الفصل 10 :
“ما دامت لا توجد مواجهةٌ وشيكة، فلا داعي لأن يقلق رواز أيضًا…”
كنتُ على وشك إبلاغه بأن يركّز على الحراسة وألا يُظهِر عدائيّةً عبثًا، لكن في تلك اللحظة، وقف أحدهم فجأةً أمامي. كانت المساحة خالية تمامًا، ثمّ هبط شخصٌ من السماء فجأة. وكانت الخادمة ذات الشعر الأبيض.
“سيّدتي.”
“…ما الأمر؟”
وضعتُ يدي على صدري من شدّة المفاجأة، وتعمّدت أن أتظاهر بالهدوء. أجابتني الخادمة وهي تنحني بانحناءةٍ عميقة: “حاليًا، السيّد فالّيوس لم يعد قادرًا على تنفيذ مهام الحراسة لأسبابٍ قاهرة.”
‘فالّيوس… إذًا هو الفارس الذي كان يحرسني قبل رواز، أليس كذلك؟’
لم أتذكّره، لكن لم يكن من الصعب تخمين الوضع.
نظرتُ إلى رواز بطرف عيني، ويبدو أنّ ثقته بنفسه لم تكن مجرّد ادّعاء، فالخادمة لم تلاحظ وجوده إلى جانبي.
“ما الذي حدث وجعله يتخلّى عن مهمّته؟”
“من الصعب قول ذلك.”
“ألن أراه مجدّدًا؟”
“…على الأرجح، سيستغرق الأمر وقتًا طويلًا.”
كان ذلك من حسن الحظ في سوء الحظ، إذ إنّ ظهور حارسٍ لا أذكره قد يجعلني عرضةً للشكّ. كان عليّ أن أُظهِر للدوق أنّ ذاكرتي سليمة لأتمكّن من إخفاء رواز.
“سنتواصل معكِ فور تعيين فارسٍ جديد. لذا، يُفضَّل أن…”
“أمتنع عن الخروج، صحيح؟”
“…نعم، أعتذر.”
أومأتُ برأسي لأُظهِر أنّ الأمر لا يُزعجني. على أيّ حال، لم يكن لديّ جدولٌ بعد نزهة الحديقة.
عندما قلتُ إنّني سأعود إلى الغرفة، انحنت الخادمة مرّةً أخرى ثم اختفت. كانت مغادرتها غامضة كما كان ظهورها.
وحين هممتُ بالعودة إلى الملحق، قال رواز بنبرةٍ مُستاءة:
“أنتِ… تحدثتِ معها بهدوء تام.”
“أليست خادمةً عادية؟”
صحيح أنّ طريقتَها في الظهور والاختفاء جعلتني أشكّ في إنسانيّتها، لكن مقارنةً بالدوق ورواز، كانت مقبولة. لم أشعر بالخوف منها.
عندها عبس رواز بدهشة.
“عاديّة؟ ألم تري ساقيها؟”
“ساقيها؟… لم ألاحظ شيئًا.”
“طبعًا ما لم تلاحظي، لأنّها… لا تملكها.”
“….”
عندما التزمتُ الصمت، تنهّد وقال وكأنّه لا يصدّق.
“إذا كنتِ ترغبين في البقاء حيّةً، فلا تقتربي منها. لو ابتلعتكِ، ستقعين في ورطة.”
“هل تراها شخصًا خطيرًا؟”
“ليست خطيرة، بقدر ما هي مزعجة… لو تورّطتِ معها، سوف تضلّين تائهة في الظلال لمئة سنة على الأقل. هاستر غريبٌ فعلًا، يستخدم أشياء زي كده.”
سمعتُ مرّةً أخرى معلوماتٍ لم أكن أرغب في معرفتها. لا أدري أيّ وجهٍ يجب أن أظهره حين أراها لاحقًا.
“…بالمناسبة، رواز، عن فالّيوس…”
حاولتُ تغيير الموضوع لأُبعد ذهني عن الخادمة. وما إن ذُكر اسم فالّيوس، حتى عبس رواز بشدّة.
“ماذا به؟”
“لو كنتُ علمتُ أنّ فالّيوس اختفى بينما ذاكرتي مُعدّلة، لظننتُ أنّك المسؤول. كنتُ سأشكّ بك.”
“لا تستطيعين الشك. نادرًا ما يشكّ الناس في ذاكرتهم الثابتة. إنتِ غريبة بس.”
وبالفعل، لو كنتُ واثقةً من ذاكرتي، كنتُ سأشكّ بالدوق بدلًا من ذلك.
‘حارسي الشخصي موجود، فمن يكون فالّيوس…؟’
في تلك الفوضى، لعلّ رواز كان يُحرّكني من الخلف دون أن أشعر.
‘عندما أفكّر في الأمر، يبدو خطيرًا فعلًا.’
صحيح أنّنا حاليًّا في علاقة تحالف، لكن لو لم يكن الأمر كذلك، لا أعلم كيف كان سيستغلّني.
أعتقد أنّ وجود التحالف كان ضربةَ حظ.
“لكنّي لم أتوقع أن يعثرون على بديلٍ لفالّيوس بهذه السرعة. كنتُ أظنّ أنّ الأمر سيأخذ وقتًا.”
“اختفى فجأةً، من الطبيعي أن يلاحظوا.”
“لكن بدل أن يبحثوا عنه، عينوا حارسًا جديدًا مباشرةً؟”
“…صحيح، هذا أيضًا غريب.”
بما أنّ تعديل ذاكرتي تمّ في الصباح، فدخول رواز للقلعة لم يَمضِ عليه سوى نصف يوم.
خلال ذلك الوقت، لو اختفى فالّيوس، فمن المنطقيّ الاعتقاد بأنّه لا يزال في القصر. ربّما تهاون في عمله، أو اضطرّ للغياب بسبب أمرٍ ما.
أن يُقرّروا فورًا تعيين فارسٍ جديد، فهذا متسرّعٌ جدًا.
وفي تلك اللحظة، راودتني فكرةٌ سيّئة.
“رواز!”
“ماذا الآن؟”
“لم تقتل فالّيوس، صح؟”
كانت فرضيّةً مرعبة: ربّما وجد أحدهم جثّته، وقرّروا تعيين بديلٍ بسرعة.
تجمّدت ملامح رواز.
“…أفهم بماذا تفكرين.”
قال وهو يلوي شفتيه:
“صحيح إنّي أكنّ له حقدًا، ولو حصلت لي الفرصة كنتُ قتلته، لكن… ليس قبل أن أسقط هاستر. هذا وعدٌ قطعته.”
“وهل الدوق يعرف ذلك؟”
“لا أعتقد. أنه يعلم إنّي أكرهه، لكن لا يعلم عن الوعد.”
الافتراض السيّئ بدأ يكبر في ذهني. سألتُ بصوتٍ قَلِق:
“إذًا، أين هو فالّيوس الآن؟”
“مختومٌ في مكانٍ لا يعرفه أحد… لم كل هذا التعلّق به؟”
ليست مسألة تعلّق.
أنا فقط أريد معرفة الحقيقة لأُهدّئ هذا القلق الذي يأكلني.
“إذًا، لم تقتله، صحيح؟ هو على قيد الحياة، فقط الدوق لم يجده بعد؟”
“لا تجعليني أعيد الكلام. لم أقتله!”
تنفّستُ الصعداء، آمِلةً أن تكون توقّعاتي خاطئة.
لكنّ نهايةٌ لا أرغب بتخيّلها بدأت تلوح أمامي.
‘لو لم يكن رواز الوحيد الذي تسلّل إلى القصر…’
بدأ رأسي يؤلمني من الاحتمالات الجديدة.
***
لا أعلم لماذا تصيب توقعاتي دومًا.
في اليوم التالي، وبينما كنتُ نائمة، عاد رواز من زيارةٍ لفحص مكان ختم فالّيوس، وأكّد مخاوفي.
قال وكأنّ الأمر لا يعنيه:
“الختم اختفى. وبما أنّ هناك آثار دماء، أعتقد أنّ فالّيوس قُتل.”
وهكذا، كان المصير واضحًا:
‘شخصٌ ما قتل فالّيوس. وبعد أن عثر الدوق على جثّته، قرّر تعيين حارسٍ جديد.’
لم أكن أتوقّع أن تقودني المؤشرات لتلك النتيجة.
وبما أنّه لا ذكريات لديّ عن فالّيوس، فلا أشعر بالحزن. المشكلة تكمن فيما بعد ذلك.
“إذًا… رواز هو العدوّ المُحتمل؟”
“أجل، على الأرجح هاستر يشتبه بي الآن.”
كان أكثر ما يُقلقني أنّ رواز هو المشتبه به الأبرز.
فالعلاقة بين رواز، فالّيوس، والدوق يبدو أنّها معروفةٌ بين الوحوش.
على الأرجح هاستر بدأ يتحرّك، معتقدًا أنّ رواز هو القاتل.
“إذا انكشف أمري، انتهيت.”
وإذا انكشفت علاقتي برواز الآن؟
حينها، لن أتحدّث عن الطلاق، بل سأُوسَم كخائنةٍ متحالفة مع قاتل أحد رجال الدوق.
‘والأدهى، أنّنا نجهل هدف القاتل الحقيقي.’
على عكس رواز، الذي يسعى للنيل من هاستر، لا نستطيع تخمين غاية الطرف الثالث.
ولو كان يَستهدفني، فهو عدوٌّ أخطر من الدوق.
على الأقل الدوق يتظاهر بالودّ، أمّا هذا، فلا نعرف عنه شيئًا.
هكذا بدأت أيّامٌ مليئةٌ بالتوتّر تحت حماية رواز، وظلال العدوّ الخفي، ومكر الدوق الذي لا يُدرى متى ينفجر.
كنتُ أشعر بالقلق ينهشني، أتساءل متى سيظهر القاتل، وهل سيتّهمني الدوق قبل ذلك… ومع ذلك، مضى الوقت بسرعة.
المُدهش أنّني عشتُ أيّامًا هادئة تخالف كلّ تلك المخاوف.
الطعام كان لذيذًا، وغرفتي دافئة، وفخامة الملابس التي أُبدّلها يوميًا كانت تبعث الراحة.
لكن، لم تكن الحياة خاليةً من المشاكل.
لسببٍ ما، تأخّر تعيين الفارس الجديد، ما قيّدت حركتي أكثر فأكثر.
اقتصر تنقّلي على قاعة الطعام، والمكتبة، وحديقة البحيرة.
“هاه؟ نزهةٌ تاني اليوم؟”
قال رواز بتذمّر، عندما نهضتُ بعد الغداء وأنا أحمل كتابًا.
كان في الفترة الأخيرة يتجوّل بحثًا عن نقاط ضعف الدوق، لكن يبدو أنّه لم يجد شيئًا، فازداد تذمّره.
يحاول أن يُرعبني، لكن شكله يجعلني أشعر أنّه… لطيف.
كأنّه أخٌ صغير يتدلّل. شعرتُ برغبةٍ في قرص خده.
“لم تنظرين الي هَكذا؟”
“…لا شيء. وأيضًا، ليس لدي شيءٌ غير النزهات أفعله. يجب أن أصبر حتى ما يأتي الفارس الجديد.”
“هفف.”
تمشّيتُ في الحديقة برفقة رواز المتأفّف. وعادةً، كنتُ أقرأ على المقعد قرب البحيرة، لكن بما أنّ رواز يملّ سريعًا، قرّرتُ أن أمشي إلى الجهة المقابلة من البحيرة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 10"
بدي اسالك في واتباد مالقيت حسابك وكتبت اسم رواية وماطلعلي شيي بليز ردي