1
بعد حفل بلوغها مُباشرةً، تلقّتْ إيلينا سيلاً مِنْ عروضِ الزواجِ. لم يكنْ والدها، ماركيز روهينباخ، سعيدًا بهذا. ومع ذلك، اقتربَ منها بخبرٍ.
“تلقينا عرض زواج مِن الشمال.”
‘الشمال؟ هَلْ يُمكن أن يكون…؟’
طردتْ إيلينا بسرعة الصورة التي خطرت ببالها للحظة. كان لديها صلة قديمة في الشمال، لكن مِنْ غيرِ المُحتملِ أنَّه هو مَنْ أرسلَ العرضَ. بدا أكثر منطقية أن والدها كان يُخططُ مرّةً أُخرى لمُناوراتٍ سياسيةٍ قد تُعرّضُ العائلة للخطرِ. لقد فعلَ ذلك مِنْ قبل.
“العائلةُ التي أرسلت عرض الزواج من الشمال هي…”
-بانغ! فجأةً، انفتحَ بابُ المكتبِ بعنفٍ، ودخلَ شابٌ غاضبٌ لا يستطيع كبح غضبه.
“مُثير للإعجابِ حقًّا، يا أبي.”
“…”
“هَلْ تُخططُ لإرسالِ أختي إلى الشمالِ؟ إلى تِلك العائلة؟”
بدا أن ليسيت لديه بعض الفكرة عن الرجلِ الذي تمّ اقتراحه كخطيبٍ لأخته. الآن، أصبحتْ إيلينا فُضوليةً لمعرفةِ هوية الرجلِ.
“ليسيت، حديثنا لم ينته بعد”، وبخه بسرعة بينما يشرب شايه.
“لكن هذا أكثر من اللازم. ليس أيّ شخصٍ، بَلْ ذلك الرجل العاجز!”
-بففت—” نظرتْ إيلينا إلى والدها في صدمةٍ، فابتعدَ بنظرهِ مُحرجًا.
“ليسيت، لا تنشر مثل هذه الشائعات الكاذبة. عائلة ديفونشاير تستحق احترامنا—”
“ديفونشاير، تقول…؟”
فجأة، عزفتْ لحنٌ في ذهنها:
‘دوق ديفونشاير كان مُحطمًا منذُ زمن~ لذا السيدات لن تهتمْ به~’
لحسنُ الحظِ أو لسوئه، لم يكنْ دوق ديفونشاير قد حصلَ على خطيبةٍ بعد. على الرُغمِ مِنَ النفوذِ الكبيرةِ لعائلةِ ديفونشاير في الشمالِ، لا أحد يرغبُ في إرسالِ ابنته إلى عائلةٍ لا يُحبها الإمبراطور فحسب، بَلْ تُحيط بها مثل هذه الشائعات أيضًا.
كان الكثيرون فضوليين لمعرفة مَنْ ألفَ الأغنية المُحرجة، لكن مِن الطبيعي أن يبقى المصدر مجهولًا. كاتبة تلك الأغنية الغامضة لم تكنْ سوىّ إيلينا روهينباخ نفسها.
* * *
‘لماذا بحق السماء…؟’
كانتْ إيلينا في حيرةٍ مِن أمرها حول سببِ إرسالِ دوق ديفونشاير عرضَ زواجٍ لها. تساءلتْ إذا كان قد اكتشفَ أنّها هي مَن ألفتَ تِلك الأغنية الغريبة. لكن بالنظرِ إلى أن العرضَ كان للزواجِ وليس شكوى، لم يبدو الأمر مُحتملًا.
‘هَلْ يُمكن… أنّه يتذكرني؟’ بدا هذا غير مُرجح. لقد مَرَّ وقتٌ طويلٌ، وعندما التقيا، أخفتْ إيلينا هويتها. بينما تُومض صورة صبي لا يُنسى أمام عينيها، ارتسمتْ على شفتيها ابتسامةٍ مريرة.
“اعتنِ بنفسكَ. سأذهبُ أولاً.”
“هَلْ حَقًّا نقولُ وداعًا هكذا؟ لا أُريدُ…”
“سنلتقي مَرّةً أخرى… فِي المرةِ القادمةِ.”
“إذًا يجب أن نلتقي مرّةً أخرى!”
‘لم أكنْ أعتقد أن الأمرَ سيستغرق كُلّ هذا الوقت.’ استرجعتْ إيلينا ذكرياتِ صديق طفولتها، لوبيون، الذي لم تستطعْ رؤيته بعد الآن. بعد ست سنوات مِن الآن، سيموتُ الدوق لوبيون ديفونشاير في عالمٍ خالٍ مِن الأحلامِ والآمالِ. كان تضحيتهُ ضروريةٌ لصحوةِ البطلة.
في بدايةِ هذا الربيع، أدركتْ إيلينا أنَّها قد أُعيد تجسيدها في رواية “إلى زنبق الوادي المتفتح”. بطلُ هذه الرواية كانتْ أناشا ديفونشاير، الأختُ الصُغرى للدوق. لوبيون وأناشا، الأمير والأميرة الصغرى لإمبراطورية فالدين، فقدا والديهما في انقلاب عمهما. ثم نُفيا إلى الأراضي الشمالية المليئةِ بالوحوشِ، تحت غطاءِ الرحمة.
وفقًا للحبكة الأصلية، سيسقطُ لوبيون ضحية مرض الهيبوراك المُدمر الذي يجتاح الشمال. أناشا أيضًا ستُعاني تحت ضغط العائلة المالكة وسوءِ مُعاملة شريك زواج لوبيون المُرتب، مِمَّا يُؤدي إلى مصيرٍ بائسٍ حتى بعد موته.
لم تستطعْ إيلينا الوقوفَ مكتوفةَ الأيدي وهي تُشاهد صديقَ طُفولتها العزيز يُعاني. لذا قررتْ تغييرَ القصةِ الأصليةِ، حتى لو كانَ ذلك يعني جعل لوبيون عاجزًا لمنعِ إساءةِ مُعاملة أناشا. في عالمها الحقيقي وهذا العالم، كان المُجتمعُ مَدفوعًا بالرأسمالية، لذا انتشرتْ الأغنية التي ألفتها بسرعة. انتشرتْ الشائعاتُ مِن الأحياءِ الفقيرةِ إلى العاصمةِ، مِمَّا أدّى في النهايةِ إلى إفشالِ زواج لوبيون المُرتب وتركه دون زوجة بعد بلوغه.
‘أشعرُ ببعضِ الذنبِ…’
لم تكنْ تتوقع عرض زواج لنفسها. لكن عند التفكير، لم يكنْ الأمرُ غريبًا جدًا. والد إيلينا، ماركيز روهينباخ، كان داعمًا مُتواصلًا لعائلة ديفونشاير مِن الخلف كزعيم للجناح المُحافظ. إذا احتاج الديفونشايرز حليفًا، فسيكون روهينباخ هو الخيار.
بينما اشترت الشائعات بعض الوقت، أدركَ لوبيون على الأرجحِ أنَّهُ لا يجب أن يتزوجَ مِن خطيبتهُ الأصلية. ومع ذلك، كانتْ الشائعات تتلاشى، وسُرعانَ ما سيزدادُ الضغطُ عليه للزواجِ. أفضلُ طريقةٍ لتجنبِ هذا هي الزواج مِن شخصٍ آخر.
“أبي، تُريد إرسالي لحمايةِ عائلة ديفونشاير، أليّس كذلك؟”
“…”
كانتْ مُتعبة مِن مناورات والدها السياسية التي تعرّضُ العائلة للخطرِ، لكن إيلينا سَعتْ أيضًا لطريقةٍ لمنعِ موت لوبيون. في القصةِ الأصليةِ، كان موته أيضًا إشارة لسقوطِ عائلة روهينباخ، التي اتُهمت زورًا بقتله. بمجردِ اتهامهم بقتلِ أحد أفراد العائلة المالكة، كان الدمارُ حتميًا.
قبضتْ إيلينا على يدها المُرتعشة بقوةٍ. كانتْ بحاجةٍ لكشفِ مَن كان يتآمر ضد عائلة روهينباخ، لكن هذا لا يُمكن فعله على الفورِ. في الوقتِ الحالي، كان منع موت لوبيون هو الأولوية. ولتحقيقِ ذلك، كان عليها تطوير علاج للوباءِ في أسرعِ وقتٍ مُمكن.
في الآونةِ الأخيرة، كانتْ تبحث عن كتبٍ مُختلفة للعثورِ على علاجٍ للمرضِ. إذا استطاعتْ الوصولَ إلى الأرشيفِ في مقر عائلة ديفونشاير، حيث وجدتْ أناشا أدلةً في القصةِ الأصلية.ِ..
أيضًا، لن تمانعَ في رؤيةِ صديقها القديم مرّة أخرى. مع هذه الفكرة، وضعتْ فنجان الشاي وابتسمتْ.
“سأفعلُ ذلك.”
“إيلينا، يجب أن تُعيدي النظر… ماذا؟”
“أوافق. سأمضي في هذا الزواج.”
* * *
“إذًا، هذا هو الشمال!”
على الرغمِ مِن أنّه كان أوائل الشتاء، كانتْ محطةُ القطارِ الشماليةِ مُغطاةً بطبقةٍ سميكةٍ مِن الثلجِ، تُشبه لحافًا أبيض يُغطي المنظر. نظرًا لأن الثلجَ كان نادرًا في العاصمةِ، لم تستطعْ إيلينا إخفاء حماسها بينما تنزل من القطار.
سحق~
بينما تشعر بالثلجِ الطازجِ تحت قدميها، نظرتْ حولها بعيونها الذهبية المُتلألئة. تمّ ترتيب رحلتها إلى الشمالِ بسرعةٍ للمضي في الخطوبةِ قبل الزفاف. على الرغمِ مِن أنّها سمعتْ العديدَ مِن القصصِ المُقلقة عن البيئةِ القاسيةِ، فكرتْ في نفسها، ‘تبدو أفضل مِمَّا توقعتْ.’
بينما كانتْ تتأمل جمالَ الثلجِ، عادَ خادمها هايدن بتعبيرٍ قلقٍ.
“آنسة، الثلجُ كثيفٌ جدًا ولا يُمكن للعرباتِ العمل.”
“حتى لو عرضنا دفع المزيد؟”
“نعم، العاصفةُ تجعلُ الأمرَ خطيرًا جدًا.”
لقد سافروا طوالَ الطريقِ إلى الشمالِ البعيدِ بقطارٍ سريعٍ، لكن يبدو أن المسافةَ مِن المحطةِ إلى مقرِّ الدوقِ كبيرة. بينما تُشاهد خادمتها وخادمها يرتجفان مِن البردِ، تساءلتْ إيلينا، ‘لن نتجمد حتى الموت، أليّس كذلك؟’
في تلك اللحظة، أعلن صوت حوافر الخيول عن وصولِ عربة غامضة، توقفتْ أمامهم. نزلَ رجلٌ أنيقٌ يرتدي ملابس جيدة وحيّاهم بأدبٍ.
“سيدة روهينباخ، إنّه لشرف مُقابلتك.”
أعطته إيلينا نظرةً فضوليةً، مما دفعه لتقديمِ نفسه باختصار.
“أنا نيكولمان، مُساعد دوق ديفونشاير.”
العربة، التي خفاها الثلج، تحملُ شعارَ عائلة ديفونشاير.
“تشرفنا، نيكولمان”، ردّتْ.
أخبرها أنّه كان مِن المقررِ أن يستقبلها الدوقُ بنفسه، لكنّه اُستدعي فجأةً، لذا جاءَ بدلاً منه. بالطبعِ، كان هذا على الأرجحِ عُذرًا مُناسبًا مِن المُساعد، نظرًا لأن دوقَ الشمالِ المشهورِ كان معروفًا كرجلٍ بلا رحمة.
‘لا بُد أنّه تغيرَ كثيرًا منذُ آخر لقاء لنا.’
صعدتْ إيلينا برفقةِ خادميها المُخلصين إلى العربةِ. بعد القليلِ المُحادثة الرسميةِ مع نيكولمان، وصلوا قريبًا إلى مقرِ عائلة ديفونشاير. المنزل الأسود القاتم كان ينبعثُ منه جو غريب، كما لو أن أحدًا لن يلاحظَ إذا مات أحدٌ هُناك.
‘لا عجب أنّهم يسمونه منزلُ الشريرِ.’ أدركتُ بسرعة أنّ هُناك العديد مِن الأشياء التي تحتاج لترتيبها.
“لقد وصلنا، سيدتي”، أعلّنَ نيكولمان.
بينما خرج من العربة، رأتْ إيلينا الخدم مُصطفين للترحيبِ بها. أخذتْ نفسًا عميقًا لتهدئةِ أعصابها، وكانتْ على وشكِ النزولِ عِندما قدّمَ أحدهم يده فجأةً. بينما نظرتْ ببطءٍ للأعلى، كانتْ مُتأكدةً.
هذا الزواج يجب أن يتم، مهما كلف الأمر.
ترجمة فيبي≽^•⩊•^≼
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 3 - هل يُمكنني مُناداتكِ بـ"أختي الكُبرى"؟ 2025-05-29
- 2 - لقاؤنا الأول، لكنكَ وسيم 2025-05-27
- 1 - يجب أن يتم هذا الزواج 2025-05-26
التعليقات لهذا الفصل " 1"