**الفصل الإضافي الأربعون**
“أمي… أمي…”
في البداية، نظرت إيفي إلى ليليان بعينين لا تصدقان ما تراه، ثم ما لبثت أن امتدت يداها وهي تجهش بالبكاء.
احتضنت ليليان طفلتها بقوة، فتشبثت بها إيفي التي لم تكن تكاد تصدق هذا الموقف.
لم تكن السحر الذي استخدمته يسمح برؤية مثل هذا المشهد.
كان من المفترض أن يتيح لها فقط رؤية ذكريات الآخرين، وأنه حتى لو نجح، فلن يستجيب لتحركاتها أو كلماتها.
لكن إيفي، وهي ترتجف، عانقت أمها بشدة وقالت:
“أمي…”
فمدت الأم يدها لتمسح خد إيفي بلطف، وتربت على ظهرها بحنان.
كان ذلك دفئًا مختلفًا عن دفء الأب، وشعورًا غريبًا لكنه مفعم بالحنين رغم أنه المرة الأولى التي تختبره فيها.
في تلك اللحظة، وقف كلويس مذهولًا، يحدق في المشهد أمامه وهو يتمتم:
“ليليان؟ حقًا؟”
شعر هو الآخر بذلك.
ليليان التي أمامه لم تكن مجرد وهم.
كانت ليليان الحقيقية بلا شك.
عندما ناداها، رفعت ليليان، التي كانت تعانق إيفي، رأسها نحوه.
اختفت النظرة الدافئة التي كانت ترمق بها إيفي، وحل محلها عبوس حاد وهي تنظر إليه بنظرة لوم، فأطبق كلويس فمه.
كان هذا أيضًا، بلا شك، أحد وجوه ليليان.
ذلك الوجه الذي ترتديه عندما تغضب حقًا.
“أحمق.”
قالتها ليليان وهي تنظر إليه.
“أحمق؟”
كرر كلويس كلماتها كمن فقد عقله، يتمتم بها.
لم يسمع صوتها، لكنه كان متأكدًا مما قالت.
فجأة، أفلتت ليليان إحدى يديها من حول إيفي، ونقرت بأصابعها على جبهة كلويس.
طق!
لم يكن الألم شبيهًا بسقوط جوزة بلوط، بل كان وميضًا يعمي العينين.
ضغط كلويس على جبهته النابضة بالألم دون وعي.
كل شيء كان واضحًا. هذا لم يكن حلمًا بأي حال.
ليليان كانت أمامه.
“كيف… كيف؟”
بدلًا من الإجابة، خففت ليليان من تعبيرها المتجهم.
ثم قبلت جبهته في المكان الذي نقرته للتو.
عندما شعر كلويس بدفء قبلتها الواضح، اختنق صوته مرة أخرى.
ليليان كانت أمامه.
ليليان الحقيقية، التي جاءت لتلتقي به وبإيفي.
مد كلويس ذراعيه، حاملًا كل الحنين الذي عاشه في الأيام الماضية، وأمسك بيدها التي نقرته، ثم قبل تلك اليد.
كانت يد زوجته.
حبه الأول والأخير، الذي عاد إليه من جديد.
بينما كان كلويس وإيبي ينظران إليها وهما يبكيان، ابتسمت ليليان ابتسامة مشرقة وقالت:
“كلاهما، كيف تكونان هكذا بكاءين؟”
كانت شفتاها تتحركان بوضوح لتقول ذلك.
فتحت ليليان ذراعيها وعانقت كلويس وإيفي معًا.
كلاهما أجهش بالبكاء، مغمورين بدفء الشخص الذي اشتاقا إليه كثيرًا.
لم يكن مهمًا كيف استطاعت ليليان أن تكون هنا بهذا الشكل.
المهم الوحيد هو أن الشخص الذي اشتاقا إليه كثيرًا كان موجودًا الآن.
كانت غابة الليل العميق مليئة بنسيم دافئ، وعبير الزهور، وصوت نشيج الفرح بلقاء طال انتظاره.
“أمي… أمي…”
تشبثت إيفي بليليان بجنون.
عانق كلويس وليليان الطفلة معًا.
للمرة الأولى، كانت العائلة بأكملها مجتمعة في مكان واحد.
* * *
كم من الوقت مر؟
“لذلك، قالت العميدة إنني أبليت بلاءً حسنًا. وقالت إنه عندما أكبر، يمكنني أن أصبح أقوى ساحرة في الإمبراطورية…”
كانت إيفي، وآثار الدموع لا تزال على وجهها، تبتسم وتثرثر مع ليليان.
كانت ليليان تستمع إليها بابتسامة، ولم تترك يد إيفي ولو للحظة، كأنها لا تريد أن تنفصل عنها أبدًا.
ثم، في لحظة ما، بدأ شكل ليليان يتلاشى.
في تلك اللحظة، ابتلع كلويس آهة ألم.
كان يعلم منذ اللحظة الأولى التي رأى فيها ليليان.
كان يعلم أن هذا الوقت المعجزة لن يدوم إلى الأبد.
وها قد اقترب النهاية.
“أمي…”
لاحظت إيفي التغيير وتوقفت عن الكلام.
ابتسمت ليليان ابتسامة حزينة.
“لا! أمي! لا تذهبي!”
أمسكت إيفي بذراعها.
كانت عيناها، التي كانت تضحك بسعادة قبل لحظات، تترقرق بالدموع.
كيف، بعد أن التقت بأمها أخيرًا، بعد أن انتظرت كل هذا الوقت؟
كان لا يزال لديها الكثير لتقوله!
علمت إيفي أنه إذا اختفت أمها الآن، فلن تتمكن من رؤيتها مجددًا.
وكان كلويس، مثلها، غير قادر على تركها ترحل.
لقد اجتمعت العائلة الثلاثة أخيرًا. لو بقيت بجانبهم، لاستمر هذا الحلم السعيد إلى الأبد. لماذا لا يمكنهم البقاء معًا؟
بينما كان يفكر، أصبح شكل ليليان يتلاشى بسرعة.
كان على كلويس أن يقول اعتذاره الذي لم يتمكن من قوله قبل أن يفوت الأوان.
“أنا آسف، ليليان. لم أستطع حمايتك. لو لم أحبك… لكنتِ عشتِ بسلام…”
كانت إقطاعية سوليم قرية ريفية بعيدة عن العاصمة. لو لم يحب ليليان، لما تورطت في الحرب تلك الإقطاعية الصغيرة.
ألم يكن حبه هو الذي أحرق تلك الأرض وأودى بحياتها في النهاية؟
طق!
في اللحظة التي اعتذر فيها كلويس، نقرت ليليان جبهته بقوة مرة أخرى.
ثم، بعيون دامعة، قالت:
“إيس، لقد رأيت هذا المستقبل. رأيت إيفي تولد، ورأيتني أغادر هذا العالم….ومع ذلك…”
أمسكت ليليان خديه بكلتا يديها وأخفضت رأسها ببطء.
غمرته قبلة دافئة، كتلك القبلات السرية التي تبادلوها مرات لا تحصى في الغابة.
بعد فترة، ابتعدت ليليان وقالت:
“هذا المستقبل اخترته بنفسي، إيس. فلا داعي أن تشعر بالأسف تجاهي”
قبلت جبهة كلويس الدامعة مرة أخرى، ثم نظرت إلى إيفي.
“إيفي، ابنتنا.”
عند كلمة “ابنتنا”، انهمرت دموع إيفي بغزارة.
أحبت تلك الكلمة.
ابنة أمها وأبيها.
ابنة هذين الشخصين اللذين يحبانها.
كان هذا الواقع يملؤها بالعاطفة.
“أمي تحب إيفي كثيرًا. لا تنسيني، حسنًا؟”
“نعم!”
أومأت إيفي برأسها بحماسة رغم بكائها.
“إذا أحزنكِ أبي، عودي وأخبريني، حسنًا؟”
“نعم!”
أجابت إيفيت بصوت أعلى.
تردد صوت ضحكة كلويس من الخلف.
فتحت ليليان ذراعيها مرة أخرى وعانقت كليهما.
كانت هذه حقًا المرة الأخيرة.
عندما أفلتت ذراعيها اللتين عانقتا بقوة، طاف شكل ليليان في الهواء.
رغم عزمها على إظهار شجاعة أمام أمها، اقتربت إيفي منها وهي تبكي، وصاحت:
“سأكون فتاة مطيعة لأبي!”
عند سماع ذلك، ابتسمت ليليان في الفراغ.
“سأكون لطيفة مع الآخرين، وسأدرس بجد، ولن أتشاجر مع أصدقائي! و…”
أخذت إيفي نفسًا عميقًا كمن اتخذ قرارًا كبيرًا، وصاحت مجددًا:
“سآكل الفلفل الأخضر جيدًا من الآن!”
نظرت ليليان إلى كلويس للحظة.
“أنت؟ قلت لإيفي أن تأكل الفلفل؟ ذلك الخضار الملعون؟”
هز كلويس رأسه بيأس وقال:
“لا! لم أفعل!”
عند رؤية رد فعله، خففت ليليان من تعبيرها أخيرًا.
تنفس كلويس الصغيرًا، فقد كاد أن يودع زوجته وهو يرى وجهها المليء باللوم.
أصبح شكل ليليان الآن شائكًا لدرجة أنه بالكاد يمكن من تمييزه.
لوحت إيفي بيدها لأمها التي كانت تختفي.
ابتسمت ليليان الشفافة ولوحت بيدها:
“وداعًا، يا حبيبيّ.”
قالت بابتسامة مشعة:
“أحبكما دائمًا. لا تبكيا.”
كانت تلك الكلمات آخر ما قالت.
اختفى شكل ليليان.
لم يبق في الفراغ سوى وميض ذهبي صغير يتلألأ، يشهد على وجود ليليان.
“أمي…”
مظرت إيفي إلى سماء الليل وتمتمت بضعف.
ثم انفجرت في البكاء، وعانقت عنق كلويس بقوة.
“أبي، أبي… أمي ذهبت… كنت أريد رؤيتها أكثر… لم أخبرها بعد عن أصدقائي، وعن القصص التي حدثت في الصيف…”
بدلًا من الرد، ربت كلويس على ظهر الطفلة الباكية ليواسيها.
كان لديه الكثير ليقوله أيضًا.
كم اشتاق إليها طوال هذا الوقت.
وكم أراد أن يرجيها كم هي ابنتهما رائعة، ذكية، طيبة، ومحبوبة…
“إيفي، ألم تقل لك أمك ألا تبكي؟”
كان صوته مبحوحًا وهو يقول ذلك.
“لكن… أمي، أمي…”
اختفى حتى النور الصغير، وكانت السماء مليئة بالنجوم المتلألئة.
رغم اختفاء ليليان، فإن الحب الذي تركته لا يزال موجودًا هنا.
عانق كلويس المستقبل الذي صنعه معها.
عانق الطفلة التي تبحث عن أمها وهي تبكي.
ابنتهما، التي بما أنها ابنتهما، ستكون سعيدة بالتأكيدير.
كان ذلك اليوم الذي التقى فيه الثلاثة لأول مرة وآخر مرة يقترب من نهايته.
كآن اللحظة الأكثر سعادة والأكثر حزنًا في الوقت ذاته.
─── ・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ───
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "216"