُ رأسها. بينما ساروا عبر الممرات الطويلة، تبادلا حديثاً قليلاً. شعرتْ بالامتنانِ أنّه خففَ خطواته لتُناسب سُرعتها، رُغم أنّها تنهدتْ بصمتٍ، راغبة في التعبيرِ عن امتنانها.
لم تكنْ تُريد انتقاد أفعاله. رغم خطوبتهما، كانتْ مُجرد تحالف سياسي بين عائلتيهما. علاوةً على ذلك، أيًا كان الحوار الذي دار بينه وبين والدها، زواجهما كان ما زال بعد عامين.
‘لكن مع ذلك…’
مُعتقدة أنّهما لا يستطيعان الاستمرار في هذه العلاقة المُحرجة للأبد، سألتْ إيلينا بحذرٍ: “هل هناك أيّ شيء يُمكنني المُساعدة به هنا؟”
“وجودكِ كافٍ”، ردَّ، بنظرةٍ باردةٍ وتعبير مشدود يُحذرها بصمتٍ مِن تجاوزِ حدودها.
‘إنّه بارد جداً’، فكرتْ، وهي ترتجف. الفتى اللطيف ذات مرّة أصبحَ الآن بارداً كمُناخ الشمال القاسي. عادةً، ما كانتْ لترد، لكن شُعوراً غريباً من التحدي نشأ بداخلها. أرختْ شفتيها في ابتسامةٍ، نظرتْ لأعلى وسألتْ بصوتٍ ناعمٍ: “إذن، حتى نتزوج، هل يمكنك مُناداتي بإيلينا؟”
بعد توقفٍ قصيرٍ، أومأ لوبيون ببطءٍ. عيناه الزرقاوتان العميقتان لم تكشفا عن أيّ عاطفةٍ. “إذا كانَ هذا ما ترغبين.”
موافقتهُ غير المُتوقعة أبهجتْ مزاجها، فردّتْ بمرحٍ: “إذن، اعتنِ بي مِن الآن فصاعداً، لوبيون.”
ترجمة فيبي(❀❛ ֊ ❛„)♡
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 3 - هل يُمكنني مُناداتكِ بـ"أختي الكُبرى"؟ 2025-05-29
- 2 - لقاؤنا الأول، لكنكَ وسيم 2025-05-27
- 1 - يجب أن يتم هذا الزواج 2025-05-26
التعليقات لهذا الفصل " 2"