“هل هذا كلهم؟”
كان القصر واسعًا جدًا، لكن عدد العاملين فيه لم يتجاوز العشرة.
بهذا الشكل لا يمكن حتى العمل عليه بشكلٍ سليم.
ويبدو أن هذا هو مستوى المعاملة التي كانت تتلقاها أليكسا هنا.
“سيدتي أليكسا، لقد تجمعوا جميعًا…”
وما إن أنهت ليلي كلامها، حتى بدأ الخدم الذين كانوا مطأطئي الرؤوس يتحركون بتململ.
“سيدتي أليكسا؟ هل هذه هي أليكسا فعلًا؟”
“هذا مستحيل!! أليكسا الوحش كانت مغطاة بالشعر!!!!!”
“أُف، جيمي! راقب كلامك.”
“وأين سيدتنا أليكسا إذن؟”
تقدّمتُ بخطواتٍ ثابتة أمامهم.
“أنا أليكسا.”
“صحيح. لقد قمتُ أنا وأليكسا الآن بإزالة شعرها. هذه هي سيدتي أليكسا حقًا.
أقسم أمام الله وأمام روح والدتها الراحلة أن هذه هي سيدتي أليكسا.”
وحين أيّدت ليلي كلامي، بدأ الخدم يحدقون بي بعيون واسعة تكاد تخترقني.
تبا، هذه النظرات تجعلني أشعر بالحرج…
“نعتذر عن إثارة الفوضى.”
تقدمت امرأة في منتصف العمر كانت قبل قليل توبخ من ناداني بالوحش، وانحنت أمامي.
“إنها رئيسة الخدم.”
همست ليلي في أذني.
ويبدو أنها أدركت بسرعة أنني لا أتذكرها بسبب فقدان ذاكرتي، فساعدتني حتى لا يُفتضح الأمر.
“حسنًا. لا عجب أنكم تفاجأتم بهذا المظهر. لكن سبب استدعائي لكم هو أن لدي أمرًا أريد أن أطلبه. من هو الطاهي هنا؟”
“هاااع! ن… نعم، سيدتي أليكسا!”
تقدم رجل قوي البنية وهو في قمة التوتر.
“نظامي الغذائي… يحتوي على سعرات حرارية عالية جدًا…”
“آه، ذلك لأن الأميرة إرييل أعدت بنفسها خطة طعامٍ خاصة من أجلك يا سيدتي…”
إرييل؟! ما الذي تفعله إرييل هنا؟
خلال الأسبوع القصير الذي قضته هنا، كان نظامي الغذائي كارثيًا: خطة أعدّت خصيصًا لتحويل السمنة إلى سمنة مفرطة.
لا وجود للألياف أو العناصر الغذائية، بل فقط لحوم وجبن ومقليات مغموسة بالزيوت.
وهذا النظام وضعته إرييل بنفسها؟ هذا يثير الشك فعلًا.
“ذلك النظام الغذائي ملغى.”
“لكن… لكن الأميرة إرييل أكدت أنه يجب الالتزام به! لقد أعدته بنفسها من أجلك! قضت ليالي طويلة بلا نوم في سبيل ذلك!!!!!”
وقف الطاهي أمامي متحديًا، كأنه يعتقد أنني أهين أميرته العزيزة.
“يبدو أنك لا تخاف مني، أيها الطاهي؟”
وحين صوّبت نحوه نظرة حادة، شهق بقوة كأن روحه كادت تخرج.
“هل تظن أن الأميرة إرييل ستنقذك من العاصمة أسرع، أم أنني سأؤدبك بنفسي أسرع؟”
“أ… أعتذر!!! لقد اقترفت ذنبًا يستحق الموت!!!!!”
“اسمعوا جميعًا. سيدتكم هي أنا. من الآن فصاعدًا، أي شخص يقدّم أوامر غير أوامري،
على سبيل المثال إرييل… أو إرييل… أو ربما إرييل، ويضع كلامها فوق كلامي،
فليتحمل النتيجة كاملة. فهمتم؟”
كررت اسم إرييل ثلاث مرات، وكأنني أهدد بقتـل من يجرؤ على طاعتها بدلاً عني.
إن لم يفهموا هذه الرسالة، فهم حمقى فعلًا.
“الجواب.”
“نعم، سيدتي!!!!!”
ارتجت القاعة بأصواتهم المدوية.
“أنا عادلة. من أحسن سأكافئه، ومن أساء سأعاقبه.
فليحسن كلٌّ منكم تصرفاته.”
“أرجو أن تسامحي الطاهي على وقاحته.”
تقدمت رئيسة الخدم من جديد وانحنت أمامي.
“سأصفح هذه المرة فقط. أيها الطاهي، من الآن فصاعدًا ستعد الطعام وفقًا لنظامي الغذائي. فهمت؟”
“ن… نعم!!! مفهوم!!!”
لم يكن حماس الطاهي نابعًا إلا من خوفه مني،
لكنني لم أجد ذلك سيئًا في وضعي الحالي.
بناء الثقة والاحترام يحتاج وقتًا طويلًا، بينما الخوف أسرع وأسهل وسيلة للسيطرة.
وللأسف، لم أكن أملك رفاهية أن أضيع وقتي في كسب ثقة أناس غير مهمين.
فقد كنتُ إنسانة دنيوية أكثر مما ينبغي.
أعطيتُ الطاهي نظامًا غذائيًا متوازنًا يحتوي على العناصر الغذائية الخمسة الأساسية.
لو أن أليكسا السابقة عاشت طوال هذا الوقت على تلك السعرات المفرطة فقط،
فليس غريبًا أن تتحول إلى ما يشبه الخنزير.
خصوصًا وهي تملك أصلًا كتلة عضلية ضخمة، فما الذي كانوا يفكرون فيه وهم يضيفون إليها كل تلك الدهون؟
“والآن، رئيسة الخدم.”
“نعم، سيدتي. تفضلي.”
“من الذي اختار تلك الأزياء في غرفة الملابس؟”
“إنها الأميرة إرييل.”
حتى هذا أيضًا من فعل إرييل؟
عندما أرشدتني ليلي إلى غرفة الملابس، وجدت هناك فساتين كثيرة لا تليق بي مطلقًا.
صحيح أنني كنتُ في السابق مكسوة بالشعر، فلم يكن لارتداء فساتين جميلة أي جدوى، إذ لم يكن سيصدر عن الناس رد الفعل المطلوب أصلًا.
لكن هذه الفساتين كلها كانت على طراز أميرات الطفولة: ألوان باستيل، كشكشات، أكمام منتفخة… أشياء عديمة الفائدة بالنسبة لي.
أنا من أصحاب البنية العضلية، فارتداء مثل هذه الفساتين لا يزيدني إلا خشونة وقسوة في المظهر.
حتى الفستان الذي أرتديه الآن: رمادي كئيب، تتدلى منه ربطة فلورية فاقعة، قبيح للغاية لدرجة تدفعني للتساؤل عن مدى انعدام ذوق إرييل في الموضة.
لا أدري إن كان ذلك عجزًا فعليًا عن تنسيق الملابس، أم أنها تعمدت أن تذل أليكسا عمدًا.
لكن غريزتي القوية أخبرتني أنها الاحتمال الثاني.
وهذه غريزة صقلتُها عبر خبرتي الطويلة مع عدد لا يحصى من النساء الحقودات.
أقسم بخنصري أن إرييل ليست سوى أفعى شريرة.
‘أما أن أقسم بكل أصابعي، فهذا ضرب من المجازفة، فقد تطعنني في ظهري وتلقي بي في التعاسة.’
“ثم إنني أرغب في قص شعري قليلًا…”
“شعركِ؟”
“نعم. هل ترين أن هذا الشعر طبيعي أصلًا؟”
صمتٌ.
اللعنة. أعلم أن كلامي صحيح، لكن صمتهم هذا يجرح كبريائي.
“جين بارعة بيديها.”
“جيد. من هي جين؟”
فتقدمت فتاة ذات شعر فضي بخطوات مترددة.
“أ… أنا.”
“حسنًا، جين. هل يمكنني أن أعهد برأسي إليكِ؟”
“ن… نعم! اتركِ الأمر لي تمامًا!”
عجيب. يبدو أن الفتيات هنا يتصفن بنوعٍ غريب من الحماس.
وحين قبضت جين قبضتيها بحزم ونظرت إلى شعري بعزيمة مشتعلة، أيقنت أنني – من دون قصد – أشعلت نار حماسها.
أيمكنكِ ألا تتحمسي إلى هذه الدرجة؟
أخذت جين تنشغل في غرفتي بتحضير أدواتها.
“هل تحتاجين فعلًا إلى كل هذه المقصات؟”
“بالطبع. كلما رأيتُ شعر سيدتي أليكسا، لطالما رغبت في قصه…!!! آه، أعذريني… لقد تجاوزت حدودي… لقد اقترفت ذنبًا يستحق الموت…”
قالت ذلك بحماس، ثم وضعت يدها فجأة على فمها، وانحنت كما فعلت ليلي في المرة السابقة.
“ما الذي تظنانني عليه بالضبط؟”
“عفواً؟”
رفعت جين رأسها، وكذلك ليلي التي غلبها الجد فجأة، لتنظرا إليّ بقلق.
“أعلم أنكن تخفن مني لأنكن تعتبرنني وحشًا. لكن ألا تظنن أن سماع ذلك وأنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، في أوج ريعان شبابي، أمرٌ جارح أيضًا؟ أتظنان أن هناك فتاة ستسعد بأن تُدعى وحشًا؟”
هزت الفتاتان رأسيهما نفيًا.
“فكّرا في الأمر من موقفي. أنا لم أفعل لهم شيئًا، ومع ذلك يخافونني. يرتعدون وكأنني قد أفتك بهم في أي لحظة. ورغم هذا يطلقون الشتائم ضدي بجنون. بل إنني لا أستطيع حتى الرد، لأن مظهري يوحي بأني وحش حقيقي. هل تستوعبان كم هو شعورٌ قذر وبغيض؟”
“…”
“لذلك، أتمنى منكما على الأقل ألّا تفعلا الشيء نفسه. أنتما على الأقل تعرفان أنني إنسانة.”
“….”
“أنا لست سفاحة. لست مجنونة تقتل الناس لمجرد زلة لسان.”
“أ… أعتذر.”
أعادت جين الانحناء أمامي برأس مطأطأ.
آه، كنت أحاول أن أمنعها من البكاء، فلماذا تبكي الآن؟ تنهدتُ بضجر.
“لم أفكر بمشاعر سيدتي أليكسا! لقد أخطأتُ خطأً فادحًا!!”
“وأنا أيضًا أعتذر! رغم امتناني لكِ يا سيدتي، فقد كنت خائفة منكِ. لقد كنتُ فتاة سيئة بحق.”
“كفى. لم أقل ذلك لتشعرا بالذنب، بل قلت ذلك كي لا تخافاني بعد الآن.”
“نعتذر!!!”
“قلت إن الأمر بخير. إن كنتن تشعرن بالذنب، فأحسنّ قص شعري على الأقل.”
“نعم! دعيني أتولى ذلك! سأجعل منكِ امرأة فاتنة الجمال!”
همف. لا أظن أن هذا ممكن.
أنا إنسانة تعرف واقعها جيدًا.
“الكذب أمرٌ قبيح.”
“آه… أعتذر!!!”
تبًا. قلت لهن ألا يعتذرن بعد الآن، وهذا يزيدني ضيقًا.
وأخيرًا، توقفت جين عن الاعتذار، والتقطت المقص، وبدأت تقص شعري بحركات جادة واحترافية.
“سيدتي… أليكسا؟”
“ماذا هناك؟”
“أظن أننا بحاجة إلى مقص جديد.”
هاه؟
لقد كان شعري قاسيًا جدًا إلى درجة أن المقص لم يعد صالحًا للاستعمال.
“مذهلة حقًا، أليكسا. مذهلة.”
شعرتُ باحترامٍ عميق لأليكسا السابقة، التي استطاعت أن تعيش حياتها بكل صلابة وهي تحمل جسدًا كهذا.
وعادت جين بمقص جديد.
“كل هذا العدد؟”
“للاحتياط فقط!”
وهكذا، وبعد أن جعلت سبعة مقصات كاملة عديمة الفائدة، أنهت جين أخيرًا قص شعري.
–
تابعو حسابي على الانستقرام @beecatchuu لمعرفة اخبار الروايات ومزيد من المحتوى 🩷
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 4"