“هيوو…”
صرختُ في وجه واقع لا أريد أن أصدقه، ثم خرجتُ من الحمّام.
تبعتني ليلي بصمت، ورأسها مطأطأ.
“سيدتي أليكسا… يجب أن… تتناولي الفطور…”
“يكفي، اجلسي هنا قليلاً.”
اللعنة، الفطور ليس المهم الآن.
جلستُ على السرير وربتُّ بجانبي، فترددت ليلي وهي تتقدّم نحوي بخطوات مترددة.
“أنا!! أنا سأجلس على الأرض فقط!!!!!”
منذ قليل لاحظت أنها لا تقترب مني لمسافة تقل عن متر واحد.
هذا يثير في نفسي شعوراً قذراً ومزعجاً، لكن لنتجاوز الأمر الآن، فهذا ليس المهم.
“كما تريدين. هيا… هيوو… اللعنة ما هذا…”
“نـ…نعم؟ هل أجلس على السرير؟”
“لا بأس، اجلسي هناك فقط وتحدثي معي. أنا لا أتذكر الكثير الآن.”
“…كما توقعت!!!! لقد صُدمتِ بزيارة الأميرة أرييل، أليس كذلك؟!!!”
“أرييل؟ ومن تكون هذه؟”
“إنها شقيقتكِ الكبرى، أميرة هذا البلد. جاءت قبل أيام لزيارتكِ يا سيدتي أليكسا، وبعد أن رأيتها أصابكِ حزن شديد. كان بكاؤك يهزّ أرجاء القصر… لم تتناولي الطعام، وبقيتي حبيسة غرفتكِ. آه، رغم أنكِ في الأصل تقضين معظم وقتكِ في الغرفة…”
“أختي؟ أميرة؟… لحظة، إذا كانت هي الأميرة، فلماذا أنا أليكسا؟”
“ذا… ذلك لأن…”
“لأنني أليكسا الوحش؟”
“…”
“ما الأمر، إذن هذا مجرد اسمي؟”
تبا، مثير للغضب.
كما يقولون: قليل الحظ حتى لو سقط للخلف ينكسر أنفه.
أن أتجسد في جسد وحش كهذا، وأُعامل كأميرة منبوذة…
“هيوو، على الأقل اشرحي لي من أكون.”
“نـ… نعم نعم! سيدتي أليكسا هي ألكساندرا دو فيلياجين دوايت، الأميرة الثالثة لمملكة فيليبي. والدتكِ كانت السيدة كاميلا، المحظية الثانية لجلالته، وكنتِ الابنة الوحيدة لها. لكنها توفيت عندما كان عمركِ ست سنوات، وعندما بلغتِ السابعة جئتِ لقضاء عطلة في هذا القصر الصيفي في كونِتي… ثم أصابكِ… ذلك السحر… ومنذ ذلك الوقت وأنتِ تعيشين هنا.”
“منذ ذلك الحين كل هذا الوقت؟ كم عمري الآن؟”
“ألم تتذكري حتى هذا؟!! هل كنتِ مصدومة لهذه الدرجة!! يا إلهي!! يجب أن أخبر السيدة المشرفة بسرعة!!!”
“ليلي.”
ارتجفت ليلي التي كانت تثير الضجة، وجلست مكانها من جديد تحت نظراتي الحادة.
“تابعي. لا تتركي شيئاً، احكي لي كل شيء من البداية إلى النهاية.”
“نعم!!! أعذريني!!! سيدتي أليكسا تبلغين الآن الثامنة عشرة من عمركِ. كان من المفترض أن تدخلي المجتمع الراقي عند السادسة عشرة، لكن… نظراً لظروفكِ… ظللتِ في كونِتي. لكنكِ قد خُطبتِ!!!”
ماذا؟! لقد قضيتُ 11 عاماً في هذا الوضع البائس، ومع ذلك لدي خطيب؟
“ومن يكون؟”
“ذا… ذلك… إنّه الدوق فيرفورد هارمان!!! ابن الدوق السابق جيروم هارمان، وهو القائد الأعلى لفرسان المملكة. إنه… شديد الوسامة!!! حتى أن الناس يلقبونه بـزهرة سيف فيليبي. وهو المرشح الأول للزواج الذي تحلم به جميع الفتيات!!”
…؟
رجل بهذه المكانة هل جُن ليرتبط بوحش كثيف الشعر مثلي؟
ربما قرأت ليلي حيرتي من ملامحي فأضافت:
“حتى نحن لا نعلم كيف تمت هذه الخطبة بالضبط… يُقال إن هناك نوعاً من العقد وراءها… على أي حال، هذه الخطبة… إنّها… أعني…”
نظرت إليها بعينين ضيقتين أستعجلها على الكلام.
“يبدو أنها ستُفسخ قريباً. فالجميع يعلم أن الأميرة أرييل والدوق فيرفورد… عاشقان. الخطبة لم تتم إلا بإصراركِ يا سيدتي، أما الزواج… فالأمر شبه مستحيل…”
“ما هذا؟ حرب بين الأختين؟”
“في الواقع، الناس يصفون الأمر بـجنون أليكسا الوحش…”
“تقصدين أنني معروفة بأنني امرأة سيئة سرقتُ رجلاً من شقيقتي؟”
“الأمر أن… الدوق فيرفورد لم يُخفِ يوماً كرهه لكِ، والخطبة لم تتم إلا بعد إصراركِ على جلالته… بالكاد وافق.”
“هل كنتُ أحب ذلك الدوق؟”
“بالطبع!!! كنتِ مهووسة به… آه!… أعذريني… على كل حال، لقد وصلتِ لدرجة أن جلالته كان يعطيكِ مهاماً مقابل الحفاظ على خطبتكِ مع الدوق.”
ما هذا الآن؟
“مهام؟”
“آه… إن لم تتذكري حتى هذا… كيف أشرح… ذاك…”
“…”
“سيدتي أليكسا قوية للغاية.”
“ماذا؟”
أي هراء هذا؟
“لا! أقصدها فعلاً… إنكِ قوية جداً لدرجة أنكِ وحدكِ تتكفلين بالقضاء على الأعداء الذين يتسللون إلى مملكتنا. يلقبونكِ بـوحش الموت. حتى في الحرب الأخيرة مع إمبراطورية إيفيل، كنتِ أنتِ من حمى الحدود، وبفضلكِ تم توقيع الهدنة. لو لم تكوني هناك، لكانت المملكة في خطر عظيم.”
“ألستُ في الثامنة عشرة؟”
هل يُعقل أن تخرج فتاة في الثامنة عشرة لتخوض الحروب وتقتل الناس؟
ولو أن هذا الجسد المكسو بالعضلات والشعر يوحي بالقوة… إلا أن ذلك لا يفيد في النمو النفسي السوي لفتاة في عمر المراهقة.
“أنا… ممتنة لكِ جداً يا سيدتي أليكسا. صحيح أن الناس يصفونكِ بالوحش ويشتمونكِ بالوحشية، لكن لو لم تكوني موجودة، لكنا الآن تابعين للإمبراطورية. لو أصبحنا تابعين للإمبراطورية، لما تجرأ أحد على شتمكِ. إنهم ناكرون للجميل.”
لم تعد ليلي ترتجف وهي تتحدث، بل راحت تتكلم بحرارة وقد غلبها شعورها بالمرارة.
إذن، باختصار… أنا شخص يضحّي ويساعد، لكن ينال السخط والشتائم.
اللعنة، أي تجسد هو هذا؟
ألستُ البطلة هنا؟
لكنني:
في هيئة وحش،
منبوذة،
ومكروهة من الشعب بأسره؟؟
اللعنة، كيف أكون سعيدة هكذا؟
إلى جانب ذلك، تابعت ليلي تشرح عن أوضاع القصر…
أطلعتني ليلي على الوضع الحالي للمملكة،
وبناءً على كلامها أدركت تقريبًا تفاصيل الوضع.
“حسنًا. ليلي.”
“هل كان هذا مفيدًا بما يكفي؟”
“جيد جدًا. والآن…”
“???”
“أنا جائعة، أحضري الفطور.”
كل شيء نقوم به في النهاية لأجل أن نعيش، فلنأكل أولًا.
بعد تناول الفطور، طلبت من ليلي أن تجلب لي مرآة كبيرة.
وبعد جهدٍ جهيد، جلبت مرآة أكبر من جسدها تقريبًا.
بدأت أتفحص الوحش المشعر المنعكس في المرآة بتمعن.
الجسد عارٍ، لكن مع كثافة الشعر لا أشعر مطلقًا بأنني عارية.
الوضع الذي تعيشه هذه الفتاة المسماة “أليكسا” كان كارثيًا:
أولًا، جسد كله مغطى بالشعر.
ثانيًا، عضلات ضخمة متينة تثبت أن ما قيل عن تجوالها في ساحات القتال ليس كذبًا.
ثالثًا، جثة ضخمة لا يمكن تصديق أنها تعود لامرأة.
لكن لم يكن لدي أي سبب للوقوف مكتوفة الأيدي لمجرد أنني تقمصت دور منبوذة المملكة.
فقد كان الشقاء دائمًا رفيقي منذ البداية.
عندما توفي والدَيّ معًا في حادث سير وأنا في السادسة.
وعندما مات شقيقي الوحيد بالتهاب رئوي وأنا في العاشرة.
سُرقت أموال التأمين، وتعرضت للتنمر، للضرب، وللاحتيال، وقد مررت بكل ذلك.
فهل كنتُ أبقى مختبئةً في زاوية البيت أبكي طوال الوقت؟
قطعًا لا.
فالشقاء الذي يعتاد عليه المرء، العلاج الوحيد له هو مواجهته.
لست متأكدة تمامًا إن كنت قد مت فعلًا حين اندفعت مخمورة أمام سيارة،
لكن حتى تلك اللحظة، كنت أعيش حياتي بجدّ دون أي ندم.
عملتُ في عدة حصص تدريس خصوصي لتغطية مصاريف الدراسة، ودرستُ بجدٍّ لا يلين.
وبذلك تمكنت من تجاوز تلك المصائب الصغيرة التي واجهتني.
استطعت دخول الجامعة، وتعرفت على أشخاص جيدين، وعشت حياةً يمكن أن تُعتبر حياة إنسان.
“حتى هنا، سأعيش كإنسانة. ما هذا الهراء عن كوني وحشًا؟”
تمتمتُ وأنا أعاين جسد أليكسا بعناية.
تفحصت الوجه، لكن رؤية الملامح كانت شبه مستحيلة بسبب كثافة الشعر،
لذا لا بد من إزالة الشعر أولًا قبل فعل أي شيء آخر.
“ليلي؟”
شدَدت الحبل المتصل بالجرس المثبت في السرير، فجاءت ليلي مسرعة.
ويبدو أنها بدأت تعتاد عليّ، إذ لم تُظهر ذات الفزع السابق حين رأتني.
“هل ناديتِني؟”
“أحضري السكر والماء.”
كان الأفضل لو وجدت كريم إزالة شعر، لكن من الواضح أن مثل هذا غير موجود هنا.
لحسن الحظ أنني كنت أعرف جيدًا كيف أصنع كريمًا طبيعيًا لإزالة الشعر.
أتدري لماذا؟ لأنني كنت فقيرة ولم أملك ثمن شرائه.
آه، يكاد الدمع يترقرق في عيني، لكن انظر كيف صار هذا مفيدًا الآن.
قامت ليلي بما أمرتها به، فغلت السكر والماء حتى صنعت محلولًا لزجًا.
“أحضرتِ كل الأقمشة التي طلبتها، أليس كذلك؟”
“نعم. لكن… لماذا الأقمشة فجأة؟”
“شاهدي جيدًا. سأقوم بدهن هذا… هكذا…”
دهنتُ السائل اللزج على ذراعي المشعرتين. كانت سخونته تتخلل بين الشعر.
“والآن ضعي هذا القماش فوقه!”
“هاه؟”
“ضعيه بسرعة!!”
يجب فعل ذلك قبل أن يبرد.
وضعت ليلي القماش مترددة فوق المحلول، وضغطتُه جيدًا حتى يلتصق.
“هاه… حسنًا… عندما أقول واحد، اثنان، ثلاثة عليكِ أن تنزعيه فورًا، فهمتِ؟”
“نزعُه؟ الآن؟”
“نعم. وهذا أمر بالغ الأهمية. يجب أن يُنزع دفعة واحدة.”
إذا لم يُنزع دفعة واحدة… سيكون الألم… فظيعًا جدًا…
شعرت بحاجة قوية لأن أوضح لليلي أهمية الأمر.
“مهما حصل، انزعيه دفعة واحدة. حتى لو صرختُ من الألم، لا تترددي. مفهوم؟”
أومأت ليلي بجدية ووجهها يعلوه حزم لم أعهدْه فيها.
“واحد… اثنان… ثلاثة! آاااخ!!!”
مزقت ليلي القماش بقسوة مريعة، فتساقطت دموعي في الحال.
يا لعدد الشعر الكثير!
“آااه!!! أليكسا!!! شعرك!!!!”
على القماش الممزق، التصق كومة من الشعر بفضل السكر.
وظهر أخيرًا لون بشرة دراعي بدلًا من اللون البني المشعر.
“جيد جدًا!!! هذا ما أعنيه!!!”
“أليكسا… هل هذا دواء سحري؟ لم أسمع قط بوجود دواء يزيل الشعر!”
“بالطبع… سحر.”
لكنني حرصت على ألا أزيل الشعر كله دفعة واحدة حتى لا تتضرر البشرة،
لذلك وزعت العملية على أسبوع كامل.
كما لم أنسَ وضع الألوفيرا على المناطق المعالجة لتهدئتها.
وعندما أزلتُ الشعر من الشفة العليا والجبهة، كان الألم كطعناتٍ تنفجر معها الدموع،
لكن الجمال يستحق الألم، فصبرت بكل ما أملك.
يبدو أنني حقًا قاسية.
“آااااه!!!”
صرخت ليلي بدهشة حين انتهيت من إزالة آخر شعر على ظهري.
قمتُ من مكاني وذهبت لأنظر في المرآة.
الآن بدأتُ أبدو كبشري.
ومع اختفاء الشعر ظهر الوجه كاملًا.
صحيح أن الجسد مازال ضخمًا وعضلاته بارزة على نحوٍ لا يشبه بنية النساء،
لكن القدرة على رؤية الوجه بوضوح كانت كافية.
والمفاجأة أن أليكسا تملك وجهًا لا بأس به.
مثل تلك الوجوه العادية التي تتحول بلمسة مكياج إلى جمال مختلف.
وجهٌ يصبح المكياج فيه ورقة رابحة.
وبما أن فكرة الجراحة التجميلية في هذا العالم بعيدة تمامًا، فقد شعرتُ برضا نسبي بهذا الوجه.
“أليكسا؟”
مع اختفاء الشعر، بدا مظهري أقل رعبًا، فتلاشى خوف ليلي إلى حدٍّ كبير.
“ليلي، اجمعي كل الخدم في هذا القصر.
–
تابعو حسابي على الانستقرام @beecatchuu لمعرفة اخبار الروايات ومزيد من المحتوى 🩷
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 3"