«مرحبًا بكما!»
تقدمت إيفبيان نحو أرسيل ولوسكا.
في العام الماضي، كان الاثنان يبرزان بين أقرانهما، لكن هذا العام بدا تألقهما أكثر وضوحًا.
كان لوسكا، بطبعه، طويل القامة ومفتول العضلات.
أما أرسيل، الذي كان أصغر حجمًا، فقد طالت قامته حتى أصبح يضاهي لوسكا عندما يقف إلى جانبه.
لم يكن النمو مقتصرًا على الطول فحسب.
بينما كان أغلب الطلاب في سنهم لا يزالون يحملون ملامح الطفولة، حتى لوسكا، الذي شاركهم محنة الموت، كان لا يزال يحتفظ ببعض تلك الملامح.
لكن أرسيل كان مختلفًا.
كان هادئًا ومتزنًا، يحيط به هالة من الوقار الغامض، جعلته يبدو غريبًا بين أطفال الأكاديمية.
تأمله لوسكا في سره وهو يفكر:
«طاووسان!»
إذا كانت إيرين طاووسًا مزخرفًا بألوان زاهية، فإن أرسيل كان طاووسًا أنيقًا بألوان الأسود والفضي والذهبي.
كانت ملابسه بسيطة مقارنة بزملائه: بنطال أسود، صدرية سوداء، وقميص أبيض عادي.
الزينة الوحيدة كانت بروش ذهبي يحمل شعار عائلته على جيب صدره.
ومع ذلك، كان أرسيل متألقًا بما يكفي.
كان الدوق كايلرن، والد أرسيل، مشهورًا بجماله الآسر، حتى قيل إن وجهه كان أقوى من أي خطاب بليغ لسحر الناس.
لكنه لم يستخدم جماله إلا لكسب قلب زوجته.
وورث أرسيل هذا الجمال، بل أضيف إليه لمسة من أناقة والدته، فصار تألقه أكثر دقة.
حتى في صباه، لم يستطع إخفاء وسامته، والآن، مع بداية نموه، ازدادت وسامته وضوحًا وتألقًا.
كان جمالاً باردًا يجعل من يراه، من كل الأعمار، يتوقف مذهولاً.
لكن…
«أرسيل، كم مرّ من الوقت!»
اندفعت إيفبيان دون اكتراث، وعانقته بحماس.
لم يهمها أنه نما فجأة، أو أن هالته تختلف عن الآخرين. في عينيها، كان أرسيل صديقها العزيز.
ابتسم أرسيل بخفة لاستقبالها الحار، فتلاشت حدة عينيه واستبدلت بنعومة ورثها من والدته.
أفلت الحضور تنهيدات مكتومة.
بتلك الابتسامة، تغير انطباع أرسيل كليًا.
قبل لحظات، كان يبدو بعيدًا يصعب الاقتراب منه، أما الآن فكانت ابتسامته الدافئة تأسر القلوب.
«يسعدني رؤيتكم بعد طول غياب، يا صاحبة السمو.»
كان صوته مفعمًا بالإخلاص، لكنه لم يمنع إيفبيان من معانقته.
«وأنا… لا، أقصد، أنا أيضًا سعيدة!»
رفع لوسكا يده باحتجاج وصاح، فاقتربت إيفبيان ضاحكة وعانقته بدوره.
احتضنها لوسكا بنشوة، ونظر إلى إيرين وأطلق ضحكة غريبة: «كيهينغ!»
كان متأكدًا أن ذلك سيغيظ إيرين.
لكن، على عكس توقعه، وقفت إيرين بثقة، تضع ذراعيها على صدرها.
«لوسكا راغسلب، متى ستتوقف عن هذا التصرف الصبياني؟ أنا زميلة سكن صاحبة السمو! لا أغضب فقط لأنك رحبت بها بحماس…»
«يا إلهي، رقبتك تنبض بعروق الغضب!»
«…»
حدقت إيرين في لوسكا بنظرة نارية، وقبضت يدها المخفية تحت كمها ترتجف.
فجأة، أطلقت إيفبيان لوسكا وهرعت إلى إيرين، وعانقتها بحرارة.
«إيرين!»
«صاحبة السمو!»
ابتسمت إيرين بانتصار نحو لوسكا.
كانت منافسة طفولية، لكنها أثارت حسد الحاضرين.
«لقد نجوا معًا من الموت، لا عجب أنهم مقربون هكذا.»
«لو أستطيع حضور دروسهم! لكن كيف أعرف ما يدرسون؟»
حلم معظم الأطفال أن يكونوا جزءًا من هذه المجموعة.
«صاحبة السمو، يبدو أن علينا الانتقال.»
همس إيدن لإيفبيان بعد أن لاحظ ارتباك الموظفين.
كان الطلاب القدامى والوافدون الجدد يتجمعون، يهتفون: «صاحبة السمو هنا!» و«الأربعة جميعهم موجودون!»
حتى الأطفال المتمردون تجاهلوا تعليمات الموظفين، مما قد يعطل جدول المستجدين.
«حسنًا، لدينا اليوم…»
«طلب الزي الرسمي الجديد!»
أمسكت إيرين يد إيفبيان بحماس.
«هيا بنا!»
«نموتُ كثيرًا، سأحتاج زيًا جديدًا بالكامل! وأنت أيضًا، أرسيل.»
تحرك الاثنان بحيوية، تبعهما أرسيل ولوسكا وفرسان القصر.
ظل الحاضرون يتأملون ظهورهم، عاجزين عن رفع أعينهم.
* * *
نظر وزير الدولة بحذر إلى كلويس.
منذ الصباح، بدا كمن فقد روحه.
كان السبب واضحًا: إيفبيان عادت إلى الأكاديمية اليوم.
«لكنها ستعود في عطلة نهاية الأسبوع، أليس كذلك؟»
ومع ذلك، بعد قضاء الشتاء معها، بدا غيابها ثقيلاً.
«مولاي.»
«…»
كم هو عميق حزنه حتى لا يسمع صوت من يقف أمامه؟
ناداه الوزير مجددًا، مرتفعًا صوته:
«مولاي!»
«ماذا؟ ما الأمر؟»
انتبه كلويس أخيرًا، ونظر إلى الوزير.
«الوثائق المتعلقة بالتدقيق النهائي لمأدبة عيد ميلاد صاحبة السمو لم تُراجع بعد…»
«آه، تلك.»
مد كلويس يده وسحب الوثيقة المطلوبة من كومة الأوراق.
«انتهيت من مراجعتها.»
في الحقيقة، لم تكن مأدبة تستدعي تدخل كلويس شخصيًا. كان بإمكان رئيس الخدم التعامل معها.
لكن، كونها أول مأدبة عيد ميلاد للأميرة في القصر، جعلت الإمبراطور أكثر حماسًا من الجميع.
فقد أشرف بنفسه على كل التفاصيل، من أنواع الزهور إلى قوائم الطعام، بل واختار حلويات الفراولة بنفسه.
كان سرًا عن إيفبيان، لكن في ذلك اليوم، سيستقبل الضيوف برج ضخم من ثماني طبقات مزين بالفراولة، رمزًا لعمرها الثامن.
تخيل الوزير المستقبل البعيد:
«هل سيقيم برجًا من ثماني عشرة طبقة في عيد ميلادها الثامن عشر؟»
بينما كان الوزير غارقًا في أفكاره، أشار كلويس إلى جدول المأدبة.
«لكن هنا، بعد الخطاب الافتتاحي، هناك وقت فارغ. ما الذي سيحدث؟»
عدل الوزير نظارته وأجاب:
«هذا الجزء طلبتْه العميدة سيرافينا. سألتها عما ستفعل، فقالت إننا سنعرف في اليوم نفسه.»
«حقًا؟»
داعب كلويس ذقنه.
إذا كانت سيرافينا هي من طلبته، فلن تكون هناك مشكلة. لكن…
«ما الذي تخطط له؟»
كان الفضول يتملكه.
* * *
منذ الصباح، جالت إيفبيان والثلاثة الآخرون الأكاديمية بحيوية.
«انظروا! هذا دليل العام الجديد!»
رفعت إيفبيان كتابًا جديدًا بحماس.
أبتسم احدى الموظفين :
«كنتِ متحمسة هكذا العام الماضي أيضًا.»
«صحيح! لقد قدمتِ لي الدليل آنذاك.»
كانت الموظفة، ميلودي، هي من استقبلت إيفبيان أول مرة العام الماضي.
تذكرت إيفبيان لحظة استلامها الدليل الأول.
حينها، ظنت أن الكتاب يجب إعادته، فتعاملت معه بحذر.
كم فرحت عندما علمت أنه لها!
الآن، تغير كل شيء. يمكنها امتلاك أي كتاب في القصر بمجرد رغبتها.
ومع ذلك، كانت لا تزال تسعد باستلام هذا الكتاب الجديد.
«هل نذهب الآن لاستلام الزي والأدوات؟»
«نعم!»
رغم كونها أميرة، فإنها تُعامل كطالبة عادية في الأكاديمية.
بالطبع، لا يمكن تجاهل مكانتها تمامًا، فيرافقها إيدن كحارس، ويخاطبها الأساتذة باحترام، لكنها ملزمة بمعاملتهم بالمثل.
اعتادت إيفبيان تبادل الألقاب، لكنها شعرت براحة أكبر عندما عوملت كباقي الطلاب.
«الأكاديمية رائعة حقًا!»
فكرت أن تستلم كل شيء بسرعة وتزور المطعم بعد غياب، فتحركت بخطى مرحة.
وفي مكان بعيد، كان هناك من يراقبها.
بعكس النظرات المعجبة، كانت عيناه مملوءتين بالقلق والخوف.
كان ذلك أستاذ الاقتصاد.
─── ・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ───
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "204"