خبر سجن العمة أغني جلب شعورًا بالارتياح، وإن كان ممزوجًا بمشاعر معقدة.
“تلقينا أمرًا بالحصول على تعويض، لكنك تعرف، أليس كذلك؟ تلك المرأة مطلقة. لا تملك حتى ما يكفي للعيش، فكيف ستدفع لنا، أنتونيو؟“
فور افتضاح علاقتها مع المدير أرنولد، تم تطليق العمة أغني على الفور.
وبما أن الخطأ كان من جانبها تمامًا، لم تحصل على أي نفقة، وطُردت خارجًا من دون أي شيء.
“إذًا…”
“نعم، لن نحصل على أي مال.”
انسَ أمر التسوية، حتى التعويض الذي حكمت به المحكمة اصبح خارج المتناول.
وبما أنها لن تتمكن من تنفيذ أوامر المحكمة، فإن مدة سجنها مرشحة للزيادة.
“المشكلة الحقيقية ما زالت المال.”
وقعت عينا سيريس على إشعار الدين.
رأى أنتونيو ذلك، فانخفض صوته حزنًا.
“إذًا سنضطر لبيع المتجر، أليس كذلك؟“
رغم أنهم تمكنوا من تغطية تكاليف علاج جوليا مؤقتًا، إلا أنهم لم يحلّوا شيئًا في الحقيقة.
وكان أنتونيو يعلم جيدًا أن الدين لا يزال يشكل عبئًا خانقًا.
لكن…
“حتى بيع المتجر لن يكفي لسداد هذا الدين بالكامل، أليس كذلك؟“
أومأت سيريس بصمت.
ألم يكن المتجر في قلب المدينة؟
كان سيجلب مبلغًا لا بأس به إن باعوه، لكنه مع ذلك لن يكون كافيًا لتصفية كل هذه الديون.
“حسناً إذًا…”
وقفت سيريس من مكانها.
“أين قلت إن المتجر يقع؟“
***
“طبقين من الحساء هنا.”
“سأخذ واحدة كبيرة.”
“وأنا أيضًا!”
في شارع ديلسي رقم 1، قلب العاصمة النابض.
اصطفت المتاجر الفاخرة والمضيئة، فكانت العين تتنقل بينها منبهرة. وكان هناك قول شائع. إذا أردت معرفة أحدث صيحات الإمبراطورية، فاذهب إلى شارع ديلسي رقم 1.
وبين كل تلك المحلات اللامعة، كان هناك واحد يبرز… بسوء حاله.
بناء صغير متداعٍ، مضغوط بين مبانٍ عالية فخمة ولامعة.
مطعم حساء كان يثير امتعاض أصحاب المحلات المجاورة.
“حيث تستريح خطواتك“
كان اسم المتجر على اللافتة شاعريًا.
لكن…
“تبا، بطني تقلب!”
“ألم أقل لك أن تشرب أقل أيها الأحمق؟“
“هيه، هذا طبقي! ابتعد أيها اللعين!”
“آه حقًا؟ طفل مثلك يظن أنه يستطيع تجاوز الطابور؟ جرّب، وسنرى من سيبقى واقفًا.”
كل ما كان يُسمع في الداخل أصوات خشنة.
الشتائم متواصلة، والعراكات تنشب باستمرار.
نعم، أغلب الزبائن هنا كانوا من المرتزقة.
“آه، هذا الطعم رائع!”
“شربت كثيرًا البارحة فقط لأجل أن آتي اليوم وأتذوق هذا!”
كان المطعم يقدّم صنفًا واحدًا فقط.
حساء من اللحم والخضار.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، كان الزبائن يتدفقون على المكان لأجله.
بعضهم كان يأتون ليعالجوا آثار السُكر، وآخرون ليملؤوا بطونهم الفارغة.
صحن حساء ساخن. أغلب المرتادين كانوا من الزبائن الدائمين.
بعضهم ارتاده لخمس سنوات، وآخرون لم ينقطعوا عنه منذ أكثر من عشرين عامًا.
مطعم “حيث تستريح خطواتك” كان دومًا يعج بالمرتزقة الباحثين عن وجبة تعيد إليهم أرواحهم.
“هل من أحد يقدّم الحساء هنا؟“
“نعم، نعم!”
رجل في أواخر العشرينيات كان يتحرك بتوتر وسط أجواء تعج بالصراخ والكلام العنيف.
كان هذا الرجل هو مارك، رئيس الطهاة والعامل الوحيد في هذا المطعم.
تحطّم!
“أيها اللقيط! ماذا قلت للتو؟“
“ماذا؟ هل أصابك الخوف؟ هل قلت شيئًا خاطئًا؟“
كان مارك يخرج من المطبخ حاملاً الطعام، فتجمد لونه من الرعب حين رأى شجارًا آخر ينشب بين الزبائن.
‘لقد بدأوا مجددًا!’
كانت العراكات بين الزبائن تحدث كثيرًا، وبدلًا من أن يعتاد عليها، كانت تملأه بالخوف أكثر فأكثر.
“أيها الوغد! من سفك الدم في طبقي؟ هل أنت؟!”
“هل تلقيت ضربة في رأسك؟ لمَ تتهم الناس عشوائيًا، أيها النذل!”
المشاجرة التي بدأت بين اثنين سرعان ما اتسعت، وتحول المطعم كله إلى ساحة فوضى.
كان مارك يرتجف، وقد انكمش في ركن كعادته، ينتظر انتهاء العراك، غير قادر على التدخل أو الهرب.
وكان العزاء الوحيد أن هؤلاء الزبائن، رغم كل شيء، كانوا يسددون ثمن الأضرار قبل أن يغادروا.
‘آه…’
بسبب هذه العراكات المستمرة، أصبح من المستحيل توظيف عمال آخرين. كان العمل وحده مرهقًا، أكثر من أن يتحمله شخص واحد…
‘أنا آسف! لم أعد أستطيع الاحتمال!’
‘سأستقيل! هؤلاء الناس مرعبون!’
‘آااه! لم أعد أحتمل العمل هنا!’
معظم من عملوا معه لم يصمدوا أكثر من نصف يوم قبل أن يستقيلوا.
وفي النهاية، بقي مارك يواصل وحده لسنوات.
‘اللورد غالن…’
مسح مارك دمعة من عينه، وهو يفكر في البارون الراحل درو.
الرجل الطيب الذي منحه ذات يوم طبق حساء دافئ مجانًا حين كان مرميًا بالخارج، يتضور جوعًا ولا مأوى له.
كان هو البارون غالن دراو، من علمه كل شيء عن المطاعم.
ولعلمه بحال مارك البائس، وفر له غرفة للسكن وراتبًا أعلى بكثير من المعتاد.
ومن منطلق الامتنان، بقي مارك في المطعم ليواصل تشغيله بعد وفاة البارون وزوجته في حادث.
‘والآن الآنسة جوليا مريضة أيضًا.’
تدهور حال عائلة البارون منذ وفاة اللورد غالن كان أيضًا أحد أسباب تمسك مارك بالبقاء.
كان يريد أن يدعم الآنستين والسيد الصغير بما يستطيع.
لكن…
تحطّم!
“أيها اللعين!”
“أمسكوا بذلك الرجل!”
…ومع العراك اليومي المتواصل هذا، لم يكن مارك يعلم كم من الوقت بقي له قبل أن ينهار تمامًا.
تطايرت السيوف، وتناثرت الأشياء، فانكمش مارك أكثر في مكانه.
هل كان يتخيل، أم أن هذا العراك أطول من المعتاد اليوم؟
“يا لها من فوضى كاملة.”
“…؟“
حينها، وسط رجفته وانتظاره لانتهاء العراك، تسلّل إلى أذنه صوت امرأة شابة.
كان صوتًا لم يعتده في هذا المكان الخشن الممتلئ بالمرتزقة.
“من…؟“
رفع رأسه قليلًا، فرأى امرأة واقفة قريبة، وذراعاها متشابكتان، تراقب الفوضى بهدوء.
“هاه؟“
ضاق عينيه ليرى بوضوح، فانفتحتا فجأة بدهشة.
“آنسة سيريس؟“
رآها مرة واحدة فقط في الماضي، لكنه لم ينسَ وجهها أبدًا.
تلك الخصلات الشقراء البلاتينية اللافتة، وتلك العينان البنفسجيتان الساحرتان.
ومع ذلك، لم يتعرف عليها فورًا لأن هالتها تغيّرت تمامًا.
‘هناك شيء…’
منذ سنوات، حين جاءت إلى المطعم تمسك بيدي والديها، كانت سيريس طفلة خجولة، تحدّق في كل مكان بعينين مذعورتين.
وكانت نظراتها دائمًا هشّة، كما لو أنها على وشك البكاء في أي لحظة، حتى إن المرتزقة أنفسهم كانوا يخففون من غلظتهم احترامًا لها.
لكن الآن؟
“هيه.”
“نـ، نعم؟“
حين نادته سيريس، قفز مارك واقفًا دون وعي.
“ناولني هذا.”
“عذرًا؟“
ارتبك للحظة، ثم أدرك أنها تشير إلى الصينية التي بيده.
لكن… لمَ تحتاج إلى صينية فجأة؟
هل تنوي تقديم الطعام وسط هذا الجنون؟
“أنـ، آنسة سيريس، أظن أنه عليكِ التراجع الآن…!”
قبل أن يُكمل، انتزعت سيريس الصينية من يده، وجربت ثقلها وتوازنها للحظة، ثم أطلقتها بكل قوتها.
“هاه، هاه؟!”
لدهشة مارك، لم تسقط الصينية في منتصف الطريق، بل انطلقت مباشرة لتصيب أحد المتقاتلين في مؤخرة رأسه.
طَخ!
“آآغ!”
سقط المرتزق أرضًا، يزبد من فمه، كما لو أنها أصابت نقطة قاتلة.
“…!”
توقف خصمه في مكانه، وساد الصمت المطعم.
وفي لحظة الذهول تلك، استدار الجميع نحو مصدر الصينية.
وهناك، واقفة بذراعيها المتشابكتين، كانت سيريس، هادئة تمامًا. وبدت ملامح المرتزقة أكثر حيرة.
من هذه المرأة؟
تجاهلت نظراتهم، ومدّت سيريس يدها نحو مارك.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"