“كياا! سيدتي أليكسا، أنتي رائعة!”
صرخت ليلي بإعجاب.
كانت يد جين حقًا ماهرة.
لقد صففت شعري القاسي ورتبته بطبقات خفيفة جعلته أنيقًا.
الشعر الطويل الذي كان يصل حتى مؤخرتي بات الآن بطول يصل إلى عظام كتفيّ،
فصار مظهره أكثر انتعاشًا وحيوية، وجعلني أبدو كفتاة قوية البنية لكن نشيطة،
بدل أن أكون مجرد وحشٍ كئيب كما في السابق.
“من الآن فصاعدًا، سأعتني بشعركِ أنا أيضًا.”
“لا داعي لذلك…”
“بل هناك داعٍ! مع قناع الشعر السحري الخاص بي ستحصلين على خصلات ناعمة كالحرير!”
آمل فقط ألا تطلب مني المال لاحقًا.
أنا شديدة الحساسية من مبدأ: الخدمة أولًا، الدفع لاحقًا.
“وأنا أيضًا! سأهتم أنا بالمساج.”
قالت ليلي، وهي تنظر إلى شعري بصمت، قبل أن تقودني نحو السرير وتبدأ بدهن جسدي بكريم أبيض.
“إنه كريم خاص صنعته والدتي لجعل البشرة ناعمة.”
مهلًا… أليست هذه خدمة زائدة عن اللزوم يا فتيات؟
وبينما كنت أتلقى على عجل مساجًا وقناع شعر من الفتاتين، لم أستطع إخفاء دهشتي من هذا التغير المفاجئ في تصرفاتهما.
أمم… لم يكن الأمر يتطلب كل هذه الإيجابية الزائدة.
“بهذه الطريقة… بهذه الطريقة ستتخلصين من الانتفاخات وسيصبح جسدكِ أكثر جمالًا. قريبًا سيكون لديكِ قوام كالأميرة إرييل!”
“انتظري، لحظة، ماذا دهاكن؟”
حين حاولت أن أرفع جسدي، دفعتني ليلي برفق إلى السرير لتبقيني مستلقية.
“إننا نشعر بالخجل يا سيدتي. لذا دعينا نساعدكِ.”
“خجل؟ ولماذا؟”
“…..”
هل يمكن انهن قد أخذتا كلامي السابق على محمل الجد حتى الآن؟
حسنًا، كونهما أصبحتا طيبتين فجأة، فهذا أمر جيد من حيث المبدأ…
لكنني بطبعي لا أرتاح للمعروف الذي لا يُنتظر مقابله.
لقد اعتدت أن أعيش وحدي، وتلقي المساعدة من الآخرين لطالما كان أمرًا غريبًا عليّ.
“كل ما أردته هو أن تكفّا عن الخوف مني. لم أطلب منكما القيام بكل هذا.”
“نحن فقط نرغب في أن نكون عونًا لكِ يا سيدتي.”
“…”
“أنا حقًا لم أكن أعلم أنكِ تعانين مثل هذا الألم يا سيدتي… منذ وقت ما، صرت أستسلم لكلام الناس عنكِ، وأحكم عليكِ فقط بما يُقال. بل حتى عندما كنتِ بيننا، كنت أشارك في السخرية منكِ. عندما أفكر الآن في كل ما فعلت من خيانة…”
“طفلة مثلكِ من الطبيعي أن تتأثر برأي الأغلبية. لا حاجة للاعتذار.”
“لكن سيدتي، أنتِ لم تعاقبيني أبدًا! لم تغضبي منا لمرة واحدة أو تعاقبينا كما كان يقول الناس! فلماذا كنا نكرهكِ ونخاف منكِ إذن؟”
“جين…”
“لم يخطر ببالي حتى أن أفكر في ألمكِ. كنت أظن أن كل تلك الكراهية والخوف أمرٌ طبيعي ومبرر. لم أحاول حتى أن أرى الحقيقة خلف مظهركِ، لم أنظر إلى أليكسا الحقيقية.”
“…..”
“لهذا السبب سأخبر الجميع. سأريهم كيف أننا ظلمنا فتاة عادية بريئة،
وكيف أننا أطلقنا عليها الشتائم وظلمناها.
سأظهر لهم أن لا سبب يجعل أليكسا تتحمل كل هذا الهجوم الظالم.”
كانت الدموع قد تجمعت في عيني جين.
وأنا أعرف جيدًا هذا النوع من الدموع.
إنه الشعور بالذنب.
ذلك الذنب الإنساني الذي يثقل القلب حين تتجاهل مساعدة شخص في محنة.
“لقد تصرفتُ بوقاحة مع الساحرة… فلا بد أن لذلك سببًا وجيهًا، أليس كذلك؟”
“لكن حينها لم تكوني سوى طفلة في السابعة! ماذا عساها تعرف طفلة صغيرة؟!”
ليلي… أظن أنكِ انفعالية قليلًا. لماذا أصبحتما فجأة بهذه العاطفية؟
“إن هذه العقوبة قاسية جدًا على أليكسا! لا أستطيع أن أستوعب ذلك!
الساحرة بالتأكيد مجرد عجوز مليئة بالتجاعيد، ضيقة الصدر، عانس طوال حياتها!”
“هيه، اهدئي قليلًا.”
“سيدتي أليكسا لا تستحق مثل هذا! أنتِ بطلة أنقذتِ مملكتنا!
لكنهم لا يرون إلا مظهركِ الخارجي ويحكمون عليكِ ظلمًا.
في الحقيقة، من يجب أن يشعر بالعار هم نحن الذين لم نعرف قيمة فضلكِ…”
حين انفجرَت جين وليلي بصدق مشاعرهما، وجدت نفسي مرتبكة.
ففي الحقيقة، لم أكن أنا من يستحق أن تُوجَّه إليه هذه الكلمات.
لكنني أخفيت الحقيقة المزعجة بابتسامة متكلَّفة.
“شكرًا لكما.”
“سنقدم أقصى ما بوسعنا لمساعدتكِ، سيدتي!!!”
“سنجعلكِ أجمل امرأة في المملكة!!”
“ألا تظنان أن هدفكما مرتفع قليلًا؟”
حتى في هذه اللحظة، لم أنسَ أن أواجه الواقع.
فالإنسان لا يخرج عن أساسه، كما أنني لا أستطيع أن أصبح أودري هيبورن،
فكذلك من المستحيل تقريبًا أن تتحول أليكسا إلى أجمل نساء المملكة.
ثم حلّ صمت ثقيل في الغرفة.
“إن… إن الأهداف كلما ارتفعت كانت أفضل!!”
“نعم! بالطبع! فكلما كانت عالية، عملنا بجد أكبر!!”
وبينما تصرخ جين وليلي بحماس وحمية، نظرتُ إليهما مبتسمة.
على الأقل، كان من حسن حظي أنني التقيت فتيات طيبات مثلهما.
لكن اللعنة… ما زال جسد الوحش هذا مقرفًا كما هو.
لقد كان نظام الطاهي الغذائي المتوازن فعّالًا إلى درجة أنني كنت ألاحظ بنفسي السرعة التي بدأ بها جسدي يتخلص من الدهون. وبحسب أمر الملك إذ قيل إن أليكسا كانت مشهورة بنهمها في الأكل فقد قُدمت في هذا القصر كميات وفيرة من الطعام. لكن حين بدأ الطاهي بإعداد وجبات تعتمد على الخضار والفواكه، انتقلت جميع المكونات التي كانت مخصصة لأطباق عالية السعرات – كالجبن والستيك السميك – إلى أيدي الخدم. وبما أن هذه الأطعمة كانت العدو الأكبر لنظامي الغذائي، فقد وزعتها عليهم وأنا أكتم دموعي. ونتيجة لذلك، ارتفعت شعبيتي في القصر بسرعة كبيرة، كما همست لي ليلي فيما بعد.
كما بدأتُ برنامجًا رياضيًا للتعامل مع حجم أليكسا وعضلاتها.
كان تدريبًا عضليًا نموذجيًا، يركّز على التمدد لتنسيق شكل الجسد وجعل العضلات التي نمت بشكل عشوائي أكثر جمالًا.
لقد سبق لي في أيام عملي بالأعمال المؤقتة أن عملتُ كمدربة لياقة، لذا كنت أعلم تمامًا كيف أبني كل عضلة وأي تمارين تناسبها. آه… هكذا هي الحياة فعلًا. تتعاقب المصائب ثم تأتي صدفة سعيدة غير متوقعة. هذا ما منحني القوة كي أتغلب على سوء الحظ الذي رافقني طوال حياتي.
في الحقيقة، لم أصدق قط أن أليكسا كانت تجوب ساحات القتال وتهزم الأعداء.
فكيف يمكن لفتاة بطيئة الحركة إلى هذا الحد أن تنجو في مواجهة الموت؟
تلك العضلات لم تكن سوى عبء يضخم جسدها دون أن يمنحها أي خفة أو سرعة.
“بهذا الجسد، كيف استطاعت أن تقاتل أصلًا؟”
لكن حيرتي لم تدم طويلًا، إذ أخبرتني جين أن أليكسا تمتلك قوة سحرية هائلة.
وقالت إن تلك القوة كانت نتيجة تبادل مكافئ مع سحر الساحرة.
بمعنى آخر، لقد استبدلت أليكسا مظهرها الخارجي بقوة سحرية.
حتى وإن لم يكن ذلك باختيارها.
لكن سواء كان سحرًا أو طاقة، فإن الحقيقة لم تتغير: أليكسا ما زالت كتلة عضلات ضخمة.
وبما أنها لم تكن تخرج من غرفتها إلا نادرًا، فقد ظل نشاطها الجسدي محدودًا.
كيف لها إذن أن تخسر وزنًا؟ هل كانت على الأقل تخرج لتتنفس الهواء وتستمتع ببعض أشعة الشمس؟
كلما عرفت أكثر عن حياتها، زاد شعوري بالشفقة عليها.
يا صغيرة… لماذا لم تحاولي أن تعيشي حياتكِ بشكل فعال ولو قليلًا؟
أطلقت لساني متحسرة بينما ركزت على تمارين التمدد التي تساعد على تنحيف الساقين.
وبعد جلسة من التمارين التي تهدف لتنسيق القوام وتنحيف العضلات، كان العرق يغمر جسدي.
فقد كانت هذه التدريبات تستهلك سعرات حرارية أكثر مما توقعت.
“سيدتي أليكسا، حان وقت القناع.”
عقب انتهاء التمارين ودخول فترة بعد الظهر، كانت جين تضع لي قناعًا للشعر وقناعًا لتفتيح الوجه.
أما ليلي فكانت تدهن جسدي بكريم خاص وتقوم بمساج يزيل الانتفاخ ويبرز الخطوط الجسدية.
قالتا إنهما تستخدمان منتجاتهما الخاصة. ورغم أنني لم أصدق ذلك كليًا، إلا أن النتائج الواضحة جعلتني أعزم على إقناعهما لاحقًا بالكشف عن أسرارهما عندما أعود إلى عالمي.
فإن تمكنت من الحصول عليها… أووه!
حتى لو عرضتها على قنوات التسوق المنزلية فقط، فستحقق ضجة كبيرة!
ترى، بكم سأبيعها يا ترى؟
“سيدتي أليكسا! لا تضحكي هكذا أثناء وضع القناع، ستظهر تجاعيد!”
ضحكت بخفة وأنا أستمع لتحذير جين الحاد.
لا بد لي أن أعرف سر هذه الخلطات يومًا ما.
وبعد مرور شهر، حين بدأ جسدي يستعيد توازنه قليلًا، استدعيت كبيرة الخدم.
وسألتها عن الوضع المالي الحالي للقصر.
فجاء الجواب أقل إرضاءً مما توقعت.
صحيح أن البلاط الملكي كان يرسل مخصصات شهرية لتغطية نفقات أليكسا، بصفتها أميرة،
لكن معظمها كان يُصرف على الطعام،
وبقية مصاريف المعيشة الضرورية كانت تُهمل، تماشيًا مع مكانة أليكسا المتدنية.
بل وحتى عندما كانت تغادر القصر لتنفيذ أوامر الملك،
فإن تكاليف الإقامة كانت تُحسب عليها شخصيًا!
اللعنة!
لم أتمالك نفسي ونطقت الشتيمة بصوت عالٍ
بل وحتى طعام الجنود ونفقات إقامتهم كانت من مسؤوليتها أيضًا.
“ما هذا؟ هل هي مغفلة؟”
كيف كانت تغطي كل هذه المصاريف إذن؟
كان ذلك بفضل الدخل الإضافي من عائلتها.
إذ إن جدها، إيرزن الكونت والد كاميلا، كان يمتلك قافلة تجارية ضخمة تعبر المملكة والإمبراطورية، وقد أوصى بأن يُخصص جزء من أرباحها لأليكسا.
ورغم أن الكونت إيرزن توفي منذ أكثر من عشر سنوات، ورغم السمعة السيئة التي لحقت بأليكسا في المملكة،
فقد كان من الممكن تمامًا أن يتجاهل الوصي الحالي – الكونت دنكن، عم أليكسا وصاحب القافلة – تلك الوصية ويستولي على المال لنفسه.
لكنه لم يفعل. بل ظل طوال أحد عشر عامًا يرسل حصتها بانتظام.
حين رأيت ذلك في السجلات، شطبت اسمه من قائمة “اللائحة السوداء” التي أعددتها بنفسي.
“سيدتي أليكسا؟”
“مم؟”
“المصمم الذي طلبتِه من العاصمة قد وصل.”
“أدخلوه إلى غرفة الاستقبال.”
كنت غارقة في مراجعة السجلات المالية لقصر كونيتي، حين أخبرتني كبيرة الخدم بوصول المصمم الذي طلبته خصيصاً.
فأسرعت إلى قاعة الاستقبال بخطوات متلهفة.
أما هذه الفساتين المقيتة… فسأحرقها جميعًا حالما أنتهي من هذا الأمر.
–
تابعو حسابي على الانستقرام @beecatchuu لمعرفة اخبار الروايات ومزيد من المحتوى 🩷
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 5"